عربي21:
2025-03-31@13:29:32 GMT

صاحب العصا.. ما أقوى التأثير وما أعظم الأثر!

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

التاريخ لا يهتم بالوقائع المادية كثيرا، أو هكذا يجب، وأن الموضوع الحقيقي لاهتمامه هو "الروح الإنسانية"، وعلى التاريخ الاهتداء إلى ما اعتقدته هذه "الروح"، وشعرت به، وفكرت فيه.

صاحب هذا التنظير العميق هو المؤرخ الفرنسي فيستيل دى كولانج (ت: 1889م)، والذي يعد من أوائل المؤرخين المحدثين الذين طرقوا ظاهرة "الإيمان" واهتموا بها، وقرأوا التاريخ ليس فقط بوصفه وقائع وأحداثا مضت وأنقضت، ولكن باعتباره النماذج الباقية الدائمة المستمرة من هذه الأحداث.

وله مقولة جديرة بالكثير من النظر يقول فيها: إن العقيدة تُفهم بوضوح أكثر في "أفعال" الإنسان، مما تٌفهم من "أفكاره".

هذا الرجل لم ير صاحب المشهد الكريم بـ"عصاه" التي يضرب بها "الطائرة المسيّرة"، لكنه رأى مثله من عظماء التاريخ كنماذج باقية ومستمرة من خلال هذا التاريخ ووقائعه، تموت أجسادهم وتنتهي أعمارهم، وتبقى "الروح" من بعدهم مستمرة وممتدة ومتسعة في تأثير أقوى وأثر أعظم مما كان منهم في الحياة، وهو مما عناه جبران خليل جبران (ت: 1931) بقوله لمن يعاديه أن الروح فينا جوهر لا يضام.

* * *

سيرة الرجل تقول إنه ليس هناك من هو أكثر دراسة وإلماما وفهما بتفكير سلطة الاحتلال منه، وفي أغلب الظن كان يعرف أن المسيّرة بها كاميرا تصور مشهده، وهو مقطوع الذراع الأيمن ويضرب بعصاه بالذراع الأيسر، وكأنه بأنوار سريرته كان يعلم أن هذه الصورة وهذا المشهد سيصل إلى أقاصي الدنيا، فصدرت منه تلك "الضربة" التي تحمل في حركتها ألف معنى ومعنى وألف رسالة ورسالة، وبما يفوق آلاف المرات مجرد التلويح بها. وسواء أكان بذلك يؤكد لأصحابه من بعده أن ما بدأناه سيستمر، أو كان يستدعي "الروح" المؤمنة التي تعي قوله سبحانه "ما استطعتم"، ويوقظها في نفوس ظنت ما لا يجب من الظن برب العالمين.

* * *

أيا ما كان الأمر فنحن أمام مشهد لا أدرى كيف مر من أمام أساتذة "صناع الصورة" في أوروبا وأمريكا، وأنا ممن يعتقدون بجزم ويقين أن هذه الحرب علينا (المفتوحة المتعددة) هي حرب أوروبا وأمريكا على الشرق المسلم، وإسرائيل ليست سوى "عصاهم" التي يضربوننا بها، وكل ما يقال عن الخلافات والتباينات بين إسرائيل وأمريكا وقادة أوروبا مجرد ضباب إعلامي فيه من السخف والسماجة ما يسد عين الشمس كما يقولون.

لكن العتب كل العتب على مثقفينا الذين يغنون وراءهم على تلك الألحان البائسة، والمسألة لا تحتاج منهم أكثر من قراءة بسيطة في لحظة "الميلاد الأولى"، لكن دعونا نستبشر من فيوض "طوفان الأقصى" ما يصحح ذلك وغيره، كما تتم الآن تصحيح "الرواية الكبرى" التي عاشوا عليها سبعين عاما كذبا وتضليلا.

* * *

كل شجاعة في المرء تُغني    ولا مِثل الشجاعة في الحكيم

البيت السابق للمتنبي (ت: 695م) يسبقه ثلاثة أبيات سنجد أنفسنا في "أشد الحاجة" للاقتراب منها هذه الأيام! تقول:

إذا غامرت في شرف مروم    فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير   كطعم الموت في أمر عظيم
يرى الجبنـاء أن الجبن عقـل   وتلك خديعة الطبع اللئيم

* * *

بعد مرور سنة و10 أيام من "طوفان الأقصى"، وبعد مرور 7 أعوام على انتخابه قائدا لحماس في غزة، وبعد مرور 13 عاما على خروجه من السجن الذي قضى فيه 23 سنة، وبعد مرور 62 عاما على ميلاده.. سينتقل إلى رحاب الله العلي الأعلى "يحيى السنوار"، الرجل الذي أصبح تاريخ شخص في تاريخ أمة، وتاريخ أمة في تاريخ شخص ساهم في بعث أمة.

* * *

عرفتُ الرجل عن قرب، من خلال روايته "الشوك والقرنفل"، التي حكى فيها حياته، وأيضا من خلال متابعته، لكني أكتشف أني لست وحدي..

* * *

أبيات المتنبي ستنطق في أعمق أعماق معانيها بـ"يحيي السنوار" الذي وجد نفسه في الحياة لا يقنع بأي شيء فيها، ولا يقتنع إلا بعدد قليل ممن فيها، فجعل لنفسه في تلك الحياة غاية تفوق الحياة وكل من فيها.

سيجدون مع مقتنياته مسبحة وكتاب أذكار ومسدس، الرجل كان يعيش بقدم هنا وقدم هناك!

* * *

لقد فعل الرجل في سنة واحدة ما عجزت كل "الأمة" عنه في سبعين عاما، والتاريخ يشهد، والتاريخ يكتب.

الرجل قال وفعل، ومهد الدرب، ووضع علاماته واتجاهاته، وانتقل في مشهد سيتحول إلى "تاريخ حي"، بل لقد تحول بالفعل.

وشاءت إرادة الله أن يكون الرجل زلزالا في "حياته" وزلزالا في "مماته"، كل أجهزة التخابر في الشرق والغرب وأمريكا عجزت عن الوصول إليه، ووصلت إليه فقط حين جاءه النداء فقال: "لبيك ربي"، وسنعرف بعدها أنه كان "يقاتل" تحت الأرض وفوق الأرض سنة بأكملها.

* * *

"ألا لله الدين الخالص".. صدق الله العظيم ومن أصدق من الله قيلا، فأي "نور" هذا كان في كل قول عمل.. وأي "إحسان" هذا لم يعرف شَكا ولا شِركا، وأي "صدق" هذا.. وأي "إخلاص" هذا.. لتكون أيام العمر كله ما كانت، وتكون ساعة الموت على ما كانت.. ما أقوى التأثير وما أعظم الأثر فعلا.

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة السنوار احتلال غزة السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة تفاعلي سياسة أفكار سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ما کان

إقرأ أيضاً:

بكري: صمود الفلسطينيين وإيمانهم بعدالة قضيتهم يجعلهم أقوى في مواجهة العدوان

كتب- حسن مرسي:

أكد الإعلامي مصطفى بكري أن الشعب الفلسطيني، رغم ما يتعرض له من حروب واعتداءات متكررة، يظل صامدًا متمسكًا بأرضه وحقوقه، مشيرًا إلى أن النضال الفلسطيني مستمر حتى تحقيق الحرية والاستقلال.

وخلال برنامج "حقائق وأسرار" عبر قناة "صدى البلد"، شدد بكري على أن القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية للعالم العربي، مؤكدًا أن محاولات تزييف الحقائق أو طمس الهوية لن تنجح، لأن كل فلسطيني يحمل في قلبه وعقله حب أرضه وتمسكه بها.

وأشار بكري إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة القتل والتدمير دون رحمة، مستهدفًا البشر والشجر وحتى الحيوانات، في محاولة لطمس الهوية الفلسطينية، إلا أن صمود الفلسطينيين وإيمانهم بعدالة قضيتهم يجعلهم أقوى في مواجهة العدوان.

وشدد مقدم "حقائق وأسرار" على أن إرادة الشعب الفلسطيني لن تنكسر، فالتاريخ أثبت أن الشعوب التي تؤمن بحقها وتتمسك به تنتصر في النهاية، وأن الاحتلال مهما طال، فهو زائل لا محالة، لأن الحق أقوى من أي قوة بطش.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

مصطفى بكري برنامج حقائق وأسرار صمود الشعب الفلسطيني القضية الفلسطينية النضال الفلسطيني

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة نشرة التوك شو| الأرصاد تحذر من موجة حارة والمفتي يدعو للثبات على الطاعة أخبار مصطفى بكري: "حدود مصر خط أحمر.. واللي يفكر يحط رجله في سيناء هنقطعهاله" أخبار نشرة التوك شو| حقيقة تهجير 500 ألف فلسطيني إلى سيناء واحتمالية تحول فيروس أخبار مصطفى بكري يعلق على ادعاءات تهجير 500 ألف فلسطيني إلى سيناء أخبار

إعلان

هَلَّ هِلاَلُهُ

المزيد دراما و تليفزيون استفتاء مصراوي 2025.. منافسة قوية بين علي البيلي وكريم الحرز على "أفضل طفل" جنة الصائم دعاء ليلة القدر مكتوب 29 رمضان.. أفضل الأدعية الواردة في آخر الليالي الوترية دراما و تليفزيون يشارك بمسلسلين في رمضان 2025.. من هو ضيف مقلب رامز جلال؟ جنة الصائم آخر وقت لزكاة الفطر.. خطيب المسجد النبوي يكشف عن اختلاف فقهي بين الإفتاء دراما و تليفزيون محمد فراج لـ"مصراوي": "منتهي الصلاحية" حدوتة وقضية.. وهناك أعمال تغير قوانين

إعلان

أخبار

بكري: صمود الفلسطينيين وإيمانهم بعدالة قضيتهم يجعلهم أقوى في مواجهة العدوان

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك دراما رمضان 2025.. صراع المشاهدات يشتعل بين "جوجل، السوشيال ميديا، والمنصات الرقمية" اختَر الأفضل في دراما رمضان 2025.. شارك في استفتاء "مصراوي" الآن أطواق نجاة ولافتات تحذيرية.. كيف استعدت شواطئ الإسكندرية لعيد الفطر؟ 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رمضانك مصراوي رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • مدرب الهلال السوداني: الأهلي أقوى فريق في أفريقيا
  • تامر حبيب يوجه رسالة للطفل يوسف في مسلسل لام شمسية: أعظم ممثل
  • سندات الأثر الإنساني.. نقلة نوعية في مبادرات تمويل المشروعات الخيرية
  • النصر الكاذب
  • المطوع: صيام الصيف أعظم أجرًا من صيام الشتاء.. فيديو
  • روضة الحاج: الروحُ عادت في العروقِ تحومُ مذ قيل لي: قد عادت الخرطومُ!
  • مصطفى حجي: تريم شخصيته أقوى من بلان
  • بكري: صمود الفلسطينيين وإيمانهم بعدالة قضيتهم يجعلهم أقوى في مواجهة العدوان
  • ياسر عزت: شخصيتي في «إش إش» مليئة بالتشويق وقدمت الروح الكوميدية في «أشغال شقة جدًّا»
  • عادل جمال: الهلال أعظم نادٍ في السعودية وآسيا.. فيديو