الجبلاوي هى الشخصية الأكثر إثارة
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عقب نشر الحلقة السابعة عشر من رواية أولاد حارتنا بجريدة الأهرام فى عام ١٩٥٩، طالب رجال الأزهر بوقف نشرها بعد أن فسروها تفسيرات دينية لكن الأستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير جريدة الأهرام وقتئذ رفض وقف نشرها واستمر فى نشرها بعد أن دافع عنها، ولولاه لتوقف النشر فورًا.
وبالطبع بعد هذه الضجة بدأ الكثير يلتفت إلى ما تنشره الجريدة ومن هنا زادت طبعات جريدة الأهرام زيادة كبيرة جدا وأصبح هناك تيار قوى ضد هذا النشر وفى نفس الوقت كان هناك فضول من غالبية من سمع عن هذه الرواية فتابع نشرها ليعرف تفاصيل أكثر عنها.
وكان عندى سؤال مهم يدور في ذهنى بعد أن قرأت الرواية منذ أعوام مضت ولم أجد له إجابة حتى الآن رغم أننى قراءتها بعد ذلك أكثر من مرة وهو هل قصد أديب نوبل نجيب محفوظ بكتابة هذه الرواية أن يثير عاصفة عاتية وجدلا شديدا حوله ليلفت النَّظَرَ إلى كتاباته بعد أن توقف عنها خمس سنوات كاملة؟
لكن فى حواره مع الناقد الأدبي رجاء النقاش قدم رأيا حول ذلك بقوله:
ربما تكون «أولاد حارتنا» أكثر رواياتى إثارة للأزمات والجدل، وهذا الأمر لا يتفق مع حسن النية الذى كان وراء كتابتى لهذه الرواية.. واعترف بداية أننى اخترت أسماء الشخصيات موازية لأسماء الأنبياء، وجعلت من المجتمع انعكاسًا للكون، وكنت أريد بذلك أن تكون القصة الكونية غطاء للمحلية.. وبلغ من حسن نيتى أننى فكرت في كتابة مقدمة للرواية أشرح فيها وجهة نظرى، لأننى كنت أحسب أن من يقرأها سوف يقرأها قراءة صحيحة، ولم أقدر أن حسن النية عندى سوف ينتهى بوجود مفاتيح سهلة في أيدى الجماعات المتطرفة للطعن في الرواية وصاحبها.
كنت أظن أن الناس ستقرأ الرواية من منطلق هذه الرؤية الشاملة، وهل هذه الشخصيات التى تقدمها الرواية هى شخصيات خيرة أم شريرة؟ وهل تقوم بأدوار البطولة أم بأدوار ثانوية؟
فإذا كانت تلك الشخصيات خيرة، وتقوم بأدوار البطولة، فإن التفسير الموضوعى يؤكد أن مؤلفها ليس ضد الأنبياء، وليس لديه النية للإساءة إليهم..
وللأسف فوجئت بتفسيرات غريبة للرواية، فقد طابقوا بين الأنبياء وأبطال الرواية ودخلنا في جدل عقيم وصل إلى حد الإسفاف، ولم أحسب مطلقا أننى سوف أتعرض لشيء من ذلك عندما كتبت الرواية.
لكن الأكثر إثارة بالطبع هى شخصية الجبلاوي فى رواية أولاد حارتنا التى شهدت جدلا وسجالا طويلا بين الكثيرين هناك من يؤكد أنها ليست الذات الإلهية وأنها نص أدبى ومورث شعبى وهناك من يؤكد بأنه مقصود بها رغم رد أديب نوبل نجيب محفوظ على ذلك بقوله إن الجبلاوي يمثل الدين وعرفة يمثل العلم.
ولقد تم تقديم شخصية الجبلاوي فى رواية أولاد حارتنا بهذه السطور القليلة:
جدّنا هذا لغز من الألغاز..
عمَّر فوق ما يطمع إنسان أو يتصور حتى ضُرب المثل بطول عمره...
واعتزل في بيته لكبره منذ عهد بعيد، فلم يره منذ اعتزاله أحد...
وقصة اعتزاله وكبره مما يحير العقول، ولعل الخيال أو الأغراض قد اشتركت في إنشائها.
على أي حال كان يُدعى الجبلاوي وباسمه سُمِّيت حارتنا.. وهو صاحب أوقافها وكل قائم فوق أرضها..
سمعت مرة رجلًا يتحدث عنه فيقول: هو أصل حارتنا، وحارتنا أصل مصر أمّ الدنيا، عاش فيها وحده وهي خلاء خراب، ثم امتلكها بقوة ساعده وبمنزلته عند الوالي..
كان رجلًا لا يجود الزمان بمثله،وفتوة تهاب الوحوش ذِكره...
وسمعتُ آخر يقول عنه: كان فتوة حقًّا، ولكنه لم يكن كالفتوات الآخرين، فلم يفرض على أحد إتاوة، ولم يستكبر في الأرض، وكان بالضعفاء رحيمًا..
ثم جاء زمان فتناولته قِلة من الناس بكلام لا يليق بقدره ومكانته، وهكذا حال الدنيا..
وكنت وما زلت أجد الحديث عنه شائقًا لا يُمَلّ..
وكم دفعني ذاك إلى الطواف ببيته الكبير لعلي أفوز بنظرة منه ولكن دون جدوى. وكم وقفتُ أمام بابه الضخم أرنو إلى التمساح المحنَّط المركَّب أعلاه، وكم جلستُ في صحراء المقطَّم غير بعيد من سوره الكبير، فلا أرى إلا رءوس أشجار التوت والجميز والنخيل تكتنف البيت، ونوافذ مغلقة لا تنمُّ على أي أثر لحياة..
أليس من المُحزن أن يكون لنا جدّ مثل هذا الجدّ دون أن نراه أو يرانا؟
أليس من الغريب أن يختفي هو في هذا البيت الكبير المغلق وأن نعيش نحن في التراب...؟!
وإذا تساءلتَ عما صار به وبنا إلى هذا الحال سمعتَ من فورك القصص، وترددت على أذنيك أسماء أدهم وجبل ورفاعة وقاسم، ولن تظفر بما يبل الصدر أو يريح العقل.
قلت إن أحدًا لم يره منذ اعتزاله. ولم يكن هذا بذي بال عند أكثر الناس، فلم يهتموا منذ بادئ الأمر إلا بأوقافه وبشروطه العشرة التي كثُر القيل والقال عنها، ومن هنا وُلد النزاع في حارتنا منذ وُلدَت، ومضى خطره يستفحل بتعاقب الأجيال حتى اليوم، والغد.
وسوف اكتفى بهذه الأجزاء من رواية أولاد حارتنا.
الأسبوع المقبلة بإذن الله قراءة جديدة فى رواية الغواص.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأهرام أولاد حارتنا محمد حسنين هيكل روایة أولاد حارتنا بعد أن
إقرأ أيضاً:
اختبار بسيط للعين يكشف احتمال الإصابة بـ"انفصام الشخصية"
توصل فريق بحثي في سويسرا إلى أن مخاطر الإصابة بمرض انفصام الشخصية (الشيزوفرينيا) بسبب عوامل وراثية ترتبط بانخفاض سمك شبكية العين، مما يعزز الفرضية القائلة بأن صحة العين قد تكون مؤشرا مبكرا على التغيرات العقلية.
وأوضح فريق البحث من جامعة زيوريخ ومستشفى الطب النفسي الجامعي بالعاصمة السويسرية أن الشبكية، بوصفها جزءاً من الجهاز العصبي وامتدادا للمخ، يمكن أن تعكس أي تغييرات دماغية تصيب الإنسان.
واعتمد الباحثون على بيانات موسعة من بنك المعلومات الحيوية البريطاني "يو.كيه بيوبنك"، الذي يضم معلومات صحية تخص أكثر من نصف مليون شخص، حيث أظهرت النتائج وجود صلة بين انخفاض سمك الشبكية وزيادة احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية.
ومع ذلك، أكد الباحثون أن هذا الارتباط لا يظهر إلا عبر دراسات كبيرة النطاق.
وأشار الفريق إلى أن اختبار "التصوير المقطعي للترابط البصري"، وهو نوع من التصوير بالموجات فوق الصوتية للعين، يمكن أن يكشف عن سمك الشبكية خلال دقائق معدودة، مما يجعله وسيلة سهلة لرصد العلامات المبكرة المحتملة للإصابة، مقارنة بالاختبارات المعقدة التي تجرى على المخ.
كما توصلت الدراسة إلى أن الالتهابات الوراثية التي قد تصيب المخ، قد تؤدي إلى تغييرات في شبكية العين، وهي عوامل قد تسهم أيضا في تفاقم أعراض انفصام الشخصية.
وفي تصريحات لموقع "سايتيك ديلي"، قال الباحث فين رابي، رئيس فريق الدراسة من جامعة زيوريخ: "إذا ما تأكدت صحة هذه الفرضية، فقد نتمكن مستقبلا من التدخل طبيا لعلاج هذه الالتهابات، مما قد يحسن فرص علاج مرضى انفصام الشخصية"، وهو من الأمراض النفسية الخطيرة التي تؤدي إلى اختلال نظرة المريض إلى الواقع.