تولي دولة الإمارات، تطبيق الممارسات الزراعية المستدامة اهتماماً بالغاً، من خلال إطلاق المبادرات المبتكرة وتسخير الإمكانات المادية والعلمية للتوسع الأفقي والعامودي في الزراعة المستدامة، لما تمثله من دور حيوي في تحقيق هدف الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي بأن تكون دولة الإمارات الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051.


وتتكامل هذه المبادرات مع مستهدفات المركز الزراعي الوطني (مزارعنا) والحملة الوطنية “ازرع الإمارات”، اللذين أطلقهما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لدعم المزارعين في الإمارات وتعزيز دور التكنولوجيا الذكية في تطوير أساليب الزراعة.
وشهد العام 2020 نقلة نوعية في هذا السياق، حيث أطلق مجلس الوزراء النظام الوطني للزراعة المستدامة بهدف زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي في الدولة من المحاصيل الزراعية، وتحسين المردود الاقتصادي للقطاع، وزيادة الاستثمارات فيه وتوظيف التكنولوجيا لرفع الإنتاجية الغذائية.

ويهدف النظام الوطني للزراعة المستدامة إلى إحداث تغيرات استباقية في النظـم الغذائية والزراعية عبر مجموعة من المحاور التي تشمل التسويق لمنتجات مستدامة، وتحقيق ميزة تنافسية للمنتج، وجذب المستهلك المحلي لاقتناء منتجات مستدامة والإسهام بدفع عجلة التحسين والتطوير في سلسلة التوريد.

وتم إعداد النظام ضمن المبادرات التي عملت عليها الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي في الدولة، والتي طورتها فرق “المسرعات الحكومية لتبني التكنولوجيا الزراعية الحديثة”، وأشرف عليها مكتب الأمن الغذائي، بهدف إيجاد حلول فاعلة لرفع كفاءة وتنافسية الإنتاج الوطني من الأغذية، وتوفير قنوات الدعم للمعنيين في هذا القطاع، واستقطاب الاستثمارات اللازمة لإنشاء مشاريع زراعية مستدامة تحقق الأمن الغذائي لدولة الإمارات، وتدعم النمو الاقتصادي بفاعلية.
كما يهدف النظام إلى تحقيق باقة من الأهداف، في مقدمتها تفعيل أنظمة مستدامة لإنتاج الغذاء، وتوظيف التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في هذا المجال، وتعزيز الإنتاج الزراعي المحلي، بما يضمن التعامل الأمثل مع التحديات التي يواجهها قطاع الأمن الغذائي في الدولة ومنها شح المياه، وتغيّر المناخ، والازدياد السكاني، وما يستتبعه ذلك من ارتفاع الطلب على الغذاء.

ويستهدف النظام كذلك تحقيق مجموعة من المحاور على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، فعلى الصعيد الاقتصادي سوف يتم العمل على زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي في الدولة من المحاصيل الزراعية المستهدفة بمعدل سنوي يبلغ 5%، وتحسين المردود الاقتصادي للمزرعة بواقع 10% سنوياً، في حين يرمي النظام على الصعيد الاجتماعي إلى زيادة القوى العاملة في المجال بمعدل 5% سنوياً، أما على الصعيد البيئي فهو يهدف إلى ترشيد كمية المياه المستخدمة في وحدة الإنتاج بواقع 15% سنوياً.

وأطلقت حكومة دولة الإمارات في العام 2018 الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الهادفة إلى تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، من خلال توظيف التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتنمية الشراكات الدولية لتنويع مصادر الغذاء، وتفعيل التشريعات والسياسات التي تسهم في تحسين التغذية والحد من الهدر لضمان الأمن الغذائي في الظروف والمراحل كافة.
وتضمنت الإستراتيجية 38 مبادرة رئيسة، وخمس توجهات إستراتيجية تركز على تسهيل تجارة الغذاء العالمية، وتنويع مصادر استيراد الغذاء، وتحديد خطط توريد بديلة تشمل من ثلاثة إلى خمسة مصادر لكل صنف غذائي رئيس.

وتسعى الإستراتيجية لأن تكون دولة الإمارات الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051، وتطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء، وتفعيل المبادرات لتعزيز قدرات البحث والتطوير في مجال الغذاء، وتطوير برنامج يُعنى باستزراع الأحياء المائية، وتسهيل إجراءات ممارسة الأعمال ضمن قطاع الإنتاج الزراعي، وتسهيل إجراءات التعاقد الزراعي، ودعم نظم التمويل للنشاطات الزراعية والغذائية، ومواءمة الرسوم الزراعية المحلية مع مثيلاتها الدولية لتحسين الإنتاج المحلي، وتشجيع استهلاك المنتجات المحلية الطازجة، والحد من فقد وهدر الغذاء من خلال تطوير منظومة متكاملة لخفض نفايات الطعام ضمن سلاسل التوريد، وإيجاد بنوك طعام متعددة على امتداد الدولة، وضمان سلامة الغذاء وتحسين نظم التغذية، وإيجاد برامج تدريبية تُعنى بالسلامة الغذائية الوطنية، وتعزيز إجراءات السلامة والوقاية في مجال نشاطات الأغذية التجارية.

واتخذت دولة الإمارات إجراءات فعالة في سياق تعزيز الأمن الغذائي، منها العلامة الوطنية للزراعة المستدامة، حيث تمنح وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة شهادات المطابقة للعلامة الوطنية للزراعة المستدامة، وهي بمثابة شارة وطنية اعتمدتها الوزارة لمنشآت إنتاج المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والأحياء المائية، تعكس استيفاء هذه المنشآت +متطلبات مواصفات الزراعة المستدامة، سواء الإدارية أو الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وتمنح الوزارة العلامة لمدة ثلاث سنوات، مستهدفة تطبيق التنمية المستدامة في إدارة الموارد الطبيعية للمنتجات الغذائية، وذلك طبقاً للنظام الإماراتي للزراعة المستدامة، والذي يشكل إطاراً شاملاً يتضمن المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، كما يحدد ما إذا كان إنتاج المحاصيل ومعالجتها يتم بطريقة مستدامة.
وتسري أحكام النظام الإماراتي للزراعة المستدامة على المزارع والمنتجات الزراعية والأنشطة الاقتصادية المتعلقة بالإنتاج المحلي من المحاصيل الغذائية والثروة الحيوانية والحياة المائية.
وتثبت “العلامة الإماراتية للزراعة المستدامة” التزام المزارع المستدامة بمعايير الزراعة المستدامة، مثل استخدام موارد لا تضر بالبيئة، كما تعزز من وجودها وتنافسية منتجاتها في الأسواق، عدا عن كونها تعكس تلبية أفضل الممارسات المحلية والدولية، وتساعد بالتالي على فتح أسواق جديدة لصادرات المنتجات الزراعية المستدامة، وصولاً إلى تشجيع أصحاب المزارع على الإنتاج الأكثر كفاءة، واتباع أساليب زراعة تقلل من الهدر وتحسن استخدام الموارد مثل الماء والطاقة.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الزراعة المستدامة للزراعة المستدامة دولة الإمارات الأمن الغذائی فی الدولة

إقرأ أيضاً:

قفزة نوعية في عالم الإنقاذ البحري

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

دائما ما نجد انفسنا في أمس الحاجة إلى القيام بمراجعات خاطفة لآخر المستجدات والتطورات في عالم البحار والمحيطات، وهو العالم الذي ننتمي اليه مهنيا وحرفيا وروحياً، فقد أفنينا أعمارنا في العمل البحري المضني، ولا نستطيع الابتعاد عن مجالاته المتشعبة والمتعددة. .
وفيما يلي شرح مفصل لطريقة عمل عوامات النجاة الخاضعة للسيطرة عن بعد بواسطة اجهزة التحكم الإلكتروني. .
العوامة الجديدة يطلق عليها: (The Dolphin Smart Lifebuoy). ولها أسم آخر هو: (remote controlled life-saving device). وهي عبارة عن عوامة نجاة ذكية، برتقالية اللون، سهلة الاستخدام، يتم التحكم بها عن بُعد. تعمل برفاسين نفاثين للماء، وتبلغ سرعتها القصوى 10 عقدة، مما يسمح لها بالوصول إلى الأشخاص المنكوبين بسرعة. .
مُجهزة بمصباحين وامضين تسهل رؤيتهما من مسافة طويلة في الضباب الكثيف وفي الظروف الصعبة. الرفاسات مُغلَّفة بغلاف معدني لحماية المستخدم من الإصابات، وتمنعها من التشابك مع النباتات المائية. تتسع كل عوامة لشخصين فقط. .
تعمل العوامة الجديدة بالطاقة الكهربائية عن طريق بطاريات ذاتية التشغيل قابلة للشحن. .
العوامة أكثر دقة وأقل تكلفة في الاستخدام وأكثر أماناً لفرق الإنقاذ. يُمكّن تحريكها للأمام أو الخلف وذلك بتدوير مقبض التحكم الى اليمين أو اليسار. ويُمكن للعاملين في البحر تعلّم تشغيلها في ثوانٍ. .
باستطاعة هذه العوامة اختراق الأمواج والوصول إلى الأشخاص الطافين فوق سطح الماء في غضون دقائق معدودات. .
اما أبعادها الثلاثية فهي: (1.19 م × 0.85 م × 0.2 م). و وزنها 23 كغم فقط، لكنها قادرة على حمل وزن 225 كغم بمعنى انها قادرة على حمل شخصين وزن كل منهما 100 كغم، وتباع كل واحدة بسعر ألفين دولار تقريبا في معظم الاسواق العالمية والخليجية. لكن ثمنها الحقيقي وقيمتها البشرية اعلى بكثير مما تتصوره الجهات ذات العلاقة. لذا نقترح الإسراع بشرائها والتدريب عليها وتوزيعها على السفن المحلية والمحطات الساحلية والشواطئ الترفيهية وأرصفة الموانئ والمرافئ والمنصات والمنشآت النفطية العاملة في عرض البحر . . .

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • برنامج الأغذية العالمي يحذر من انخفاض مخزونه الغذائي في قطاع غزة
  • في اجتماع بريكس.. الإمارات تؤكد التزامها بمواصلة دعم التحول العالمي للطاقة
  • الإمارات تؤكد التزامها بمواصلة دعم التحول العالمي للطاقة
  • قفزة نوعية في عالم الإنقاذ البحري
  • سندات الأثر الإنساني.. نقلة نوعية في مبادرات تمويل المشروعات الخيرية
  • زراعة قناة السويس تطلق مؤتمرها البيئي الأول لمستقبل أخضر مستدام
  • حظر البناء على الأراضي الزراعية .. و 5 فئات مُستثناة طبقًا للقانون
  • «الاتحاد لحقوق الإنسان» تشيد بدور الإمارات للقضاء على الهدر
  • الزراعة: إزالة أى حالات تعد على الأراضى الزراعية خلال إجازة العيد
  • وزيرة التخطيط: إصلاح النظام المالي العالمي ضرورة لتحقيق عدالة الدول النامية