سودانايل:
2025-03-03@20:47:26 GMT

لعنة «كيكل» وتقسيم السودان

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

المقال الأسبوعي في صحيفة الشرق الاوسط

فيصل محمد صالح

دخلت الحرب في السودان مرحلة جديدة من العنف والقتل على الهوية، وانتقلت لمرحلة الاستنفار القبلي والاستنفار المضاد، وتحقق ما كان يتخوف منه معارضو الحرب منذ البداية، أن تتحول حرباً أهلية شاملة بين المجموعات القبلية والإثنية المختلفة، تتخفى وراءها المطامع السياسية والسلطوية لبعض المجموعات السياسية.



فقد شهدت منطقة سهل البطانة، شرق الجزيرة، عمليات قتل وتهجير ونهب وسلب طالت معظم القرى والمدن الصغيرة في هذه المنطقة، بعد انشقاق ابن المنطقة أبو عاقلة كيكل من «قوات الدعم السريع» وإعلان انضمامه إلى الجيش. ويبدو أن كل الأطراف المتورطة في الصراع لم تحسب خطواتها جيداً، ولم تستعد لهذه الخطوة، فقط أعلن جانب الجيش انشقاق «كيكل» عن «قوات الدعم السريع» وسط هياج إعلامي كبير، ثم اتضح أن الرجل الذي كان قائداً للمنطقة قد جاء بثلاث سيارات ومجموعة من حراسه، وترك باقي المنطقة لانتقام «قوات الدعم السريع».

ما أن تم الإعلان عن ذلك ودخول قوات الجيش لمدينة «تمبول» أكبر مدن المنطقة، حتى هاجمتها «قوات الدعم السريع» وطردت قوات الجيش، ثم نكّلت بالمواطنين المدنيين الذين احتفلوا بما ظنوه انتصاراً للجيش، في حين ظل الطيران الحكومي يقصف المواطنين بلا هدف وقتل العشرات منهم، بينما تكفلت «قوات الدعم السريع» بقتل وإصابة المئات وتهجيرهم من مناطقهم.

شنَّت «قوات الدعم السريع» حملة انتقام وترويع ضد كل سكان المنطقة وقراها المتعددة رداً على انشقاق وهروب «كيكل»، وصار كل المنتمين إلى قبائل المنطقة، خصوصاً قبيلة «الشكرية» هدفاً لهجماتها التتارية، وانتظم أبناء المنطقة في استنفار قبلي مضاد للدفاع عن أهاليهم، وبدا أن الجيش يفضّل دعم هذا الحشد القبلي ومساندته بخطابات التعبئة والتهييج بدلاً من دخوله في مواجهات مباشرة مع «الدعم السريع»، وتوفير قوته لجبهة سنار والنيل الأزرق التي حقق فيها نجاحات في مدن الدندر والسوكي التي استلمها من «قوات الدعم السريع».

أسئلة كثيرة تدور في الأذهان: لماذا لم يتحسب الجيش لنتائج انشقاق «كيكل» وانعكاسات ذلك على سكان المنطقة، ولم يضع أي خطة أو تصورات لردود فعل «قوات الدعم السريع» على ذلك...؟ لماذا جاء انشقاق «كيكل» وكأنه مجرد زوبعة إعلامية لم يتغير بعدها الميزان العسكري في منطقة البطانة، في حين كان الناس يتخيلون أن «كيكل» سينشق بكل قوات منطقة الجزيرة، شرقها وغربها... باعتبار أنه كان القائد العسكري لكل المنطقة؟ هل كان العائد من انشقاق «كيكل» يساوي الثمن الفادح الذي دفعه سكان منطقة شرق الجزيرة...؟

في المقابل، هناك أسئلة أخرى تدور حول تصرفات «الدعم السريع»، فإن كان انشقاق «كيكل» محدوداً ولم يغير الميزان العسكري، فلماذا قررت «قوات الدعم السريع» أن كل سكان المنطقة وقبائلها مسؤولة عن انشقاق «كيكل»...؟ ولماذا شنّت هذه الحملة الترويعية عليهم فلم تفرّق بين رجل أو امرأة أو طفل، ولماذا تعمَّدت تهجيرهم من قراهم ومطاردتهم...؟

كلها أسئلة تبعث على الحيرة وتبحث عن إجابات، لكن ما يجمع بينها هو أن الطرفين لم يضعا حياة إنسان المنطقة في حساباتهما، فالجيش لم يدافع عن سكان المنطقة وتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم، و«قوات الدعم السريع» يبدو أنها زهدت في وجودها في المنطقة فشنَّت حملتها الانتقامية ولا يظنن أحد أن هذه القوات ستبقى في المنطقة لفترة طويلة.

لقد حلت لعنة «كيكل» على المنطقة؛ فالاستهداف لكل سكان المنطقة وقبائلها أدى، كما قلنا، إلى حشد قبلي وجهوي مضاد، وهو لا يزال في حالة تصاعد، ومن الممكن أن يجعل مجموعات عسكرية أخرى في المنطقة كانت تقاتل في صفوف «الدعم السريع» تراجع مواقفها وتنأى بنفسها عن القتال، أو تنضم أيضاً للجيش.

النتيجة النهائية لهذه المعارك ستكون خروج «قوات الدعم السريع» من المنطقة بعد أن فقدت أي قبول لوجودها، وثبت عدم وجود أي مشروع سياسي لها، وربما تخرج من كامل منطقة وسط السودان بما فيها ولايتا الجزيرة وسنار. وستنضم القوات المنسحبة إلى الوجود الأكبر لـ«قوات الدعم السريع» في ولايات دارفور وكردفان، فيتحقق بشكل عملي تقسيم السودان على أساس قبلي وإثني، مناطق الوسط والشمال في يد تحالف سياسي عسكري بين الجيش والميليشيات والقوى السياسية المتحالفة معه، ومناطق دارفور وكردفان في يد تحالف قبلي وإثني يقوده «الدعم السريع». وسواء قامت حكومات في هذه المناطق، أو لم يتم إعلان ذلك بشكل رسمي فإن التقسيم سيبقى أمراً واقعاً مثلما حدث في بلاد قريبة من السودان.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع سکان المنطقة

إقرأ أيضاً:

شهادات ميدانية: الدعم السريع ترتكب أعمال قتل ونهب بالفاشر

الفاشر- أفادت تقارير ميدانية وبيانات حقوقية بأن قوات الدعم السريع شنت هجمات دامية على مناطق بإقليم دارفور، بالتزامن مع تراجع هذه القوات أمام الجيش السوداني في بعض المدن المهمة.

وأفادت مصادر لـ"الجزيرة نت" بأن قوات الدعم السريع اغتالت امس السبت نحو 20 مدنيًا وأحرقت 52 قرية في شمال محلية دار السلام بولاية شمال دارفور، غرب السودان.

وذكرت المصادر أن هذا الهجوم جاء كرد فعل انتقامي على الانتصارات التي حققها الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح في منطقة "عد البيضة"، الواقعة جنوب شرق مدينة الفاشر، مساء الخميس الماضي.

وفي حديثه لـ"الجزيرة نت"، قال محمد خميس دودة، المتحدث الرسمي باسم النازحين في مخيم زمزم، إن أكثر من 5 آلاف شخص فروا من المناطق الشمالية لمحلية دار السلام إلى مخيم زمزم نتيجة لهذه الهجمات.

وأوضح أن المخيم لا يزال يستقبل أعدادًا كبيرة من الفارين وسط ظروف إنسانية بالغة الصعوبة، مشيرًا إلى أن قوات الدعم السريع أحرقت العديد من القرى ودمرت المنازل، مما أدى إلى تهجير سكانها بالكامل.

حالات اغتصاب

وقد أعلنت غرفة طوارئ مخيم "أبو شوك للنازحين" بالفاشر عن مقتل 4 أشخاص بقصف مدفعي لقوات الدعم على منازل وسوق المخيم.

إعلان

وأفاد المركز الإعلامي لمخيم زمزم للنازحين بالفاشر بسقوط قتلى وتسجيل حالات اغتصاب في هجوم لقوات الدعم على دار السلام جنوبي الفاشر.

وحسب المركز فإن قوات الدعم شنت على مدى يومين هجمات على 52 قرية جنوبي وغربي الفاشر

ومنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، تشن قوات الدعم السريع هجمات منظمة ضد المدنيين بالقرب من مدينة الفاشر، حيث أحرقت في فبراير/شباط الماضي عددًا من القرى غرب المدينة، مما أجبر مئات المدنيين على النزوح إلى مناطق مجاورة بحثًا عن الأمان، وفق مصادر ميدانية.

وبحسب الناطق العسكري باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح المقدم أحمد حسين مصطفى، فقد استهدفت مليشيات الدعم السريع يوم السبت قرى "قريود" و"برشم" و"كوشينق" وقوز بينة والقرى المجاورة لها، وارتكبت مجازر مروعة بحق المدنيين.

وأكد أن المليشيات نهبت الألواح الشمسية الخاصة بمصادر المياه ودمرت بعضها، مشددًا على أنه "كلما ضاقت بهم الأرض، ينتقمون من المواطنين الأبرياء"

اوضاع بائسة

وبحسب آدم رجال، المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور، تعاني مخيمات النازحين في دارفور، خاصة في مدينة الفاشر، من تدهور خطير في الأوضاع الإنسانية.

وأشار لـ الجزيرة نت إلى أن هذا الوضع ناتج عن الحصار المفروض علي المدينة منذ أكثر من عشرة أشهر، حيث تواجه مخيمات زمزم وأبوشوك وأبوجا نقصًا حادًا في المواد الغذائية والأدوية، مما يهدد حياة الآلاف من المدنيين.

وذكر أنه رغم المناشدات المتكررة لعدم استخدام الغذاء كسلاح للتجويع، تستمر الأطراف المتصارعة في تجاهل النداءات الإنسانية، مما يزيد من معاناة السكان.

ولفت إلى أن تعليق أنشطة منظمة "أطباء بلا حدود" في مخيم زمزم ساهم في تفاقم الوضع، حيث توقفت العديد من المنظمات الإنسانية الأخرى عن العمل.

واعتبر رجال هذه الأوضاع تمثل إنذارًا للمجتمع الدولي، الذي يُخشى أن يكون قد تجاهل هذه الكارثة الإنسانية. ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم ووقف جميع أشكال الدعم للأطراف المتصارعة، والعمل على إحلال السلام في السودان.

قوات الدعم السريع أحرقت العديد من القريى وفق شهادات ميدانية (مواقع التواصل الإجتماعي) تهجير قسري

ومن جانبه، كشف  الناشط في العمل الإنساني سليمان آدم عن استمرار قوات الدعم السريع في تنفيذ حملات انتقامية منظمة ضد القرى المحيطة بمدينة الفاشر على مدار عدة أشهر.

إعلان

وأشار آدم إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، بما في ذلك عمليات قتل تستهدف أفراداً على أساس عرقي، بالإضافة إلى نهب الماشية التي تعد المصدر الرئيسي للرزق.

كما ذكر أن هناك حملات اعتقالات واسعة طالت عشرات الشباب في المنطقة دون أي مبرر. وأكد أن هذه الانتهاكات ليست جديدة، بل هي جزء من سياسة ممنهجة تتبعها قوات الدعم السريع لفرض السيطرة على المنطقة من خلال الترهيب والتدمير.

ولفت إلى أن هذه الأعمال أدت إلى نزوح آلاف الأسر إلى المخيمات، مثل مخيم زمزم، حيث يعانون من القصف المدفعي ونقص حاد في الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء والرعاية الصحية. ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات وتوفير الحماية للمدنيين.

وتشير تقارير المراقبين المحليين إلى أن المنطقة تعاني من أزمة إنسانية متزايدة نتيجة استمرار تدفق النازحين إلى زمزم ومدينة الفاشر، حيث يواجه العديد منهم نقصًا حادًا في الغذاء والماء والرعاية الطبية.

وتدعو المنظمات الإنسانية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الانتهاكات وتوفير الحماية للمدنيين.

مقالات مشابهة

  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟
  • الخارجية السودانية تندد بالمساعي الكينية لاحتضان حكومة موازية بقيادة “الدعم السريع”
  • ثالث دولة عربية تعلن رفضها دعوات تشكيل حكومة موازية فى السودان للدعم السريع
  • لماذا تحتضن نيروبي مشروع حكومة الدعم السريع؟
  • شهادات ميدانية: الدعم السريع ترتكب أعمال قتل ونهب بالفاشر
  • ثاني دولة عربية تعلن رفضها تشكيل حكومة سودانية موازية بقيادة الدعم السريع
  • الجيش: سيطرنا على منظومة تشويش تابعة لقوات الدعم السريع على سطح منزل في شرق النيل – فيديو
  • الجيش السوداني يتقدم أكثر باتجاه العاصمة و مقتل 10 من مليشيات الدعم السريع
  • سكان غزة يقيمون إفطاراً جماعياً وصلاة تراويح قرب قوات الاحتلال في جباليا
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم وشمالي الأبيّض