«الحروز» التي تشوه الحقيقة!
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
الاشتغال الجاد بأمور تعود بالنفع على البلاد لا ينفصلُ أبدا عن أهمية الاعتناء بالطرق التي تُروى بها القصّة.. قصّة التجربة الأكثر ثراءً في تحسين الحياة على كافة الأصعدة. فالصمت عن التفوه بشيء أو روايته بطريقة مُعقدة من شأنه أن يُحدث ضررا أكثر مما قد يعود بالجدوى، لا سيما في المسائل التي ترسمُ ملامح الثقة والرسوخ، كتلك التي تتقاطع مع هموم الناس المعيشية ومداخيلهم الشهرية.
على سبيل المثال لا الحصر: صندوق الحماية الاجتماعية -بعمره القصير- في العهد الجديد، برنامجٌ من أهم البرامج التي تُعنى وتُسهم في إحداث تغيير جذري في حياة الناس، إلا أنّ -وقد تكرر الأمر لأكثر من مرّة- القرارات المُبهجة، والتي تحملُ في طياتها منفعة للناس، تُروى قصّتها -للأسف- بذلك التعقيد المُقلق والمُبهم فيسلبها بريقها!
تنتهجُ بعض المؤسسات الصمت، ظنا منها بأنّها تنأى بنفسها عن الرد على الأسئلة التي تصلها، مُتوخية بذلك النجاة الآمنة، إلا أنّها غالبا ما تُؤجج بصمتها الجراح المُلتهبة، فتخرجُ من دائرة الثقة المنشودة. وكذلك هو الأمر فيما يتعلقُ بالتبرير المجاني أو رواية القصّة بصورة مشوهة ومبتورة، فتغدو أشبه ما تكون بحروز أو طلاسم، الأمر الذي يُحدثُ ثقبا يمرُّ عبره الزعيق المرتفع، في وقت لم تعد فيه المقابلات الإعلامية تذهبُ طي النسيان، بل تستعاد وتحلل من جديد للبرهنة على أمر ما أو لنفيه.. إذ يمكن لشريحة كبيرة ممن فاتها الحوار أن تشاهده لمرّات لا نهائية وأن تصدر أحكامها عليه.
إن الشق الأهم من المسألة يتعلقُ بمن يتم تصديره لإيصال المعلومة للمجتمع، فثمّة خصائص ينبغي أن يتمتع بها المتحدث أقلها أن يكون مؤمنا بما يقول من جهة، وقادرا على الإقناع بالفكرة من جهة أخرى، لا أن يُصيبه التعثر مع أول سؤال يُطرح عليه! فمن المهم أن يعي المتحدث أثناء تمثيله لمؤسسته الموضوع الذي يتحدث عنه وفخاخ الأسئلة التي سيعبر أنهارها، ومن هنا تأتي أهمية أن يكون هنالك من هو مُتدرب على الحديث، فيكون على صلة بالرأي العام، مُدركا لظاهر الأمور والموارب والحساس منها.
فمهمته -أي المتحدث- تكمن في أن يرفع الغشاوة وأن يزيل أي سوء فهم حول أي قرار يُتخذ من قبل مؤسسته، فالتأثير بالكلمات ولغة الجسد مسائل تكتسب مع الدأب والعمل المستمر عليها، فعندما يحدث خطأ ما بين المرسل والمرسل إليه، يُتاح المجال للمزيد من سوء الفهم!
ولذا فتمكين المتحدثين في «دوائر الإعلام» بالتدريب الجيد، ليس بالدفاع عن المؤسسة وتبرير قراراتها، وإنّما عبر إيصال المعلومة بدقة بحيث تذهبُ لأفهام متباينة من الناس، دون أن تتشوه المقاصد، هي اللبنة الأولى لإعادة الثقة بين المؤسسات والمواطن.
إذ نلحظ هذا القصور لدى عدد غير قليل من الجهات، تلك التي لا تستطيع أن تُعبر عن نفسها أو تسرد قصّتها. فالإخبار بصيغ السبعينات وبأبعاد تنموية انتهى وولى، وبات الإعلام الجديد يفرضُ ممراته ودروبه التي يعبرها الفطن، ذلك الذي يستطيع أن يسحرك وهو يروي سرديته بطريقة مغايرة وجاذبة. وليس بالضرورة أن يغدو المتحدث هو «الموثر» الذي يُقاس تأثيره بعدد متابعيه، فقد يجرُ ذلك وبالا على المؤسسة الرسمية، لا سيما في وقت نُبرهن فيه على رسم الصورة الذهنية التي ترفع من سوية الوعي العام.
لكن وقبل أن تُروى القصّة، ينبغي أن يكون هنالك «قصّة» أولا، هنالك حدثٌ ينمو في اتجاهين، يتجذرُ عميقا في التربة من جهة، ويشقُ ساقه القوي الأرض، لينظر ناحية الضوء المنبثق من السماء، فيورقُ ويزهر، ويغدو جديرا بأن يُحكى.
هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الحقيقة الكاملة وراء مشهد ابتسامة السماء المنتشر على السوشيال ميديا
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية صورا ومعلومات تزعم أن السماء ستشهد "ابتسامة كونية" فجر يوم الجمعة 25 إبريل، نتيجة لاقتران ثلاثي بين القمر وكوكبي الزهرة وزحل، وأن هذا المشهد سيبدو وكأن السماء "تضحك" في ظاهرة نادرة.
وأوضح الدكتور أشرف تادرس، أستاذ الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، أن ما سيشهده فجر الجمعة بالفعل هو اقتران ثلاثي بين القمر وكوكب الزهرة (من أعلى) وكوكب زحل (من أسفل)، وسيظهر هذا المشهد المميز بالعين المجردة في السماء باتجاه الشرق بدءآ من الساعة 4:40 صباحا وحتى شروق الشمس.
وأكد تادرس أن هذا المشهد الفلكي طبيعي ويمكن رؤيته بوضوح في سماء مصر، كما أشار إلى إمكانية رصد كوكب عطارد أيضآ بالقرب من الأفق الشرقي، ليزيد المشهد جمالآ وندرة.
وعن "الابتسامة السماوية" التي تم تداولها بكثافة، اشار الدكتور تادرس أن هذا الشكل لا يشاهد في مصر كما تروج الصور المنتشرة، بل يمكن أن يرى في أماكن معينة من أقصى الغرب (مثل الولايات المتحدة) وأقصى الشرق (آسيا)، وحتى هناك لا يكون المشهد مطابقا تمامآ لما تعرضه الصور المنشرة على السوشيال ميديا، إذ أن كوكب زحل خافت وأقل لمعانآ من كوكب الزهرة، مما يجعل "الابتسامة" غير واضحة بالشكل المتداول.
ونصح استاذ الفلك باغتنام الفرصة ومتابعة هذا الاقتران النادر في وقت مبكر من صباح الجمعة، بعيدا عن أضواء المدينة، مع توجيه النظر نحو الأفق الشرقي للاستمتاع بمشهد فلكي ساحر.
ونوه أستاذ الفلك بأن الظاهرة الفلكية ليس لها أي أضرار على صحة الإنسان أو نشاطه اليومي على الأرض.
كوكب الزهرةكوكب الزهرة هو الكوكب الثاني بعدا من الشمس وهو أقرب الكواكب للأرض، وهو واحد من أربعة كواكب داخلية أو صخرية و يطلق عليه توأم الأرض لأنهما متشابهان في الحجم والكثافة.
وأطلق على كوكب الزهرة كوكب الحب والجمال خلال العصور القديمة تسمية (هيسبيروس) عندما شوهد في سماء المساء و(فسبورس) عندما شوهد في سماء الفجر ومن غير المعروف اذا كانوا عرفوا بأنهما جسم واحد.
كوكب زحلزحل هو سادس كوكب من الشمس وثاني أكبر كوكب في مجموعتنا الشمسية وهو عبارة عن كرة ضخمة تتكون في الغالب من الهيدروجين والهيليوم و يحتوي على حلقات من قطع الجليد والصخورالمغطاة بالأتربة تدور حوله تمتد حتى 282000 كيلومترتقريبا من الكوكب.
زحل لديه ثاني أقصر يوم في المجموعة الشمسية حيث يستغرق يوم واحد على زحل 10.7 ساعات فقط ويدور دورة كاملة حول الشمس في حوالي 29.4 سنة أرضية.
لدى زحل 82 قمرا، تم تأكيد وتسمية 53 قمراً، وينتظر 29 قمراً آخر تأكيداً للاكتشاف والتسمية الرسمية.