دفاعا عن الرئيس السابق لتجمع الأطباء السودانيين في الولايات المتحدة (سابا) دكتور محمد نقد
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
محمود المعتصم - مدونة ظَلام
دفاعا عن الرئيس السابق لتجمع الأطباء السودانيين في الولايات المتحدة (سابا) دكتور محمد نقد
… أو كيف تقضي العقلية النخبوية على مساحة النقاش العام
MAHMOUD ELMUTASIM
SEP 30, 2024
مقدمة:
أنا محمود المعتصم محمد الفاضل. تقلدت في الفترة بين عامي ٢٠٢٠ و ٢٠٢٢ منصب عضو المكتب التنفيذي ل(سابا) بعد أول انتخابات أقامتها المنظمة.
قامت (سابا) أثر تداع نبيل من بعض الأطباء السودانيين في الولايات المتحدة كرد فعل على ثورة ديسمبر ٢٠١٨. وكانت قد سبقت (سابا) في الوجود منظمة أخرى تسمى (ساما) The Sudanese American Medical Association SAMA كانت تعنى بتنظيم الأطباء السودانيين في الولايات المتحدة و رعاية مصالحهم و كذلك تقوم بدعم جهود عمل إنساني مستمر في السودان وقتها (وربما ما زالت، لم يستمر كاتب هذا المقال بمتابعة جهود ساما منذ فترة طويلة). الشاهد في الأمر أن الدور الإنساني المجرد الذي كانت ساما تقوم به في ذلك الوقت لم يلبي طموح أغلب الأطباء السودانيين وقتها و ظهرت الحاجة لقيام (سابا).
قامت (سابا)، اثر مجهود متصل وصلب من أعضائها المؤسسين، على مبدأ أنها جزء من سعي السودانيين في ثورة ديسمبر الى تحقيق مبادئ الحرية و السلام و العدالة و ليس مبدأ العمل الإنساني فقط، و إن لم تتركه بالكلية. و على هذا الأساس من القناعة بأن حال بلدنا لن ينصلح بغير مؤسسات واعية بدورها في المشروع الوطني، مشروع ثورة ديسمبر، (و كل ثورات السودانيين قبلها منذ ثورة اللواء الأبيض في ١٩٢٤)، كانت (سابا) على مدار سنوات عدة لاعبا مهما في المجال الإجتماعي السوداني، ليس عبر الدور الإنساني فحسب، بل عبر التحالفات القاعدية مع تنظيمات الأطباء وغيرها من تنظيمات المجتمع المدني من أجل دعم مبادئ الديمقراطية، و العدالة و السلام كفاعل اجتماعي لو وزنه عبر الأعلام و التنسيق مع كل منظمات المجتمع المدني الأخرى و خاصة تنظيمات الأطباء في السودان و في خارج السودان.
وبالتأكيد فإن مشروع البحث عن العدالة و الديمقراطية في السودان هو مشروع اجتماعي/سياسي مثله مثل أي مشروع وطني في أي مكان. وقد كانت (سابا) جزءا منه كمشروع كلي كبير يشمل كل السودانيين، إلا أنها مع ذلك، والتزاما بكل القوانين الأمريكية التي تعمل (سابا) داخلها فإنها لم تقم بممارسة السياسة كتدخل في العملية الإنتخابية مع أو ضد أي مرشح أو مع أو ضد أي حزب بعينه. مثلها مثل كثير من المنظمات المعنية بدعم الديمقراطية أو حقوق الإنسان. فالدعوة من أجل الحرية و السلام و العدالة و العمل على تقوية المجتمع السوداني هو عمل سياسي/إجتماعي من صميم أدوار المجتمع المدني التي (سابا) عضو فيه، و لكنه ليه عمل سياسي بالمعنى الذي يحظره القانون الأمريكي كما هو واضح. (ولمزيد من الفهم لهذه النقطة الرجاء الرجوع لهذا الفيديو التثقيفي https://www.stayexempt.irs.gov/home/existing-organizations/political-campaigns-and-charities).
كان لدكتور محمد نقد دور كبير في تأسيس (سابا) على هذا النهج. فهو أول رئيس منتخب للمنظمة، وتحت إشرافه كبر حجم المنظمة وتوسع دورها في إطار الكثير من العمل الإنساني والصحي، ولكن كذلك في إطار قدر كبير من العمل كمنظمة مجتمع مدني باحثة عن معاني الحرية و السلام و العدالة التي أطلقها المجتمع السوداني في ثورة ديسمبر، و التي قامت (سابا) كجزء من آثارها. فتحت قيادة دكتور نقد لعبت سابا دورا فاعلا في دعم مجهودات الأطباء في السودان للتنظيم و تطوير أدوات العمل المدني من أجل "مناصرة" قضايا الديمقراطية و العدالة و حقوق الإنسان. ودخلت (سابا) في عدد غير يسير من التحالفات القاعدية المدنية غير الحزبية مما عزز سمعة سابا كمنظمة عمل مدني رائدة من ضمن عقد فريد من منتجات ثورة ديسمبر ومجتمعها المدني السوداني غير الحزبي.
(سابا) و الحرب: حرب جنرالين أم حرب سيادة وطنية ضد ميليشيا إجرامية؟
كانت الدورة التي جمعتني مع دكتور محمد نقد في المكتب التنفيذي لسابا قد إنتهت قبل لإندلاع حرب أبريل ٢٠٢٣ بفترة. بحيث كان دكتور نقد لحظة إندلاع الحرب مجرد عضو في سابا، إلا أنه بصفته رئيسا سابقا كان عضو لرأيه وزن في المنظمة.
وبهذا الرأسمال الرمزي داخل (سابا) نافح دكتور نقد منذ البداية ومع أول أيام الحرب مع الرأي القائل بأن تمرد ميليشيا الدعم السريع المعروفة بالجنجويد هو خطر على بقاء الدولة السودانية وبالتالي بقاء المجتمع السوداني نفسه وتحول الوطن لساحة صراع دائم مثل دول أفريقية مجاورة.
وحسب فهمي فإن من وجهة نظر دكتور نقد (والتي يتفق معها كاتب هذا المقال) فإن ميليشيا الدعم السريع -التي نماها المشير عمر البشير كجيش مواز لحمايته الخاصة والتي كان المجتمع السوداني في إطار سعيه للديمقراطية والسلام قد دعا لحلها بالكلية تحت الشعار الرائج جدا أيام المظاهرات الشعبية الحاشدة "العسكر للثكنات و الجنجويد يتحل"، كجزء من دعوة لسياسات وطنية ديمقراطية تلغي التكوينات العسكرية خارج الجيش الوطني الواحد، مثل أغلب دول العالم- من وجهة نظر دكتور نقد أن هذه الميليشيا و بتمردها هي تهديد لأهم أسس بقاء المجتمع السوداني معافا وهي تهديد بالغ لكامل مشروع بناء الدولة المدنية الديمقراطية في السودان، ليس كمشروع حزبي بل كمشروع جامع للمجتمع المدني السوداني.
ثم أهتم دكتور نقد و منذ اللحظة الأولى للحرب بضرورة الوقوف بصورة صارمة ضد إنتهاكات حقوق الإنسان. والتي تولى كبرها منتسبي قوات الدعم السريع بطرد المواطنين من بيوتهم، وممارسة العنف الجنسي وغيرها. إلا أن دكتور نقد أكد بالمقابل ضرورة الوقوف ضد الإنتهاكات و إن إرتكبها الجيش الوطني السوداني بلا تردد.
في مقابل هذه الرؤية التي تدعوا إلى نوع معين من أعمال "المناصرة" لوجهة نظر إنسانية إجتماعية معينة، كان توجه (سابا) مغايرا، إذ ألتزمت المنظمة في بياناتها الأولية بنمط في التعبير عن الوقائع يتطابق مع فكرة روجت لها نخب سودانية تنتمي لقوى الحرية والتغيير تصف الحرب بأنها حرب بين جنرالين يتساوى فيها الطرفان في انتفاء الشرعية، وكانت قوى الحرية و التغيير تتفادى بإستمرار إدانة أنتهاكات قوات الدعم السريع و تصر، على الأقل في بداية شهور الصراع، بإن الإنتهاكات يرتكبها الطرفان.
في داخل هذا الجو السياسي إنقسم المجتمع السوداني برمته بين هذين التوجهين. قسم مثل الذي يمثله دكتور نقد (وكاتب هذا المقال) يرى في الحرب صراعا بين جيش الدولة الرسمي (بعيوبه) ضد ميليشيا إجرامية تعتمد الإنتهاكات وسيلة للحرب وليس لها شرعية ومدعومة بصورة فجة من جهات خارجية أولها دولة الأمارات. وقسم تقوده أيديولوجيا قوى الحرية و التغيير يلتزم بنظرية "الحرب العبثية بين جنرالين" و التي تساوي بين طرفي الصراع. وتطور موقف قوى الحرية و التغيير لاحقا و تطورت مواعينها التنظيمية في شكل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) و التي أظهرت أستعدادا لعقد أتفاقات مع قوات الدعم السريع بما يطبعها كقوة عسكرية ويعضد من فرضية الحرب بين جنرالين.
(سابا) و دكتور نقد: تحول صراع الرؤى، لتهديد بالتقاضي
مع تطور النقاشات داخل أروقة (سابا) حول الموقف المناسب من الحرب، و أي اتجاه "للمناصرة" على (سابا) أن تسلك. قام دكتور نقد بكتابة مقال رصين ينتقد فيه موقف (سابا) القائم على الإهتمام بالعمل الإنساني فقط أو الصحي، وترك مسألة المناصرة من أجل حقوق الإنسان و الدفاع عن أستقرار المجتمع السودان عبر الوقوف ضد سياسات تعدد الجيوش وفضح إنتهاكات قوات الدعم السريع المتكرره. أقرأ المقال هنا. وفي هذا المقال أشار دكتور نقد لحقيقة تطابق موقف (سابا)، المحايد في نظرته للحرب، ولقوات الدعم السريع، والمتردد في إدانة أنتهاكات الدعم السريع المتكررة، مع موقف قوى الحرية والتغيير وتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية. والتي من المعروف أنها قوى سياسية.
على هذا المقال رد المكتب التنفيذي الحالي ل(سابا) بأن أصدر بيانا موجها للعضوية يقول فيه بأن دكتور نقد يتهم (سابا) بأنها "تنسق" مع أحزاب سياسية بعينها، الأمر الذي، حسب لقاء مع عضوية (سابا) شرح فيها المكتب التنفيذي رؤيته للمسألة، أدى لطلب هذا المكتب التنفيذي لرأي قانوني من محام، وأفاد هذا الرأي حسب إفادة المكتب التنفيذي (إذ لم تتم مشاركة هذا الرأي حسب علمي مع العضوية كمستند مفصل بعد) بضرورة محاسبة العضو دكتور نقد بل و إمكانية التقاضي معه لتشهيره بالمنظمة، الأمر الذي أدى لتوقيف الرئيس السابق دكتور نقد، وطرده من المجموعات الخاصة بالمؤسسة في واتساب، بل ولم تتح له حتى فرصة الدفاع عن نفسه أمام العضوية في الإجتماع الذي تمت الدعوة له لمناقشة الموضوع.
مكتب سابا التنفيذي الحالي: رصانة تنظيمية، أم مجرد "تهويش وتهريج"؟
لست قانونيا. وما أكتبه هنا هو مجرد رأي. ثم أنه و كما ذكرت سابقا فإن المكتب التنفيذي لم ينشر رأي المحامي المحال أليه بالتفصيل فلا ندري ما هو شكل المعلومات التي بنى عليه هذا المحامي رأيه. إلا أنه يمكن تقييم بعض النقاط، وتوضيحها دفاعا عن زميل لي في العمل العام (ليس بيني و بين دكتور نقد في الحقيقة أي علاقة غير علاقة الزمالة في العمل العام، وكنت أبان فترة عملي معه في المكتب التنفيذي كثير الخلاف معه في بعض الأشياء وما زلت، إلا أني أشهد له عموما بالموضوعية، والصدق، وحب الوطن وحب السودانيين، وشهدت على سهره وتعبه واشفاقه على مشروعنا السوداني من أجل الديمقراطية والحرية، الأمر الذي يجعل من هذا الدفاع في هذه اللحظة فرض عين):
١. الفرق بين "التماهي" و "التنسيق":
ك معايش للسياقات التي يتحدث داخلها دكتور نقد. فإنه من الواضح لي أن إنتقاد دكتور نقد للمكتب التنفيذي الحالي و الذي سبقه، هو في "تماهي" هذه المكاتب مع الخط الأيديولوجي أو العقدي أو الرأي الذي خرجت به قوى الحرية و التغيير حول الحرب. وذكر دكتور نقد حضور رئيس المكتب التنفيذي لإحدى محافل هذا التيار السياسي (المحفل الذي دعي له كإطار جامع و ليس سياسي فقط) كتأكيد على تأثر هذه المكاتب أيديولوجيا بقوى الحرية و التغيير و موقفها من الحرب.
و من الطبيعي أن تتأثر منظمة خيرية بموقف أيديولوجي ما. كأن تتأثر منظمة تسعى لحماية الحق في إمتلاك السلاح أو الإجهاض في أمريكا برأي أو موقف أيديولوجي ما لحزب بعينه. أو أن تتماهى معه. أو أن تسلك نفس الرأي حذو النعل بالنعل. بدون أي تنسيق مسبق أو بدون أي تبعية لهذه المنظمة لذلك الحزب السياسي. فالمنظمات الخيرية توجد داخل مساحات رأي و أيديولوجيا و ليس في الفراغ. و (سابا) ليست بدعا. وتبنيها لموقف (الحرب بين جنرالين) هو بالحق تأثر ب و تماهي مع، أفكار و رؤى قوى الحرية و التغيير و ذلك أمر واضح للجميع. ولا يعني بأي حال تنسيق (سابا) مع هذه القوى، التبعية لها أو حتى تأييدها في حملة انتخابية أو التحشيد المباشر لها. فتطابق رأي منظمات حماية الحق في الإجهاض مع رأي الحزب الديمقراطي لا يعني تبعية هذه المنظمات للحزب الديمقراطي مثلا. بل إن اتهام هذه المنظمات بالتماهي أو التطابق مع رأي حزب ما هو مما نشهده يوميا في إطار الخطاب السياسي العام في أمريكا بدون أن تشهر في وجه الناس يوميا تهديدات بالمقاضاة.
لكن في بيان المكتب التنفيذي جاء الاتهام لدكتور نقد بأنه يتهم سابا "بالتنسيق" و "العمل كواجهة" لقوى الحرية و التغيير. الأمر الذي يوحي بأن من قصد دكتور نقد الطعن مباشرة في إلتزام (سابا) بالقانون الأمريكي، الأمر الذي لم يشر له دكتور لا من قريب و لا من بعيد. و دكتور نقد، حسب عملي معه عن قرب في هذا السياق تحديدا، شديد الوعي بهذه المسألة، ولن يغفل عن ذكرها صراحة إن كان هذا مقصوده.
ففي حين تكلم دكتور نقد بصورة واضحة عن الخطوط النظرية، الأراء، الرؤى، والأفكار، التي تحرك (سابا) حاليا، و التي يجب أن تحرك (سابا) في إطار نقد لاذع و مشروع لتوجه (سابا) و ليس قانونيتها. رأى المكتب التنفيذي، بالمقابل، في حديث دكتور نقد نقدا غير محتمل و سعى المكتب بغير حاجة لتقويل دكتور نقد ما لم يقله، لتحويل الامر برمته لأمر قانوني يمكن عبره ترهيب دكتور نقد و غيره من تقديم النقد للمكتب التنفيذي. الأمر الذي يثير العجب و الأحباط في نفس الوقت.
٢. التذرع بتهديد كادر (سابا) في السودان:
في إطار هذه الحملة التي يمكن للأسف وصفها بالمسعورة ضد دكتور نقد (مسعورة لأنها بدون أي سبب لجأت للحرب عبر القانون ضد زميل سابق)، في إطار هذه الحملة، لجأ المكتب التنفيذي لحجة ضد دكتور نقد تقول بأن مقاله الناقد ل(سابا) قد عرض مكاتب (سابا) في السودان لخطر الملاحقة الأمنية من قبل الجيش. ونرد على هذا الأمر من ثلاثة أوجه:
أ. أولا، عندما بدأ النقاش، في أبريل ٢٠٢٣، داخل اروقة (سابا) حول الموقف من الحرب وسياسات تعدد الجيوش ومسألة حقوق الإنسان و الانتهاكات، كان حجم (سابا) من ناحية الحضور على الأرض في السودان أصغر بكثير من اليوم. ولم يكن حينها تبرير الموقف المحايد ل (سابا) قائما على هذه النقطة. فإستعمال مسألة حقيقية تهمنا جميعا كسلامة مكاتب (سابا) في السودان الآن لتبرير موقف سابق لوجودها هو مناورة وتوسل بهذه المكاتب ليس إلا. بل ومتاجرة بأمر يهمنا جميعا في غير موضعه.
ب. عندما قامت الثورة وكانت (سابا) تقف كمنظمة مجتمع مدني مع مبدئها في دعم الحرية والديمقراطية كان ذلك يعرض الكثيرين من حلفائها على الارض لما يهدد سلامتهم. وبالتأكيد فإننا عندما نقف هذه المواقف، كمجتمع موبوء بالعنف السياسي، فإننا لا نشير لعدم إهتمامنا بسلامة الرفاق، أو رغبتنا في تهديد سلامتهم، إنما وعيا منا بأن إتخاذ المواقف الخاطئة و التي تفتح المجال لدولة اللا قانون أو تعدد الجيوش أو تطبع مع الإنتهاك، هي مما يهدد ليس سلامة مكاتب (سابا) فقط بل و كل الإنسان السوداني مطلقا. فقول دكتور نقد الذي وقف يدعوا (سابا) للألتزام بمبدئها كمنظمة تضع حقوق الأنسان من ضمن أجندتها، لا يمكن استعماله كدليل على عدم اكتراث دكتور نقد بسلامة مكاتب (سابا)، إلا كمكايدة.
ج. إذا أرادت (سابا) تنسيق مواقفها وترتيبها وإدارتها بحيث تضمن في نفس الوقت عدم تعرض مكاتبها للخطر فلا ضير في ذلك و يمكن للمكتب التنفيذي تنوير العضوية بتلك التكتيكات. و لن يتوقع الواحد منا أن تأخذ تلك الترتيبات أكثر من عام من الزمان لتكتمل!… أما أستعمال المكاتب كمقايضة نهائية و كلية، تلغى عبرها المباديء نفسها فهو من باب خسارة الأصل من أجل الفرع.
٣. معنى كلمة "خيرية" في العربية:
تجدر الإشارة هنا. لأنه من الواضح أن نوايا انتهاز أي فرصة لتشويه معنى مقال دكتور نقد حاضرة. لأن كملة "خيري" أو "خيرية" في العربية لها معنيان مختلفان. فالأول خيري بمعنى Humanitarian و الأخر خيري بمعنى Charitable. وفي نصوص القانون الأمريكي يتم الحديث عن المنظمات الخيرية Charitable Organization كاسم مطابق لمنظمات ال 501 - C3. و في مقال دكتور نقد ذكر لأنه لا يرغب في أن تكون سابا منظمة خيرية فقط بمعنى أنه لا يرد لها أن تكون منظمة معنية بالعمل الإنساني فقط Humanitarian. وليس تغيير وضعها كمنظمة 501 C3.
٤. حرية التعبير. و التعديل الأول للدستور. في مقابل الاتهام جزافا ب "الأفتراء Defamation":
أحد أهم أسباب أستقرار المجتمع الأمريكي تاريخيا هو كفالة حرية التعبير. عبر الدستور. وبلا مواربة. خاصة فيما يخص الشأن العام. إذ تمثل حرية التعبير حصنا ضد أشياء بسيطة كالغباء و الاستهبال، التي يمكن حلها بالنقد و إجبار الأراء الضعيفة والعقول المتكلسة و التوجهات السطحية على ألغاء نفسها عبر المشاركة في النقاش العام. وكذلك تمثل حصنا ضد الفساد و الاستعمال غير الرشيد للسلطة. إذ يمكن للرأي الناقد أن يؤدي للحشد و استعمال القوة الأنتخابية إن كان في المجتمع أو أحدى مؤسساته لتصحيح المسار بدلا عن تحول السلطة إلى أداة يمكن بها اسكات المعارضين.
في هذا الإطار فإن محاولة وصف ما فعله دكتور نقد بأنها "إفتراء" والتي تم تكرارها أكثر من مرة في إجتماع (سابا) بتاريخ اليوم ٢٩ سبتمبر الجاري، هي في أفضل الفروض أستعمال مسرف وجاهل للغة. وفي أسوأها محاولة تهديد، مثيرة للإشمئزاز، ل دكتور نقد بالقانون.
فكل ما فعله دكتور نقد في مقاله و في أغلب تعليقاته التي أطلعت على كثير منها، أنه عبر، بحرية يكفلها الدستور الأمريكي، عن رأيه في شأن عام يهمنا جميعا كسودانيين مقيمين في الولايات المتحدة. ولكل منا فيه أراء يجب أن تحمى و يصان حقنا في قولها ثم نقرر حولها ديمقراطيا و ليس عبر الطرد و المنع و الإسكات ثم التهديد بالقانون. إذ ليس في كل هذه الإجراءات إلا تسميم للفضاء العام و تعكير لموارد في طاقة العمل العام استفاد السودان و مجتمعاتنا هنا في أمريكا منها كثيرا.
٥. كيف أضرت بنا فكرة "الحرب بين جنرالين":
تجدر الإشارة، إلى أن مآلات الأمور في سياق الحرب الأهلية السودانية، تشير إلى وقوع ضرر بليغ بنا كسودانيين نتيجة إلتزام الكثير من منظمات العمل العام مثل (سابا) بفكرة الحرب بين جنرالين أو الحرب العبثية التي تساوي بين ميليشيا أسرية هي خطر وجودي على أمن مجتمعاتنا و بين الجيش الوطني المهني. إذ أدى هذا التشويه المتعمد للأمور و الترويج لفكرة تساوي الطرفين، وعدم فضح انتهاكات الدعم السريع اعلاميا بصورة منهجية، إلى مواقف دولية محايدة هي الأخرى، وتخفيف من الضغط الدولي الممكن على دولة الأمارات و غيرها، وبالمحصلة تقوية الميليشيا و إطالة أمد الحرب. أدناه اقتباس من مقال لبروفيسور عبد الله علي ابراهيم يوضح الأثر بالغ الضرر لفكرة الحرب بين جنرالين علينا كمجتمع سوداني:
ولما لم يتفق للمجتمع الدولي الشرعية في الحرب الدائرة ساوى بين عنف الطرفين مساواة اعتقل بها نفسه دون تنفيذ قرارات اتخذها لوقف تصعيد الحرب والانتهاكات ضد المدنيين، ولنأخذ مواقف المجتمع الدولي من المعارك الدائرة حول الفاشر بين القوات المسلحة وحلفائها في القوات المشتركة من حركات دارفور المسلحة و’الدعم السريع‘. فلم يتحرك مجلس الأمن قيد أنملة لتنفيذ قراره 2736 خلال الـ13 من يونيو الماضي الذي دعا فيه "الدعم السريع" إلى وقف حصار المدينة وخفض التصعيد، وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين. ومما قاله مندوب بريطانيا في المجلس أن "الهجوم على الفاشر سيكون كارثياً لمليون ونصف المليون ممن نزحوا إليها فارين بجلدهم". وقال مندوب سويسرا إن القرار يبعث برسالة لا لبس فيها لـ"الدعم السريع" لإنهاء حصارها للفاشر.
فمن تبعات الترويج لتساوي طرفي الحرب. وعدم قيام مؤسسات ك(سابا) بمهامها في شجب انتهاكات حقوق الانسان. أن أصبحت قضية السودان دوليا قضية مبهمة. حرب عبثية بين جنرالين. وبالتالي فتح الباب على مصراعيه لاستقواء الميليشيا الاسرية بالخارج وبالتالي استمرارها في تقديم تهديد وجودي لنا كمجتمع.
خاتمة:
دافع دكتور محمد نقد، حرا، عن رأي يخص منظمة عامة هي (سابا). واعتمد في دفاعه عن رأيه أسلوب المقال المفصل و الحجاج بالمنطق. وكان بإمكان كل مخالفيه الرد ثم مواصلة اعتماد الديمقراطية كوسيلة لإدارة توجه (سابا). إلا أن المكتب التنفيذي، وبدون أي وجاهة أو سبب في رأئي، تنكب طريقا أخر وعرا، وقبيحا، مع أحد أهم أبناء هذه المؤسسة، وأحد أكثر السودانيين الأمريكيين جدية في خدمة مجتمعه. وحسب ما سمعته اليوم، فإنه لا يمكن للواحد منا أن يتوقع من سالكي هذا السبيل، حتى مجرد الأعتذار. فقد أثبتت الحرب قبل أي شيء أن أمراض النخبة السودانية لها جذور ضاربة، وبإمكانها حتى أن تلاحقنا في المهاجر.
mahmoud.elmutasim@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوى الحریة و التغییر المکتب التنفیذی ل قوات الدعم السریع المجتمع السودانی المجتمع السودان العمل الإنسانی حقوق الإنسان ثورة دیسمبر العمل العام الأمر الذی هذا المقال فی السودان له دکتور بدون أی فی إطار على هذا من أجل إلا أن
إقرأ أيضاً:
الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات “الثانوية” .. تنطلق السبت المقبل في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر
أعلنت الحكومة السودانية، التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقراً مؤقتاً لها، عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، في 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لأول مرة منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023. ويجلس للامتحانات أكثر من 343 ألف طالب وطالبة، في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني (الولايات الشمالية والشرقية) ومصر، يمثلون 67 في المائة من الطلاب عموماً.
وكانت «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على مناطق واسعة في ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة ومناطق أخرى، رفضت عقد الامتحانات، ووصفت الخطوة بأنها تأتي ضمن سياسات مدروسة تهدف إلى تقسيم البلاد، وحرمان عشرات الآلاف من الطلاب في مناطق القتال. كما رفضت تشاد إقامة الامتحانات على أراضيها باعتبارهم لاجئين.
اكتمال الترتيبات
وأعلن وزير التعليم المكلف، أحمد خليفة، في مؤتمر صحافي بمدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، اكتمال الترتيبات كافة، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي يتم فيها تغيير المواقيت الزمنية للامتحانات، إذ تقرر عقد الجلسات في الساعة الثانية والنصف ظهراً بتوقيت البلاد، بدلاً من الثامنة صباحاً، تقديراً لظروف الطلاب الذين يجلسون في مصر وعددهم أكثر من 27 ألف طالب وطالبة في 25 مركزاً، من جملة 49 ألف طالب وطالبة يجلسون للامتحانات من خارج السودان. وقال إن الحكومة المصرية ذكرت أنها لا تستطيع عقد الامتحانات في الفترة الصباحية.
وأشار الوزير إلى أنه تم تجهيز مركزين للطوارئ في مدينتي عطبرة والدامر (شمال البلاد)، يمكن أن يلتحق بهما الطلاب قبل 24 ساعة من بداية الامتحانات. وأكد أن جميع الترتيبات الأمنية مطمئنة لعقد الامتحانات، وأضاف: «لدينا خطط بديلة في حال حدث أمر طارئ... لكن المخاوف والتهديدات قليلة».
وأوضح أيضاً أن الامتحانات ستقام في 12 ولاية نزح إليها 120724 طالباً وطالبة من الولايات غير الآمنة، رافضاً الاتهامات الموجهة لهم بأن تنظيم الامتحانات في ظل هذه الظروف يحرم آلاف الطلاب في مناطق القتال من فرصة الجلوس للامتحانات.
تشاد ترفض
وقال الوزير: «لم نظلم الطلاب في إقليم دارفور أو غيره... هناك 35 في المائة من الطلاب الممتحنين وافدون. وزاد عدد الطلاب النازحين بنسبة 100 في المائة في ولايتي القضارف ونهر النيل». وأضاف: «استطعنا تلبية رغبة 67 في المائة من الطلاب الذين سجلوا للامتحانات قبل الحرب».
وقال خليفة إن الحكومة التشادية لا تزال متمسكة بعدم إقامة امتحانات الشهادة السودانية على أراضيها، بحجة أنهم لاجئون وعليهم دراسة المنهج التشادي، ما يحرم 13 ألف طالب وطالبة، مؤكداً جاهزية الوزارة لإرسال الامتحانات حال وافقت دولة تشاد.
وكشف وزير التربية والتعليم في السودان عن إكمال الأجهزة الأمنية لكل الترتيبات الأمنية اللازمة لعقد الامتحانات، موضحاً أن هناك لجاناً أمنية على مستوى عالٍ من الخبرة والدراية أنجزت عملها بأفضل ما يكون.
وذكر أن أوراق الامتحانات تمت طباعتها داخل السودان بجودة عالية وبأجهزة حديثة ومتقدمة في وقت وجيز لم يتجاوز 15 يوماً.
وفقاً للجنة المعلمين السودانيين (نقابة مستقلة)، فإن أكثر من 60 في المائة من الطلاب المؤهلين للجلوس للامتحانات سيحرمون منها، وعلى وجه الخصوص في دارفور وكردفان الكبرى، وأجزاء من العاصمة الخرطوم والجزيرة ومناطق أخرى تعاني من انعدام الأمن.
وتشير إحصائيات منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) إلى أن استمرار الحرب منع 12 مليوناً من الطلاب السودانيين في مراحل دراسية مختلفة من مواصلة التعليم.
الشرق الأوسط: