صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-03@19:19:36 GMT

لعنة «كيكل» وتقسيم السودان

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

لعنة «كيكل» وتقسيم السودان

 

لعنة «كيكل» وتقسيم السودان

فيصل محمد صالح

دخلت الحرب في السودان مرحلة جديدة من العنف والقتل على الهوية، وانتقلت لمرحلة الاستنفار القبلي والاستنفار المضاد، وتحقق ما كان يتخوف منه معارضو الحرب منذ البداية، أن تتحول حرباً أهلية شاملة بين المجموعات القبلية والإثنية المختلفة، تتخفى وراءها المطامع السياسية والسلطوية لبعض المجموعات السياسية.

فقد شهدت منطقة سهل البطانة، شرق الجزيرة، عمليات قتل وتهجير ونهب وسلب طالت معظم القرى والمدن الصغيرة في هذه المنطقة، بعد انشقاق ابن المنطقة أبو عاقلة كيكل من «قوات الدعم السريع» وإعلان انضمامه إلى الجيش. ويبدو أن كل الأطراف المتورطة في الصراع لم تحسب خطواتها جيداً، ولم تستعد لهذه الخطوة، فقط أعلن جانب الجيش انشقاق «كيكل» عن «قوات الدعم السريع» وسط هياج إعلامي كبير، ثم اتضح أن الرجل الذي كان قائداً للمنطقة قد جاء بثلاث سيارات ومجموعة من حراسه، وترك باقي المنطقة لانتقام «قوات الدعم السريع».

ما أن تم الإعلان عن ذلك ودخول قوات الجيش لمدينة «تمبول» أكبر مدن المنطقة، حتى هاجمتها «قوات الدعم السريع» وطردت قوات الجيش، ثم نكّلت بالمواطنين المدنيين الذين احتفلوا بما ظنوه انتصاراً للجيش، في حين ظل الطيران الحكومي يقصف المواطنين بلا هدف وقتل العشرات منهم، بينما تكفلت «قوات الدعم السريع» بقتل وإصابة المئات وتهجيرهم من مناطقهم.

شنَّت «قوات الدعم السريع» حملة انتقام وترويع ضد كل سكان المنطقة وقراها المتعددة رداً على انشقاق وهروب «كيكل»، وصار كل المنتمين إلى قبائل المنطقة، خصوصاً قبيلة «الشكرية» هدفاً لهجماتها التتارية، وانتظم أبناء المنطقة في استنفار قبلي مضاد للدفاع عن أهاليهم، وبدا أن الجيش يفضّل دعم هذا الحشد القبلي ومساندته بخطابات التعبئة والتهييج بدلاً من دخوله في مواجهات مباشرة مع «الدعم السريع»، وتوفير قوته لجبهة سنار والنيل الأزرق التي حقق فيها نجاحات في مدن الدندر والسوكي التي استلمها من «قوات الدعم السريع».

أسئلة كثيرة تدور في الأذهان: لماذا لم يتحسب الجيش لنتائج انشقاق «كيكل» وانعكاسات ذلك على سكان المنطقة، ولم يضع أي خطة أو تصورات لردود فعل «قوات الدعم السريع» على ذلك…؟ لماذا جاء انشقاق «كيكل» وكأنه مجرد زوبعة إعلامية لم يتغير بعدها الميزان العسكري في منطقة البطانة، في حين كان الناس يتخيلون أن «كيكل» سينشق بكل قوات منطقة الجزيرة، شرقها وغربها… باعتبار أنه كان القائد العسكري لكل المنطقة؟ هل كان العائد من انشقاق «كيكل» يساوي الثمن الفادح الذي دفعه سكان منطقة شرق الجزيرة…؟

في المقابل، هناك أسئلة أخرى تدور حول تصرفات «الدعم السريع»، فإن كان انشقاق «كيكل» محدوداً ولم يغير الميزان العسكري، فلماذا قررت «قوات الدعم السريع» أن كل سكان المنطقة وقبائلها مسؤولة عن انشقاق «كيكل»…؟ ولماذا شنّت هذه الحملة الترويعية عليهم فلم تفرّق بين رجل أو امرأة أو طفل، ولماذا تعمَّدت تهجيرهم من قراهم ومطاردتهم…؟

كلها أسئلة تبعث على الحيرة وتبحث عن إجابات، لكن ما يجمع بينها هو أن الطرفين لم يضعا حياة إنسان المنطقة في حساباتهما، فالجيش لم يدافع عن سكان المنطقة وتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم، و«قوات الدعم السريع» يبدو أنها زهدت في وجودها في المنطقة فشنَّت حملتها الانتقامية ولا يظنن أحد أن هذه القوات ستبقى في المنطقة لفترة طويلة.

لقد حلت لعنة «كيكل» على المنطقة؛ فالاستهداف لكل سكان المنطقة وقبائلها أدى، كما قلنا، إلى حشد قبلي وجهوي مضاد، وهو لا يزال في حالة تصاعد، ومن الممكن أن يجعل مجموعات عسكرية أخرى في المنطقة كانت تقاتل في صفوف «الدعم السريع» تراجع مواقفها وتنأى بنفسها عن القتال، أو تنضم أيضاً للجيش.

النتيجة النهائية لهذه المعارك ستكون خروج «قوات الدعم السريع» من المنطقة بعد أن فقدت أي قبول لوجودها، وثبت عدم وجود أي مشروع سياسي لها، وربما تخرج من كامل منطقة وسط السودان بما فيها ولايتا الجزيرة وسنار. وستنضم القوات المنسحبة إلى الوجود الأكبر لـ«قوات الدعم السريع» في ولايات دارفور وكردفان، فيتحقق بشكل عملي تقسيم السودان على أساس قبلي وإثني، مناطق الوسط والشمال في يد تحالف سياسي عسكري بين الجيش والميليشيات والقوى السياسية المتحالفة معه، ومناطق دارفور وكردفان في يد تحالف قبلي وإثني يقوده «الدعم السريع». وسواء قامت حكومات في هذه المناطق، أو لم يتم إعلان ذلك بشكل رسمي فإن التقسيم سيبقى أمراً واقعاً مثلما حدث في بلاد قريبة من السودان.

*نقلا عن “الشرق الأوسط”

الوسومأبو عاقلة كيكل تقسيم السودان حرب 15 أبريل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أبو عاقلة كيكل تقسيم السودان حرب 15 أبريل

إقرأ أيضاً:

قوات الدعم السريع تتهم طيران الجيش بقتل عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء وجرح المئات في نيالا

في بيان أصدرته اتهمت قوات الدعم السريع طيران الجيش السوداني بارتكاب مجزرة جديدةفي  مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء وجرح المئات وسط المواطنين الأبرياء، في مشاهد مروعة للجثث المتفحمة حسب البيان:

طيران مليشيا البرهان يخلف عشرات القتلى والجرحى في مجزرة مروعة بمدينة نيالا
بسم الله الرحمن الرحيم
قوات الدعم السريع
بيان مهم
2 فبراير 2025

في مجزرة جديدة؛ قصف طيران مليشيا المجرم البرهان، مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء وجرح المئات وسط المواطنين الأبرياء، في مشاهد مروعة للجثث المتفحمة.

إن عمليات القصف الوحشية التي نفذها طيران الفلول بالبراميل المتفجرة اليوم الأحد، طالت عدداً من المناطق والأحياء السكنية بنيالا، وأحال المدينة إلى مأساة ومشهد دام.

إن قصف المواطنين الأبرياء بالبراميل المتفجرة، سلوك إجرامي يشبه أفعال هذه العصابة وتاريخها الطويل في قتل وتدمير الشعب السوداني ويكشف نواياهم لإبادة الشعوب على أساس عرقي وجهوي مفضوح.

إن قصف المواطنين بالبراميل المتفجرة والأسلحة المحرمة دولياً يستوجب الإدانة والشجب والتحقيق من كافة الجهات الدولية والإقليمية والمحلية ذات الصلة بحقوق الإنسان وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

نحن عازمون أكثر من أي وقت مضى على إنهاء تسلط هذه العصابة الفاشلة على مواطنينا وبلادنا، معاً سنتخلص من المجرمين والإرهابيين وإلى الأبد من أجل بناء السودان على أسس جديدة وعادلة ترفع الظلم والتهميش عن جميع الشعوب السودانية .

الرحمة والمغفرة لشهدائنا الأبرار
الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع  

مقالات مشابهة

  • قوات الدعم السريع تتهم طيران الجيش بقتل عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء وجرح المئات في نيالا
  • الجيش السوداني يتقدم وسط الجزيرة وتأكيد مقتل قائد كبير بالدعم السريع
  • الجيش السوداني: 40 قتيلا بالفاشر جراء قصف الدعم السريع
  • حزب الأمة القومي: نطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الهجمات
  • الجيش السوداني يواصل تقدمه في ولاية الجزيرة والدعم السريع يرد بالمسيرات
  • السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية الجزيرة
  • السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق شعبي في أم درمان
  • في بيان أصدرته: قوات الدعم السريع تنفي قصف المدنيين بسوق صابرين بأم درمان وتتهم الجيش بذلك
  • الجيش السوداني يتقدم لاستعادة مناطق حيوية من الدعم السريع
  • مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور