لا شك أن أساليب الإنتاج السينمائي صارت تتجه نحو إيجاد أكثر العناصر والمؤثرات والموضوعات جذبا للجمهور وبما في ذلك المزج بين أنواع سينمائية متعددة في نطاق الفيلم الواحد كالمزج بين ثيمة الرعب مع العنف والجريمة والخيال العلمي أو المزج بين الحركة والجريمة وأفلام التحري والأفلام البوليسية وغيرها.

وفي هذا الإطار يمكن النظر إلى هذا الفيلم المعروض حديثا للمخرج رويل ريني انه يتجه إلى مزج عنصر الحركة مع الجريمة مع التحري مع المزج العاطفي والرومانسي على صعيد واحد فهل يحقق فيلم من هذا النوع النجاح المنتظر؟

قبل الإجابة النهائية لا بد لنا من فهم المعالجة السينمائية التي لجأ إليها المخرج ومعه كاتب السيناريو بوب دي روسا من منطلق أساس يمكن الوصول إليه مباشرة وهو ما يعرف بسينما الممثل بمعنى أن النمط التجاري يستوجب في بعض الأحيان التشبث بممثل يرتبط في أذهان المشاهدين بالنجاح من جهة وكونه يرتبط أيضا بنوع فيلمي محدد وهنا سنكون مع الممثل آرون ايكهارت الذي ارتبط اسمه وحضوره غالبا بأفلام الحركة وأفلام التجسس والمخابرات حتى كوّن صورة نمطية له وكأنه خليفة للممثل البريطاني الشهير ليام نيسون في مثل هذا النوع من الأفلام.

هنا يؤدي ايكهارت دور القاتل المأجور ايفان شو المكلف بمهام الاغتيالات وملاحقة الأشرار من عصابة إلى أخرى فمن نيويورك إلى روما إلى مالطا إلى عموم أوروبا هو الفضاء الذي يتحرك فيه بسلاسة وبتكليف من قسم مختص في المخابرات المركزية الأمريكية لملاحقة أولئك الأشرار والقضاء عليهم.

ها هو يعبر عن ثوابته في العمل، انه يدعي وبمجرد وصوله إلى الفندق الذي يسكن فيه انه نسي حقيبة سفره في مرة سابقة وفي كل مرة سوف يجد حقيبة سفر بانتظاره وهي محشوة بالأسلحة ثم يقرأ الصحيفة اليومية ويجد إعلانا يبدأ بفك طلاسمه من خلال الرسم التخطيطي فيظهر أمامه الهدف المنشود.

هذه الأرضية هي التي سوف تتأسس عليها أحداث هذا الفيلم على وفق خط سردي يجمع ما بين شو وبين رئيسه في العامل كيفن - يؤدي الدور الممثل تم روث وحيث تربط بينهما أبعد من علاقة العمل إلى صداقة عميقة وثقة متبادلة لكن السؤال ماذا لو كان هذا القاتل المحنك وشديد الذكاء الذي يحسب لكل شيء حسابه مجرد قاتل مأجور تعرض للخداع وانه يستدرج لتنفيذ مهام ليست مخابراتية بل تصفية حسابات بين عصابات؟

هذا التحول الدرامي سوف يتجلى مع ظهور الفتاة كيسي - الممثلة ابيجال بريسلن على أساس أنها تعمل لصالح المخابرات البريطانية وأنها ورأفة به جاءت لتخبره بأنه قد تعرض للخداع ثم وبعد مرور مزيد من الوقت وبعد معارك طاحنة تقع في مالطا نكتشف أن تلك الفتاة لا علاقة لها بالمخابرات البريطانية وإنما هي ابنة شو نفسه، وتلك صدمة أخرى وتحول آخر في حياة هذا الضابط المحنك وشديد الذكاء.

بالطبع سوف نتساءل من وجهة نظر سردية ودرامية تتعلق ببناء هذه الشخصية الرئيسية، يا ترى هل هي حقا تحمل مواصفات البطل الدرامي بلا منافس أم أنها شخصية مبالغ فيها، والدليل تعرضه للخداع وظنه انه كان يعمل مع جهة حكومية ليتضح انه يعمل لصالح عصابة ثم انه لا يعلم أن عنده ابنة بمثل تلك السن وهو ما سوف ينقلنا بعد ذلك إلى المواجهات الخطيرة مع عصابة تقتفي اثره في نوع عجيب من القدرة على عدم الإصابة بالرصاص الذي كان يتهاطل كالمطر عليه وعلى ابنته.

وفي هذا الصدد يقول الناقد ديفيد فوريجسون في موقع ريد كاربت كراش

" لقد شاهدنا العديد من مشاهد إطلاق النار ربما بما لا يمكن إحصاؤه، كل واحد منها أصعب من الآخر - وهذا يدل على أن إيفان هو بطل خارق ولا يصاب بطلقة لكن ذلك لم يتحقق فعليا إذ يظهر لاحقا انه إنسان عادي من لحم ودم، مما يدحض نظرية البطل الخارق.

انه فيلم تجسسي مع الكثير من إطلاق النار يستجيب لأولئك الذين يبحثون عن المزيد من الانفجارات والضجيج. أما بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن حبكة تجسس متعددة الأوجه منسوجة بذكاء، فمن الأفضل على الأرجح أن يستمروا في البحث عن فيلم آخر".

هذا التعليق الطريف يقودنا إلى التساؤل حول جدوى الإغراق بمشاهد المواجهات والرصاص الذي لا يقتل سوى الخصم، وعلما أن شو لم يظهر في مظهر ذلك المقاتل الشرس سريع الحركة والمتميز في القتال الفردي الذي يخطف البصر.

من جهة أخرى وفيما يتعلق بشخصية البطل الذي يواجه بشراسة مجموعات مسلحة هنالك الكثير من مشاهد المطاردات في شوارع وأزقة ضيقة وعلى الرغم من شراسة المواجهات وكون الضابط شو المتجهم الوجه لا يظهر عاطفته أو أفكاره إلا انه لا ينقطع عن استذكار صورة زوجته وحبيبته المتوفاة التي تتجلى أمامه في كثير من الأماكن التي يجلس فيها وهو اختلاف آخر في مسار الشخصية في كونها ذات وجهين مختلفين إلا أن ما يقويها هو ظهور الابنة بشكل مباغت مما احدث تحولا دراميا ملفتا في مسار الشخصية.

تقول الناقدة ماري كاسيل من موقع سكرين رانت " في نظري أن الممثلين بريزلن وإيكهارت لم يكونا في أحسن أدوارهما، في بعض المشاهد يبدوان وكأنهما قرآ السيناريو للتو. يقدمان حوارهما كما لو كانا قد اطلعا على السيناريو قبل لحظات فقط رغم انهما سبق وعملا معًا منذ سنوات عديدة في الفيلم الكوميدي الرومانسي لا حجوزات الذي يعود إلى عام 2007، إلا أن هذا الانسجام لم يستمر".

بالطبع كان الأمر قد تطور بينهما إلى درجة تقديم الممثلة ابيجال شكوى ضد ايكهارت بأنه متسلط وعدواني وما إلى ذلك، ويبد أن هنالك ثغرة ما في هذا المجال إذ إن السؤال هو، هل كان اختيار ابيجال لذلك الدور موفقا وناجحا بما فيه الكفاية؟

في الواقع أن التكامل بين الشخصيتين الدراميتين الرئيسيتين ضروري للغاية في مثل هذا النوع من الأفلام لكننا وجدنا أن كثرة مشاهد الحركة والمطاردات كانت تستوجب في المقابل أداء تمثيليا موازيا على درجة من التمكن في ردود الأفعال والمواجهة إلا أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة إلى كيسي في بطء ردود أفعالها وِعدم قدرتها على استخدام السلاح لمؤازرة والدها في مواجهاته التي لا تكاد تنتهي.

على أن المشاهد الأخيرة التي تلفت النظر هي مشاهد اللقاء الحتمي بين شو وبين مديره وصاحبه كيفن، والذي هو أيضا سوف يعجز عن مواجهة المسلحين على الطرف الآخر فيتساقط حراسه تباعا وتنتهي حياته هو الآخر دون تبرير للخديعة التي مررها على صديقه شو مع أن تلك المواجهة الأخيرة وقعت في سياق من الحركة والتشويق.

..

إخراج/ رويل ريني

سيناريو/ بوب دي روسا

مدير التصوير/ رويل ريني

تمثيل/ ارون ايكهارت - ايفان شو، تم روث- كيفن، ابيجال بريسلن - كيسي

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إيران تهنئ حزب الله بانتخاب نعيم قاسم.. هذا تعليق الرئيس مسعود بزشكيان

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الثلاثاء إن تعيين نعيم قاسم خلفا لحسن نصر الله أمينا عاما جديدا لحزب الله من شأنه أن "يعزز المقاومة".

وكتب بزشكيان في بيان نشره موقعه الإلكتروني "أنا على قناعة بأن وجود شخصية لامعة (مثلك) على رأس الحزب (...) سيؤدي إلى تعزيز إرادة المقاومة"، فيما أعرب عن أمله في "وقف عدوان الكيان الصهيوني غير الشرعي وإحلال السلام والهدوء والأمن في غزة ولبنان والمنطقة برمتها".



من جانبه هنأ رئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني "محمد باقر قاليباف"، نعيم قاسم بانتخابه أمينا عاما جديدا لحزب الله في لبنان.

وذكر قاليباف إن "نعيم قاسم يعد خادما ومجاهدا ذو خبرة وتجربة عريقة وملتزما بمبادئ وأهداف جبهة المقاومة وحزب الله اللبناني".

واضاف قاليباف، أنه "مما لاشك فيه أن ميادين المقاومة والنضال ضد جبهة الكفر وأعمال الكيان الصهيوني الغاصب المعادية للإنسانية، وبحضور شخصيات متميزة ومجاهدة و شجاعة مثل فخامتكم في جبهة المقاومة، ستظل دائما مظهرا من مظاهر النضال والثبات والصمود والنصر إلالهي، لافتا الى انه يجب ان يعلم الأعداء أن شهادة الوجوه المشرقة لمحور المقاومة لن تلحق أي ضرر في نفوس المجاهدين وأهداف النضال".

أعلن حزب الله اللبناني، اليوم الثلاثاء، انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما للحزب، خلفا لحسن نصر الله، الذي اغتاله الاحتلال، في 27 أيلول/سبتمبر الماضي، بمقره في الضاحية الجنوبية من بيروت.

وقال الحزب في بيان رسمي، "انطلاقا من الإيمان بالله تعالى، والالتزام بالإسلام المحمدي الأصيل، وتمسكا بمبادئ حزب الله وأهدافه، وعملا بالآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام، توافقت شورى حزب الله على انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أمينا عاما لحزب الله، حاملا للراية المباركة في هذه المسيرة".



وقال بيان قيادة حزب الله: "إننا نعاهد الله تعالى ونعاهد روح شهيدنا الأسمى والأغلى سماحة السيد حسن نصر الله والشهداء، ومجاهدي المقاومة الإسلامية، وشعبنا الصامد والصابر والوفي، على العمل معا لتحقيق مبادئ حزب الله وأهداف مسيرته، وإبقاء شعلة المقاومة وضّاءة ورايتها مرفوعة حتى تحقيق الانتصار، والله غالب على أمره، إن الله قوي عزيز".

وكان قاسم قال في كلمة مصورة له، في 8 تشرين أول/أكتوبر الجاري، إن قيادة حزب الله تسير وفقا لما هو معمول به، وقد تخطت اغتيال القادة، وتم استخلافهم بآخرين، مضيفا أنه "ليس لدينا موقع شاغر".

مقالات مشابهة

  • لتحدي عرش جوجل.. ChatGPT يحصل على وظيفة البحث التي طال انتظارها
  • السيد القائد: الأمريكي يتحرك مع العدو الإسرائيلي ضمن معتقد موحد وأهداف ومشاريع مشتركة
  • صندوق النقد الدولي: صراعات الشرق الأوسط ستترك “ندوبا دائمة”
  • صندوق النقد الدولي: صراعات الشرق الأوسط ستترك "ندوبا دائمة"
  • «صراعات وأعمال عنف».. معلومات الوزراء: 26.4 مليون حالة نزوح بـ148 دولة في 2023
  • هل يجوز الصلاة جالسا بسبب التعب؟.. انتبه لـ5 اعتقادات خاطئة
  • الانتخابات الأمريكية: تكتيكات متغيرة وأهداف ثابتة في الشرق الأوسط
  • إيران تهنئ حزب الله بانتخاب نعيم قاسم.. هذا تعليق الرئيس مسعود بزشكيان
  • يوسف القعيد: أحلم باليوم الذي تنتهي فيه الأمية في احتفالية بحضور السيسي
  • نائب وزير الزراعة: نحرص على تبني المحاور التي تدعم الابتكار وتشجيع البحث