هل التسبيح على اليد أفضل من السبحة لأن أعضاء الجسد تشهد على صاحبها يوم القيامة؟، سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية من خلال البث المباشر عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.

هل التسبيح على اليد أفضل من السبحة؟

التسبيح بالسبحة جائزٌ، بل ومندوبٌ إليه شرعًا؛ لأنه وسيلةٌ إلى ذكر الله تعالى، والوسائل لها أحكام المقاصد؛ فوسيلة المندوب مندوبة، وقد أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وورد عن الصحابة والتابعين من غير نكير، ولا عبرة بمن يدَّعي بِدْعِيَّتَهُ، ولا ينبغي الالتفات إلى هذه الأقوال التي لا سند لها من عقلٍ أو نقل.

نصت المذاهب الفقهية الأربعة على مشروعية اتخاذ السبحة والذكر بها، بل واستحباب ذلك: ففي المذهب الحنفي: قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (2/ 31، ط. دار الكتاب) في تقرير النبي صلى الله عليه وآله وسلم التسبيح بالحصا أو النوى: [فلم ينهها عن ذلك وإنما أرشدها إلى ما هو أيسر وأفضل ولو كان مكروها لبين لها ذلك ثم هذا الحديث ونحوه مما يشهد بأنه لا بأس باتخاذ السبحة المعروفة لإحصاء عدد الأذكار إذ لا تزيد السبحة على مضمون هذا الحديث إلا بضم النوى ونحوه في خيط ومثل هذا لا يظهر تأثيره في المنع فلا جرم إن نقل اتخاذها والعمل بها عن جماعة من الصوفية الأخيار وغيرهم اللهم إلا إذا ترتب عليها رياء وسمعة فلا كلام لنا فيه وهذا الحديث أيضًا يشهد لأفضلية هذا الذكر المخصوص على ذكر مجرد عن هذه الصيغة ولو تكرر يسيرًا] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار" (1/ 651، ط. دار الفكر): [(قوله لا بأس باتخاذ المسبحة) بكسر الميم: آلة التسبيح، ودليل الجواز: ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإسناد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى أَوْ حَصًى تُسَبِّحُ بِهِ فَقَالَ: «أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ؟ قولي: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ مِثْلَ ذَلِكَ»، فلم ينهها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، وإنما أرشدها إلى ما هو أيسر وأفضل ولو كان مكروها لبين لها ذلك، ولا تزيد السبحة على مضمون هذا الحديث إلا بضم النوى في خيط، ومثل ذلك لا يظهر تأثيره في المنع، فلا جرم أن نقل اتخاذها والعمل بها عن جماعة من الصوفية الأخيار وغيرهم؛ اللهم إلا إذا ترتب عليه رياء وسمعة فلا كلام لنا فيه] اهـ.

قال الشيخ الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 1601، ط. دار الفكر): [(وَبَيْنَ يَدَيْهَا) الواو للحال (نَوًى) جمع نواة وهي عظم التمر (أو حَصًى) شك من الراوي (تُسَبِّحُ) أي: المرأة (بِهِ) أي: بما ذكر من النوى أو الحصى، وهذا أصل صحيح لتجويز السبحة بتقريره صلى الله عليه وآله وسلم فإنه في معناها؛ إذ لا فرق بين المنظومة والمنثورة فيما يُعَدُّ به، ولا يُعْتَدُّ بقول مَن عَدَّها بدعة، وقد قال المشايخ: إنها سوط الشيطان] اهـ.

وفي المذهب المالكي: قال القاضي عياض المالكي في "الغنية" (1/ 180، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأخبرنا -يعني: الحافظ علي بن المشرف الأنماطي- رحمه الله، فيما كتبه لنا قال: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: سمعت أبا الحسن ابن المرتفق الصوفي يقول: سمعت أبا عمرو ابن علوان وقد رأيت في يده سبحة فقلت: يا أستاذ مع عظيم إشارتك وسَنِيِّ عبارتك وأنت مع السبحة! فقال لي: كذا رأيت الجنيد بن محمد وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه، فقال لي: كذا رأيت أستاذي بشر بن الحارث وفي يده سبحة، فسألته عما سألتني عنه، فقال لي: كذا رأيت عامر بن شعيب وفي يده سبحة، فسألته عما سألتني عنه، فقال لي: كذا رأيت أستاذي الحسن بن أبي الحسن البصري وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه، فقال لي: يا بني هذا شيء كنا استعملناه في البدايات ما كنا بالذي نتركه في النهايات، أحب أن أذكر الله تعالى بقلبي ويدي ولساني] اهـ.

وفي المذهب الشافعي: جاء في فتاوى الحافظ ابن الصلاح (01/ 400، ط. مكتبة العلوم والحكم، بيروت): [مسألة: هل يجوز للإنسان أن يسبح بسبحة خيطها حرير والخيط ثخين؟ فأجاب رضي الله عنه: لا يحرم ما ذكره في السبحة المذكورة والأولى إبداله بخيط آخر. والله أعلم] اهـ.


استخدام المسبحة في التسبيح ليس بدعة

بينما قال الشيخ أبو بكر الشافعي أحد علماء الأزهر الشريف ان استخدام المسبحة في التسبيح ليس بدعة ولكن يجب الانتباه لبعض الأمور فهي جائزة إذا خلا ذلك من الرياء والسمعة، وكانت سبيلا لضبط العدد لمن يلتبس عليه العدد, ولم تكن من باب التعبد ، ولم يأت دليل يمنع من السبحة بل ورد استعمالها عن جماعة من السلف كـ سعد ابن أبي وقاص وأبي الدرداء وجويرية .

وأضاف ردًا على سؤال :" ما حكم التسبيح والذكر بالمسبحة ، وهل هي بدعة ؟ " . قائلا : لا شك أن التسبيح باليد أفضل من التسبيح بالمسبحة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه وهو أنفع لقلب المسلم.

ولأن اليد تشهد لصاحبها يوم القيامة ففي الحديث «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالتَّقْدِيسِ، وَالتَّهْلِيلِ، وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ، مُسْتَنْطَقَاتٌ».

حكم استخدام المسبحة

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إن الله -سبحانه وتعالى- أمرنا بكثرة ذكره؛ فقال في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}، [ سورة الأحزاب: الآية41].

وأوضح أن المقصود بذكر الله -تعالى- في قوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} ما يشمل على التهليل والتحميد والتكبير، وغير ذلك من الأقوال والأفعال التي ترضيه -عز وجل-.

وأضاف أن المعني هو: " يا من آمنتم بالله حق الإيمان، أكثروا من التقرب إليه -تعالى- بما يرضيه، في كل أوقاتكم وأحوالكم؛ فإن ذكر الله -تعالى- هو طب النفوس ودواؤها، وهو عافية الأبدان وشفاؤها، به تطمئن القلوب، وتنشرح الصدور".

وبين أن التعبير بقوله: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} يشعر بأن من شأن المؤمن الصادق في إيمانه، أن يواظب على هذه الطاعة مواظبة تامة.

وذكر أن من الأحاديث التي وردت في الحض على الإكثار من ذكر الله، ما رواه الإمام أحمد عن أبى الدرداء -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق أي: الفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم» قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: «ذكر الله_ عز وجل_».

ونوه أن المسلم مأمور بأن يتبع شتى الطرق التي تُعينه على ذكر الله -عز وجل-؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والمسبحة من الأمور التي استحسنها المسلمون في زماننا المعاصر ولا يوجد فيها شيء من البدعة.

وتابع " لأن الفقهاء بيّنوا أن الوسائل تأخذ حكم الغايات، والمسبحة وسيلة، والغاية من استعمالها هي ذكر الله تعالى؛ فتأخذ حكم الذكر في هذه الحالة.

وأفاد أن المسبحة بهذا الشكل الموجود الآن في زماننا المعاصر لم تكن موجودة بهيئتها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما ورد ما يشبهها على حسب ما تعارف عليه الناس في زمانهم؛ فعن صَفِيَّةَ بنت حيي -رضي الله عنها- قالت: دَخَلَ عَلَيَّ -رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم- وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلَافِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهَا، فَقُلْتُ: لَقَدْ سَبَّحْتُ بِهَذِهِ، فَقَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَبَّحْتِ بِهِ» فَقُلْتُ: بَلَى عَلِّمْنِي، فَقَالَ: «قُولِي: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ»، أخرجه الترمذي.

وأبان " يستفاد من هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يُنكر على السيدة صفية ما فعلته من جمعها للنوى وتسبيحها به، فدل هذا على جواز اتخاذ كل ما من شأنه أن يُعين المسلم على ذكر الله -تعالى-".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التسبيح دار الإفتاء مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية النبی صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وسلم ى الله علیه وسلم هذا الحدیث الید أفضل ذکر الله الله عنه ى الله ع س ب ح ان

إقرأ أيضاً:

روشتة نبوية لعلاج الغضب في 3 خطوات

الغضب شعور طبيعي يمر به الإنسان، ولكنه إذا لم يتم التحكم فيه قد يؤدي إلى قرارات وسلوكيات مدمرة، في هذا السياق، تقدم السنة النبوية روشتة فعالة لعلاج الغضب من خلال خطوات واضحة وسهلة التطبيق، تستهدف تهدئة النفس والسيطرة على الانفعالات.

روشتة نبوية لعلاج الغضب في 3 خطوات

 

1. الاستعاذة بالله من الشيطان

أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بالله كأول إجراء عند الشعور بالغضب. في الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

"إذا غضب الرجل فقال: أعوذ بالله، سكن غضبه."

الاستعاذة تُذكِّر المسلم بأن الغضب من الشيطان، وأن اللجوء إلى الله يحميه من تأثيره ويهدئ من انفعالاته.

 

2. تغيير الوضعية الجسدية

من الوسائل الفعالة التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم لتخفيف حدة الغضب تغيير وضعية الشخص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

"إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع."

التغيير الجسدي يساهم في تهدئة النفس ويقلل من تأثير الغضب على العقل.

 

3. الوضوء

الغضب يُشبَّه بالنار، والوضوء بالماء الذي يطفئها. ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:

 

"إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلق من النار، وإنما تُطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ."

الوضوء لا يقتصر على تهدئة الغضب فقط، بل يضيف شعورًا بالنقاء الروحي والجسدي.

 

نتائج الروشتة النبوية

تطبيق هذه الخطوات الثلاث يساهم في تهذيب النفس وضبط الانفعالات. كما أنها تمثل جزءًا من السلوكيات الإسلامية التي تدعو إلى التحكم في النفس والإبقاء على التوازن النفسي، مما يحقق السلام الداخلي ويجنب الشخص المشكلات التي قد تنتج عن الغضب.

 

دعاء الغضب

1- « لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم».

2- « اللهم اجعل لي من كل ما أهمني و كربني من أمر دنياي و آخرتي فرجًا ومخرجًا وارزقني من حيث لا أحتسب واغفر لي ذنوبي وثبت رجاك في قلبي و اقطعه ممن سواك حتى لا أرجو أحدًا غيرك».

3- « يا من يكتفي من خلقه جميعًا ولا يكتفي منه أحد من خلقه يا أحد من لا أحد له انقطع الرجاء إلا منك أغثني، أغثني يا عزيز يا حميد يا ذا العرش المجيد أصرف عني شر كل جبار عنيد».

4- « اللهم إنك تعلم أني على إساءتي وظلمي وإسرافي أني لم أجعل لك ولدًا ولا ندًا ولا صاحبة ولا كفوًا فإن تعذب فأنا عبدك وإن تغفر فإنك العزيز الحكيم».

5- « اللهم إني أسألك يا من لا يشغله سمع عن سمع يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، اللهم أني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء».

6- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم.

 

مقالات مشابهة

  • روشتة نبوية لعلاج الغضب في 3 خطوات
  • آلة يوم القيامة أو اليد المميتة الروسية تثير الرعب في الغرب
  • هل الروح تموت أم لا.. الإفتاء توضح
  • كيفية إحسان الصلاة على سيدنا النبي عليه السلام
  • هل الأرواح تسجد تحت عرش الرحمن أثناء النوم كل ليلة إذا باتت طاهرة؟
  • مفتاح الجنة: عبادة بسيطة تقربك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • من الذي يعذب يوم القيامة الروح أم النفس.. الإفتاء تجيب
  • حكم تلحين القرآن وتصويره تصويرًا فنيًا
  • المراد بالسواد الأعظم في حديث: «فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ»
  • فضل صلاة الجمعة وأهميتها في حياة المسلم