ستوكهولم (زمان التركية)ــ نشر موقع المونيتور المتخصص في الملفات الشرق أوسطية تقريرًا يتناول بالتحليل تعرقل جهود المصالحة التركية-السورية؛ وقد كتب التقرير الصحفي داني ماكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، وبالأخص الشؤون السورية، جاء فيه: 

الاجتماع الذي توسطت فيه روسيا بين وزيري خارجية سوريا وتركيا في موسكو يوم 10 مايو / أيار يعد مثابة لحظة فاصلة بالنسبة للكثيرين في المنطقة حيث بشر بتغير جذري فيما يتعلق بالعنف الذي شهدته سوريا على مدار العقد الماضي.

وبطبيعة الحال، كان يُفترض أن المسار بين أنقرة ودمشق سيكون بالتوازي مع جهود التطبيع السريع بين سوريا والمملكة العربية السعودية وعدد من الصفقات والاتفاقيات التي تحتل مركز الصدارة في الشرق الأوسط اليوم، إلا أن الريح تأتي بما لا تشتهي السفن حيث يرى الكثير من المحللين اليوم أن المصالحة التي طال انتظارها قد فشلت، و يبدو  أن تحقق المصالحة بات بعيد المنال كما كان دائمًا، حيث قدمت مقابلة الرئيس السوري بشار الأسد مع سكاي نيوز عربية هذا الأسبوع أكبر مؤشر على أن البلدينلا تزالات على طرفي النقيض.

الأسد يتوقف

 

والجدير بالذكر أنه مؤخرا صرح الأسد لقناة سكاي نيوزالإماراتية ومقرها أبو ظبي أن “الإرهاب في سوريا مصنوع في تركيا” في إشارة إلى دعم أنقرة للمعارضة المسلحة السورية، كما بدد الأسد فكرة أنه سيكون هناك حل سريع للعلاقات أو اجتماع طال انتظاره مع الرئيس رجب طيب أردوغان في المناخ الحالي، حيث أضاف الأسد قائلا إن “هدف أردوغان من مقابلتي هو إضفاء الشرعية على الاحتلال التركي في سوريا، لماذا يجب أن نلتقي أنا وأردوغان؟ لتناول المشروبات الغازية؟”.

وعلى الجهة الأخرى نجد أردوغان صرح في يوليو الماضي بقوله إنه منفتح على لقاء الأسد لكن ذلك لن يغير من سياسته، نعم الأسد يريد خروج تركيا من شمال سوريا، لكن هذا غير وارد لأننا نقاتل الإرهاب هناك. وأضاف: إن  “لقاء مع الأسد يمكن أن يحدث، لكن سياستنا لن تتغير. وعاجلاً أم آجلاً، يمكننا أن نتخذ خطوات المصالحة”.

بينما أوضح الأسد أنه لن يتم عقد أي لقاء في ظل الظروف الحالية، ومن غير المرجح أن يتم ذلك بدون اتفاق شامل، وأضاف قائلا “لا شروط مسبقة” أي أن الاجتماع بدون جدول أعمال، وعدم وجود جدول أعمال يعني عدم الاستعداد؛ لا استعداد يعني عدم وجود نتائج، فلماذا نلتقي أنا وأردوغان؟ نريد أن نصل إلى هدف واضح. وهو الانسحاب التركي من الأراضي السورية، بينما هدف أردوغان إضفاء الشرعية على وجود الاحتلال التركي في سوريا. لذلك، لا يمكن عقد الاجتماع في ظل ظروف الحالية مع أردوغان”. 

وفي اجتماع وزراء الخارجية المتوتر في موسكو، سلط البيان المشترك الضوء على مبدأ سيادة سوريا على أراضيها وضرورة محاربة الإرهاب، وهو مصطلح لا يزال غامضا كما كان دائما.

لأسباب ليس أقلها أن الأطراف المعنية لديها تفسيرات مختلفة لمن هو الإرهابي، فإن أولويات تركيا هي  القضاء على  الجماعات الكردية في الشمال السوري والأسد يريد القضاء على المعارضة السورية المدعومة من تركيا في الشمال الغربي.

وكما صرح محلل الشرق الأوسط ألكسندر لانجلوا للمونيتور إن هذا المأزق الدقيق، نجد عددا لا يحصى من العوامل والفصائل المتنافسة، من روسيا إلى إيران إلى المملكة العربية السعودية، ويبدو أن المحادثات بين دمشق وأنقرة عالقة إلى حد كبير بسبب مسألة الوجود العسكري التركي في سوريا ودعم الجماعات والميليشيات المعارضة السورية، حيث يشعر الأسد بالجرأة والقوة بسبب التطورات الأخيرة مع الدول العربية لا سيما إعادة التطبيع مع المملكة العربية السعودية وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية”.

وأضاف لانجلوا، الذي يتابع جهود التقارب عن كثب “لذلك فالأسد يختار مضاعفة مواقفه التفاوضية الصعبة [مثل الانسحاب التركي] بشرط أي اجتماع رئاسي، ومن المحتمل أن يكون هذا بداية لتركيا في الوقت الحالي، مما ترك المحادثات متوقفة في الوقت الحالي “.

إن مأزق تركيا الحقيقي هو أنها تستضيف حوالي 3.6 مليون لاجئ سوري ولديها وجود عسكري في أجزاء كثيرة من شمال سوريا، وهو ما تعتبره الحكومة السورية احتلالًا عسكريًا، مما يقلل من فرصة التوصل إلى حل واسع النطاق لأنها لن تتفاوض بينما القوات التركية متمركزة في سوريا.

وتابع لانجلوا: “يلعب الوضع الداخلي في تركيا دورًا هنا – فالانتخابات البلدية والمشاعر التركية تجاه اللاجئين السوريين تلعب بالتأكيد دورًا في تفكير أردوغان في الملف السوري. لكن احتمالات أن تسير هذه الانتخابات بشكل سيئ بالنسبة للتحالف الذي يقوده حزب العدالة والتنمية على أساس قضية اللاجئين السوريين تبدو منخفضة الآن، أو على الأقل منخفضة بما يكفي لتجنب أي تحول كبير من جانب أنقرة بشأن الملف السوري كشرط لحدوث أي مقابلة رئاسية”.

من ناحية أخرى وكما يرى كثير من المحللين، أنقرة قد انحرفت عن سياستها الأولية المتمثلة في السعي إلى تغيير القيادة السورية وتركز الآن على المقاتلين الأكراد على طول الحدود، كما أنه من جهة أخرى نجد على مستوى الاستخبارات كان هناك تقدم حيث التقى رئيس المخابرات السورية علي مملوك بنظيره هاكان فيدان -رئيس المخابرات التركية آنذاك- في بغداد حيث بُذلت جهود لتنشيط الدبلوماسية والقنوات الأمنية بين البلدين، وحينها تراوحت القضايا المطروحة على جدول الأعمال بين حزب العمال الكردستاني والمدنيين السوريين في تركيا والوضع في المناطق السورية على الحدود مع تركيا، الجدير بالذكر أن فيدان التقى أيضًا مع مملوك عدة مرات في دمشق أثناء محاولتهما التوصل إلى اتفاق، واليوم أصبح فيدان وزيرا للخارجية التركية ويمكن أن يستفيد من علاقاته الاستخباراتية القوية مع سوريا في عملية التفاوض المرهقة في السنوات القادمة، حيث يبدو أن حل المأزق الحالي بين البلدين لا يرى في الأفق القريب.

Tags: أردوغانالعلاقات التركية السوريةتركيا وسوريا

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: أردوغان تركيا وسوريا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

سوريا: الأكراد يستأنفون تسليم النفط لمناطق الحكومة المركزية بدمشق

قال المتحدث باسم وزارة النفط السورية أحمد السليمان، السبت، إن السلطات، التي يقودها أكراد في شمال شرق سوريا، بدأت توريد النفط من الحقول المحلية التي تديرها، إلى الحكومة المركزية في دمشق.

وهذه أول عملية تسليم يُعلن عنها للخام المحلي من شمال شرق سوريا الغني بالنفط إلى الحكومة الجديدة، التي تولت السلطة بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، على يد المعارضة في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وقال السليمان لوكالة "رويترز" إن توريد النفط جاء من حقول في محافظتي الحسكة ودير الزور، وإن عملية التسليم جرت بناء على اتفاق معدل، سبق أن أبرمته حكومة الأسد مع السلطات الكردية.

وأضاف السليمان أن الحكومة الجديدة أدخلت تعديلات على بنود في هذا الاتفاق، الذي قال إنه كان يخدم مصالح أشخاص مرتبطين بنظام الأسد.

وقال مصدر من الإدارة شبه المستقلة في شمال شرق سوريا لرويترز إن الاتفاق ينص على إرسال 5 آلاف برميل يومياً من النفط الخام من حقل الرميلان في الحسكة وحقول أخرى في دير الزور إلى مصفاة في حمص.

Syrian Kurdish Authorities Begin Supplying Oil to Damascus in Landmark Deal: According to Syria’s oil ministry spokesman, the shipments are based on an amended version of a previous arrangement between the Assad government and SDF!

Read More: https://t.co/wCDWOy09HQ pic.twitter.com/MxLpje8bWB

— Kurdistan 24 English (@K24English) February 22, 2025

وبلغ حجم الصادرات السورية 380 ألف برميل نفط يومياً في عام 2010، أي قبل عام واحد من تحول احتجاجات على حكم الأسد إلى حرب استمرت نحو 14 عاماً، ودمرت اقتصاد البلاد وبنيتها التحتية، وهو ما تضمن قطاع النفط.

وتبدلت قبضة السيطرة على حقول النفط عدة مرات، لكن قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها أكراد سيطرت في نهاية المطاف على الحقول الرئيسية في شمال شرق البلاد، لكن العقوبات الأمريكية والأوروبية جعلت الصادرات والواردات المشروعة صعبة.

وأصدرت الولايات المتحدة إعفاء من العقوبات لمدة 6 أشهر في يناير (كانون الثاني) يسمح ببعض المعاملات في قطاع الطاقة، ومن المقرر أن يعلق الاتحاد الأوروبي عقوباته المتعلقة بالطاقة والنقل وإعادة الإعمار.

وقالت عدة مصادر تجارية لرويترز إن سوريا تسعى لاستيراد النفط عبر وسطاء محليين، بعدما لم تحظ أولى المناقصات التي طرحتها للاستيراد بعد سقوط الأسد باهتمام يُذكر من كبار تجار النفط، بسبب العقوبات والمخاطر المالية.

The interim government in Damascus has begun receiving over 15,000 barrels of oil daily and as much as one million cubic meters of natural gas from Kurdish-controlled fields in the northeast, an official told Rudaw on Saturday. https://t.co/gzB67xyQOh

— Rudaw English (@RudawEnglish) February 22, 2025

وتمثل تجارة النفط الداخلية أيضاً جزءاً رئيسياً من المحادثات بين المنطقة الشمالية الشرقية والسلطات الجديدة في دمشق، التي تريد وضع جميع المناطق في سوريا تحت سيطرة الحكومة المركزية.

وقالت مصادر إن قوات سوريا الديمقراطية ستضطر على الأرجح إلى التخلي عن السيطرة على عوائد النفط في إطار أي تسوية.

 

مقالات مشابهة

  • برسالة إلى قسد والعُمّاليين.. ‎أوجلان يقترح خريطة طريق لكورد سوريا
  • سوريا: الأكراد يستأنفون تسليم النفط لمناطق الحكومة المركزية بدمشق
  • تركيا تلاحق منافس أردوغان المحتمل قضائياً
  • الرئاسة التركية تصدر كتاب “دبلوماسية أردوغان للسلام: سوريا نموذجا..”
  • سوريا.. القبض على “مجرم” متورط بإلقاء براميل متفجرة على المدنيين / صور
  • تركيا: القبض على سوري قتل زوجته أثناء محاولته الفرار إلى سوريا
  • وزير الخارجية السورية يتلقى دعوة لزيارة العراق بهدف فتح صفحة جديدة
  • تحذيرات إسرائيلية من مواجهة محتملة بين الاحتلال وتركيا.. ما علاقة سوريا؟
  • رئيس بلدية إسطنبول يقرر الترشح لانتخابات الرئاسة التركية المقبلة
  • تركيا تلقي القبض على شخص في سوريا بتهمة إهانة أردوغان