هل وصلت المصالحة التركية السورية إلى طريق مسدود؟
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
ستوكهولم (زمان التركية)ــ نشر موقع المونيتور المتخصص في الملفات الشرق أوسطية تقريرًا يتناول بالتحليل تعرقل جهود المصالحة التركية-السورية؛ وقد كتب التقرير الصحفي داني ماكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، وبالأخص الشؤون السورية، جاء فيه:
الاجتماع الذي توسطت فيه روسيا بين وزيري خارجية سوريا وتركيا في موسكو يوم 10 مايو / أيار يعد مثابة لحظة فاصلة بالنسبة للكثيرين في المنطقة حيث بشر بتغير جذري فيما يتعلق بالعنف الذي شهدته سوريا على مدار العقد الماضي.
والجدير بالذكر أنه مؤخرا صرح الأسد لقناة سكاي نيوزالإماراتية ومقرها أبو ظبي أن “الإرهاب في سوريا مصنوع في تركيا” في إشارة إلى دعم أنقرة للمعارضة المسلحة السورية، كما بدد الأسد فكرة أنه سيكون هناك حل سريع للعلاقات أو اجتماع طال انتظاره مع الرئيس رجب طيب أردوغان في المناخ الحالي، حيث أضاف الأسد قائلا إن “هدف أردوغان من مقابلتي هو إضفاء الشرعية على الاحتلال التركي في سوريا، لماذا يجب أن نلتقي أنا وأردوغان؟ لتناول المشروبات الغازية؟”.
وعلى الجهة الأخرى نجد أردوغان صرح في يوليو الماضي بقوله إنه منفتح على لقاء الأسد لكن ذلك لن يغير من سياسته، نعم الأسد يريد خروج تركيا من شمال سوريا، لكن هذا غير وارد لأننا نقاتل الإرهاب هناك. وأضاف: إن “لقاء مع الأسد يمكن أن يحدث، لكن سياستنا لن تتغير. وعاجلاً أم آجلاً، يمكننا أن نتخذ خطوات المصالحة”.
بينما أوضح الأسد أنه لن يتم عقد أي لقاء في ظل الظروف الحالية، ومن غير المرجح أن يتم ذلك بدون اتفاق شامل، وأضاف قائلا “لا شروط مسبقة” أي أن الاجتماع بدون جدول أعمال، وعدم وجود جدول أعمال يعني عدم الاستعداد؛ لا استعداد يعني عدم وجود نتائج، فلماذا نلتقي أنا وأردوغان؟ نريد أن نصل إلى هدف واضح. وهو الانسحاب التركي من الأراضي السورية، بينما هدف أردوغان إضفاء الشرعية على وجود الاحتلال التركي في سوريا. لذلك، لا يمكن عقد الاجتماع في ظل ظروف الحالية مع أردوغان”.
وفي اجتماع وزراء الخارجية المتوتر في موسكو، سلط البيان المشترك الضوء على مبدأ سيادة سوريا على أراضيها وضرورة محاربة الإرهاب، وهو مصطلح لا يزال غامضا كما كان دائما.
لأسباب ليس أقلها أن الأطراف المعنية لديها تفسيرات مختلفة لمن هو الإرهابي، فإن أولويات تركيا هي القضاء على الجماعات الكردية في الشمال السوري والأسد يريد القضاء على المعارضة السورية المدعومة من تركيا في الشمال الغربي.
وكما صرح محلل الشرق الأوسط ألكسندر لانجلوا للمونيتور إن هذا المأزق الدقيق، نجد عددا لا يحصى من العوامل والفصائل المتنافسة، من روسيا إلى إيران إلى المملكة العربية السعودية، ويبدو أن المحادثات بين دمشق وأنقرة عالقة إلى حد كبير بسبب مسألة الوجود العسكري التركي في سوريا ودعم الجماعات والميليشيات المعارضة السورية، حيث يشعر الأسد بالجرأة والقوة بسبب التطورات الأخيرة مع الدول العربية لا سيما إعادة التطبيع مع المملكة العربية السعودية وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية”.
وأضاف لانجلوا، الذي يتابع جهود التقارب عن كثب “لذلك فالأسد يختار مضاعفة مواقفه التفاوضية الصعبة [مثل الانسحاب التركي] بشرط أي اجتماع رئاسي، ومن المحتمل أن يكون هذا بداية لتركيا في الوقت الحالي، مما ترك المحادثات متوقفة في الوقت الحالي “.
إن مأزق تركيا الحقيقي هو أنها تستضيف حوالي 3.6 مليون لاجئ سوري ولديها وجود عسكري في أجزاء كثيرة من شمال سوريا، وهو ما تعتبره الحكومة السورية احتلالًا عسكريًا، مما يقلل من فرصة التوصل إلى حل واسع النطاق لأنها لن تتفاوض بينما القوات التركية متمركزة في سوريا.
وتابع لانجلوا: “يلعب الوضع الداخلي في تركيا دورًا هنا – فالانتخابات البلدية والمشاعر التركية تجاه اللاجئين السوريين تلعب بالتأكيد دورًا في تفكير أردوغان في الملف السوري. لكن احتمالات أن تسير هذه الانتخابات بشكل سيئ بالنسبة للتحالف الذي يقوده حزب العدالة والتنمية على أساس قضية اللاجئين السوريين تبدو منخفضة الآن، أو على الأقل منخفضة بما يكفي لتجنب أي تحول كبير من جانب أنقرة بشأن الملف السوري كشرط لحدوث أي مقابلة رئاسية”.
من ناحية أخرى وكما يرى كثير من المحللين، أنقرة قد انحرفت عن سياستها الأولية المتمثلة في السعي إلى تغيير القيادة السورية وتركز الآن على المقاتلين الأكراد على طول الحدود، كما أنه من جهة أخرى نجد على مستوى الاستخبارات كان هناك تقدم حيث التقى رئيس المخابرات السورية علي مملوك بنظيره هاكان فيدان -رئيس المخابرات التركية آنذاك- في بغداد حيث بُذلت جهود لتنشيط الدبلوماسية والقنوات الأمنية بين البلدين، وحينها تراوحت القضايا المطروحة على جدول الأعمال بين حزب العمال الكردستاني والمدنيين السوريين في تركيا والوضع في المناطق السورية على الحدود مع تركيا، الجدير بالذكر أن فيدان التقى أيضًا مع مملوك عدة مرات في دمشق أثناء محاولتهما التوصل إلى اتفاق، واليوم أصبح فيدان وزيرا للخارجية التركية ويمكن أن يستفيد من علاقاته الاستخباراتية القوية مع سوريا في عملية التفاوض المرهقة في السنوات القادمة، حيث يبدو أن حل المأزق الحالي بين البلدين لا يرى في الأفق القريب.
Tags: أردوغانالعلاقات التركية السوريةتركيا وسورياالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: أردوغان تركيا وسوريا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
سوريا ما بعد الأسد.. تصريحات أردوغان تثير البلبلة فهل تتحول البلاد إلى محمية تركية؟
رأت هاآرتس أن تركيا تسعى إلى لعب دور المحرك الرئيسي في المشهد السوري الجديد، واضعة نصب أعينها هدفاً استراتيجياً يتمثل في تحويل سوريا إلى حصن معادٍ للقوات الكردية. ومع تراجع نفوذ موسكو وطهران في البلاد، تتحرك أنقرة لسد الفراغ بحسب الصحيفة بما في ذلك السيطرة على المجال الجوي السوري.
اعلانكما رأت هاآرتس أن تركيا، التي دعمت قوات المعارضة السورية المسلحة لسنوات طويلة، تسعى اليوم إلى قيادة الجهود الدولية لتطبيع العلاقات مع النظام الجديد في دمشق. كما أن لها نفوذا آخر متمثلا في سيطرتها على المعابر الحدودية الرئيسية التي تُعد شريان الحياة الاقتصادية لسوريا. وفي ظل انسحاب القوات الروسية من سوريا وتقليص الوجود الإيراني، يبدو أن تركيا تسعى إلى تجاوز دور الجار الإقليمي، لتصبح القوة المهيمنة وصاحبة القرار في الشأن السوري.
ويبدو أن أنقرة تريد تحويل سوريا إلى جدار دفاعي ضد الأكراد، الذين خاضت ضدهم معارك طاحنة لعقود. ورغم انتقادها للوجود الإسرائيلي في الأراضي السورية، فقد اتبعت حكومة أردوغان النهج ذاته في شمال غرب سوريا، حيث سيطرت بالقوة على أجزاء واسعة من المنطقة. وامتد نفوذها العسكري إلى مدينة منبج، معقل الأكراد غربي الفرات، وفي الوقت ذاته، فهي لا تُخفي نواياها للتوسع شرق الفرات، بحسب "هآرتس".
هذه المقاربة قد تتقاطع مع تصريحات رجب أردوغان قبل يومين. فقد قال الرئيس التركي في اجتماع أمام أعضاء حزب العدالة التنمية في أنقرة "إن أولئك الذين يتساءلون عن دور تركيا في سوريا هم يجهلون التاريخ. فلو اختلفت الظروف حين تم ترسيم الحدود في منطقتنا بعد الحرب العالمية الأولى، فإن المدن التي نسميها حلب وإدلب وحماة ودمشق والرقة كانت ستكون محافظات تابعة لنا تماما مثل غازينتاب وهاتاي وأرفا. وبما أن تلك المدن أصبحت خارج حدودنا، فإننا لم نقطع تماما علاقاتنا مع أهلنا هناك."
الجيش الإسرائيلي يجتاز السياج الأمني باتجاه ما بعرف بخط ألفا الذي يفصل الجولان المحتل بالوطن الأم سوريا بتاريحخخ 15.12.24AP Photo
وفي هذا السياق، أفادت الصحيفة بأن التحركات الإسرائيلية في سوريا قد تشهد تغييرات جذرية، إذ لطالما استفادت الدولة العبرية من تنسيق عملياتها الجوية مع روسيا، التي كانت تسيطر على الأجواء السورية انطلاقا من قاعدة حميميم. لكن مع انسحاب الطائرات الروسية من سوريا وانشغال موسكو بتثبيت وجودها البحري في ميناء طرطوس، يبدو أن السيطرة على المجال الجوي السوري قد تنتقل إلى الأيادي التركية. وعليه فإن هذا التحول قد يقيّد حرية الحركة الجوية الإسرائيلية التي اعتادت التحرك بحرية شبه مطلقة في السماء السورية ما يفرض على إسرائيل التفاوض مع تركيا للحصول على هذا الامتياز حسب تعبير هاآرتس.
ورغم مغادرة معظم القوات الإيرانية لسوريا وسعي النظام الجديد لمنع أنشطة حزب الله، تظل تل أبيب قلقة بشأن إمكانية استمرار نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان، وفقاً للصحيفة. ومع فقدان إسرائيل لشريكها الروسي في ضبط المجال الجوي، ستضطر إلى البحث عن اتفاقات جديدة مع تركيا، وهو ما قد يكلّفها أثماناً سياسية في ملفات أخرى، مثل غزة.
أبو محمد الجولاني يتحدث في المسجد الأموي بدمشق الأحد 8 ديسمبر 2024. Omar Albam/APوقد برزت هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني كلاعب جديد في المشهد السوري. ورغم أن حكومته لم تكن منتخبة ديمقراطياً، إلا أنه نجح في تعزيز مكانته الإقليمية والدولية، مستفيداً من دبلوماسية محسوبة بعناية. وقد تلقى التهاني من قادة دول عربية كالسعودية، الإمارات، ومصر، بينما بدأت دول أوروبية في التفكير في إعادة العلاقات مع سوريا، في إشارة إلى عودة الشرعية للنظام الجديد بعد قطيعة دامت 13 عاماً.
وفي خطوة تعكس التحولات السياسية الكبرى، أعادت أنقرة فتح سفارتها في دمشق، في خطوة قد تتبعها الدوحة قريباً. وتزايدت الإشارات إلى أن العديد من الدول الأوروبية قد تفتح قنوات تواصل مع سوريا، خاصة مع اختفاء نظام الأسد وظهور نظام جديد يحاول كسب الشرعية الدولية.
Relatedبعد الإطاحة بالأسد.. تركيا تنهي عقدا من القطيعة الدبلوماسية وتعلن استئناف عمل سفارتها في سورياالولايات المتحدة وتركيا تعملان معاً لإعادة بناء سوريا بعد انهيار نظام الأسدآمال العودة للوطن ترافق احتفالات اللاجئين السوريين في تركياهذا الدعم الدولي المتنامي للحكومة السورية الجديدة قد يتحول إلى ضغط على إسرائيل، لدفعها إلى الانسحاب من الأراضي السورية المحتلة حديثاً، بحسب "هآرتس". فقد بات واضحاً أن سوريا، تحت قيادة جديدة، ستحاول استغلال هذا الزخم الدبلوماسي لاستعادة السيطرة على أراضيها.
غير أن الحكومة الجديدة تواجه تحديات معقدة. فعلى رئيسها، العالق بين ضغوط أنقرة ومطالب الأكراد، أن يُدير التوازن بحذر بين المصالح التركية والكردية. وهذه المعادلة الحساسة تضع النظام السوري الجديد أمام اختبار دقيق يتطلب حنكة سياسية، بهدف الحفاظ على وحدة البلاد ومنعها من السقوط في دائرة جديدة من النزاعات العرقية والطائفية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سوريا بعد سنوات من الحرب: الفلسطينيون في مخيم اليرموك يطمحون للعودة وإعادة الإعمار بعد الإطاحة بالأسد.. تركيا تنهي عقدا من القطيعة الدبلوماسية وتعلن استئناف عمل سفارتها في سوريا عرض مالي من الدنمارك للاجئين السوريين: 25 ألف يورو للعودة إلى سوريا بعد سنوات من اللجوء سوريابشار الأسدإيرانإسرائيلروسياتركيااعلاناخترنا لك يعرض الآن Next غزة: مقتل نحو 45 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب الإسرائيلية والضفة الغربية تتحول إلى جبهة رئيسية يعرض الآن Next هل آن أوان "إسرائيل الكبرى"؟ حافظ الأسد أراد السباحة يوما في طبريا فاحتل نتنياهو أعلى قمم جبل الشيخ يعرض الآن Next وزارة الداخلية الفرنسية: مقتل 11 شخصاً على الأقل في جزيرة مايوت بعد إعصار "شيدو" يعرض الآن Next إسرائيل تجهز على ما تبقى من الأسطول البحري السوري وتدمر 15 سفينة في ميناء اللاذقية يعرض الآن Next ما الذي يخبئه فروٌ على كتفي سيدة؟ كاميرا خفية تدخل مزارع تربية الثعالب في فنلندا فماذا وجدت؟ اعلانالاكثر قراءة الجولاني: لسنا بصدد الخوض في صراع مع إسرائيل ولا نعتبرها جزءاً من معركتنا من هو إيلي كوهين؟ الجاسوس الذي أعدمه النظام السوري وإسرائيل تسعى لاستعادة رفاته بعد 55 عامًا عشرات المفقودين في حادث غرق سفينة مهاجرين قبالة سواحل جافدوس باليونان مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز دروز سوريا في رسالة إلى إسرائيل: "قوموا بضمنا إلى هضبة الجولان" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومالحرب في سورياسوريابشار الأسدهيئة تحرير الشام عيد الميلادإسرائيلروسيااللاجئون السوريونإعصارفيضانات - سيولضحاياقصفالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024