نضال النقابات العمالية ضد الحكم العسكري الأول ( 3 – 5)
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
ناقش الجزء الأول من هذه الدراسة تأسيس الحركة النقابية، ثم تعرض الجزء الثاني لفترة الحكم الوطني الأول. هذا الجزء الثالث مكرس للنضالات الباسلة التي خاضها العمال ضد حكم العسكر.
بداية عدوانية:
صدرت في يوم 3 ديسمبر 1958 ، بعد اسبوعين فقط من الانقلاب العسكري، القرارات الخاصة بحل اتحاد عمال السودان وجميع النقابات السودانية واغلاق جريدة الاتحاد (الطليعة) وقد ارجع الدكتور عبد الرحمن طه تلك القرارات للأسباب الاتية :" لما كان النظام العسكري عالما بالإمكانيات السياسية للحركة العمالية والخطر الناجم عنها ، فقد بادر بحل جميع النقابات وحل الاتحاد العام ".
مذكرة نوفمبر 1959:
لم تستكين الحركة العمالية، رغم حملات القمع، فقد رفع عدد من القادة النقابيين مذكرة، في نوفمبر 1959 للحكومة العسكرية تطالب بعودة النقابات على اساس قانون النقابات لسنة 1948 واطلاق سراح النقابيين المعتقلين والنظر في العفو عن النقابيين المسجونين. قررت السلطات اعتقال كل من وقع على المذكرة ، فجاء رد عمال السكة الحديد بالخرطوم فوريا بالدخول في اضراب مفتوح حتى تطلق الحكومة سراح المعتقلين وتتم الاستجابة لمطالب المذكرة. واهتز النظام العسكري لان الاضراب كان اول تحرك عمالي ضده رغم حل النقابات ، فلجا لسلاحي التشريد والارهاب فشرد 228 عاملا واعتقل العشرات منهم.
ورغم حملات الارهاب لم تتوقف الحملة ، وسط قواعد العاملين ، الداعية لعودة النقابات بل توسعت واصبحت مطلبا جماهيريا. ووجدت الحملة المحلية دعما عالميا من منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة واتحاد النقابات العالمي حول حق العمال السودانيين في التنظيم النقابي. وتحت تأثير تلك الحملة المستمرة و المتعاظمة (محليا ودوليا) تراجع النظام واصدر قانون النقابات لسنة 1960. وهنا حاول النظام استخدام اسلوب التشريع للسيطرة على النقابات بعد ان فشلت سياسات الحل والاعتقال والتشريد في اسكات صوت النقابيين. فأصدر قانون النقابات لسنة 1960 ، وكرر العمال ما قاله الشفيع احمد الشيخ ، في احدى الندوات العمالية بعطبرة ، واصفا قانون النقابات لعام 1948 بانه قانون عقوبات وليس قانون نقابات.
قانون للعقوبات وليس للنقابات:
وسنحاول هنا عرض بعض السمات الاساسية للقانون لإنه يشكل جوهر سياسة النظام العسكري الجديدة تجاه العاملين ونقاباتهم. تلك السياسة الجديدة تمحورت ، حسب ما كتب بابكر كرار ( احد منظري النظام العسكري) في احد اصدارات مصلحة الاستعلامات والعمل واطلق عليه "نظرات في التنظيم العمالي الجديد:" بان القاعدة الذهبية التي ترتكز عليها القوانين العمالية الجديدة هي: ان النقابات العمالية ، والجماهير العمالية بداخلها، جزء من كيان الثورة وان القانون يوثق هذا الرباط بين الجماهير والثورة ويضع وزير العمل امينا على مكاسب جماهير العمال ومرشدا لهم في نضالهم المجيد من اجل تدعيم الثورة المنقذة وتحرير الكادحين من البؤس وتطهير النقابات العمالية من اعداء العمال والمخربين" .
كان الهدف الأساسي لقانون النقابات لعام 1960 هو تحجيم الحركة العمالية عن طريق تحطيم اتحاد العمال كمركز موحد للحركة فقد جاء في المادة 26 من القانون ما يلى: "حرمان اية نقابة الانتساب الى اية هيئة لا تسرى عليها احكام هذا القانون او تتحد معها او تقوم معها بعمل مشترك لأى غرض من الاغراض" . كما يلزم القانون بان يكون الحد الادنى لتكوين نقابة هو خمسين عاملا ، في تجاهل متعمد لواقع الاقتصاد الوطني ، الذى تسيطر عليه الوحدات الانتاجية التي تستخدم اقل من 50 عاملا. بهذا المنهج المقصود ، يحرم القانون عشرات الالوف من حق التنظيم النقابي. ولم يقف القانون عند ذلك بل منع العاملين الذين لا يعملون تحت مخدم واحد من إنشاء نقابة مما يعنى ان عمال المطابع وطلمبات الوقود والتجارة والبناء والترزية والمخابز والتاكسي والشحن والتفريغ وغيرهم لا يحق لهم التنظيم رغم اعدادهم الكبيرة وقساوة الظروف التي يعملون في ظلها واحتياجهم الملح للمظلة النقابية التي تحميهمواضافة لذلك لا يعطى القانون العمال الزراعيين حق التنظيم. ويمضى القانون خطوات اكثر في تحجيم الحركة النقابية بان يخرج من التنظيم النقابي مدرسي المدارس الوسطى الاهلية ، والمدارس الاولية وموظفي البوستة والتلغراف وموظفي الادارة المركزية وغيرهم وكلها فئات انتظمت في العمل النقابي منذ نهاية اربعينات وبداية خمسينات القرن الماضي. واخطر من كل ذلك يحرم القانون تماما استخدام الاضراب ، ويعطى الوزير ومسجل النقابات سلطات كبيرة للسيطرة على النقابات ، والتحكم حتى في اموالها و ميزانياتها.
وما يثير التعجب حقا ان السلطة العسكرية ، التي انتفعت بتجربة من اسمتهم بالخبراء النقابيين وأصدرت مصلحة استعلاماتها اكثر من عشرين كتيبا عن قضايا العمل والعمال، في حملة قوية للتأثير على تفكير جماهير العمال، لم تستوعب جوهر دروس انشاء الحركة النقابية ومناهج عملها. فالحركة العمالية نشأت في مواجهة مباشرة وعنيفة مع الدولة الاستعمارية مما جعلها تتشرب بالروح الصدامية. ظروف النشوء تلك ادت لاكتشافها مضاء، و فعالية سلاح الاضراب في مواجهة الحكومات خاصة اذا علمنا ان الحكومة السودانية ( مالكة القطاع العام) هي المخدم الرئيسي في البلاد ، واكثر من يتأثر بالإضرابات التي تعطل مرافقها الرئيسية تماما. وانسجاما مع تجربة النقابات السابقة في مواجهة قانون النقابات لسنة 1948 عند اعلانه الاول كمشروع قانون ثم استخدامه ، بعد صدوره رسميا ، في تنظيم العمال ومواجهة الادارة الاستعمارية ، قرر النقابيون استخدام القانون الجديد ، قانون 1960 ، رغم سوءاته والقيود التي يفرضها على العمل النقابي ، باستثمار صدوره لإعادة تنظيم النقابات. وكان هنالك اعتقاد سائد وسط النقابيين بان القانون صدر نتيجة لتراجع النظام امام الضغوط الداخلية والخارجية وانهم بمزيد من الضغوط سينالون مكاسب جديدة تستخدم كأدوات في صراعهم من اجل اعادة حركتهم لسيرتها الاولى. وهكذا انتعش النشاط النقابي وسط القواعد العمالية رغم قيود القانون ، المشرع والمكرس اساسا للسيطرة عليها.
قررت السلطة ، بعد اصدار القانون، ان تستخدم كل الوسائل لإلحاق النقابات بعجلتها. ومنذ صدور القانون ، رسميا ، كانت كل الانظار تتوجه نحو نقابة عمال السكة الحديد لتاريخها النضالي ولموقعها في قلب الحركة العمالية وللوضع الاستراتيجي لمرفق السكة الحديد واثره على الاقتصاد القومي. ولهذه الاسباب كانت نقابة عمال السكة الحديد ، دوما ومنذ تأسيسها ، موقعا للصراع بين العمال والحكومات وكذلك بين مختلف التيارات النقابية . ومن الطبيعي ، فور صدور القانون ، ان تجتهد القيادات النقابية بالمبادرة للتحرك النشط والمبكر وسط قواعد النقابة للتعبئة للمعركة القادمة. ومن المتوقع ايضا ان تتحرك الحكومة ، بكل امكانياتها واجهزتها ، لتطويع هذه النقابة الهامة وادخالها بيت الطاعة الحكومي.
بعد عدة مماطلات وتأجيلات تم اعادة تسجيل نقابة عمال السكة الحديد بموجب القانون الجديد. وكانت السلطة هي الاسرع في التحرك لتضييق الخناق على النقابيين المعارضين، فتم اعتقال تسعة من النقابيين وتمت محاكمتهم في عجلة ظاهرة بأحكام جائرة تفاوتت بين تسعة اشهر وثلاث سنوات. كما نقل العشرات من النقابيين لإبعادهم عن المواقع النقابية التي كانوا يفوزون فيها حتى يخلو المجال لانصار الحكومة. كما اعتقل القائد النقابي الحاج عبد الرحمن، وهو سكرتير اللجنة التمهيدية للنقابة، وحوكم بالسجن لمدة 15 يوما ، وعندما اطلق سراحه يوم 9/11/1960 تم اعتقاله تحفظيا يوم 10/11/1960 ( بعد يوم واحد من اطلاق سراحه)/ ولم يطلق سراحه (هذه المرة) الا بعد انتهاء الانتخابات. هذه التصرفات القمعية لم تنحصر في نقابة السكة الحديد فقط فقد تعرض قادة من الخطوط الجوية والادارة المركزية للاعتقال، كما تم تهديد عدة نقابيين بالاعتقال.
اضراب يونيو 1961:
ورغم كل ذلك القمع لم تأتي نقابة كما تشتهي السلطة، وامتدادا ومواصلة لتاريخ صدامي طويل تقدمت نقابة عمال السكة الحديد الصفوف مرة أخرى. وبعد تعنت الادارة والسلطة في المفاوضات ، اعلنت النقابة الاضراب من 17 يونيو حتى 24 يونيو 1961 من اجل المطالب الاتية:
• زيادة اجور العمال بنسبة 45 %
• تعديل كادر ويكفيلد
• رفع حالة الطوارئ.
تحركت الحكومة ، فور اعلان الاضراب ، بقواتها النظامية واعلامها وكامل جهاز دولتها وانصارها وسط العمال لإفشال الاضراب واستخدمت كافة الاساليب والحيل والوعود. وعندما فشلت كل محاولاتها قررت ، قبل 3 ايام من موعد الاضراب ، حل النقابة في محاولة اخيرة لإفشال الاضراب. ورغم حملة الاعتقالات التي شملت عطبرة والخرطوم ومدن اخرى، نفذ عمال السكة الحديد الاضراب بإجماع. قامت الحكومة ،عقب انتهاء الاضراب بحملة تشريد شملت المئات من العمال.
تزوير قرارات مؤتمر النقابات:
شعرت الحكومة بعد حملة الاعتقالات والتشريد التي اعقبت اضراب عمال السكة الحديد انها في وضع افضل وان توازن القوى صار في صالحها، وان الوضع اصبح متهيئا للتحرك والسيطرة على قيادة الحركة النقابية بما يضمن ولاء القيادات التام للنظام. وقد صاحب ذلك التحرك برنامج دعائي مكثف من مصلحة الاستعلامات حيث تم نشر اكثر من عشرين كتيبا موجهة للعمال تحاول ان تعيد قراءة تاريخ الحركة العمالية السودانية والعالمية من منظور النظام. ولاستخدام عنصر المفاجأة اعلنت الحكومة في صحف الخميس 15/8/ 1963 بانها قررت عقد مؤتمر لنقابات العمال السودانيين يوم غد الجمعة 16/8/1963 وهو تنفيذ متأخر جدا لمطلب نقابي قديم بعقد مؤتمر عام لإنشاء اتحاد العمال. و ذكر بيان الحكومة انه سيحضر ممثلون لكل النقابات من جميع انحاء السودان.
انعقد المؤتمر في الوقت المحدد له بحضور مندوبو 44 نقابة عمالية واجاز عدة قرارات منها:
• الغاء قانون النقابات لسنة 1960 وارجاع قانون النقابات لسنة 1948
• المطالبة بإعادة نقابة السكة الحديد
• زيادة الاجور بنسبة 45%
• قيام اتحاد عام نقابات عمال السودان
وفى مساء السبت 17/8 اعلن رئيس المؤتمر نهاية اعماله وان دعوة ستتم لمندوبي النقابات بعد انتخابهم بواسطة مجالس ادارات نقاباتهم لتكوين اللجنة التمهيدية للاتحاد. وتم نشر القرارات بالصحف.
اثارت تلك القرارات حفيظة الحكومة فقررت التحرك الفوري فدعت بعض النقابيين المختارين لاجتماع في ساعة متأخرة من ليلة السبت وتم اصدار قرارات جديدة ارسلت للصحف لنشرها رغم انها نشرت القرارات الاصلية وتمحورت القرارات الجديدة حول دعم العمال للثورة وادانتهم للمخربين والمطالبة بتصفيتهم من النقابات.
ادت فضيحة تزوير قرارات مؤتمر اغسطس 1963 لردود فعل غاضبة محليا ودوليا. حيث حدث استنكار واسع وسط قواعد العاملين وعمت موجة من الغضب والرفض في اجتماعات النقابات. كما وردت مذكرات من منظمات عالمية مطالبة باحترام حرية العمل النقابي في السودان. وتراجع المجلس العسكري الاعلى ، مرة اخرى ، امام ذلك الضغط ، واصدر في نوفمبر 1963 قرارات وافق بموجبها على عودة نقابة السكة الحديد وعلى قيام اتحاد عام للنقابات وعلى تعديل قانون 1960.
اتجهت كل الانظار ، فور صدور تلك القرارات ، مرة اخرى الى نقابة عمال السكة الحديد. وتعاملت الحكومة مع الانتخابات كمعركة مصيرية وبادرت بتكوين لجنة تمهيدية من انصارها رافضة ان تكون اخر لجنة نقابة منتخبة هي اللجنة التمهيدية ( برئاسة النقابي على محمد بشير). تواصلت واحتدمت معركة التحضير للانتخابات. ارسلت الحكومة قواتها ، قبل اربعة ايام من موعد التصويت ، التي اشاعت جوا من الارهاب في عطبرة وقامت بمحاصرة كاملة لبعض احياء عطبرة وتم اعتقال 35 نقابيا ، كما استخدمت الحكومة العمد والمشائخ للضغط على العمال ومنعهم من التصويت للمعارضة. وبتأثير كل هذه العوامل نجحت الحكومة في الفوز بثلثي مقاعد النقابة بينما نالت المعارضة الثلث الاخير. وهللت الحكومة واعلامها للانتخابات النظيفة واقيمت المهرجانات احتفالا بالانتصار.
نجاح الحكومة في الاستيلاء على قيادة نقابة السكة الحديد شجعها على المضي قدما في الحاق الحركة النقابية بركبها ، ومحاولة تخفيف الضغط العالمي الذى لم يتوقف في المطالبة بحق التنظيم لعمال السودان. فقبلت الدعوة لمؤتمر عام تحضره كل النقابات في اغسطس 1964. وبدأت اللجنة التأسيسية لاتحاد العمال اعمالها ووجهت الدعوة للعديد من الاتحادات العمالية الاقليمية والدولية. وقد ذكر واربيرج انه من الستين عضوا في اللجنة التأسيسية كان 45 منهم ينتمون للمعارضة اليسارية. اصد ر وزير الاستعلامات والعمل، وقبل يومين من موعد انعقاد المؤتمر، قرارات منها حل اللجنة التأسيسية ، وتسليم كافة اعمالها الى لجنة تمهيدية كونها من رؤساء اكبر عشرة نقابات ، والا يعقد أي مؤتمر عام حتى تفرغ اللجنة التمهيدية الجديدة من اعمالها في صياغة دستور جديد. ليس ذلك فحسب بل امر بعدم اجراء أي تغيير في تكوين مجالس ادارات النقابات حتى نهاية عام 1965. لم ينعقد المؤتمر حتى هبت رياح اكتوبر وذهبت هباء كل المشاريع لتطويع الحركة العمالية. ادت مشاركة العمال في الاضراب السياسي العام ، رغم انها جاءت متأخرة ، لإعطائه قوة وشمولا اسرع بإسقاط النظام العسكري. وكانت من معالم نضال العمال البارزة خلال ثورة اكتوبر ذلك القطار الذى سيره عمال كسلا لدعم الثورة بالعاصمة.
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: نقابة السکة الحدید اللجنة التمهیدیة الحرکة العمالیة الحرکة النقابیة النظام العسکری اتحاد العمال تلک القرارات عمال السودان
إقرأ أيضاً:
إشادات من الحكومة والمعارضة بمجلس النواب ولجنة الصحة حول مشروع قانون المسئولية الطبية
أكد المستشار الدكتور حنفي جبالي (رئيس مجلس النواب)على حرص المجلس على مواصلة عمله لتحقيق منظومة تشريعية متكاملة لتحقيق طفرة حقيقية في جميع المجالات، وذلك في ظل توافر الإرادة السياسية الحقيقية والداعمة للمجلس برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأكد على أهمية إقرار تشريع منظم للمسئولية الطبية يحفظ كافة حقوق والتزامات مقدمي الخدمة الطبية ويضمن سلامة المريض ويؤمن بيئة العمل في هذا القطاع، مشيراً إلى أن الأطقم الطبية أصحاب رسالة سامية يشهد التاريخ على حجم مواقفهم التي لم يتخلوا فيها أبدا عن دورهم.
كما أكد على أن مشروع القانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض شهد دراسة مستفيضة ومتأنية بمشاركة جميع نقابات المهن الطبية المعنية وعلى رأسها نقابة الأطباء، موجهاً الشكر لمجلس الشيوخ على التعديلات التي أدخلها على مشروع القانون، وللأستاذ الدكتور أشرف حاتم (رئيس لجنة الشئون الصحية) ولجميع السادة النواب المتقدمين بمشروعات قوانين في ذات الشأن لتنظيم المسئولية الطبية، مشيداً بجهود الحكومة وعلى رأسها الدكتور/ مصطفى مدبولي (رئيس مجلس الوزراء).
جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس النواب المنعقدة اليوم 23 مارس وفي بداية مناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بإصدار قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض.
ووجه رئيس المجلس الشكر للدكتور خالد عبد الغفار (نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة) لمبادرته بعقد اجتماعات والتنسيق مع مجلس النواب لتلافى أية إشكاليات حول مشروع القانون، كما وجه الشكر للمستشار محمود فوزى (وزير شئون المجلس النيابية والقانونية والتواصل السياسي) على حضور جميع اجتماعات اللجنة أثناء مناقشة مشروع القانون والاستجابة لملاحظات السادة النواب والنقابات المهنية وعلى رأسها نقابة الأطباء على نحو ساهم في إنجاح مشروع القانون.
وأشاد الدكتور خالد عبد الغفار (نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة) بمجلس النواب على تصديه بكل جرأة لمناقشة مشروع قانون المسئولية الطبية الذي سكتت مجالس نيابية سابقة عن مناقشته خشية من الدخول في معترك مناقشته لكونه ينظم أمراً شائكاً في حماية مقدمي الخدمة الطبية وحماية المرضى وسلامتهم أثناء تلقيهم الخدمة الطبية، مشيراً إلى أن الفصل التشريعي الحالي لمجلس النواب فصل تاريخي لما شهده من جهود غير عادية في إنجاز العديد من مشروعات القوانين المهمة والخطيرة، مشيداً باستجابة لجنة الشئون الصحية بالمجلس لمطالب النقابات المهنية الطبية، مضيفاً أن مشروع القانون تضمن العديد من المكتسبات أبرزها استحداث تعريف محدد وواضح للخطأ الطبي الجسيم وإنشاء لجنة عليا للمسئولية الطبية تكون هي الخبير الفني لجهات التحقيق أو المحاكمة في القضايا المتعلقة بالمسئولية الطبية، وإنشاء صندوق تأمين حكومي للمساهمة في تغطية الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية.
ووجه الدكتور أسامة عبد الحي (نقيب الأطباء) الشكر لمجلس النواب على مناقشة مشروع قانون المسئولية الطبية مؤكداً أنه سيُحسب في سجل الإنجازات التاريخية لهذا المجلس، مشيداً بالتعديلات التي قامت لجنة الشئون الصحية بإدخالها على مشروع القانون والتي جاءت استجابة لرغبات الأطباء، أبرزها أن تكون اللجنة العليا للمسئولية الطبية هي الخبير الفني أمام جهات التحقيق والمحاكمة في القضايا المتعلقة بالمسئولية الطبية، كما أشاد نقيب الأطباء بتفرقة لجنة الشئون الصحية بين الخطأ الطبي العادي الوارد حدوثه وبين الخطأ الطبي الجسيم، وطالب نقيب الأطباء إعادة النظر في تخفيض قيمة الغرامة على الخطأ الطبي العادي، وأن يغطي صندوق التأمين الحكومي كافة الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية.
وأكد النائب عبد الهادي القصبي (رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن)على أن المجلس أنجز العديد من القوانين الهامة على مدار الفصل التشريعي الحالي التي تمس جميع فئات المجتمع، مشيراً إلى أهمية مشروع قانون المسئولية الطبية بسبب الوضح الحالي الذي لا يوجد به أي تنظيم يضمن حقوق الطبيب والمريض معاً وإنما يتم تنظيم ذلك وفقا لنصوص متفرقة في القوانين المنظمة لمزاولة المهن الطبية، وقانون العقوبات، الأمر الذي يتسبب في وجود عدة مشاكل على أرض الواقع، مستعرضاً مميزات مشروع القانون الذي نظم الإطار العام لجوانب المسئولية الطبية وبما يضمن حقوق مقدمي الخدمة والمريض في آن واحد.
كما أشاد النواب بمختلف انتماءاتهم الحزبية بمشروع القانون، حيث أشاد النائب مصطفى بكري بجهود المجلس ولجنة الشئون الصحية ونقابة الأطباء على توضيح الكثير من المواقف والأسس التي قام عليها هذا القانون، موجهاً الشكر للمجلس لإنجازه عدداً من القوانين الهامة والتي كانت تشغل الرأي العام.
كما أعرب النائبان ضياء الدين داود، أحمد الشرقاوي عن شكرهم للمجلس لعرض هذا المشروع بقانون المهم، مشيدان باتجاه المجلس المحمود في الاستعانة بالنقابات المهنية في مشروعات القوانين المتعلقة بها، وتصدي المجلس لكثير من المشروعات بقانونين الشائكة، مشيران إلى أن هذا المشروع بقانون ينظم العلاقة بين المريض ومقدمي الخدمة الطبية بما يضمن حقوق الطرفين، مشيدان بالتعديلات التي أدخلتها لجنة الصحة على مشروع القانون مثل التفرقة بين الخطأ الطبي العادي والخطأ الجسيم.
وأكد النواب: محمد أبو هميلة (رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري)، هشام هلال (رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مِصر الحديثة)، أحمد بهاء شلبي (رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة وطن) على أن مشروع القانون يمس فئتين كبيرتين في المجتمع وينظم العلاقة بينهما، مشيدين بجهود لجنة الصحة - بالتنسيق مع نقابة الأطباء - في استماعها إلى جميع وجهات النظر للوصول لأفضل صيغة تشريعية، مستعرضين مميزات مشروع القانون مثل التفرقة بين الخطأ الطبي العادي والخطأ الجسيم، والاكتفاء بعقوبة الغرامة بالأخطاء الطبية العادية، موجهين الشكر لكل من ساهم في إعداد هذا المشروع بقانون.
وأعرب النائب أيمن أبو العلا (الإصلاح والتنمية) عن ترحيبه لمناقشة المجلس هذا القانون، مشيراً إلى أنه تقدم بمشروع قانون في هذا الشأن خلال الفصل التشريعي السابق إلا أنه نظراً لعدم وجود إرادة للمجلس السابق أو الحكومة في تمريره فلم يتم مناقشته، مؤكداً أن هذا المشروع بقانون يوازن بين حق المريض وحق الطبيب، مشيداً بجهود لجنة الصحة على قيامها بإدخال العديد من التعديلات استجابة لمطالب الأطباء، منها التفرقة بين الأخطاء الطبية غير المتعمدة والأخطاء الطبية الجسيمة.
وأكد النائب عاطف المغاوري (رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع)على أن مشروع القانون يتضمن قواعد وحقوق دستورية تتواكب مع التقدم الطبي الذي تشهده مصر، مشيراً إلى أن الوضع الحالي الذي كان يحاسب الأطباء وفقاً لقانون العقوبات لا يليق بمكانة مصر ولا بمكانة أطبائها ولا بتقدمها العلمي.
من جانبه أشاد النائب أحمد خليل خير الله (النور - الإسكندرية) بجهود الأطباء في مواجهة الكثير من الأوبئة مثل فيروس كورونا، مؤكداً على أهمية مشروع القانون لتحقيقه توازناً بين الأطباء والمرضى، مشيراً إلى وجود عدد من التعديلات على بعض المواد سيتم تقديمها عند مناقشة مواد مشروع القانون لضمان سلامة المريض وضمان حق الطبيب.
وأشار النائب عبد المنعم إمام (رئيس حزب العدل)إلى أن مناقشة مشروع قانون المسئولية الطبية يعد مطلباً قديماً وسبق تقديمه ولكن الحكومات والمجالس السابقة لم تكن لديها إرادة لمناقشته، مشيداً بجهود المجلس وبجهود لجنة الصحة في إدخال العديد من التعديلات اللازمة على مشروع القانون والتي جاءت متفقة مع المحددات الدستورية وتحقيق التوازن المطلوب بين حق المريض وحق الطبيب، مبدياً ترحيبه بإعادة النظر في قيمة الغرامات في حالة الخطأ الطبي العادي مؤكداً أنه يجب أن الغرامات متوازنة ومتناسبة مع الجريمة ووافق على مشروع القانون من حيث المبدأ.
ووافق المجلس على مشروع القانون من حيث المبدأ، كما وافق على مواد الإصدار والمادة رقم (١) الخاصة بالتعريفات، حيث وافق المجلس على المقترح المقدم من النائب كريم بدر حلمي (أمين سر لجنة الشئون الصحية) بتعديل تعريف الخطأ الطبي الجسيم بحذف عبارة (وينشأ عن إهمال أو تقصير أو رعونة أو عدم احتراز) بحيث يصبح تعريف الخطأ الطبي الجسيم على النحو الآتي: "هو الخطأ الطبي الذي يبلغ حدًا من الجسامة، بحيث يكون الضرر الناتج عنه محققاً.
ويشمل ذلك، على وجه الخصوص، ارتكاب الخطأ الطبي تحت تأثير مسكر أو مخدر أو غيرها من المؤثرات العقلية، أو الامتناع عن مساعدة من وقع عليه الخطأ الطبي أو عن طلب المساعدة له، على الرغم من القدرة على ذلك وقت وقوع الحادثة، أو تعمد ممارسة المهنة خارج نطاق التخصص وفي غير حالات الطوارئ" وذلك استجابة لنقابة الأطباء ولطمأنة أطباء مصر بأن هذه الكلمات هي مصطلحات عامة وفضفاضة لا تتناسب مع عمل الأطباء خاصة أن هذه الأمور تعتبر أوصاف تخضع لتقرير اللجنة العليا ومحكمة الموضوع في كل حالة على حده، من جانبه وجه الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، الشكر والتقدير للنائب كريم بدر حلمي، على التعديل المقدم منه الذي يلبي مطلب جموع الأطقم الطبية، ويتوافق مع فلسفة مشروع القانون.
اقرأ أيضاًبرلماني: قانون المسئولية الطبية متوازن بين حق المريض وحق الطبيب
نقيب الأطباء: لجنة الصحة بمجلس النواب أدخلت التعديلات اللازمة على قانون المسئولية الطبية