ليس من الواضح بعد إذا ما كانت إسرائيل تنوي بالفعل التوغّل 3 كلم داخل الأراضي اللبنانيّة، أو أنّها تُريد الوصول إلى 5 كلم لدفع مقاتلي "حزب الله" إلى شمال الليطاني، وضمان عودة مواطنيها إلى مستوطناتهم القريبة من لبنان. وفي هذا السياق، يتمّ الحديث أيضاً أنّ العدوّ يطمح إلى إحتلال بعض البلدات الجنوبيّة وإبقاء سيطرته على الأجواء لمنع "المقاومة" من بناء قدراتها العسكريّة من جديد، بهدف الحدّ من العمليّات ضدّ المستعمرات الإسرائيليّة، وإبعاد قوّة "الرضوان" عن الحدود مع فلسطين المحتلة.


 
وفور إعلان العدوّ عن بدء عمليّته البريّة في لبنان، سارعت وسائل إعلام إسرائيليّة ومواقع التواصل الإجتماعيّ في تل أبيب إلى نشر عروضٍ لشراء منازل في البلدات التي قد تحتلّها إسرائيل في لبنان، تحضيراً للإستيطان داخل الأراضي اللبنانيّة إذا قرّرت حكومة بنيامين نتنياهو بالفعل إحتلال الجنوب.
 
ولا يُخفى أنّ هناك رغبة في إسرائيل بإعادة إحتلال أراضٍ في لبنان وخصوصاً من قبل المتشدّدين والمتطرفين. في المقابل، ظهرت مُعارضة شديدة في أميركا وفرنسا وغيرها من الدول لهذا المُخطّط، وذلك لسبب مهمٍّ وهو أنّ هذا الأمر سيُعزّز حركات "المقاومة" ضدّ العدوّ الإسرائيليّ وسيخلق جوّاً متضامناً مع "حزب الله" لإعادة تحرير الأراضي المحتلة. فقبل العام 2000، كانت هناك عمليّات عسكريّة مُكثّفة ضدّ مواقع الجيش الإسرائيليّ في الجنوب، ما أدّى في نهاية المطاف إلى إنسحابه من الأراضي اللبنانيّة نظراً للخسائر التي كان يتكبّدها يوميّاً.
 
كما أنّ إحتلال أراضٍ لبنانيّة لن يجلب السلام لإسرائيل، فـ"حزب الله" لديه صواريخ يستطيع إطلاقها من مسافات بعيدة باتّجاه المستوطنات القريبة من لبنان، وسيطرة الجيش الإسرائيليّ على بعض الكيلومترات لن يكون الحلّ لاعادة المستوطنين إلى قراهم. كذلك، تعتقد الولايات المتّحدة الأميركيّة أنّ الإحتلال سيُعطي الشرعيّة لـ"الحزب" ولغيره من الفصائل والأحزاب "المقاومة"، وسيضع تل أبيب أمام ضغوطٍ وعزلة دوليّة متزايدة.
 
وتجدر الإشارة إلى أنّه بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، لم تستطع أيضاً إستمرار إحتلال غزة، فأعلنت في العام 2005 عن مُغادرة جنودها القطاع الفلسطينيّ وأَجْلَتْ مواطنيها من المستوطنات التي أقامتها خلال فترة إحتلالها.
 
وبحسب محللين عسكريين، لا تقدر إسرائيل التي تخوض معارك إستنزاف كبيرة ضدّ "حزب الله" أنّ تُحافظ على سيطرتها على الميدان، فـ"المقاومة الإسلاميّة" تشنّ أكثر من 30 هجوماً يوميّاً وتُصيب وتقتل عناصر من الجيش الإسرائيليّ وتُدمّر آلياته ودباباته وتضرب المستوطنات وحتّى حيفا وتل أبيب بالصواريخ، على الرغم من الغارات العنيفة على البلدات اللبنانيّة وعلى الضاحية الجنوبيّة.
 
ويُشير المحللون إلى أنّ إسرائيل لن تستطيع بالغزو البريّ أو بشنّ الغارات أو بتدمير واحتلال بلدات لبنانيّة من شلّ قدرات "حزب الله"، فالأخير لا يزال قويّاً باعتراف المراقبين الإسرائيليين والغربيين، وهو قادر على خوض حربٍ طويلة مع الجيش الإسرائيليّ لأنّ لديه آلاف المقاتلين إضافة إلى أنّ إيران لا تزال تجدّ طرقاً لإيصال السلاح إليه عبر سوريا.
 
وترى واشنطن وحلفاؤها أنّ احتلال مناطق في لبنان سيكون دعسة إسرائيليّة ناقصة، ولن يجلب إلى إسرائيل سوى الخيبات العسكريّة والخسائر في صفوف جيشها واقتصادها، ولن يكون الحلّ أبداً لعودة الإسرائيليين إلى منازلهم، بل بالعكس سيُقوّي "حزب الله" وطهران. من هنا، فإنّ أميركا تعمل على إنجاح المُحادثات الديبلوماسيّة وتطبيق القرار الأمميّ 1701 لوقف القتال، كيّ لا تتوسّع رقعة النزاع إلى بلدان جديدة، ولتفادي أيّ تهوّر إسرائيليّ غير محسوب في لبنان.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی اللبنانی ة فی لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

اعتراف إسرائيلي: المقاومة تتصاعد في الضفة وجهود الجيش والسلطة غير كافية

رغم الحملة الأمنية التي تشنّها أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية على عناصر المقاومة في الضفة الغربية، لكن الاحتلال الإسرائيلي يؤكد أنه لا يمكن الوثوق بها، بزعم أن عملية "الجدار الحديدي" دليل واضح على أنه وحده قادر على القضاء على المقاومة.

وأكد الباحث بجامعة جنوب ويلز بالمملكة المتحدة، ومركز "إسرائيل" للإستراتيجية الكبرى "ICGS"، أوري فيرتمان، أنه "بينما سرى اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس في غزة، فإن دراما حقيقية تتكشف في الضفة الغربية، حيث تتعاون إسرائيل والسلطة الفلسطينية في مكافحة قوى المقاومة، وبدأ ذلك أوائل كانون الأول/ ديسمبر 2024، بعد تقويض حكم السلطة بشكل خطير في شمال الضفة من قبل حماس والجهاد الإسلامي، حيث شنّت قواتها عملية عسكرية ضد مسلحي المقاومة، بزعم استعادة حكمها في جنين". 

وأضاف فيرتمان في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، وترجمته "عربي21" أن "مشاهد سقوط نظام الأسد في سوريا دفعت أبو مازن للتحرك ضد من يسعون للإطاحة بسلطته، ورغم تقدم سنّه قرابة تسعين عاما، لكن ذاكرته لا تزال قوية، ولم ينس كيف طُردت السلطة تحت قيادته بشكل مخزٍ من غزة صيف 2007، وهو لا يبخل بالوسائل، فعندما أصبح بقاء حكمه على المحك، أغلق قناة الجزيرة مؤقتاً، بزعم أنها تقدم بانتظام رواية واضحة لصالح حماس". 


وأوضح أنه "رغم الأمل بظهور سلطة فلسطينية متجددة الآن، فقد قرر أبو مازن فرض سيطرته على الضفة، رغم أن الحقيقة المرّة أنه منذ إنشائها في 1994 بموجب اتفاق أوسلو، لم تتغير رغبتها، وعجزها عن محاربة قوى المقاومة، لأنها لا ترغب بتصويرها متعاونة مع إسرائيل بنظر الجمهور الفلسطيني، الذي يعتقد أن حكم أبو مازن فقد شرعيته منذ فترة طويلة".

وأشار إلى أن "استطلاعات الرأي العام للأشهر الأخيرة، تُظهر أن وضع السلطة وزعيمها في الضفة هبط لأدنى مستوياته، ويؤيد 94 بالمئة منهم استقالته، ويعتقد 73 بالمئة أن السلطة تشكل عبئاً على الشعب الفلسطيني، فيما تتمتع حماس بالدعم، ومع أن أغلبية كبيرة في الضفة تؤيد حركة فتح بنسبة 48 بالمئة، لكن ليس مستغرباً أن يتمكن مرشح حماس من هزيمة عباس بسهولة بنسبة 86 بالمئة مقابل 10 بالمئة".


وزعم أن "إسرائيل لا تثق بأبو مازن والسلطة حين يتعلق الأمر بالقضايا الأمنية، بدليل أن عملية الجدار الحديدي، تشكل استمرارا لنشاط الجيش والشاباك ضد البنى التحتية للمقاومة في الضفة، وأنه وحده قادر على القيام بهذه المهمة، مما يؤكد أنه في غياب وجوده عن الضفة، من المتوقع أن ينهار حكم السلطة مثل "بيت من ورق"، لأن الواقع يثبت لنا مرارا وتكرارا أن قواتها الأمنية عاجزة عن فرض القانون والنظام في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وليست راغبة بمواجهة حماس والمنظمات الأخرى".

وختم بالقول إن "إسرائيل المهتمة ببقاء السلطة كحكومة فعّالة قادرة على إدارة حياة الفلسطينيين في الضفة، وتخشى أن تحاول حماس والجهاد تنفيذ هجوم على غرار السابع من أكتوبر في أراضي الضفة، لابد وأن تتحرك بنفسها ضد بناهما التحتية".

مقالات مشابهة

  • أمّة المقاومة.. مقاومة الأمّة
  • التطبيع بين لبنان وإسرائيل... مُجرّد حلم أميركيّ
  • إسرائيل توافق على مقترح أميركي لهدنة في غزة خلال رمضان
  • إسرائيل توافق على مقترح أميركي لهدنة مؤقتة في غزة
  • الجيش الإسرائيلي يتأهب للدفاع عن الدروز في سوريا
  • إنا على العهد.. معادلة لا مجرد شعار
  • الحاج حسن للذين يتحدثون عن السيادة: ألا تعتبرون أن إسرائيل تخرق السيادة عندما تقتل شبابًا لبنانيين؟
  • إسرائيل تهدّد مجدداً... وسلام في الجنوب: ملتزمون اعادة الاعمار وتأمين العودة
  • صحفي أميركي يهاجم زيلينسكي.. "لماذا لا ترتدي بدلة رسمية؟"
  • اعتراف إسرائيلي: المقاومة تتصاعد في الضفة وجهود الجيش والسلطة غير كافية