خلفية الانحياز الأمريكي الكامل لكيان العدو الإسرائيلي (2-3)
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
| تقرير | أحمد الديلمي :
علمنا مُسبقاً أن العلاقة بين اليهود والنصارى كانت فيما مضى علاقة عِداء وصراع وانتقام متبادل، فما الذي تغير حتى أصبحنا نرى كثيراً من النصارى اليوم (وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا وفرنسا…إلخ) يتعاونون مع اليهود، ويمدونهم بألوان المساعدات، ويمكنونهم من الاستيلاء على فلسطين كما هو مشاهد؟ والسؤال الآخر هو: كيف انقلبت العداوة إلى صداقة وتعاون بعد أن كان اليهود في نظر المسيحيين مارقون، ومفسدون يجب استئصالهم واضطهادهم؟!
اليهود والنصارى: من العِداء إلى الصداقة والولاء
إزاء هذه العداوة الشديدة والعنيفة، خصوصاً وأن اليهود يزعمون أنهم شعب الله المختار، فقد فكروا جديًّا بالتخلص من تلك العداوة التي تقف أمام الكثير من مخططاتهم، خصوصاً وأن أوروبا كانت تعاني من الطغيان الكنسي بكافة ألوانه، وبفعل مكرهم العظيم، فقد سلكوا في ذلك خطوات عديدة منها: تظاهر كثيرٍ من حاخاماتهم وعلمائهم بالدخول في النصرانية، وإحداث الثورات ضد الكنيسة، أو استغلالها إذا قام بها غيرهم، ومن ذلك ما قام به «مارتن لوثر» ضد الكنيسة الغربية الكاثوليكية في مطلع القرن السادس عشر الميلادي.
وعندما ظهر المذهب البروتستانتي على يد «مارتن لوثر»، في القرن السادس عشر انقلبت الأمور رأساً على عقب، فقد حصل اليهود على نتائج مهمة، واستغلوا الفرصة التي أتاحتها لهم الثورة ضد الكنيسة التي قام بها «مارتن لوثر»، ومن تلك النتائج التي حقَّقها اليهود من وراء مخططاتهم: كسر حدة العِداء لليهود عند الأوربيين، وتمكن اليهود من إحياء التحالف اليهودي النصراني مرة أخرى ضد الإسلام. وبلغت الخطة ذروة التوحد بعد قرار المجمع الماسوني الذي ينص على تبرئة اليهود من دم المسيح (عليه السلام)، والذي كان يهدف إلى محو كل أثر عدائي مسيحي لليهود، وبالتالي إيجاد كتلة يهودية نصرانية واحدة لمجابهة الإسلام.
وفي هذا الصدد، يقول الشهيد القائد: “…فنحن نسمع اليوم من يقولون عن اليهود: إن الذي جعل اليهود على هذا النحو: يتعاملون مع الأمة بهذه القسوة هو ثقافتهم، تأثر بثقافتهم، تلك الثقافة التي عمرها قرون طويلة قد لا تقل عن ثلاثة آلاف سنة. فعندما تسمع محللين من هذا النوع يقولون لك: إن تلك الثقافة قبل قرون من الزمن هي التي جعلت اليهود على هذا النحو في نظرتهم للبشرية، في تعاملهم مع الأمم، في انزوائهم على أنفسهم بأرواح شريرة، بقسوة بالغة، بنظرة ملؤها الحقد والكراهية للبشرية، وبالذات للمسلمين إنما ذلك نتيجة انحراف حدث قبل قرون.
لأن ما هم عليه الآن ليس امتداداً لشريعة موسى في أصلها، في جوهرها، في حقيقتها، ولا تطبيقاً لشريعة عيسى بالنسبة للمسيحيين في أصلها، وجوهرها، وحقيقتها، وما تدعو إليه، لا يمكن لدين من أديان الله سبحانه وتعالى أن يكون أثره في أمة من الأمم على هذا النحو الذي نرى عليه اليهود اليوم، على هذا النحو الذي نرى عليه النصارى اليوم. إذاً فالكل متفقون، بل لقد سمعنا بعض المحللين من قساوسة المسيحيين يقول: إنما جعل المسيحيين على هذا النحو هو تأثر بثقافة يهودية اخترقت صفوف المسيحيين. فقال: [لدينا مسيحيين يهود، وأنتم عندكم – قال – مسلمين يهود، لكنكم لا تجرءون على أن تقولوا هذا، فكما لدينا مسيحيين يهود أنتم لديكم أيضاً مسلمين يهود]. لأن اليهود اشتغلوا عملوا في الخطين: داخل المسيحيين من قبل, وداخل هذه الأمة وما زالوا يعملون على هذا النحو إلى اليوم”.
ويؤكد الشهيد القائد بالقول: “ما من حق الإنسان أن يتكلم؟ لكن هذا، مع أنه عبارات: [الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل] هل فيها سب؟ ما فيها سب، أليس هذا صحيحًا؟ فيه [اللعنة على اليهود] اللعنة على اليهود، الأمريكيون لا يظهرون أنهم يهود، واليهود أساسًا هم ملعونين عند الكل، يوجد الكثير يكرهونهم مننا، ومن النصارى يكرهونهم، لكن هم قد تغلبوا على النصارى وهم يثقفونهم، مثلما يتجهون إلينا يثقفوننا، وقد هم يحولون النصارى إلى صهاينة يشتغلوا معهم، تعرفون بأنهم قد بيحولوا النصارى إلى صهاينة؟ قد هو يهودي في قالب نصراني، مثل الآن، يحولوه يهودي وشكله مسلم، هم هكذا يعملون”. ويضيف بالقول: “…لكن اليهود عندهم خبرة، عندهم خبرة مئات السنين من قبل جربوا مع المسيحيين، ومن قبل عندهم خبرات في مسألة التحريف، مسألة التضليل، كيف يقدم بشكل مصبوغ بصبغة دينية”.
حقيقة الخُبث والمكر اليهودي وسعيهم لتطويع النصارى لمصلحتهم
في ضوء ما سبق، يمكن تناول حقيقة الخُبث والمكر اليهودي وسعيهم لتطويع النصارى لمصلحتهم من خلال معرفة التحولات الكبرى التي شهدتها أوروبا في مطلع القرن السادس عشر، والانشقاق الديني والسياسي الكبير بين معتنقي الكاثوليكية المسيحية، والخروج على الباباوية والذي مهد الطريق لظهور التيار البروتستانتي وثورته على الكنيسة في تلك الحقبة.
وتشير بعض الدراسات إلى أن «مارتن لوثر» قام بتعليق احتجاج صارخ على باب كنيسة مدينة فيتنبرج في 31 أكتوبر 1517 تضمن 95 نقطة، وقام بتعليقه على الباب الرئيسي لكنيسة قصر “وتنبرغ”، وذلك لكثرة حضور المدعوين للاحتفال بعيد “جميع القدّيسين”. وسميت هذه الحركة الاحتجاجية أو الإصلاحية بقيادة «مارتن لوثر» بـ(البروتستانت)، وتعني لغويًا الاحتجاج والاعتراض. وتعد البروتستانتية أحد مذاهب وأشكال الإيمان في الفكر والشريعة المسيحية، تعود أصول المذهب إلى الحركة الإصلاحية التي قامت في القرن السادس عشر، هدفها إصلاح الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا الغربية، وهي اليوم واحدة من الانقسامات الرئيسية في العالم المسيحي جنبًا إلى جنب الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية.
وكان أخطر ما حملته مطالب «لوثر» دعوته للعودة إلى كتاب التوراة العبرانية القديمة باعتبار العبرية هي كلام الله، وإعادة قراءة التوراة بطريقة جديدة، بالإضافة إلى اعتماد الطقوس اليهودية في الصلاة عوضاً عن الطقوس الكاثوليكية المعقدة.
وعمل «لوثر» على استمالة بعض اليهود الذين كان لهم نفوذ كبير في المجتمع عن طريق التأكيد على أن مذهبه الجديد يعيد الاعتبار لليهود الذين كانوا يعانون من ازدراء الكنيسة الكاثوليكية، وأصدر «لوثر» عام 1523، كتابه الشهير «عيسى ولد يهوديًا»، الذي جسد حقيقة التحول الجذري في العلاقة بين اليهود ومجتمعاتهم المسيحية، حيث جاء في الكتاب: (إن الروح القدس شاءت أن تتنـزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم، وأن اليهود هم أبناء الرب ونحن الضيوف والغرباء، وعلينا أن نرضى بأن نكون الكلاب التي تأكل ما يسقط من فتات مائدة أسيادها).
كذلك دعا «لوثر» إلى اعتبار «العهد القديم» مركز العقيدة الجديدة، وأساس الدعوة البروتستانتية، وحث أتباعه على تعلم اللغة العبرية؛ لفهم تعاليم التوراة وشروحاتها، كما أكد على أهمية إحياء التراث والثقافة اليهودية، وقام بترجمة التوراة إلى اللغة الألمانية ليقرأه عامة الناس والمتدينون على السواء، ولا يكون حكرًا على رجال الدين.
أثر البروتستانتية في تغيير طبيعة العلاقة بين اليهود والنصارى:
اعتبرت دعوة «لوثر» تلك انقلابًا على موقف الكنيسة الكاثوليكية التي كانت تنظر لليهود على أنهم حملة لدم المسيح عيسى بعدما صلبوه، حيث دأبت الكنيسة الكاثوليكية على تحميل اليهود المسؤولية الكاملة عن مقتل المسيح، وكان لحركة الإصلاح الديني “البروتستانتية” أثر كبير في إحداث تغيير في طبيعة العلاقة بين اليهود والنصارى.
وجاءت البروتستانتية وشكلت مسار التغيير في كل ما سبق، فانقلبت الأمور إلى اتجاه معاكس تمامًا لما كانت عليه المسيحية قبل عصور الإصلاح الديني، فحصل اليهود من حركة الإصلاح الديني على ما لم يكونوا يحلمون به، حيث أن رياح التغيير في الموقف المسيحي تجاه اليهود بدأت تهب منذ ظهور الحركة الإصلاحية البروتستانتية في القرن السادس عشر، حين أطاحت هذه الحركة بحق الكنيسة في احتكار تفسير الكتاب المقدس وتحديد الرؤية المسيحية الفكرية، وبذلك تم إحياء النص التوراتي وبدأ التفسير الحرفي للنصوص المتعلقة باليهود يحل محل التأويلات والتفسيرات التي تبنتها الكنيسة الكاثوليكية الأم، وبدأت النظرة إلى اليهود تتغير تدريجيًا.
واعتمد هذا التغير على المبدأ الذي نادى به «لوثر» وهو إلغاء احتكار الكنيسة ورجال الدين حق تفسير الكتاب المقدس، ودعوته الشعب أن يتعامل مباشرة مع الكتاب، وجعله المصدر الوحيد للمسيحية، باعتباره مصدر المسيحية النقية، وبذلك جاءت البروتستانتية بفكرة إقامة الحقيقة الدينية على أساس الفهم الشخصي دون فرض قيود على التفسيرات التوراتية، فكان كل بروتستانتي حرًا في دراسة الكتاب المقدس، واستنتاج معنى النصوص التوراتية بشكل فردي، وهكذا أصبح التأويل الحرفي البسيط هو الأسلوب الجديد في التفسير بعد أن هجر المصلحون البروتستانت الأساليب التقليدية الرمزية والمجازية.
وممَّا دعم ذلك تأكيد «مارتن لوثر» على ضرورة دراسة اللغة العبرية وذلك كمقدمةٍ لفهمٍ صحيحٍ للكتابِ المقدّس بعهديه القديم والجديد، وعلا شأن اللغة العبرية على اعتبار أنها اللسان المقدَّس الذي تكلَّم به الله مع الإنسان، وأقبل الناس على دراسة نصوص العهد القديم بالعبرية، وأصبحت العبرية مسألة ثقافةٍ واسعةٍ، بالإضافة إلى أنها مسألة دين، وأقبل الناس على قراءة كتاب العهد القديم بلغته الأصلية.
وتفسر الباحثة «غريس هالسل» هذا التغيير بقولها: “حركة الإصلاح استطاعت أن تحول العديد من المسيحيين من كراهية اليهودية واليهود إلى نوع آخر من التمييز يدعى السامية الفلسفية التي تدعو إلى اعتبار اليهود الشركاء (المحبوبين) ليس لأنهم يهود ويمارسون اليهودية، ولكن لأن لهم دورٌ في خلاص المسيحيين”.
ممَّا سبق، يتضح كيف كان لحركة الإصلاح الديني “البروتستانت” الدور الأكبر والأساسي لتحويل مسار العلاقة بين اليهود والنصارى من صراع دموي إلى تحالف استراتيجي آثم اعُتبر المسلمون في نظره -رغم إيمانهم بالمسيح- أعداءً للمسيحية، وانقلبت النظرة بالنسبة لليهود الذين حاربوا المسيح وكذبوه وصلبوه–كما زعموا- فأصبحوا هم الحلفاء والأصدقاء والسادة!! والعجيب أن تنتشر هذه الدعوة في دول عديدة من دول أوروبا وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي أخذت على عاتقها مناصرة اليهود، من خلال معتقداتها الإصلاحية الأصولية المسيحية اليهودية.
تسرب الأدبيات اليهودية إلى العقيدة والفكر المسيحي:
مع بداية حركة الإصلاح الديني في أوروبا في القرن السادس عشر، علي يد «مارتن لوثر»، ولما اعتمد البروتستانت على الكتاب المقدس (العهد القديم كأصل)، وآمنوا بوجوب التعامل الفردي المباشر مع نصوصه تاركين الأساليب المجازية التقليدية في تفسير هذه النصوص كان أول ما يفتحونه العهد القديم فتقع أعينهم على التنبؤات والوعود اليهودية فيفهمونها بحرفيتها دون تأويل ويعتقدون مضمونها.
وقد تولدت عن هذا نظرة جديدة عن اليهود حاضراً وماضياً ومستقبلاً، ونتج ما يلي:
أصبح العهد القديم المرجع الأعلى لفهم العقيدة المسيحية وبلورتها. اعتبرت اللغة العبرية هي اللغة المعتمدة للدراسة الدينية.وهاتين النتيجتين اللتين أفرزتهما حركة الإصلاح، تعدان نقلةً ذات أهمية في تاريخ اليهود، كما تعد نقلة ذات أهمية أيضاً في تاريخ العلاقة بين اليهود والنصارى، وهكذا تسربت الأدبيات اليهودية إلى صميم العقيدة والفكر المسيحي، كما يوضح ذلك الباحث «الخراشي»، إذ إن تأثيرات الفكر التوراتي في العقيدة المسيحية الصهيونية تدور حول أمور ثلاثة:
الأمر الأول: هو أن اليهود هم شعب الله المختار، وأنهم يكونون بذلك الأمَّة المفضلة على كل الأمم. الأمر الثاني: هو أن ثمة ميثاقٌ إلهيٌ يربط اليهود بالأرض المُقدسة في فلسطين، وأن هذا الميثاق الذي أعطاه الله للنبي إبراهيم “عليه السلام” هو ميثاق سرمدي حتى قيام الساعة. الأمر الثالث: هو ربط الإيمان المسيحي بعودة السيد المسيح بقيام دولة صهيون، أي بإعادة وتجميع اليهود في فلسطين حتى يظهر المسيح فيهم.وآمن البروتستانت أن مساعدة اليهود لتحقيق هذه الغاية، وقيام دولة صهيون، أمر يريده الله؛ لأنه يعجل بمجيء المسيح الذي يحمل معه الخلاص والسلام، وساد الاعتقاد أن النصارى المخلصين سوف يعيشون مع المسيح في فلسطين ألف سنة في رغد وسلام قبل يوم القيامة طبقًا لبعض التفسيرات الحرفية لسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي. وهكذا ظهر اتجاه جديد في المسيحية يوجب على المسيحيين التدخل البشري لتحقيق وعود يهودية واردة في التوراة، كما قام هذا الاتجاه الهائل بدعم اليهود والدعوة إلى قيام كيان لهم في فلسطين.
أكذوبة شعب الله المختار:
شهد العصر الحديث، وعلى فترات كثيرة أكاذيب لا يستطيع المرء مِنا أن يتركها دون أن يتحدث عنها، مفنداً لها، كاشفا لزيفها، ومن أشهر الأكاذيب أن اليهود يقولون عن أنفسهم إنهم «شعب الله المختار»، يقول الشهيد القائد/السيد حسين بدر الدين الحوثي: “اليهود يقولون: بأنهم شعب الله المختار، وأنهم هم الناس الحقيقيون وأن الآخرين من البشر ليسوا أناس حقيقيين. هكذا يقولون، قالوا: نحن لسنا بشرًا حقيقيين، نحن خلقنا الله لخدمتهم وإنما خلقنا في صورة بشر من أجل أن ننسجم معهم وأن نؤدي خدمتهم على شكل أفضل. هكذا يقولون”. ويؤكد بالقول: “يُقال عن اليهود إنهم يقولون: [أنهم شعب الله المختار، وأن بقية الناس ليسوا بشرًا حقيقيين وإنما خلقهم الله بشكل بشر ليكونوا مسخرين في خدمة اليهود، وليكن اللائق بهم أن يخدموهم] هكذا يقولون، وهكذا صدَّق الآخرون هذه المقولة”.
ويزعم اليهود أن الله سبحانه وتعالى ميّزهم عن الناس طبقاً لما تقوله نصوص التوراة المتداولة المُحَّرفة، إذ يعتمد اليهود في ترويج الأكذوبة الفاضحة من أنهم «شعب الله المختار» على عدة نصوص في التوراة المتداولة المُحَّرفة.
وفي هذا الصدد، يقول الشهيد القائد: “في آية هنا أيضاً لها علاقة بموضوع بني إسرائيل قول الله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمران: الآية 93) يبين بأنه حصل فيما بعد تحريم على بني إسرائيل لأشياء هي مما كانت حلالاً سابقاً كعقوبة عليهم. يبين هنا كيف كان التعامل من جهة بني إسرائيل مع التوراة وهذه فيها ما يكشف بأنهم كانوا يخفون التوراة وينطلقون هم بديلاً عن التوراة، ما يقدمونه هم، ما يفسرونه هم، ما يكتبونه هم؛ لهذا قال: {قل فأتوا بالتوراة} (آل عمران من الآية: 93) هاتوها، أليست هذه فيها – مثلما تقول – أشبه شيء بتحدي؟ هاتوا التوراة {فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمران من الآية: 93) فيذكرون محرمات معينة حول موضوع محرمات وما محرمات دعاوى هي مخالفة للواقع ومخالفة لما هو في التوراة مكتوب. إذاً فهي كانت قضية ثابتة لديهم أو تعامل قائم لديهم: إخفاء التوراة، كما قال الله عنهم في آية أخرى: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً} (الأنعام من الآية: 91) وتخفون كثيراً لهذا لا نعرف الآن أن هناك التوراة ما تزال موجودة ما نعرفه من خلال ما يسمونه: [العهد القديم] تجد أنه ليس التوراة.
يوجد داخله مما يمكن أن يكون من التوراة، أما أن يكون هو التوراة التي أنزلت على موسى هذا غير صحيح ولهذا يغلط البعض عندما يتحدث عن كتب [العهد القديم] ويسميها التوراة، من كُتَّاب مسلمين، أو بعض العلماء المسلمين أنفسهم يقولون: التوراة، والتوراة. لا، هذه كتب ثانية يسمونها: [كتب العهد القديم] على أساس أن مجموعة منها هي التوراة والباقي كتب أخرى مما أنزلت على أنبياء آخرين مجموعة، عدد كبير لكن كلها فيها لعبة، كلها فيها لعبة مكشوفة، بل داخلها نصوص فعلاً من بعض أنبيائهم يصرحون فيها وهم يخاطبونهم بأنهم يحرفون، بأنهم يحرفون الكتب، يعني: شهادة من داخل الكتب على بني إسرائيل من بعض أنبيائهم لا أذكر بالتحديد من هو، إنهم يحرفون الكتب وإن أقلام الكتبة حرفت كتب الله.
فيمكن في مثل هذه {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ} (آل عمران من الآية: 93) فيما إذا كان لا يزال هناك بقايا نسخ نادرة أو فيما هو داخل الحاصل لديهم ما يزال هناك نصوص قد تكون في قضية معينة ما تزال قائمة فيها نصوص تشهد على كذبهم فيما يقدمونه لكن ربما قد يكون الأظهر بأنه التوراة بهذا الاسم، بهذا الاسم إنما تطلق على كتاب الله الذي نزله دون زيادة ولا نقصان لا يعد ممكناً أن يسمي كتباً كتبوها من عندهم وحرفوا فيها أن يسميها التوراة!!.
إذاً فيما نعرف الآن لا يوجد توراة. يوجد كتب عهد قديم ليست هي التوراة، فيها فقرات من التوراة فقط فربما في ذلك العصر أن يكون عند بعض منهم من التوراة، خاصة وأن اليهود الذين كانوا في الجزيرة كانوا بمنأى عن كثير من الهجوم الذي كان يحصل على بني إسرائيل هناك في بلاد الشام، في فلسطين كان يأتي هجوم عليهم، أعني: في حالات كثيرة أحياناً من قِبل البابليين وأحياناً من قِبل المصريين، وأحياناً من قبل الفلسطينيين الذين هم الآن اسمهم الفلسطينيون، ربما تعاملوا مع التوراة على هذه الطريقة: إخفاء، إخفاء حتى ضاعت، ولهذا يحتمل أنه قد يكون هناك نسخ نادرة من التوراة موجودة في ذلك العصر مع اليهود الذين في الجزيرة الذين كانوا بمنأى عن ما كان يحصل من حروب ونهب، وكان يأتي أحياناً إحراق لكتبهم على أيدي البابليين أو المصريين.
وممكن أيضاً فيما يتعلق بالآية هذه أن يكون فيها ما يفضحهم بأنه لم يعد هناك شيء توراة {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمران من الآية: 93) أنه يوجد توراة، وما يزال عندكم التوراة، وأشياء من هذه. وهذا محتمل أيضاً فيكون الواقع إن ما هناك شيء في الصورة، لا يوجد شيء مما يبدونها هي نفس التوراة. إما لأنها قد أصبحت مفقودة تماماً ويكون في هذا ما يفضحهم، أو يكونوا متكتمين عليها، نادرة ومتكتمين عليها تماماً ففيها فضيحة لهم بأي اعتبار من الاعتبارات هذه. {فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (آل عمران: الآية 94- 95) ما أخبر الله به هو الصدق هو قال: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ}(آل عمران: من الآية 93) أليس هذا من جهة الله؟! عندما يقولون كلاماً آخر هنا أرشد إلى أن يوقفهم على ما يبين كذبهم {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمران: من الآية 93) فإذا لم يأتوا بشيء، قل: صدق الله. فُضِحوا فعلاً. ثبت بأنه لو كان عندهم ما يشهد من التوراة نفسها على صحة ما قالوه هم في موضوع حول ما كان محرماً وما كان حلالاً من طعام على إسرائيل أومن بعد إسرائيل أنه ماذا؟ لجاؤا بالتوراة… لأبدوها”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الکنیسة الکاثولیکیة فی القرن السادس عشر اللغة العبریة الکتاب المقدس الشهید القائد على هذا النحو العهد القدیم بنی إسرائیل من التوراة مارتن لوثر الذین کان فی فلسطین أن الیهود الیهود من إ س رائیل أن یکون ما کان على أن من قبل
إقرأ أيضاً:
جيش العدوّ يرفع العلم الإسرائيلي عند مدخل الناقورة الرئيسي
يستمر العدوّ الاسرائيلي في استباحته واعتداءاته للأراضي اللبنانية الجنوبية، حيث اقدم جيش العدوّ على رفع العلم الإسرائيلي على تلة في منطقة إسكندرونا بين بلدتي البياضة والناقورة المشرفة على الساحل عند مدخل بلدة الناقورة الرئيسي.