صحيفة التغيير السودانية:
2024-11-01@06:39:01 GMT

لعنة «كيكل» وتقسيم السودان

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

لعنة «كيكل» وتقسيم السودان

 

لعنة «كيكل» وتقسيم السودان

فيصل محمد صالح

دخلت الحرب في السودان مرحلة جديدة من العنف والقتل على الهوية، وانتقلت لمرحلة الاستنفار القبلي والاستنفار المضاد، وتحقق ما كان يتخوف منه معارضو الحرب منذ البداية، أن تتحول حرباً أهلية شاملة بين المجموعات القبلية والإثنية المختلفة، تتخفى وراءها المطامع السياسية والسلطوية لبعض المجموعات السياسية.

فقد شهدت منطقة سهل البطانة، شرق الجزيرة، عمليات قتل وتهجير ونهب وسلب طالت معظم القرى والمدن الصغيرة في هذه المنطقة، بعد انشقاق ابن المنطقة أبو عاقلة كيكل من «قوات الدعم السريع» وإعلان انضمامه إلى الجيش. ويبدو أن كل الأطراف المتورطة في الصراع لم تحسب خطواتها جيداً، ولم تستعد لهذه الخطوة، فقط أعلن جانب الجيش انشقاق «كيكل» عن «قوات الدعم السريع» وسط هياج إعلامي كبير، ثم اتضح أن الرجل الذي كان قائداً للمنطقة قد جاء بثلاث سيارات ومجموعة من حراسه، وترك باقي المنطقة لانتقام «قوات الدعم السريع».

ما أن تم الإعلان عن ذلك ودخول قوات الجيش لمدينة «تمبول» أكبر مدن المنطقة، حتى هاجمتها «قوات الدعم السريع» وطردت قوات الجيش، ثم نكّلت بالمواطنين المدنيين الذين احتفلوا بما ظنوه انتصاراً للجيش، في حين ظل الطيران الحكومي يقصف المواطنين بلا هدف وقتل العشرات منهم، بينما تكفلت «قوات الدعم السريع» بقتل وإصابة المئات وتهجيرهم من مناطقهم.

شنَّت «قوات الدعم السريع» حملة انتقام وترويع ضد كل سكان المنطقة وقراها المتعددة رداً على انشقاق وهروب «كيكل»، وصار كل المنتمين إلى قبائل المنطقة، خصوصاً قبيلة «الشكرية» هدفاً لهجماتها التتارية، وانتظم أبناء المنطقة في استنفار قبلي مضاد للدفاع عن أهاليهم، وبدا أن الجيش يفضّل دعم هذا الحشد القبلي ومساندته بخطابات التعبئة والتهييج بدلاً من دخوله في مواجهات مباشرة مع «الدعم السريع»، وتوفير قوته لجبهة سنار والنيل الأزرق التي حقق فيها نجاحات في مدن الدندر والسوكي التي استلمها من «قوات الدعم السريع».

أسئلة كثيرة تدور في الأذهان: لماذا لم يتحسب الجيش لنتائج انشقاق «كيكل» وانعكاسات ذلك على سكان المنطقة، ولم يضع أي خطة أو تصورات لردود فعل «قوات الدعم السريع» على ذلك…؟ لماذا جاء انشقاق «كيكل» وكأنه مجرد زوبعة إعلامية لم يتغير بعدها الميزان العسكري في منطقة البطانة، في حين كان الناس يتخيلون أن «كيكل» سينشق بكل قوات منطقة الجزيرة، شرقها وغربها… باعتبار أنه كان القائد العسكري لكل المنطقة؟ هل كان العائد من انشقاق «كيكل» يساوي الثمن الفادح الذي دفعه سكان منطقة شرق الجزيرة…؟

في المقابل، هناك أسئلة أخرى تدور حول تصرفات «الدعم السريع»، فإن كان انشقاق «كيكل» محدوداً ولم يغير الميزان العسكري، فلماذا قررت «قوات الدعم السريع» أن كل سكان المنطقة وقبائلها مسؤولة عن انشقاق «كيكل»…؟ ولماذا شنّت هذه الحملة الترويعية عليهم فلم تفرّق بين رجل أو امرأة أو طفل، ولماذا تعمَّدت تهجيرهم من قراهم ومطاردتهم…؟

كلها أسئلة تبعث على الحيرة وتبحث عن إجابات، لكن ما يجمع بينها هو أن الطرفين لم يضعا حياة إنسان المنطقة في حساباتهما، فالجيش لم يدافع عن سكان المنطقة وتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم، و«قوات الدعم السريع» يبدو أنها زهدت في وجودها في المنطقة فشنَّت حملتها الانتقامية ولا يظنن أحد أن هذه القوات ستبقى في المنطقة لفترة طويلة.

لقد حلت لعنة «كيكل» على المنطقة؛ فالاستهداف لكل سكان المنطقة وقبائلها أدى، كما قلنا، إلى حشد قبلي وجهوي مضاد، وهو لا يزال في حالة تصاعد، ومن الممكن أن يجعل مجموعات عسكرية أخرى في المنطقة كانت تقاتل في صفوف «الدعم السريع» تراجع مواقفها وتنأى بنفسها عن القتال، أو تنضم أيضاً للجيش.

النتيجة النهائية لهذه المعارك ستكون خروج «قوات الدعم السريع» من المنطقة بعد أن فقدت أي قبول لوجودها، وثبت عدم وجود أي مشروع سياسي لها، وربما تخرج من كامل منطقة وسط السودان بما فيها ولايتا الجزيرة وسنار. وستنضم القوات المنسحبة إلى الوجود الأكبر لـ«قوات الدعم السريع» في ولايات دارفور وكردفان، فيتحقق بشكل عملي تقسيم السودان على أساس قبلي وإثني، مناطق الوسط والشمال في يد تحالف سياسي عسكري بين الجيش والميليشيات والقوى السياسية المتحالفة معه، ومناطق دارفور وكردفان في يد تحالف قبلي وإثني يقوده «الدعم السريع». وسواء قامت حكومات في هذه المناطق، أو لم يتم إعلان ذلك بشكل رسمي فإن التقسيم سيبقى أمراً واقعاً مثلما حدث في بلاد قريبة من السودان.

*نقلا عن “الشرق الأوسط”

الوسومأبو عاقلة كيكل تقسيم السودان حرب 15 أبريل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أبو عاقلة كيكل تقسيم السودان حرب 15 أبريل

إقرأ أيضاً:

أبوالغيط يدين انتهاكات قوات الدعم السريع لحقوق الإنسان في ولاية الجزيرة السودانية

أدان أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بأشد العبارات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدتها ولاية الجزيرة بجمهورية السودان على مدار الأيام السابقة والتي شملت حسب تقارير الأمم المتحدة عمليات قتل جماعي واغتصاب نساء وفتيات ونهب للأسواق والمنازل وحرق للمزارع على نطاق واسع ارتكبتها قوات الدعم السريع.

واعتبر جمال رشدي، المتحدث الرسمي باسم جامعة الدول العربية، أن استمرار ارتكاب هذه الجرائم البشعة التي يصل بعضها إلى حد التطهير العرقي في دارفور ومناطق مختلفة بالسودان على الرغم من الإدانات الدولية المتكررة، دليل إضافي على الحاجة الماسة لتنسيق الجهود والتعاون الدولي والإقليمي لإيقاف الحرب ومحاسبة مرتكبي الجرائم، وضرورة عدم السماح باستغلال تشتت الانتباه الدولي والعربي على خلفية جرائم الاحتلال الاسرائيلي في غزة ولبنان للسعي إلى إسقاط مؤسسات الدولة السودانية وتهديد وحدة البلاد وسلامة أراضيها.

والجدير بالذكر أنه بمبادرة من أمين عام جامعة الدول العربية عقدت المنظمات العربية والأفريقية والدولية والأطراف ذات الصلة اجتماعين في القاهرة وجيبوتي في شهر يونيو ويوليو الماضيين لتنسيق مبادرات دعم السلام والاستقرار في السودان.

المصري اليوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • 10 قتلى بهجوم للدعم السريع بغرب كردفان ومصر تندد بجرائمه
  • أبوالغيط يدين انتهاكات قوات الدعم السريع لحقوق الإنسان في ولاية الجزيرة السودانية
  • السودان: مركز حقوقي يوثق انتهاكات جسيمة في مناطق سيطرة الدعم السريع بدارفور
  • بعثة أممية: قوات الدعم السريع مسؤولة عن معظم جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي في السودان
  • تقرير أممي: الدعم السريع وحلفاؤه ارتكبوا اعتداءات جنسية مهولة
  • قوات الدعم السريع في السودان متهمة بالاعتداء الجنسي على ضحايا تتراوح أعمارهن بين 8 و75 سنة
  • تقرير أممي: حجم العنف الجنسي في السودان مهول.. الدعم السريع هو المتهم الأول
  • بعثة تقصي الحقائق في السودان: معظم جرائم العنف الجنسي ارتكبتها قوات الدعم السريع
  • بعد اتهامات للدعم السريع.. اليونيسف تؤكد مقتل 10 أطفال وسط السودان
  • "الأمم المتحدة": قوات الدعم السريع السودانية ارتكبت اعتداءات جنسية "مهولة"