لجريدة عمان:
2025-03-18@01:04:45 GMT

«الحروز» التي تشوه الحقيقة!

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

الاشتغال الجاد بأمور تعود بالنفع على البلاد لا ينفصلُ أبدا عن أهمية الاعتناء بالطرق التي تُروى بها القصّة.. قصّة التجربة الأكثر ثراءً في تحسين الحياة على كافة الأصعدة. فالصمت عن التفوه بشيء أو روايته بطريقة مُعقدة من شأنه أن يُحدث ضررا أكثر مما قد يعود بالجدوى، لا سيما في المسائل التي ترسمُ ملامح الثقة والرسوخ، كتلك التي تتقاطع مع هموم الناس المعيشية ومداخيلهم الشهرية.

على سبيل المثال لا الحصر: صندوق الحماية الاجتماعية -بعمره القصير- في العهد الجديد، برنامجٌ من أهم البرامج التي تُعنى وتُسهم في إحداث تغيير جذري في حياة الناس، إلا أنّ -وقد تكرر الأمر لأكثر من مرّة- القرارات المُبهجة، والتي تحملُ في طياتها منفعة للناس، تُروى قصّتها -للأسف- بذلك التعقيد المُقلق والمُبهم فيسلبها بريقها!

تنتهجُ بعض المؤسسات الصمت، ظنا منها بأنّها تنأى بنفسها عن الرد على الأسئلة التي تصلها، مُتوخية بذلك النجاة الآمنة، إلا أنّها غالبا ما تُؤجج بصمتها الجراح المُلتهبة، فتخرجُ من دائرة الثقة المنشودة. وكذلك هو الأمر فيما يتعلقُ بالتبرير المجاني أو رواية القصّة بصورة مشوهة ومبتورة، فتغدو أشبه ما تكون بحروز أو طلاسم، الأمر الذي يُحدثُ ثقبا يمرُّ عبره الزعيق المرتفع، في وقت لم تعد فيه المقابلات الإعلامية تذهبُ طي النسيان، بل تستعاد وتحلل من جديد للبرهنة على أمر ما أو لنفيه.. إذ يمكن لشريحة كبيرة ممن فاتها الحوار أن تشاهده لمرّات لا نهائية وأن تصدر أحكامها عليه.

إن الشق الأهم من المسألة يتعلقُ بمن يتم تصديره لإيصال المعلومة للمجتمع، فثمّة خصائص ينبغي أن يتمتع بها المتحدث أقلها أن يكون مؤمنا بما يقول من جهة، وقادرا على الإقناع بالفكرة من جهة أخرى، لا أن يُصيبه التعثر مع أول سؤال يُطرح عليه! فمن المهم أن يعي المتحدث أثناء تمثيله لمؤسسته الموضوع الذي يتحدث عنه وفخاخ الأسئلة التي سيعبر أنهارها، ومن هنا تأتي أهمية أن يكون هنالك من هو مُتدرب على الحديث، فيكون على صلة بالرأي العام، مُدركا لظاهر الأمور والموارب والحساس منها.

فمهمته -أي المتحدث- تكمن في أن يرفع الغشاوة وأن يزيل أي سوء فهم حول أي قرار يُتخذ من قبل مؤسسته، فالتأثير بالكلمات ولغة الجسد مسائل تكتسب مع الدأب والعمل المستمر عليها، فعندما يحدث خطأ ما بين المرسل والمرسل إليه، يُتاح المجال للمزيد من سوء الفهم!

ولذا فتمكين المتحدثين في «دوائر الإعلام» بالتدريب الجيد، ليس بالدفاع عن المؤسسة وتبرير قراراتها، وإنّما عبر إيصال المعلومة بدقة بحيث تذهبُ لأفهام متباينة من الناس، دون أن تتشوه المقاصد، هي اللبنة الأولى لإعادة الثقة بين المؤسسات والمواطن.

إذ نلحظ هذا القصور لدى عدد غير قليل من الجهات، تلك التي لا تستطيع أن تُعبر عن نفسها أو تسرد قصّتها. فالإخبار بصيغ السبعينات وبأبعاد تنموية انتهى وولى، وبات الإعلام الجديد يفرضُ ممراته ودروبه التي يعبرها الفطن، ذلك الذي يستطيع أن يسحرك وهو يروي سرديته بطريقة مغايرة وجاذبة. وليس بالضرورة أن يغدو المتحدث هو «الموثر» الذي يُقاس تأثيره بعدد متابعيه، فقد يجرُ ذلك وبالا على المؤسسة الرسمية، لا سيما في وقت نُبرهن فيه على رسم الصورة الذهنية التي ترفع من سوية الوعي العام.

لكن وقبل أن تُروى القصّة، ينبغي أن يكون هنالك «قصّة» أولا، هنالك حدثٌ ينمو في اتجاهين، يتجذرُ عميقا في التربة من جهة، ويشقُ ساقه القوي الأرض، لينظر ناحية الضوء المنبثق من السماء، فيورقُ ويزهر، ويغدو جديرا بأن يُحكى.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذی ی التی ت

إقرأ أيضاً:

المخدرات بين الحقيقة والوهم .. ندوة توعوية بإعلام عين شمس

في إطار سلسلة الندوات التوعوية التي ينظمها قطاع التعليم والطلاب بجامعة عين شمس، استضافت كلية الإعلام ندوة توعوية بعنوان "المخدرات بين الحقيقة والوهم "، وذلك تحت رعاية الدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس جامعة عين شمس. 


الندوة نظمتها الإدارة العامة لرعاية الشباب - إدارة الاتحادات والأسر الطلابية واتحاد طلاب كلية الإعلام تحت إشراف  إبراهيم سعيد حمزة أمين الجامعة المساعد لقطاع التعليم والطلاب، وبالتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي برئاسة مجلس الوزراء.

المخدرات بين الحقيقة والوهم 

افتتحت الدكتورة هبة شاهين عميدة كلية الاعلام بجامعة عين شمس الندوة  مشيرة إلى أن الشباب هم الثروة الحقيقية لمصر، وأكدت أهمية الحفاظ على الصحة النفسية والبدنية، باعتبارها ركيزة أساسية لمستقبل الوطن. 

كما شددت على ضرورة التوعية بمخاطر الإدمان وآثاره السلبية، واوضحت أن العيش بطريقة سليمة خالية من الأمراض الجسدية والنفسية هو مفتاح النجاح وضمان لمستقبل آمن ومستقر.

كما أبرزت د. سلوى سليمان وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب حرص الجامعة على تعزيز وعي الطلاب بأهمية تبني أنماط حياة صحية، والمساهمة الفعالة في بناء مجتمع قوي وسليم، وابرزت فعالية هذه الندوات فى دعم جهود الدولة فى مكافحة الإدمان وتعزيز الوعي المجتمعي.

استعرضت د. رشا محمد رشاد الباحثة بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي برئاسة مجلس الوزراء أهمية تقليل الطلب على المخدرات باعتبارها سلعة تُباع، وأشارت لتنفيذ برامج وقائية تستهدف طلاب الجامعات والمدارس، إلى جانب الدورات التدريبية التي تهدف إلى توعيتهم بمخاطر المخدرات وأضرارها الصحية والسلوكية.

وأشارت إلى أهمية الجانب الإعلامى وكيفية تخطى الأفلام والمسلسلات غير السوية التى تروج للمخدرات.

كما أكدت على أهمية التأهيل النفسي في رحلة العلاج، موضحةً أن صندوق مكافحة الإدمان يوفّر خدمات استشارية والعلاج بالمجان فى سرية تامة على مدار 24 ساعة عبر الخط الساخن 16023.

و أشار د. محمد مصطفى محمد خبير السموم والمخدرات بالطب الشرعى ومستشار بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى برئاسة مجلس الوزراء ، وعضو الهيئة العليا للمرصد الوطني للإدمان ،إلى تزايد أعداد المدمنين في الآونة الأخيرة،  وتزايد عدد السيدات. 

وأوضح أن المخدرات تضعف إرادة المدمن، مما يدفعه للبحث عنها دون اكتراث بمتطلبات حياته اليومية، فضلًا عن انعكاساتها السلبية على صحته وتأثيرها المدمر على أسرته ومحيطه الاجتماعي.

وأكد أن المخدرات باتت العنصر الأساسي وراء معظم الجرائم والحوادث خلال الفترة الأخيرة، لافتًا إلى خطورتها البالغة على الفرد والمجتمع.

أوضح أن زيادة المعروض من المخدرات خلال السنوات الأخيرة يمثل تحديًا كبيرًا أمام جهود المكافحة، مما يستلزم تعزيز الوعي المجتمعي بخطورتها. وأكد أن خفض الطلب على المواد المخدرة يبدأ من قناعة الشخص ذاته، حيث يُعد الوعي الذاتي والإدراك الحقيقي لمخاطر الإدمان حجر الأساس في مقاومة التعاطي.

وتناول شرحًا مفصلًا لأنواع المواد المخدرة وتأثيراتها السلبية على الصحة الجسدية والنفسية، والمفاهيم الخاطئة المرتبطة بتعاطي المخدرات، ومنها الاعتقاد بأنها وسيلة للهروب من المشكلات أو تعزيز القدرة على التركيز والأداء. 
كما تطرق إلى أهم المؤشرات السلوكية التي قد تكشف عن تعاطي المخدرات، موضحًا أن الأهل والأصدقاء يمكنهم ملاحظة هذه العلامات والتدخل المبكر لحماية أبنائهم.

وتضمنت الندوة عرض للفيلم الدرامي "4×6"، الذي يهدف إلى توعية الطلاب بمخاطر الإدمان بأسلوب واقعي مؤثر.

مقالات مشابهة

  • القرآن..البوصلة الحقيقة للأمّة
  • مصر.. طالبة تشوه وجه زميلتها من أجل صداقة شاب
  • المسلمون في الصين.. بين الحقيقة والتشويه
  • الحوثيون يقولون أنهم هاجموا حاملة الطائرات الأمريكية التي انطلقت منها هجمات السبت
  • الديموقراطية نبراس الحقيقة
  • ما الاختلاف الذي لمسه السوريون في أول رمضان بدون الأسد؟
  • رئيس الجمهورية يخالف الحقيقة التي تؤكد “إن إيران من قصفت حلبجة بالكيمياوي وليس العراق”
  • "الحقيقة" الأمريكية
  • ???? مدنيون ضد الحقيقة ومع تدمير العقل السياسي السوداني
  • المخدرات بين الحقيقة والوهم .. ندوة توعوية بإعلام عين شمس