مع التعثر السياسي الذي يجد فيه الاحتلال نفسه، بجانب التورط العسكري، واصطناع المزيد من الأزمات الدبلوماسية، تؤكد أوساط عديدة فيه أن النزعة التي تحكمه لتقسيم العالم إلى خير وشر لا تساعد في إدارة سياسة ذكية.

لأن الاحتلال بهذه الحالة لا يحدد المصالح المشتركة مع جميع أنواع الجهات الفاعلة، رغم أن هناك مفهوما في الدبلوماسية يسمى frenemies، وتعني "الأعداء الأصدقاء"، حسب كل حالة سياسية على حدة، وهو ما لم تفهمه دولة الاحتلال، ولا ساستها، مما أوقعها في تلك الأزمات التي تبدأ ولا تنتهي.



نداف تامير، الرئيس التنفيذي لمؤسسة JStreet في تل أبيب، وعضو اللجنة التنفيذية لمعهد ماتيفينغ للسياسة الإقليمية، ومستشار في الشؤون الدولية لمركز بيريس للسلام، أكد أن "قطر تعدّ مثالاً كلاسيكيًا على مثل هذا النموذج في العلاقات الدبلوماسية، صحيح أنها تدعم حركة الإخوان المسلمين، لكن الاستنتاج الإسرائيلي بأنها تدعم "الإرهاب" هو خاطئ ومضلل، فهناك طيف واسع في حركة الإخوان المسلمين، ولدينا العديد من هذه النماذج، حيث عضو الكنيست منصور عباس والشيخ رائد صلاح والرئيس المصري الراحل محمد مرسي".

وأضاف تامير الدبلوماسي السابق في البعثات الإسرائيلية في واشنطن وبوسطن ومستشار سياسي لرئيس الدولة، في مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "قطر لم تسعى قط إلى الترويج للعمل المسلح، حتى لو أقامت علاقات مع المشاركين بتنفيذ بعض تلك العمليات، وقد تم نقل المساعدات القطرية إلى حماس استجابة لطلب أميركي إسرائيلي، كما أن استضافة قيادة الذراع السياسية حماس في قطر تمت كجزء من مفهوم شامل يسعى لإبعاد الحركة عن إيران، بجانب التقدير الإسرائيلي والأمريكي والدولي الكبير في الجهود القطرية الرامية لإطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين من أسر حماس".

وأشار أن "هذه أمثلة جيدة على أهمية العمل مع قطر، لأنه حتى في اليوم التالي للحرب في غزة، سيظل الإسرائيليون بحاجة إلى القطريين، كوسطاء لأن حماس لن تختفي من غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، مع العلم أن قطر تستضيف قاعدة "العديد" الجوية الأمريكية الأكبر في الشرق الأوسط، ويوجد في أراضيها فروع تابعة لبعض أهم الجامعات الأمريكية، فضلا عن الشراكة الإيرانية القطرية في حقل غاز بحري كبير تتيح لها أن تكون أغنى دولة في العالم يسمح لها باستثمار موارد كبيرة في إعادة الإعمار في دول مثل سوريا ولبنان وغزة".

وأوضح أن "هذه الإمكانيات التي تحوزها قطر تجعلها قوة حاسمة في أي تسوية سياسية بعد الحرب الدائرة في المنطقة حالياً، وقد تعلمت قطر من اليهود الأميركيين كيفية خلق النفوذ على المعاهد البحثية والجامعات في الولايات المتحدة من خلال التبرعات، مما يخلق تأثيرا على صناع القرار، وبالتالي فيمكن لدبلوماسية القوة الناعمة القطرية أن تكون بديلاً للصراعات العسكرية المستمرة، وربما هو النهج الذي يجب على دولة الاحتلال الإسرائيلي أيضًا أن تحاول تنفيذه".

وأشار إلى أن "الإسرائيليين يجب أن يتعلموا من حلفائهم في الولايات المتحدة، التي تساعدها قطر في التحركات الدبلوماسية مع الدول والمنظمات المعادية لها، على سبيل المثال، إطلاق سراح مواطنين أميركيين من السجون الإيرانية، وتحقيق الاتفاق الذي مكّن من انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وقد تبين للجميع، ومنهم الإسرائيليون، أن قطر مهتمة بالمساعدة في خلق عمليات من شأنها تعزيز السلام والاستقرار، من خلال دبلوماسية القوة الناعمة".

واستدرك بالقول أن "بنيامين نتنياهو لجأ إلى قطر لتمويل حماس، ومع الهدف المعلن المتمثل في إضعاف السلطة الفلسطينية، وفرصة التوصل إلى تسوية سياسية، ولذلك فإني أقترح مساعدة قطر من أجل المساعدة في تعزيز التسوية مع الفلسطينيين كجزء من نظام إقليمي، صحيح أن قطر ليست دولة صديقة لدولة الاحتلال، لكنها دول لها مصالح اقتصادية وسياسية في العالم الغربي والعربي والإسلامي، ومن الصحيح أن نتعامل معه بحذر، ولكن مساعدتها في النهاية".

وختم بالقول أنه "يجب على الدوائر السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية التعرف على قدرة قطر على التأثير بشكل كبير في المنطقة، ومن المفيد التفكير في كيفية الاستفادة منها، ليس كلاعب منفرد أو حتى مركزي، ولكن كدولة لديها القدرة على ذلك، وتوظيف النفوذ الذي لا تتمتع به دول أكبر منها بكثير، مثل مصر والسعودية، لأنها تعلمت كيف تتمكن من التنقل بين مختلف التحالفات الإقليمية والدولية".

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال قطر الفلسطينية فلسطين قطر الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

دول المنطقة تتحمل عبء إعادة إعمار غزة دون الاحتلال أحد بنود الخطة العربية:حماس تطالب الوسطاء بالضغط على العدو الصهيوني للدخول في المرحلة الثانية

الثورة / متابعة /محمد الجبري

يستمر العدو الصهيوني في خرق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة باستهداف المدنيين العزل من النساء والأطفال وكبار السن على مرأى ومسمع من العالم والمجتمع الدولي.

وحسب إحصاءات نشرها رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف الأسبوع الماضي، قتل الاحتلال 100 فلسطيني وأصاب 820 آخرين في قطاع غزة منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي.

واستشهد شاب فلسطيني، أمس الجمعة، جراء قصف نفذته طائرة مسيرة صهيونية وسط مدينة رفح، جنوب قطاع غزة.

وأفادت مصادر محلية أن الشاب رعد نضال العمواسي استشهد إثر استهدافه من طائرات العدو المسيّرة وسط مدينة رفح.

إلى ذلك أُصيب مجموعة من الصيادين الفلسطينيين، صباح أمس، برصاص زوارق حربية صهيونية في منطقة السودانية شمال غربي مدينة غزة.

وقالت وسائل إعلام فلسطينية، نقلًا عن مصادر محلية، إن الزوارق الحربية الصهيونية أطلقت نيرانها بشكل مكثف تجاه قوارب الصيد في المنطقة، ما أسفر عن إصابة مجموعة من الصيادين.

ويواصل جيش العدو الصهيوني منع الصيادين الفلسطينيين من دخول البحر، مستهدفًا كل من يحاول الصيد رغم سريان وقف إطلاق النار.

وخلال عدوانه الأخير على قطاع غزة، دمّر جيش العدو معظم مراكب الصيد الكبيرة والصغيرة، مما دفع الصيادين للمطالبة باستئناف أنشطتهم ودخول المواد الضرورية لإصلاح المراكب وصناعتها من جديد.

في سياق متصل شيعت كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” أمس – نحو 40 شهيدا من مجاهديها، الذين ارتقوا في خان يونس ومخيم الشاطئ خلال معركة “طوفان الأقصى”، والعدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة.

وشهدت مراسم تشييع الشهداء، معظمهم من “كتيبة الشاطىء”، مشاركة العشرات من عناصر كتائب القسام بزيهم العسكري، إلى جانب حشود من أهالي مخيم الشاطيء.

وانطلق موكب التشييع من المخيم، بعد أداء صلاة الجنازة على الشهداء في المسجد الأبيض، وصولًا إلى مقبرة الشيخ رضوان ومن ثم تم مواراتهم الثرى.

ومن ضمن شهداء القسام الذين جرى تشييعهم أمس، عادل عليان، إسماعيل نوفل، إبراهيم أبو هاني، علي بلحة، سعد الله أبو العمرين، علي أبو برس، عبد الرحمن البدرساوي، منتصر بارود، همام زقوت، عز الدين زقوت، عبد الله أبو عتيلة، محمد أبو حطب ومروان أبو حطب ونجله محمد، إسلام شريم، محمود خميس ماضي وعلي حمزة كنفوش.

وجرى انتشال جثامين الشهداء الذي ارتقوا خلال حرب الإبادة “الإسرائيلية” على قطاع غزة من تحت أنقاض المنازل والأماكن التي قصفها الاحتلال خلال الحرب التي استمرت 15 شهرًا.

سياسيًا، طالبت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” المجتمع الدولي بـ”الضغط على الاحتلال الصهيوني للالتزام بدوره في الاتفاق بشكل كامل، والدخول الفوري في المرحلة الثانية منه دون أي تلكؤ أو مراوغة”.

وقالت الحركة في تصريح صحفي، أمس، “مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، تؤكد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التزامها الكامل بتنفيذ كافة بنود الاتفاق بجميع مراحله وتفاصيله”.

من جهته قال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، طاهر النونو، أن الحركة لا تعتبر مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق قد بدأت حتى الآن، مؤكدًا أن تعطيل الاحتلال لهذه المرحلة لا يسمح بتمديد المرحلة الأولى.

وأوضح النونو في تصريحاتٍ مُتلفزة أن حماس ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار، منوها بأن المسؤولية الآن تقع على الوسطاء لإلزام الاحتلال بتنفيذ بنوده.

في المقابل ذكرت وسائل إعلام عبرية أمس، أن أعضاء الوفد التفاوضي حصلوا على تفويض بتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تشمل استمرار وقف إطلاق النار والإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل دفعات إضافية من إطلاق سراح الأسرى الصهاينة.

ووفق القناة 14 العبرية، فإن الهدف من ذلك هو التوصل إلى إطلاق سراح المزيد من أسرى ربما في الأيام المقبلة.

وقالت إن هناك تقديراً أو أملا في “إسرائيل” أن يكون هذا ممكناً، حيث لا ترغب باستئناف القتال إذ تأمل في إعادة المزيد من الأسرى كجزء من الصفقة.

وأضافت القناة 14، أن حماس لا ترغب بالعودة إلى القتال لأنها تدرك العواقب التي ستكون في انتظارها، وبحسب تقديرات إسرائيلية، لا يزال لدى حماس ما لا يقل عن 20 أسيرًا “إسرائيليًا” على قيد الحياة، لكن هناك إدراكًا بأن تأمين إطلاق سراحهم جميعًا سيكون أمرًا بالغ الصعوبة.

وأوضحت القناة أن الاهتمام حاليًا يتركز على أربعة أسرى هم آباء لأطفال، بالإضافة إلى أسرى آخرين وردت معلومات عن تدهور حالتهم الصحية خلال فترة الأسر لدى المقاومة.

وبخصوص تفاصيل الخطة العربية التي ستقدم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن مستقبل قطاع غزة، قالت صحيفة “معاريف” العبرية، إن الخطة العربية لغزة التي ستقدم لترامب بعد أيام تشمل؛ إعادة الإعمار بدون تهجير، وإصلاحات في السلطة الفلسطينية، وقوات لحفظ السلام.

كما أفادت وكالة “رويترز” نقلاً عن مصادر أمنية مطلعة، بأن الخطة العربية بشأن غزة تنص على إعادة إعمار القطاع خلال ثلاث سنوات وتشمل مساهمات مالية من دول المنطقة بما يصل إلى 20 مليار دولار.

من جهة أخرى، شدد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية والسياحة المالطي إيان بورج، على أن غزة أرض فلسطينية، ويجب أن يكون للفلسطينيين الحق في تقرير مستقبلها.

جاء ذلك في تصريح، ردا على مقطع فيديو أنشأه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يُظهر فيه غزة كوجهة سياحية تضم ناطحات سحاب ومنتجعات شاطئية فاخرة، بالإضافة إلى تمثال ذهبي لترمب نفسه.

وأكد بورج، “أن غزة تنتمي إلى الفلسطينيين”، وأن السياسة الخارجية “يجب أن تُناقش عبر القنوات الرسمية وليس عبر التصريحات العلنية، وأن غزة يجب أن تكون للفلسطينيين، ويعود لهم القرار في تنفيذ المشاريع المقترحة” .

فيما أعرب أكثر من 200 يهودي في إيطاليا عن رفضهم لما وصفوه بخطة “التطهير العرقي” في قطاع غزة، مطالبين الحكومة الإيطالية بعدم التورط أو التواطؤ مع هذه السياسات.

جاء ذلك في إعلان نُشر بصحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، حيث أشار الموقعون إلى أن “الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى لنقل الفلسطينيين من غزة، في وقت يستمر فيه العنف من قبل المستوطنين والحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية”.

وأكد الإعلان: “يهود إيطاليا يقولون لا للتطهير العرقي، ولا ينبغي لإيطاليا أن تكون جزءًا من هذه الخطة”.

يُذكر أن ترامب بدأ منذ 25 يناير بالترويج لمقترح نقل سكان غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما قوبل برفض قاطع من الدولتين، إلى جانب اعتراض دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.

 

مقالات مشابهة

  • كاتب إسرائيلي يؤكد اقتراب الاحتلال من اتخاذ قرار بشأن مهاجمة النووي الإيراني
  • دول المنطقة تتحمل عبء إعادة إعمار غزة دون الاحتلال أحد بنود الخطة العربية:حماس تطالب الوسطاء بالضغط على العدو الصهيوني للدخول في المرحلة الثانية
  • الاحتلال يدرس فرص التطبيع مع السعودية.. تعرّف على أبرز العقبات
  • تنصل إسرائيلي من الاتفاق ورفض للانسحاب من “محور فيلادلفيا” في رفح
  • تنصل إسرائيلي من الاتفاق ورفض للانسحاب من محور فيلادلفيا في رفح
  • مكتب نتنياهو يُصدر توضيحا بشأن تحويل "المنحة القطرية" إلى غزة
  • ضغط إسرائيلي على لبنان لتوقيع اتفاق سياسي جديد
  • بحضور رئيس وزراء باكستان.. ولي عهد أبوظبي يلتقي أعضاء البعثة الدبلوماسية وموظفي سفارة الدولة في إسلام آباد
  • وفد إسرائيلي إلى القاهرة لمواصلة محادثات وقف إطلاق النار في غزة
  • عمرو خليل: الدبلوماسية المصرية تجوب العالم شرقا وغربا دعما للقضية الفلسطينية