شهدت قرية السريحة بمحلية الكاملين في ولاية الجزيرة مجزرة مروعة يوم الجمعة، إذ شنت قوات الدعم السريع هجومًا أسفر عن مقتل 124 شخصًا وإصابة أكثر من 200 آخرين. ووفقًا لمصادر محلية، قامت القوات باستخدام أسلحة ثقيلة نصبت على المباني العالية، ما سمح بإطلاق نار عشوائي على المدنيين العزل. ويصف مراقبون هذا الهجوم بأنه من أكثر الأحداث دموية التي شهدتها المنطقة، مما يسلط الضوء على التدهور الحاد في الأوضاع الإنسانية في السودان.

حصيلة الضحايا ومصير المعتقلين

حسب بيان صادر عن مؤتمر الجزيرة، تم توثيق وفاة 124 شخصًا، مع إصابة أكثر من 200 آخرين. وتظل حصيلة الضحايا مرشحة للارتفاع في ظل استمرار البحث عن مفقودين. إضافةً إلى ذلك، تم اقتياد أكثر من 150 من سكان القرية إلى معتقلات في منطقة "كاب الجداد"، ما يثير قلقًا متزايدًا بشأن سلامتهم ومستقبلهم.

انتهاكات جسيمة تستدعي التدخل الدولي

طالبت منصة "نداء الوسط" المجتمع الدولي بتصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية على خلفية الجرائم المتكررة التي ترتكبها ضد المدنيين. وتؤكد تقارير حقوقية وقوع انتهاكات جسيمة، تشمل القتل الجماعي، التهجير القسري، والاعتداء على النساء وكبار السن، إلى جانب نهب الممتلكات وتدميرها بشكل ممنهج. وتأتي هذه الممارسات الانتقامية عقب انشقاق أحد قادة القوات البارزين في المنطقة، أبوعاقلة كيكل، وانضمامه إلى الجيش السوداني، مما أثار غضب قوات الدعم السريع.

تصاعد العنف في شرق الجزيرة وتحذير من "حرب أهلية"

من جانبه، أفاد المحلل السياسي السوداني محمد الأمين أبو زيد بأن مناطق شرق الجزيرة، خصوصًا في تمبول والسريحة ورفاعة، تشهد تزايدًا في العنف والانتهاكات بحق المدنيين.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن ما يحدث يذكر بالحملات الانتقامية التي عانى منها السودان في فترات سابقة، معتبرًا أن الصراع المستمر لأكثر من عام ونصف قد أدى إلى موجات من القتل والتشريد وتدهور الأوضاع الإنسانية.

وأكد أبو زيد أن تسليح الجيش للمدنيين دون تأهيل كافٍ يعرضهم لمخاطر جمة، ويحوّلهم إلى وقود للصراع، بينما تمارس قوات الدعم السريع عقوبات جماعية تطال مختلف الفئات، من النساء والأطفال إلى كبار السن.

وحذر من أن التجييش القبلي المتزايد يمثل تهديدًا للنسيج المجتمعي وقد يقود إلى حرب أهلية شاملة، معبرًا عن قلقه من صمت المجتمع الدولي تجاه هذه الجرائم.

دوافع مليشيا الدعم السريع وتعقيد الأزمة

وصف الدكتور كمال دفع الله بخيت، المحلل السياسي السوداني، الأوضاع المأساوية في ولاية الجزيرة بأنها جزء من مشهد سوداني معقد تهيمن عليه الصراعات على السلطة والنفوذ.

وأوضح بخيت في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن قوات الدعم السريع تسعى من خلال هذه الهجمات إلى الانتقام من السكان المحليين، وإضعاف أي دعم محتمل للقوات المسلحة، خاصة بعد الانتصارات الأخيرة للجيش في مناطق متعددة مثل جبل موية والخرطوم بحري والسوكي والدندر.

وأشار الدكتور بخيت إلى أن هذه العمليات قد تؤدي إلى زيادة الضغط على القوات المسلحة، مع محاولات الدعم السريع لتسليط أنظار المجتمع الدولي على الأزمة السودانية، وهو ما قد يفتح الباب أمام تدخلات أجنبية قد تعمق من تعقيد الأزمة، مضيفًا أن استخدام العنف والترويع لخلق أجواء من الفوضى هو أسلوب مُتعمد يهدف للتأثير على معنويات الشعب.


أكد المحلل السياسي السوداني في ختام تصريحاته على أن الوضع الراهن يتطلب استجابة شاملة من المجتمعين المحلي والدولي، موضحًا أن التعليم والتوعية، إلى جانب حماية المدنيين قانونيًا، هي وسائل أساسية للتعامل مع الأزمة.

كما شدد على أهمية الحوار الشفاف والبنّاء بين الأطراف السودانية كوسيلة فعّالة لخفض حدة الصراع وتحقيق الاستقرار والسلام.

ختامًا، تبرز هذه الأحداث مدى التحديات التي تواجه السودان حاليًا، وتوضح ضرورة التحرك الدولي لضمان حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للنازحين واللاجئين، وذلك في إطار الجهود الرامية لتحقيق السلام الدائم والأمن للشعب السوداني.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: السودان مجزرة السريحة الجيش السوداني أخبار السودان الدعم السريع

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يقترب من استرداد القصر الرئاسي .. قال إنه صدّ هجوماً كبيراً شنته «الدعم السريع» في شمال كردفان

اقترب الجيش السوداني من استرداد القصر الرئاسي في وسط الخرطوم، الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع» منذ بداية الحرب في أبريل (نيسان) 2023. وتتقدم قوات الجيش باتجاه القصر من عدة محاور، بينما استردّت قواته، المسماة «متحرك الصياد»، مدينة أم روابة؛ ثانية كبرى مدن ولاية شمال كردفان في غرب السودان. كما أعلن الجيش صد هجوم «قوات الدعم السريع» على مدينة أو روابة، الأربعاء، وألحق بها «خسائر فادحة»، وأن طيرانه الحربي «يلاحق القوات الهاربة».

ومنذ عدة أيام، يواصل الجيش هجماته على مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» في محاور مختلفة، حيث أحرز تقدماً سريعاً.

وقال شهود في الخرطوم إن قوات قادمة من مقر القيادة العامة للجيش تخوض قتالاً شرساً مع «قوات الدعم السريع»، وتتقدم في شارعَي «الجمهورية» و«الجامعة» باتجاه القصر الرئاسي الذي يبعد عن مقر قيادة الجيش نحو كيلومترين. وتوقعت مصادر أن يسترد الجيش القصر الرئاسي في وقت قريب، إذا واصل تقدمه بوتيرته الحالية.

ووفقاً لشهود ومنصات للتواصل الاجتماعي، فإن قوات الجيش دخلت حي «العزبة» في مدينة بحري، إحدى مدن العاصمة الثلاث، بعد أن استردت حي «دردوق» وحي «نبتة»، واقتربت من حي «الشقلة» في منطقة شرق النيل بمدينة بحري. كما حقق الجيش تقدماً في منطقة أم بدة بمدينة أم درمان.

تقاسم العاصمة المثلثة

ويتقاسم طرفا الحرب مناطق متداخلة في العاصمة المثلثة «الخرطوم الكبرى» التي تتكون من مدينة الخرطوم، ومدينة أم درمان، ومدينة بحري. وكان الجيش قد أعلن، يوم الأربعاء، بسط سيطرته على جسر «المك نمر» من جهة مدينة بحري، ويتقدم نحو وسط المدينة. لكن «قوات الدعم السريع» لا تزال تسيطر على أحياء كافوري، وكوبر، وشرق النيل، وسوبا، وغيرها، مع وجود جيوب مقاومة ببعض المناطق الأخرى.

وفي مدينة الخرطوم، استعاد الجيش سيطرته على أحياء الرميلة، والحلة الجديدة، وبعض أنحاء حي جبرة، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» على المنطقة الواقعة شرق مقر «القيادة العامة» للجيش وعلى مطار الخرطوم، وأحياء الصحافة والخرطوم 2، والخرطوم 3، وامتداد الدرجة الثالثة، وأركويت، والرياض، والطائف، والمنشية، والجريف، والبراري.

كما لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على الأحياء الجنوبية من مدينة الخرطوم، بما في ذلك السوق المركزية وأحياء السلمة، وسوبا، ومايو، وعد حسين، والكلاكلات، وتمتد سيطرته حتى شرق ضاحية جبل الأولياء.

وفي مدينة أم درمان، استطاع الجيش استرداد أجزاء كبيرة من المدينة، باستثناء جنوبها وغربها، بينما تبقت بعض أحياء محلية أم بدة، والسوق الشعبية، والمربعات، والشقلة، وصالحة، وتمتد جنوباً حتى ضاحية جبل الأولياء من جهة الغرب.

معارك الغرب

وفي ولاية شمال كردفان، ذكر شهود أيضاً أن قوات الجيش، القادمة من جهة الشرق باتجاه مدينة أم روابة، ثانية كبرى ولايات شمال كردفان، حققت تقدماً مكّنها من استرداد المدينة من سيطرة «قوات الدعم السريع». من جانبه، أعلن الجيش، على صفحته في منصة «فيسبوك»، أن قواته المدعومة بالطيران الحربي دحرت هجوماً كبيراً شنته «قوات الدعم السريع» على المدينة، يوم الأربعاء، وألحقت بها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، في معركةٍ استمرت أكثر من خمس ساعات.

وأضاف الجيش أن الطيران الحربي يلاحق ما تبقّى من «قوات الدعم السريع» الفارة، لكن هذه القوات الفارة «استهدفت أحياء المدينة وبعض مراكز الإيواء بالقصف المدفعي»، نتج عنه مقتل ثلاثة مواطنين وجرح ثمانية.

وتبعد مدينة أم روّابة عن العاصمة الخرطوم بنحو 300 كيلومتر، وهي مركز تجاري مهم وسوق كبيرة للحبوب الزيتية، كما أنها تُعد ملتقى طرق حديدية وبرية تربط ولايات غرب السودان وجنوب كردفان بالخرطوم وبميناء بورتسودان.

كمبالا: الشرق الأوسط: أحمد يونس  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يقترب من استرداد القصر الرئاسي .. قال إنه صدّ هجوماً كبيراً شنته «الدعم السريع» في شمال كردفان
  • الجيش السوداني يسيطر على أم روابة وسط مخاوف من انتهاكات بحق المدنيين
  • وضعية قوات الدعم السريع على الأرض في السودان وما التوقعات
  • اتهامات جديدة للجيش بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين في مدينة بحري
  • جلحة اول من ارتكب مجزرة في وسط السودان ولم يكن شهماً ولا رجلاً
  • الجيش السوداني يقترب من القصر الرئاسي وسط انسحابات مستمرة لقوات الدعـ ـم السريع
  • السودان: تصاعد انتهاكات الدعم السريع ضد النساء في ولاية الجزيرة
  • هجرة جماعية من عدة قرى حول الفاشر بعد تصاعد هجمات الدعم السريع
  • قوات الدعم السريع بالسودان تعلن مقتل القيادي البارز "جلحة"
  • السودان: مقتل قائد ميداني بارز بقوات الدعم السريع في معارك الخرطوم