ماريان جرجس تكتب: بين عرش الدولار والـ 100 بريكس
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
من قازان في روسيا، وسط أجواء ثلجية، يجلس الدب الروسي ملوحًا بعملة ملونة تحمل رقم 100 وعليها صور لدول البريكس وكأنها عملة حقيقية لهذا التكتل الاقتصادي الذي يناطح ال G7
ويهدد عرش الدولار وهيمنته على الأسواق العالمية مؤخرًا ، ولكن علي ما يبدو أن بوتين يؤمن أن بداية النجاح هو الإيمان بحتمية النجاح ، فاستصدار عملة موحدة لدول البريكس يحتاج إلى بنك مركزي في المقام الأول، ويحتاج إلي وقت طويل حتي أن تكون هذا العملة الحقيقية ، ولكنه استطاع أن يقدم شو إعلامي ساخن من قلب روسيا الباردة ويروج لتكتل البريكس بمجرد تلويحه لعملة البريكس المرتقبة .
ربما قد حان الوقت بالفعل لرسم خريطة مالية جديدة للعالم من سماتها التعددية القطبية والتكامل ، فأكثر ما يميز هذا التكتل الاقتصادي هو التكامل بين البلدان بين روسيا والصين والهند ؛ أكبر اقتصادات العالم ودول نامية مثل مصر وإثيوبيا والبرازيل ؛ دول من العالم العربي والإفريقي وأمريكا الجنوبية ؛ تلك التوليفة ، على عكس الاتحاد الأوروبي أو مجموعة العشرين أو السبع ، والتي تضم دول أوروبية فقط أو دول ذات اقتصاد قوي فقط ، تنبئ بخريطة اقتصادية جديدة للعالم ، وتكامل اقتصادي يعالج الفجوات التي عانى منها العالم ماليًا.
فالكوارث الاقتصادية السابقة كشفت العوار المالي والعيوب الجسيمة التي يتسم بها نظام العالم المالي ، وعدم قدرته على الصمود والتضخم وتهديد الأمن الغذائي و النقص في سلاسل الإمداد و التوريد والفجوة التمويلية .
ولكن هذا التكتل الذي يضم 43% من سكان العالم ، سيكون أكثر مرونة وأكثر مساعدة للدول النامية من خلال قروض ميسرة وتمويل للمشروعات الخضراء، وكأن تلك الدول تساعد الدول النامية حتي تتمكن الدول النامية من مساعدة الدول الكبرى.
ومرة أخري تكون مصر هي تفاحة المشهد، دولة نامية باقتصاد استطاع أن يصمد ، ذات موقع استراتيجي وجيوسياسى، بوابة للأسواق الإفريقية ولسان حال الدول النامية ، وصوت إفريقيا ، جزء من مبادرة الحزام والطريق من خلال قناة السويس وكأنها همزة الوصل بين كل القارات وقناة اتصال بين كثير من الأطراف.
إن هذا التكتل الاقتصادي الجديد يثير ريبة الغرب ، الذي بات يعلم أن الاقتصاد العالمي به كثير من العوار، وأن اقتصادات دول أوروبا قد أنهكت من الإنفاق العسكري المقدم على هيئة مساعدات إلى أوكرانيا ولم تعد تستطيع أن تغير جلدها أو تواجه التضخم ، فنحن بصدد صناعة مستقبل مالي جديد يحقق أجندة التنمية المستدامة مما يحظى بالثناء من قبل الأمم المتحدة ويراعي الأمن الغذائي والأمن المُناخي ، ويكسر من هيبة العقوبات الاقتصادية الغربية التي دائمًا ما كانت الكارت الرابح الذي تلوح به لأي من يخرج عن سياساتها وضد أي نوع من سياسات الاستقطاب .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: هذا التکتل
إقرأ أيضاً:
منى أحمد تكتب: قناة الزمن الجميل
قناة ماسبيرو زمان هي أحد حراس الهوية المصرية وشاهدة علي زمن جميل بجميع مكوناته، كان الإعلام والفن أرقي سفير للغة الضاد التي صاغت وجدان الأمة ،فتعضدت مكانتها بالمحبين والداعمين وحينما أخلص لها أبناؤها حافظت علي مكانتها وبريقها وجمالياتها.
ومنذ أيام عرضت ماسبيرو زمان برنامج شريط الذكريات، الذي كان يقدمه الشاعر والإذاعي الراحل فاروق شوشة، وكانت ضيفة البرنامج القامة الكبيرة د.عائشة عبد الرحمن او بنت الشاطئ ، وحلقة جعلتني في حالة من الانبهار المصحوب بالدهشة والمرارة.
انبهار من الثراء اللغوي والثقافي للضيف والمضيف، فالأداء الإعلامي للراحل العظيم وهو القيمة الكبيرة مبهر ، كان الحضور راقي ومخارج حروف واضحة ، فاروق شوشة غني عن التعريف فهو الشاعر الكبير ولغة وصوت لا تخطئه أذن، فلم يقاطع الضيفة هو جالس أمامها في حالة أنصات تام واستمتاع، فهو في حضرة المستنيرة عائشة عبد الرحمن إحدي علامات التنوير من سيدات النهضة العلمية والفكرية والأدبية في العالم العربي، والتي تركت تراثا ثريا لأجيال متعاقبة.
وحديث يسير في عدة إتجاهات إتجاه أستعرضت فيه قصة كفاحها، وكيف استطاعت الحصول علي الماجستير والدكتوراة في أربعينيات وخمسينات القرن الماضي ، وميسرة علمية وفكرية لم تكن بالشئ الهين في وقت كانت تعاني فيه المراة المصرية من القيود المجتمعية.
فكانت د. عائشة عبد الرحمن النموذج والقدوة التي قدمتها الشاشة الفضية، وإتجاه أخر يسمو بالعقل والوجدان معا من خلال أعمالها الأديبة ورحلة عطائها، وحلقة متكاملة الأركان الإبداعية فأين نحن الأن من تلك الحالة التي ساهمت في ترسيخ وبناء الهوية المصرية.
ورغما عني وجدت نفسي أعقد مقارنات ليست في محلها بالتأكيد ، ولكن النقيض الذي استدعته الذاكرة للحالة الراهنة شكلا وموضوعا ، اثار علامات إستفهام كبيرة ،أين كنا وإلي أين وصلنا الأن؟ وكان هناك عدة إشكاليات من هذه اللوحة المتكاملة .
أولها الرسالة الأعلامية وهو مجال عملي والتي كانت تقدم للمواطن المصري والعربي ،عبر نوافذ إعلامية كانت محدودة بالنظر للتنوع الحالي ، فكان المحتوي الإعلامي واضح المعالم ، يرتكز علي تشكيل الوجدان المصري والعربي، ويؤكد دائما علي الهوية الثقافية الجمعية من خلال قامات تنويرية ،مما أدي إلي ترسيخ صورة ذهنية ساحرة عن حالة ثراء وريادة إبداعية .
جانب أخر كان مبعثا علي الإعجاب هوالمزاج المصري في ذلك الوقت ،فهذة الرسالة قابلها حالة إستيعاب بين عموم المصريين، علي أختلاف طبقاتهم ،مهد لها مستوي تعليم جيد وصخب فكري وأدبي وفني كان عنوانا أبرز لمرحلة إستثنائية من تاريخ مصر، فكان هناك حالة من الوعي المهيا لتقبل مثل هذة الجرعات الثقافية الفريدة.
والحقيقة أن هذا التنوع في المضمون الإعلامي لم يكن منصبا فقط علي الجانب الثقافي أوالأدبي ، بل كان يسير في جميع الإتجاهات من أجل هدف واحد وهو بناء شخصية الأنسان المصري والنهوض بها ، وتشكيل الوعي وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية وهنا أتساءل أين الرسالة الإعلامية التنويرية الأن من هذا الماضي العريق.
إعادة بناء الأنسان المصري فكريا وثقافيا إحدي الركائز التي تبنتها وطالبت بها القيادة المصرية ، وإن كان هناك إجتهادات من بعض الإعلاميين إلا أنها تظل في خانة الفردية ولم تستطع الحالة الإبداعية المصرية بكل روافدها أن تترجمها حتي الأن.