جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-31@08:27:42 GMT

مجان.. تاريخ وحضارة

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

مجان.. تاريخ وحضارة

 

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

 

عُمان بموقعها الفريد في أقصى الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وإطلالتها على بحار مفتوحة، وتربعها على مضيق هرمز الذي يُعد من أهم المضائق الطبيعية في العالم؛ كانت مطمعًا للغزاة، وملتقى للحضارات القديمة مثل حضارات بلاد ما بين النهرين ودلمون، والسند، والهند، والحضارة الفرعونية والرومانية.

ومنذ القدم أبحرت السفن العُمانية في مياه المحيط الهندي شرقًا إلى إقليم جنوب شرق آسيا مرورًا بأرخبيل الملايو حتى الصين، وجنوبًا إلى اليمن وموانئ البحر الأحمر، وإقليم شرق إفريقيا من الصومال وحتى موزمبيق، كما أنّ البحارة العُمانيون كان لهم نشاط تجاري في الخليج العربي بضفتيه حتى ميناء البصرة. وخلال منتصف القرن السابع عشر ولمدة قرنين من الزمان تسيّد الأسطول العُماني في منطقة المحيط الهندي.

ونتيجة لقرب عُمان من حضارات وادي الرافدين كانت سفن مجان أو مجان الشراعية تصل إلى العراق في عصور ما قبل التاريخ؛ حيث عُرفت عُمان بهذا الاسم في النصوص المسمارية في إشارة واضحة إلى وجود دولة قوية لها نشاط ملاحي، وعلاقات تجارية واسعة، وتفاعل مع الحضارات الأخرى.  واستنادًا إلى الدراسات التاريخية القديمة، والمسوحات الأثرية بات من الواضح أنّ عُمان كانت تصدر النحاس إلى العراق الذي يجلب من مناجم متفرقة في وادي الجزي بالقرب من صحار؛ مما يُعزز مكانة الإسهام الحضاري العُماني في المنطقة، وظلت عُمان أحد الأقاليم المستقلة في جزيرة العرب وكما وصفها ابن خلدون بأنّها "إقليم سلطاني منفرد".

وهذا الإرث الحضاري لعُمان في مختلف العصور يدعو إلى أهمية بحثه ودراسته، وتوثيقه للأجيال المتعاقبة، وهذا ما حدا بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إلى إقامة ندوات علمية تبرز هذا التاريخ العظيم لكل شبر في عُمان. واستشعارًا لهذا الدور الوطني نظّمت هيئة الوثائق سلسلة من الندوات غطّت محافظات مسندم، والظاهرة، وجنوب الشرقية ومؤخرًا شمال الباطنة. وعلى مدار ثلاثة أيام (21- 23 أكتوبر الجاري) أقامت الهيئة بالتعاون مع مكتب محافظ شمال الباطنة ندوة "شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني"؛ بمشاركة نخبة من الباحثين والمهتمين من سلطنة عُمان وخارجها ناقشوا موضوعات مُهمة تاريخية وأثرية واقتصادية وثقافية وجغرافية لمختلف ولايات المحافظة.

ولا يختلف اثنان على الموقع الاستراتيجي المهم لمنطقة الباطنة من جنوبها إلى شمالها؛ حيث تتمتع المنطقة بتنوع فريد في طبيعتها الجغرافية؛ إذ توجد فيها منطقة سهلية واسعة تضم أراضي خصبة وفّرت أمن غذائي لعُمان منذ القدم. كما أنّ الشريط الساحلي الممتد على بحر عُمان مكّن سكانه من ممارسة النشاط التجاري الملاحي، والتفاعل مع مختلف الشعوب والحضارات المجاورة، وفي الغرب شكّلت جبال الحجر الغربي ملاذًا آمنًا لقاطنيه، وعلى مدار العصور انشأوا لهم مستوطنات حضارية على ضفاف الأودية.  

هذه الندوة أُقيمت في صحار حاضرة شمال الباطنة التي تُعد إحدى المدن التجارية في ساحل الباطنة. ولعل مكانة صحار استقبلت مبعوث الرسول عليه الصلاة والسلام إلى عبد وجيفر ابني الجلندى حاكما عُمان آنذاك. وفي العصر الإسلامي ذاعت شهرة صحار؛ إذ كانت ميناءً مهمًا ذكرها المقدسي بأنّها "قصبة عُمان ليس على بحر الصين بلد أجمل منه"، وصحار "دهليز الصين وخزانة الشرق". ووصفها الاصطخري بقوله: "هي أعمر مدينة بعُمان"، وقال عنها ابن حوقل "لا توجد مدينة في كل أنحاء العالم مدينة تضاهي صحار في ثراء تجارتها".

ولا شكّ أنّ الندوة طرقت موضوعات في غاية الأهمية يُمكن التأسيس عليها لبناء مشاريع بحثية معمّقة من خلال الاعتماد على الوثائق بشتى أنواعها ناهيكم عن الروايات الشفوية لا سيما الأحداث التاريخية الحديثة نسبيّا، وتغطية ثغرات بحثية تُضيف مادة علمية رصينة إلى سجل تاريخ عُمان العريق. كما أنّ الندوة سلطت الضوء على منطقة جغرافية أسهمت بنصيب حضاري وافر في صرح الحضارة العُمانية؛ وذلك من أجل التعريف بها وإبراز عمقها التاريخي أولًا، وثانيًا حتى تكون نموذجًا حيًا وأرضية صلبة ليعلم أبناء عُمان أنّها لم تكن يومًا دولة طارئة على التاريخ؛ بل إن جذورها ضاربة في عمقه ليواصلوا المسيرة، والإسهام بلبنات أخرى في بناء الحضارة الإنسانية، ورفع مكانة هذا الوطن العزيز حاضرًا ومستقبلًا.

ختامًا.. خرجت ندوة محافظة شمال الباطنة بجملة من التوصيات المهمة لعل من أبرزها مواصلة العمل في عمليات التنقيب والمسح الأثري، وتبني مشروع إنشاء متحف يُبرز المعالم التاريخية والمقتنيات الأثرية والوثائق والمخطوطات، وإجراء مزيد من الدراسات بشأن الموروثات الثقافية المادية وغير المادية. وفي هذا الإطار من الأهمية بمكان استثمار المفردات السياحية بهذه المحافظة اقتصاديًا؛ سواءً كانت طبيعية أو ثقافية أو تراثية، واستغلال الميزة النسبية لها انسجامًا مع تحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040".

  

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

محافظ المنوفية يتفقد مستشفى الباطنة والمسنين بجنزور للاطمئنان على مستوى الخدمات الطبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق


 أجري اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية، اليوم الأحد، زيارة تفقدية لمستشفى الباطنة والمسنين بجنزور للاطمئنان علي مستوي جودة الخدمات الطبية والعلاجية المقدمة للمرضي وتقديم التهنئة بمناسبة الاحتفال بالعيد، رافقه خلالها الدكتور عماد رمضان وكيل مديرية الصحة ، المحاسب سامي سرور رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة بركة السبع، الدكتور محمد سلامة مدير الطب العلاجي بالمديرية، الدكتور طارق عبدالعزيز مدير عام المستشفى.
حيث قام محافظ المنوفية بتفقد أقسام الاستقبال وعدد من عيادات المستشفى لمتابعة انتظام سير العمل ، وقام بتوزيع كحك العيد والعيدية على المرضى والأسر الفلسطينية المتواجدة لتلقى الرعاية الطبية ، واستمع إلى شرح تفصيلي من مدير المستشفى عن نوعية الخدمات الصحية بكافة الأقسام ومدى توافر جميع الاحتياجات والمستلزمات الطبية لتقديم خدمات أفضل للمرضي كون القطاع الصحي أحد المحاور الرئيسية لأهداف التنمية المستدامة.
وخلال تفقده للمستشفى، أجرى المحافظ حوراً مع عدد من المرضى من الأسر الفلسطينية وغيرهم للاطمئنان على حالتهم الصحية ومدى توافر الرعاية الطبية المقدمة وذلك في إطار تلبية مطالبهم واحتياجاتهم دعمالهم، موجهاً بتوفير بطاطين ذات جودة عالية للنزلاء الفلسطينين مؤكداً تسخير جميع الإمكانيات والمتطلبات لأشقائنا الفلسطينيين بالشكل الذي يضمن سرعة شفائهم، لافتاً إلي أن الدولة المصرية لا تدخر جهداً لمساعدة أشقائنا في غزة في ظل القيادة الرشيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
كما زار محافظ المنوفية دار المسنين بمركز ومدينة بركة السبع ، لمشاركتهم أفراحهم وإدخال البهجة والسرور على نفوسهم بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك ، حيث قام بتوزيع كحك العيد على جميع النزلاء بإجمالي 33 نزيل تزامناً مع الاحتفال بالعيد، واطمئن على مستوى جودة الخدمات المقدمة لهم وتوفير كل ما يلزمهم للارتقاء بالمستوى العام لتوفير حياة كريمة.
هذا وتبادل المحافظ حديثه معهم للاطمئنان على حالتهم الصحية وحسن معاملتهم وكذا التعرف على كافة ما يحتاجونه من دعم لتوفيرها ، حيث وجه بتوفير حصة خبز يومية للنزلاء بالتنسيق مع مديرية التموين في استجابة فورية بناءً على طلبهم تأكيداً على حقوقهم ودعماً لهم، وحرص على التقاط الصور التذكارية مع النزلاء معربين عن فرحتهم بزيارة المحافظ ومقدمين الشكر له علي اهتمامه لإسعادهم وإدخال روح البهجة والسرور علي أنفسهم.
وفى لفتة طيبة، سلم محافظ المنوفية بونات مواد غذائية مجانية على عمال الدار، كما وجه بضرورة تطوير ورفع كفاءة الحديقة التابعة لدار المسنين لتقديم خدمات أفضل ومميزة للنزلاء، مؤكداً أنه لا يدخر جهداً في تقديم الدعم اللازم لمختلف مؤسسات دور الرعاية الاجتماعية بنطاق المحافظة ، تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية بتقديم كافة أوجه الدعم والرعاية الكاملة لتلك الفئات لتحقيق حياة كريمة وآمنة لهم.

IMG-20250330-WA0026 IMG-20250330-WA0025 IMG-20250330-WA0012 IMG-20250330-WA0015 IMG-20250330-WA0014 IMG-20250330-WA0018 IMG-20250330-WA0020 IMG-20250330-WA0019 IMG-20250330-WA0021 IMG-20250330-WA0013 IMG-20250330-WA0024 IMG-20250330-WA0023

مقالات مشابهة

  • محافظ المنوفية يتفقد مستشفى الباطنة والمسنين بجنزور للاطمئنان على مستوى الخدمات الطبية
  • القبض على متسللين في محافظتي ظفار وشمال الباطنة
  • حفلات ومسرح عرائس.. فتح مراكز الشباب ببورسعيد مجانًا خلال أيام العيد
  • تنظيم 32 معرضًا لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بالمحافظات
  • فلسطين.. تجدد القصف المدفعي على مناطق شرق مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة
  • .. وتكثيف حملات التفتيش بجنوب الباطنة
  • المواطنون يقبلون على هبطات العيد في ولايات شمال الباطنة
  • إقبال كبير تشهده هبطات العيد في ولايات شمال الباطنة
  • أوكيو بطلًا لكأس ميناء صحار والمنطقة الحرة
  • ختام بطولة بلدية شمال الباطنة لكرة القدم