سأتناول في مقالي لغة فلسفية ونظرية علمية مستقاة من العلوم الإدارية التطبيقية، محاولاً تطبيق تلك الفلسفات والنظريات على العمل الخيري مع ذكر الأمثلة التطبيقية والممارسات المتميزة.

إن علم التسويق في الإدارة علمٌ عريق، يهتم بتحويل العميل من مشترٍ إلى شريك، ويحض على استبقاء العميل مدة زمنية أطول مع صاحب المنتج لتحقيق الاستدامة المالية وغرس الولاء في قلبه مما يعكس القوة الشرائية.

من أهم مبادئ علم التسويق “القيمة الدائمة للعميل”، وهي القيمة المالية التي سيجلبها العميل للشركة على مدار فترة علاقته التجارية بها. فقد وضعت مقاييس رياضية لقياس استبقاء العملاء تسهم في وصف الواقع، كما تناولت هامش الربح لكل عميل وكيفية زيادته دون الإخلال بالاحتفاظ بالعميل.

فعندما ترفع المنشأة هامش الربح، عليها أن تدرس مدى استجابة العميل للسعر الجديد مقارنة بالمنافسين، وما القيمة التي تضمن استمرار العميل في الشراء.

إن حساسية السعر قد تؤدي إلى انخفاض الأرباح، لذا يجب المحافظة على العملاء من خلال الاستجابة لرغباتهم ومنحهم الحوافز المرغوبة للاستبقاء، كنقاط المكافآت أثناء الشراء أو الخصومات أو الخدمات الخاصة، فمع مرور الوقت، ستنمو مشتريات العميل، حيث إن سيكولوجية البشر تميل إلى التعلق بالمكان الذي تجد فيه الراحة والخدمة المميزة. إن القطاعات التجارية تسعى دائماً لتعظيم الربح وتركز على العملاء المستدامين في تحقيق الأرباح، حيث إن 20% من العملاء يحققون 80% من الأرباح.

عند مواءمة هذه النظريات مع القطاع غير الربحي، نجد أن القيمة الدائمة للداعم هي القيمة المالية التي سيقدمها للجمعية طوال فترة علاقته بها. تنقسم مصادر الدعم والإيرادات للجمعيات إلى ستة أنواع:

1. الدعم الحكومي وشبه الحكومي.
2. المؤسسات المانحة.
3. رجال الأعمال.
4. المسؤولية المجتمعية للشركات.
5. الأفراد.
6. بيع الخدمات.

السؤال المهم: كيف يمكن زيادة الموارد المالية من هذه المصادر مع الاحتفاظ بالداعمين والمساهمين لمدة أطول؟ ما المحفزات التي تجعلهم يستمرون في العطاء وإسناد المشاريع للجمعية؟ من هم الفئة المميزة الـ 20% الذين يحققون 80% من الميزانية المطلوبة للجمعية؟

أسئلة تحتاج إلى ورش عمل وتحليل عميق، إن الداعمين ومسندي المشاريع يحبون أن يروا أثر عطائهم، وأن يتأكدوا من وصوله إلى الغاية المقصودة مع تلقيهم للتقارير الدورية عن نتائج دعمهم وغيرها من اهتماماتهم ذات الأولوية. ومن هذا المنطلق لا بد أن نغير تفكيرنا إلى التفكير بشمولية والاستفادة من ممارسات القطاع الربحي في القطاع غير الربحي، إن التوازن مطلوب بين الاهتمام بالداعمين الحاليين والبحث عن داعمين جدد.

فينبغي على الجمعيات تحليل بيانات الداعمين عبر السنوات السابقة ودراسة أسباب انقطاع بعضهم، سواء كان ذلك بسبب تكلفة المشاريع، أو عدم وصول التقارير، أو تغير الإدارة التنفيذية أو مجلس الإدارة أو أصحاب العلاقة وغير ذلك من الأسباب.

مع بداية كل سنة عند تحديد المستهدف السنوي للميزانية وبداية الحملة، لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار في نهاية الحملة تحليل نسب الداعمين المستدامين مقابل الجدد، ووضع خطط لتحويل الداعمين الجدد إلى مستدامين وإعادة جذب المنقطعين. ليس النجاح الكامل أن نحقق المستهدف السنوي، إنما يكتمل النجاح عندما نحقق المستهدف وتكون نسبة الداعمين المستدامين أعلى من الداعمين الجدد.

إن الاهتمام بالداعميين المستداميين لابد أن يكون من أولويات الجمعيات و أن نستفيد من ممارسات الشركات الكبرى والمصارف في تخصيص خدمات خاصة لكبار العملاء، فعلى الجمعيات تخصيص أقسام للعناية بكبار الداعمين، ومشاركتهم في مناسباتهم المختلفة، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في قضية الجمعية.

فعندما يصل الداعم إلى مرحلة الشراكة الحقيقية، سيصبح سفيراً للجمعية، يسوق لها ويعزز صورتها الذهنية.

إن من الذكاء الاجتماعي إشراك الداعمين في تصميم المشاريع، فالناس يميلون لدعم ما شاركوا في صنعه أو مشاركتهم النجاحات بعد دعمهم للمشروع وطلب زيارتهم للاطلاع عن قرب على الأثر.

ختاماً، من المهم تغيير نظرتنا للداعمين من مجرد مصادر للتمويل إلى شركاء حقيقيين يتبنون قضايا الجمعية ويؤمنون برسالتها.

المصدر: صحيفة صدى

إقرأ أيضاً:

وزير المالية يستعرض أهم المزايا الواردة بمشروعات قوانين حزمة التسهيلات الضريبية التي أقرتها الحكومة

خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي عقده اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، عرض أحمد كجوك، وزير المالية، أهم المزايا الواردة بمشروعات قوانين حزمة التسهيلات الضريبية التي أقرها مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم.

وأشار الوزير إلى أن الإجراءات التي تم إقرارها، بدأ بالفعل عددٌ منها في التطبيق بقرارات إدارية، وتطلب بعضها تعديلات تشريعية يتم استيفاؤها، وتبدأ التنفيذ خلال هذا العام.

ولفت أحمد كجوك إلى أنه فيما يخص مشروع قانون بشأن بعض الحوافز والتيسيرات الضريبية للمشروعات التي لا يتجاوز رقم أعمالها السنوي 15 مليون جنيه، فإن الوضع السابق كان يُشير إلى أنه لم يكن لدينا نظام ضريبي مُتكامل للمشروعات الصغيرة وريادة الأعمال والشركات الناشئة، التي يقبل عليها الشباب، ولذا جاءت هذه الحزمة لتستهدف دفع هذه الشركات نحو زيادة النمو، والتوسع في التصدير،  حيث تم إيجاد آلية مُتكاملة للدخول في المنظومة بشكل سريع، وتحقيق فائدة كبيرة للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 15 مليون جنيه، كي تنضم لهذه المنظومة الجديدة، وتقديم تيسيرات مثل الإعفاء من ضرائب الدمغة، ورسم التنمية، وغيرها، لهذه المشروعات، مع تبسيط الأرباح التجارية بشكل كبير جداً، لتصبح ضريبة قطعية بحيث يدفع على كل شريحة رقم محدد وبالتالي يعرف التزاماته، كما سيتم دفع ضريبة القيمة المضافة، بشكل مناسب جداً لتلك الشركات، بحيث يدفعها بشكل ربع سنوي، ليكون لديه مساحة وسيولة أفضل، ودفع بعض الالتزامات الأخرى بشكل سنوي، مشيراً إلى أنه سيتم اعتبار لحظة انضمام المشروع إلى هذا القانون والتسجيل في المنظومة بمثابة ميلاد له، حيث لن يتم الالتفات للوراء، بل للأمام، وتشكيل بداية جديدة ودفع المشروعات لزيادة حجم أعمالها.

 كما عرض الوزير مزايا مشروع قانون تسوية أوضاع الممولين والمكلفين، مضيفاً أنه تمت الإشارة إلى أمر مهم جداً في القانون، وهو أن ما سيتم تقديمه من جانب الممول لمدة 5 سنوات ماضية، سيتم قبوله دون فحص، لإعادة الثقة بين الطرفين، وكلنا ثقة في الاستجابة مع التسويق الجيد وتوضيح المعلومات وإيجاد الآليات على الأرض، أن هذا القانون سيقدم بمشيئة الله نقلة جيدة.

 وتابع وزير المالية: "ما نقدمه عبارة عن شرح بسيط، لتوضيح ما الذي سيقوم الممول بدفعه ضريبياً من أول يوم بعد تحقيق الربح، ولا يحتاج للدخول في أي خلاف أو مشكلة، وتكون الإجراءات مبسطة تتيح له مساحة من الحركة والتخطيط لمستقبله، وفي بداية العرض أشرت إلى أننا نحتاج إلى البساطة والسهولة واليقين، وأعتقد أن هذه المنظومة تتيح هذا الأمر للشركات، ومثلما وضحت، فإن الدفاتر والحسابات المُبسطة، حتى الإقرار المطلوب سيكون بسيطا وبعدد صفحات قليلة ومعلومات قليلة، ولن يكون المطلوب دفاتر تقليدية كبيرة، لتوفير التكاليف على المستثمرين خاصةً أصحاب الشركات الكبيرة، وبالتالي يسهل الدخول في المنظومة بأعباء قليلة جداً، وهذا مشروع متكامل تعاونا فيه مع كل مجتمع الأعمال والمتخصصين، ونعمل على تنفيذ بروتوكولات مع جهاز المشروعات الصغيرة ووزارة الاتصالات بهدف تسهيل الوصول لكل المستفيدين وتوضيح الأمور لهم وتشجيعهم على الاستفادة مما تتيحه الدولة".

 وأضاف أحمد كجوك: "ثاني المحاور المهمة كان بشأن كيفية الانتهاء من كل ما هو قديم، والمشاكل والنزاعات والقضايا التي كانت تمثل عبئا على الجميع، سواء على الحكومة أو على الممول، وبالتالي اليوم نقدم مجموعة كبيرة من التسهيلات لكل الممولين الموجودين، وندعو الناس مرة أخرى لمبدأ الثقة، وحتى أننا نتيح أيضاً للممول غير المسجل لدينا إمكانية التسجيل خلال فترة محددة لبدء صفحة جديدة، ونوجه الدعوة للجميع حتى الممولين المنتظمين، فإنه حتى إذا كنت قد نسيت تقديم إقرار أو تود تعديل رقم خلال الفترة من 2020 حتي 2023، سواء بسبب وجود مشكلة في النظام خلال تقديم الإقرار الالكتروني أو حدث خطأ محاسبي لديك، فيمكنك تقديم الإقرار الآن أو أي تعديل ولن يتم التعامل معك إلا بمنتهي الجدية وسنقبله بدون أي عقوبات نهائياً".

 وقال الوزير: "أوجدنا حلولا منطقية للمشكلات والنزاعات التي كانت موجودة قبل 2020، واليوم نستطيع التحدث بمنتهى الوضوح أن أي تقديرات جُزافية لم يتم حسمها، أوجدنا لها حلا بسيطا للغاية وهو مبلغ معين يُسدده المُمول، وبموجب ذلك يستطيع إغلاق الملف الخاص به، ويحصل على مُخالصة ضريبيًا عن السنة الضريبية، حيث يصبح معه ورقة تُفيد بأنه سدد كل أنواع الضرائب المُستحقة عليه، وهذا يشمل جميع أنواع الضرائب وليس نوعا واحدا من الضرائب".

 وأضاف وزير المالية: :"أمّا لو كان قد تم تقدير حالة المُمول بشكل جيد وتم فحصه، وأقررنا معًا مبلغا معينا تم التوافق عليه، فنرسل إليه أنه إذا قام بسداد هذا المبلغ فسيحصل على مُخالصة، وإذا لم يتم سداد المبلغ نؤكد عليه ضرورة سداده خلال فترة معينة، مع عدم وجود أي غرامات أو عقوبات أو أعباء إضافية؛ وبالتالي أوجدنا حلا كاملا سواء للنزاعات المبنية على تقديرات جُزافية، أو النزاعات المبنية على تقدير حدث فيه توافق بين الطرفين".

 وتابع الوزير: "أوجدنا نصًا مهمًا في القانون يؤكد أن الغرامات لا تتجاوز أصل الضريبة وبالتالي مثّل ذلك حافزا لنا كمصلحة ضرائب وهو أن نسرع الخطى من أجل الانتهاء من الملفات وعملية الفحص، وألا يكون هناك عبء كبير على المُمول وتراكم للغرامات بسبب طول المدة".

وأشار الوزير إلى أن القانون السابق كان يتضمن غرامات على التأخر في تنفيذ بعض الإجراءات مثل عدم تقديم الإقرارات في موعدها، أو في حالة لم يتم تقديم الإقرار، ولم يكن هناك فرق في درجة العقوبة، وما حدث في التعديل الجديد أنه تم إقرار تدرج في العقوبة بحيث تكون الغرامة مناسبة، حيث كانت المشكلة في الماضي هي أنه عند عرض قضية معينة على لجنة إنهاء المنازعات أو أمام القضاء، لم يكن لدى القاضي أو رئيس لجنة إنهاء المنازعات مساحة يتحرك فيها غير رقم محدد للعقوبة أو الغرامة. وأضاف أن مسألة تدرج العقوبة هي واحدة من ثلاثة إجراءات وعدنا بها ونعمل على تنفيذها.

وأشار أحمد كجوك إلى أن هذه هي الحزمة الأولى من التسهيلات الضريبية، ومن المُقرر أن يكون هناك أيضًا حزمة أولى من التسهيلات الضريبية العقارية تحمل نفس الفكر والمزايا التي تتمثل في التسهيل والتيسير وبناء الثقة والشراكة، ونحن على يقين بأن هذا سيعود بالنفع على الجميع، علينا وعلى المُمول وعلى الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن أحد أهم روافد الأفكار التي نعمل عليها تأتي من المجتمع الضريبي، موضحًا أنه من المُقرر أيضًا الإعلان عن عدد من التيسيرات الجمركية، بما يُسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي للدولة.
 

مقالات مشابهة

  • إعلام فلسطيني: مصابون بقصف إسرائيلي قرب مدخل الزوايدة وسط قطاع غزة
  • وزيرة المالية لـRue20: زيادة حصة الجماعات من مداخيل الضريبة على القيمة المضافة إجراء تاريخي
  • الرقابة المالية تطور إجراءات تعزيز حماية حسابات المتعاملين مع الشركات العاملة بمجال الأوراق المالية
  • الرقابة المالية تفرض ضوابط صارمة لحماية حسابات المستثمرين وتكثيف مكافحة غسل الأموال
  • الرقابة المالية تطور إجراءات تعزيز حماية حسابات المتعاملين مع الشركات
  • الحكومة تبحث مع البنك الدولي هيكلة المشاريع وزيادة المخصصات المالية لليمن في الدورة الجديدة
  • وزير المالية يستعرض المزايا الواردة بمشروعات قوانين حزمة التسهيلات الضريبية التي أقرتها الحكومة
  • وزير المالية يستعرض أهم المزايا الواردة بمشروعات قوانين حزمة التسهيلات الضريبية التي أقرتها الحكومة
  • وزير المالية: تخفيف الأعباء الضريبية على المشروعات التي تقل قيمتها عن 15 مليون جنيه
  • “المالية”: تعديلات على قانون الإجراءات الضريبية وقانون ضريبة القيمة المضافة بهدف دعم الفوترة الإلكترونية