بعد إحالة صاحب فتوى الكهرباء للجنايات.. هل يجوز سرقتها عند الحاجة؟
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
أحيل الدكتور إمام رمضان، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر إلى محكمة الجنايات، بعد فتواه بإباحة سرقة الكهرباء والمياه والغاز التابعة للدولة، الأمر الذي تعجب له الكثير متسائلين عن حكم سرقة الكهرباء وهل يجوز للمواطن سرقتها والتهرب من الدفع، لتوضح الإفتاء وتُزيل الجدل.
. فيديو هل يجوز سرقة الكهرباء عند الحاجة ؟
قالت دار الإفتاء، إنه يحرم شرعًا الاستيلاء على التيار الكهربائي بأي طريق من غير الطرق المشروعة، مؤكدة أن هذا التصرف يُعَدُّ خيانةً للأمانة؛ مستدلة بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» (رواه الإمام البخاري).
وأضافت دار الإفتاء، أن سرقة الكهرباء تعد مخالفةً لوليِّ الأمر الذي جعل الله تعالى طاعتَه في غير المعصية مقارِنةً لطاعته تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» (النساء: 59).
وأشارت إلى أن سرقة الكهرباء تعد أكلًا لأموالِ الناسِ بالباطل، وتَضيِيعًا لحقوقهم، وكُلُّ واحدةٍ منها مِن كبائرِ الذنوب؛ وقد قال الله سبحانه وتعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تَأكُلُوا أَموالكم بينَكم بالباطِلِ» [النساء: 29]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» (رواه البخاري ومسلم).
حكم الاستيلاء على الكهرباء بطرق غير مشروعة
ونبهت على أنَّ الاستيلاء على الكهرباء بطرق غير مشروعة تَعَدٍّ على المال العام بغير وجه حق؛ وقد حرَّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الاعتداء عليه، وجعل صيانته من النهب والإهدار والاستغلال مسئولية الجميع؛ لأن هذا المال ملك لكل أبناء الوطن، والتصرف فيه يكون وَفق ضوابط الشرع وشروطه؛ فعن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُم النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، (أخرجه الإمام البخاري)، وفي الحديث وعيد شديد لمن يتخوض في المال العام؛ أي: يأخذه ليتملكه ويتصرف فيه تصرف المالك.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكهرباء سرقة الكهرباء الدكتور إمام رمضان المال العام صلى الله علیه وآله وسلم سرقة الکهرباء
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: غياب الاقتداء بالنموذج النبوي في الحياة الزوجية سبب رئيسي للمشكلات الأسرية
أكد الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن المشكلات الأسرية التي نشهدها اليوم تعود في جانب كبير منها إلى غياب الاقتداء بالنموذج النبوي في المعاملة بين الزوجين، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جسَّد في حياته اليومية مع أهل بيته أرقى معاني الرحمة واللطف وحسن العِشرة، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».
وأوضح فضيلته، خلال لقائه اليومي ببرنامج «اسأل المفتي» الذي يقدمه الإعلامي حمدي رزق على فضائية "صدى البلد"، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدرك طبيعة المرأة جيدًا، وأن العاطفة لديها قد تغلب أحيانًا على العقل، وهو ليس انتقاصًا من شأنها، وإنما أمرٌ فُطرت عليه لتحقيق التوازن في الحياة الأسرية. وأورد فضيلته مثالًا على ذلك عندما كسرت السيدة عائشة -رضي الله عنها- إناءً أرسلته السيدة صفية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدافع الغيرة، فما كان منه إلا أن ابتسم قائلًا: «غارت أمكم»، ثم قام بتعويض السيدة صفية بإناء جديد من آنية السيدة عائشة، مما يدل على حكمته في التعامل مع المواقف بحب واحتواء، بعيدًا عن التوبيخ والتصعيد.
وأشار فضيلة المفتي إلى أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يقتصر على التعامل بحكمة في لحظات الغضب، بل كان يمازح أهل بيته ويشاركهم لحظات المرح، مستشهدًا بسابقته الشهيرة مع السيدة عائشة في إحدى الغزوات، حيث تغلبت عليه في السباق المرة الأولى، ثم غلبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لاحقًا بعدما تقدمت قليلًا في السن، وقال لها مازحًا: «هذه بتلك».
وتابع فضيلة المفتي موضحًا أن الوفاء والاعتراف بفضل الآخرين كانا من أبرز صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما ظهر جليًّا في حديثه المتكرر عن السيدة خديجة -رضي الله عنها- بعد وفاتها، حيث كان يذكر فضلها ومواقفها الداعمة له، حتى أثار ذلك غيرة السيدة عائشة، فقالت له: «يا رسول الله، قد أبدلك الله خيرًا منها»، فرد عليها بقوله: «والله ما أبدلني الله خيرًا منها»، مستذكرًا تضحياتها ودعمها له في أصعب المواقف.
وأوضح فضيلة المفتي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يكتفي بالحديث عن فضائل السيدة خديجة، بل كان يكرم صديقاتها وأهلها حتى بعد وفاتها، مما يعكس عمق الوفاء النبوي، وهي قيمة نفتقدها كثيرًا في مجتمعاتنا اليوم، حيث أصبحت المصالح تطغى على معاني الإخلاص والاعتراف بالجميل.
وأضاف فضيلة المفتي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان نموذجًا فريدًا في مراعاة مشاعر الآخرين، سواء داخل بيته أو في تعامله مع الصحابة والناس عامة، حيث كان يتجنب التصريح بما قد يحرج الآخرين، مستشهدًا بموقفه عندما كان مجتمعًا مع الصحابة وأحدث أحدهم بإخراج الريح، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أكل لحم جزور فليتوضأ»، ليجنِّبه الشعور بالإحراج أمام الناس.
كما ضرب فضيلة المفتي مثلًا آخر بموقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما بال أحد الأعراب في المسجد، فأراد الصحابة نهره بشدة، لكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بعدم مقاطعته، ثم قام بتوجيهه بالحسنى وتعريفه بحرمة المسجد، مما جعل الأعرابي يقول: «اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا»، فانظر كيف حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الموقف من الغضب إلى درس تعليمي راقٍ دون تجريح أو إساءة.
وانتقل فضيلة المفتي للحديث عن أخلاقيات الحرب في الإسلام، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يوصي أصحابه بعدم الاعتداء على غير المحاربين، وعدم قتل الأطفال والنساء والرهبان، وعدم هدم دور العبادة، بل إنه عندما رأى التمثيل بجثمان عمه حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- توعد في البداية بالانتقام، لكنه عاد وامتثل لأمر الله في قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]، فاختار الصبر ورفض الانتقام، ضاربًا بذلك أعظم الأمثلة في العفو عند المقدرة.
وختم فضيلة المفتي حديثه عن السيرة النبوية بقوله: "أين نحن اليوم من هذه القيم العظيمة؟! العالم يشهد حروبًا لا تراعي للإنسانية حرمة، بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع لنا دستورًا أخلاقيًّا في الحرب والسلم، يدعو للعدل والرحمة والتسامح".
وفي الجزء الأخير من الحلقة، أجاب فضيلة المفتي عن سؤال حول حكم زكاة المال وموعد إخراجها، مؤكدًا أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُني الإسلام على خمس»، مشيرًا إلى أن الله تعالى قرنها بالصلاة في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}.
وأوضح فضيلته أن الزكاة ليست تفضُّلًا من الغنيِّ على الفقير، وإنما هي حق واجب في المال، لأنها تطهيرٌ للنفس من الشح، وتزكيةٌ للمال، وتحقيقٌ للتكافل الاجتماعي، مستدلًّا بقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].
وحول موعد إخراج الزكاة ومقدارها، بيَّن فضيلة المفتي أنه إذا بلغ المال النصاب (وهو ما يعادل 85 جرامًا من الذهب)، وحال عليه الحول، وجب إخراج 2.5% منه.
أما عن حالة من اقترض من البنك، وكان يسدد الأقساط، فهل تجب عليه الزكاة؟ فأوضح فضيلته أن القاعدة الشرعية تقضي بأن الضرورة تُقدَّر بقدرها، فلا يمكن إصدار فتوى عامة دون معرفة تفاصيل الحالة، فإذا كان الشخص يمتلك أصولًا وأموالًا أخرى تكفي لسداد الدَّين، فلا تسقط عنه الزكاة، أما إذا كان الدَّين يشكل عبئًا حقيقيًّا، فيُنظر في الأمر وفقًا لظروفه الشخصية.
وفي ختام الحلقة، شدد فضيلة المفتي على أهمية الفهم الصحيح للأحكام الشرعية، ودعا إلى الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أخلاقه ومعاملاته، قائلًا: "إذا أردنا أن نحيا حياة مستقرة، فعلينا أن نستلهم من السيرة النبوية قيم الرحمة والتسامح والتراحم، فهي المنهج الأسمى في بناء مجتمع متماسك ومتوازن".
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: الموقف العربي خلال القمة يعيد لقضية فلسطين زخمها في وجدان الأمة
مفتي الجمهورية: الصيام مدرسة سلوكية تنطوي على منظومة قيمية وأخلاقية| فيديو
مفتي الجمهورية: رمضان يحقق التوازن بين الطاعة والتوبة في حياة المسلم