صحيفة إسبانية توضح.. هل اقتصاد روسيا قادر على التكيف مع حرب طويلة؟
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
قالت صحيفة "إل بايس" الإسبانية إن روسيا مستعدة لمواصلة الحرب ضد أوكرانيا لسنوات أخرى، وإن اقتصادها تكيف فعلًا مع صراع طويل الأمد.
وبحسب الصحيفة، يمكن للاقتصاد الروسي أن يحافظ على نفسه لسنوات وستكون الدولة قادرة على مواصلة حربها حتى لو أدى ذلك إلى إغراق مواطنيها في الفقر.
وقال الخبير الاقتصادي أنطون بارباشين، مدير مركز تحليل ريدل إن "الروس سيواجهون المزيد من الصعوبات، وسيتحمل الناس عبئًا أكبر وسيبيعون ما هو ضروري، ولكن البلاد يمكنها الصمود".
وأضاف بارباشين: "روسيا حققت نجاحًا كبيرًا في التكيف مع اقتصاد الحرب، رغم أنها تتعرض لضغوط كبيرة".
وتوقع الخبير أن تكون تكاليف المعيشة أعلى بالنسبة للروس، ولكن الانهيار الاقتصادي لن يحدث ما لم تنهار أسعار الغاز والبترول.
وتابعت الصحيفة: "ميزانية روسيا لعام 2025 لا تختلف كثيرًا عن ميزانية العام الحالي".
وأشارت إلى أنه "يُخصص أكثر من ثلث الميزانية للحرب والأجهزة الأمنية على حساب المزيد من الضرائب والمزيد من التخفيضات الاجتماعية والاعتماد على عائدات الغاز والنفط".
و"تقدر موسكو أنها ستبيع برميل النفط الخام إلى شركائها هذا العام بسعر 70 دولارًا، أي أكثر بـ 10 دولارات من الحد الذي فرضه الغرب".
وعلى حين يعتقد بعض المحللين أن البلاد لا تزال بمنزلة الاتحاد السوفيتي المتحجر، ولكن العقوبات لم تسقطه.
إذ تجاوزت الدول الغربية إلى حد ما هذه التدابير العقابية، فلا تزال العديد من البنوك الأوروبية تعمل في روسيا، وتستورد أوروبا المواد الهيدروكربونية الروسية عبر الهند.
كما طُبِّقت العقوبات ببطء شديد، فلم يُفرَض الحد الأقصى لسعر النفط الخام الروسي حتى عام 2023، ولا يزال أسطول الظل التابع للكرملين من ناقلات النفط نشطًا.
وقبل أسبوع، استخدمت المملكة المتحدة حق النقض ضد 18 سفينة كانت معروفة بوضوح.
ولكن ومع ذلك، أدت العقوبات إلى تقويض جهود روسيا في غزوها لأوكرانيا وجعلت من المستحيل عليها الوصول إلى سوق أسلحة أكبر.
وبعيدًا عن إنتاجها الداخلي، فإن ذخائرها اليوم تأتي من الترسانات القديمة لكوريا الشمالية وإيران، وفق الصحيفة أيضًا.
وأشارت "إل بايس" إلى أن روسيا سجلت زيادة معدلة موسميًّا في التضخم بنسبة 9.8% في سبتمبر/ أيلول 2024 مقارنة بالعام السابق، وهو رقم بعيد عن الهدف البالغ 4%.
ومع ذلك، فإن سلة التسوق والمنتجات الأخرى تعكس زيادات أعلى بكثير.
ومن المفارقة أن البنك المركزي يلاحظ أن الاقتصاد يتباطأ في الوقت نفسه الذي يرتفع فيه التضخم.
ونما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1% على أساس سنوي في الربع الثاني، بينما تجاوز في الأرباع الأربعة السابقة 5%، واستمر هذا الاتجاه نزولًا في الصيف إلى 2.4% المسجل في أغسطس.
وقد يكون أحد أهم الأسباب هو تشديد شروط إرسال المدفوعات إلى الخارج، علاوة على أن العديد من البنوك الصينية بدأت في رفض التحويلات من روسيا هذا الصيف.
ورجحت الصحيفة أن يذهب الاقتصاد الروسي إلى ما يسمى بـ الركود التضخمي، الوضع الذي يقترن فيه الركود الاقتصادي بالتضخم.
وفي هذا السياق، يقول تحليل لمركز أبحاث روسيا إن "الإنفاق والطلب في قطاعي الاستثمار والصناعة العسكرية مستمران في النمو، ولكن الصناعات المدنية لا تستطيع تلبية الطلب المتزايد الموازي للقطاع الخاص".
وهذا بالتأكيد سيفرض الاستيراد من الخارج، ويعني زيادة العطاءات بسبب التدفق المحدود للعملة الأجنبية، ما يقلل من قيمة الروبل ويجعل المنتجات أكثر تكلفة بالنسبة للسكان.
والنتيجة هي الركود التضخمي، وهي المشكلة التي تتغذى على نفسها، وتؤدي إلى إفقار الروس بشكل أكبر.
وخلٌصت الصحيفة إلى أن المال ليس المشكلة الأساسية بالنسبة للحكومة، إذ تبقى الموارد والأيدي العاملة التي تستهلكها الحرب هما التحدي الأكبر.
وفي ظل أن كل استيراد يمكن أن يفيد الحرب يأتي على حساب قطاع آخر، يبدو أن العملية تتسارع من الناحية الهيكلية، ولكن بطريقة استطاعت روسيا التكيف معها لغاية الآن.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: الاقتصاد السوري تخنقه العقوبات وبدون رفعها سينهار
نشرت مجلة "ايكونوميست" تقريرا قالت فيه إن الحكومة السورية الجديدة وبعد ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب الأهلية السورية التي استمرت 14 عاما، ومع بدء شهر رمضان المبارك، تم استبدال النشوة بالغضب إزاء الضمور المستمر للاقتصاد وعدم قدرة الحكومة الجديدة على عكس ذلك التوجه.
وخلال الحرب انكمش الاقتصاد السوري بنسبة 85 بالمئة٬ وانخفضت الصادرات من 18 مليار دولار قبل الحرب إلى 1.8 مليار دولار في عام 2021. وبلغت احتياطيات النقد الأجنبي 18.5 مليار دولار في عام 2010، ولكن 200 مليون دولار فقط بقيت - وهو ما لا يكفي لتغطية شهر من الواردات. كما هبطت قيمة الليرة السورية من 50 ليرة للدولار إلى ما يقرب من 11 ألف ليرة. والأجور لا تكفي لتغطية حتى نفقات المعيشة الأساسية. ويعيش أكثر من 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر.
ويعد السبب الرئيسي لهذا البؤس هو الحرب التي دمرت الصناعة والبنية الأساسية في البلاد، وقتلت وشردت العديد من شعبها. لكن شبكة العقوبات الغربية المفروضة على سوريا لمعاقبة دكتاتورها بشار الأسد على انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان ساهمت في الانهيار. وبينما انتهت الحرب الآن وأطيح بالأسد، لا تزال العقوبات سارية.
وتتخذ العقوبات عدة أشكال ويستهدف بعضها صناعات حيوية، مثل الطاقة والبنوك والاتصالات، فضلا عن المؤسسات الحيوية، بما في ذلك البنك المركزي. وتحظر مجموعة أخرى تقديم "الدعم المادي" لهيئة تحرير الشام، التي تعد نواة الجماعات المسلحة التي تشكل الحكومة المؤقتة في سوريا.
وترى "إيكونوميست" أن "العقوبات أحادية الجانب التي تفرضها أمريكا هي الأكثر شدة٬ لأنها تحظر على سوريا جميع التعاملات بين الكيانات الأمريكية والسورية، فضلا عن جميع استخدامات الدولار في المعاملات التي تشمل سوريا. وليس الأمريكيون وحدهم هم المقيدون: فالشركات والأفراد الأجانب يواجهون أيضا عقوبات شديدة في أمريكا إذا تعاملوا تجاريا مع سوريا في وطنهم. وتجعل هذه العقوبات "الثانوية" من المستحيل تقريبا، على سبيل المثال، على أي بنك أجنبي كبير تسهيل المدفوعات إلى سوريا".
وتضيف المجلة "ورغم وجود استثناء نظري للمساعدات الإنسانية، فإن المؤسسات المالية تشعر بالقلق بشأن كيفية إثبات أهلية المدفوعات. وعلى نحو مماثل، ورغم تعليق بعض العقوبات الأمريكية في كانون الثاني/ يناير لمدة ستة أشهر، فإن عقوبات أخرى لا تزال قائمة. كما علق الاتحاد الأوروبي بعض القيود المفروضة على التجارة والاستثمار، ولكن ليس كلها".
وتضيف أن نظام الأسد "نجا من هذا الحظر الخانق لفترة طويلة لسببين. أولا، تصادق مع منبوذين آخرين، بما في ذلك إيران وروسيا، مما ساعد في دعمه، ليس فقط عسكريا، بل وأيضا اقتصاديا. وثانيا، حول سوريا إلى دولة مخدرات. وبحلول أوائل عشرينيات القرن العشرين، أصبحت سوريا أكبر منتج في العالم للكبتاغون، وهو مخدر يشبه الأمفيتامين، والذي جلب ربما 6 مليارات دولار سنويا. وظل معظم هذا الدخل في الخارج واستخدم لدفع ثمن واردات النظام".
وتؤكد أن "لم يعد أي من آليات البقاء هذه يعمل٬ ويحرص الزعيم السوري الجديد، أحمد الشرع، على أن يُنظر إليه على أنه شرعي. وقد شن حملة صارمة على إنتاج الكبتاغون. كما أنه ليس صديقا لإيران وروسيا، اللتين ضربت قواتهما هيئة تحرير الشام خلال الحرب. وبدلا من ذلك، حاول الشرع تحرير الاقتصاد، على أمل تحفيز النمو. كما قام بتبسيط الرسوم الجمركية ورفع الحظر على العملة الأجنبية.
كما أنه يعمل على إصلاح البيروقراطية بشكل جذري، وطرد الكثير من الموظفين المدنيين ووعد برفع رواتب أولئك الذين بقوا بشكل حاد. ويأمل في جذب الاستثمار الأجنبي لإحياء صناعة الطاقة في سوريا وإعادة بناء بنيتها التحتية. ولكن بدون تخفيف العقوبات، فإن كل هذه الجهود سوف تذهب سدى.
وألمحت المجلة أن "الطوابير الطويلة أمام ماكينات صرف النقود في دمشق تشير إلى مدى مرض الاقتصاد ومدى الضرر الذي تسببه العقوبات. فسوريا تعاني من نقص حاد في الأوراق النقدية. وفي اقتصاد يعتمد بشكل كبير على النقد، فإن هذا يشبه السكتة القلبية. فالشركات لا تستطيع دفع الأجور والأسر لا تستطيع شراء السلع الأساسية".
وتنقل "إيكونوميست" عن أحد التجار "أن السيارات المستوردة إلى سوريا بعد سقوط الأسد تتراكم عليها الغبار، حيث لا يستطيع أحد جمع ما يكفي من النقود لدفع ثمنها. وقد يكون لدى الشركات والأفراد أموال في حساباتهم المصرفية، ولكن البنوك لا تملك ما يكفي من الأوراق النقدية لدفعها. وبدلا من ذلك، أصدر البنك المركزي تعليمات لهم بالحد من عمليات السحب".
وتحلل المجلة "أن النقص الحاد في النقد شديد لدرجة أن قيمة الليرة السورية ترتفع مقابل الدولار، على الرغم من كل المصاعب الاقتصادية التي تواجهها سوريا. كما تتراجع أسعار السلع اليومية، ويرجع هذا جزئيا إلى أن استيرادها أصبح أسهل الآن، ولكن ربما أيضا لأن هناك قدرا أقل من النقد الذي يمكن شراؤه به. كما لم تقدم الحكومة أي تفسير واضح لما يحدث. ويشتبه البعض في أن السماح للسوريين بامتلاك العملات الأجنبية، وانتشار عمليات تغيير العملة التي أعقبت ذلك، قد امتص قدرا كبيرا من النقد من النظام المصرفي. ويشير آخرون إلى أن تعليق معظم التحويلات الإلكترونية قد دفع إلى اللجوء إلى النقد على نحو أكبر".
وترى أن "الحل هو أن يصدر البنك المركزي المزيد من الأوراق النقدية. وكانت سوريا تطبع نقودها في النمسا، قبل أن تجبرها العقوبات على اللجوء إلى روسيا. وفي شباط/ فبراير الماضي، تلقت سوريا طائرة محملة بالعملة بموجب عقد أبرم في عهد الأسد. من المفترض أن تتمكن روسيا من طباعة المزيد، ولكن روسيا والنظام الجديد ليسا على علاقة جيدة. وفي الوقت نفسه، قد تشعر الشركات الغربية بالقلق من انتهاك العقوبات وقد يستمر الجفاف النقدي لبعض الوقت".