هل يمكن للسودانيين اللجوء إلى الولاية القضائية الدولية لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب؟
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
تقرير : حسن اسحق
منذ 15 أبريل 2023، تم ارتكاب فظائع انسانية وانتهاكات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مذبحة الجنينة في دارفور، بقوات الدعم السريع والميليشيات القبلية المتحالفة معها. كما شهدت مناطق أخرى، مثل الخرطوم والجزيرة وسنار وكردفان، عمليات عسكرية عنيفة وانتهاكات لحقوق الإنسان، مع اتهام الجيش السوداني باستهداف المدنيين بالطيران العسكري.
ومع تعمق الأزمة الإنسانية، تطرح أسئلة حول إمكانية تحقيق العدالة. هل يمكن استخدام الولاية القضائية الدولية – وهي آلية قانونية تسمح للمحاكم في بلد ما بمحاكمة الأفراد على الجرائم الانسانية المرتكبة في بلدان أخرى – لمحاسبة مجرمي الحرب في السودان؟.
المحكمة الجنائية الدولية وجرائم الحرب
بينما يعرف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب، علي انها الانتهاكات الخطيرة للقوانين والأعراف السارية علي النزاعات المسلحة، والانتهاكات الخطيرة للقوانين والأعراف السارية علي النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، وتنص الأنظمة الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، والمحكمة الخاصة لسيراليون، وكذلك لائحة الادارة الانتقالية للأمم المتحدة في تيمور الشرقية رقم 2000/15، علي الاختصاص في ما يتعلق بالانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني.
ماهية الولاية القضائية الدولية
الولاية القضائية الدولية، إنه مبدأ يُفهم على أنه مبدأ قانوني يسمح للدول أو يطلب منها أن تتخذ إجراءات جنائية معينة بحق متهمين أو مشتبه بهم بغض النظر عن موقع حدوث الجريمة أو جنسية الجاني أو الضحية، ترقى الولاية القضائية العالمية إلى مطالبة الدولة بملاحقة الجرائم في ظروف لا تتضمن أيا من الروابط التقليدية المتمثلة في الإقليمية أو الجنسية أو الشخصية السلبية أو المبدأ الحمائي في وقت ارتكاب الجريمة المزعومة.
يجب الاشارة الى بعض الامثلة التي طبقت فيها الولاية القضائية الدولية، ابرزها قضية محاكمة مسؤولين من السلفادور بتهمة قتل كهنة يسوعيين في اسبانيا 2009، حينها أصدر القاضي الاسباني الذي اكد الاتهامات اوامر باعتقال بحق 20 عضوا، وطالب من وكالات الولايات المتحدة الامريكية رفع السرية عن وثائق تتعلق بعمليات قتلهم.
يجب الاشارة الى قرارات محكمة كوبلنتس الالمانية بموافقتها علي تداول قضية السوري انور رسلان الذي حاكمته بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بالقول ان ’’ الكشف عن جرائم كبيرة وملاحقتها تأتي في مصلحة الانسانية جمعاء ‘‘.
أين دور المجتمع المدني السوداني؟
بينما ترى منظمة المبادرة العالمية من أجل العدالة والحقيقة والمصالحة ’’ Global initiative for justice, truth and reconciliation ‘‘، في ورقة لها بعنوان ’ توثيق المجتمع المدني من أجل المساءلة ‘‘، يجب علي منظمات المجتمع المدني جمع الادلة تشكل فائدة لهيئات المساءلة.
ينبغي أن يستخدم التوثيق الذي جمع في سبيل تزويد المحققين والقضاة او المدعين العامين، بمعلومات هامة قد ترشدهم إلى الضحايا او الشهود او المقابر الجماعية، اضافة لذلك، يجب أن تساعد منظمات المجتمع المدني علي إثبات عناصر معينة من الانتهاكات، علي سبيل السيطرة علي منطقة ما أو طبيعة ونمط الانتهاكات واسعة النطاق والممنهجة.
ويجب أن تكون الأدلة بمثابة أساس لشهادة المحكمة، مع مساعدة المحققين والمدعين العامين في التعرف علي الاحداث او المواقع المهمة، وتعزيز وعي المواطنين بعملية المقاضاة والثقة بها ودعمها، هي قد تدعم آليات الولاية القضائية الدولية في محاكمة من ارتكب الجرم.
خبراء قانونيون وناشطي منظمات المجتمع المدني
يوضح الناشط في منظمات المجتمع المدني علي عبدالله باسم مستعار جزء من التحديات التي تقف عائقا امام تحقيق الولاية القضائية الدولية في السودان، وخاصة الأفراد والمجموعات المتورطة في قتل الاف الابرياء، بسبب عدم تعاون العديد من الدول الافريقية في القبض عليهم، وكذلك، بعض الدول سمحت لأسماء معروفة بفتح استثمارات في دولها، وتساءل، كيف لهذه الدول تساعد في إنفاذ الولاية القضائية الدولية؟، بسبب فساد انظمة الحكم والرشاوي في القارة الافريقية، يعيق تحقيق المساءلة والعدالة.
يقول عبدالله إن المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن تساعد في تحقيق الولاية القضائية الدولية، في حالة عدم تدخل الدول الأعضاء في مجلس الامن في اعاقة مسار العدالة، باتخاذ اجراءات سياسية تعرقل محاسبة ومعاقبة مرتكبي الجرائم، في حالة السودان التقاطعات الدولية ما زالت موجودة دول تدعم السودان مثل الصين وروسيا، هي لا تصب في مصلحة الضحايا، متورطي حرب دارفور قبل عشرين عاما، ما زالوا طلقاء.
أشار إلى دور منظمة العفو الدولية في وهيومان رايتس ووتش في لعب دور ايجابي في التوثيق والرصد، ومقابلة ضحايا الحرب، هي تساعد المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الاقليمية والدول التي تطبق الولاية القضائية العالمية، في محاكمة ومساءلة كل من تلطخت يداه بدماء أبرياء السودان.
محاكمة الجرائم الخطرة
يقول المحامي والقانوني عثمان صالح أن الولاية القضائية العالمية هي من المفاهيم الحديثة في القانون الدولي، جاءت الفكرة علي أساس الجرائم الخطيرة، جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، والابادة الجماعية، وتهديد السلم والأمن الدوليين، وطرق محاكمة الجناة في المحاكم الوطنية، في حال عدم رغبة المحاكم الوطنية، يمكن اللجوء إلى المحاكم الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية.
أضاف في كثير من القضايا أصبحت مسألة الإفلات من العقاب واردة، في دول لها استعداد واختصاص قضائي كي تحاكم مرتكبي الجرائم الجسيمة، وتهدد السلم والأمن الدوليين، ودائما يرتكبها المسؤولين وكبار العسكريين، حتى إذا، لم تقع الجريمة علي أرضها، او الضحايا من رعاياها، وهذه الدول التي تطبق الولاية القضائية العالمية، لها الحق في ملاحقة المشتبه بهم، ويحاكم في أراضيها.
يضيف عثمان، بعض لها الاختصاص للقيام بذلك، مثل، ألمانيا، وفرنسا، في دول تشترط في الولاية القضائية، أن يكون الشخص المشتبه داخل أراضيها، بعدها يمكن اتخاذ إجراءات المحاكمة، في دول تشترط أن يكون المشتبه بهم داخل أراضيها، في حال وجود الاختصاص الدولي يجب تتوفر شروط، كي يكون هناك اختصاص قضائي دولي، اولا تكون الجريمة من الجرائم الخطرة التي تؤثر علي السلم والأمن الدوليين، ثانيا، يجب تقديم شكوى أو ادعاء من جهة كي تحرك الاجراءات، ثالثا الشخص المشتبه او المتهم ان لا يكون قد تم محاكمته علي ذات في محكمة اخري.
أوضح عثمان هناك سوابق في الولاية القضائية العالمية، علي سبيل المثال، محاكمة ضابط الاستخبارات السوري أنور رسلان في دولة المانيا، كان مسؤولا عن سجن الخطيب، وثقت أكثر من اربعة ضحية، من ناشطي حقوق الإنسان ومدفعي حقوق،هو طلب لجوء في المانيا 2019، أثناء وجوده الناشطين رفعوا دعاوى ضده، تم قبول الدعوي، وتمت محاكمته، ويقضي الآن عقوبة السجن في ألمانيا، علي الرغم أن الجريمة لم ترتكب في ألمانيا، لكن الجرائم وقعت في سوريا ضد سوريين، لكن الاختصاص تم قبوله في ألمانيا، هي نموذج من الولاية القضائية العالمية.
آليات التقاضي
في ذات السياق، يقول المحامي والباحث في مؤسسة وايامو عبد الباسط الحاج أن أهمية الولاية القضائية العالمية، هي جزء من آليات المساءلة والتقاضي في مستوى عالي، جزء من الانتهاكات التي تقع أثناء الحروبات، تصنف علي أنها انتهاكات خطيرة، وجسيمة لحقوق الانسان، في حال انهيار الانظمة القضائية الوطنية، في الدول التي بها صراعات، يصعب فتح تحقيقات واقامة محاكم في الداخل، والجناة قد يهربون الي دول اخري.
يضيف يجب أن يكون الجاني والضحية في دول محددة، لها الاختصاص في الولاية القضائية العالمية، لجرائم وقعت خارج أراضيها، باعتبارها شرط أساسي للنظر في القضية، هي ايضا احدى الفرص المتاحة لتغطية العجز الموجود في المحكمة الجنائية الدولية، في مرات عديدة لا تستطيع النظر الى كل الجرائم، والولاية القضائية لها المقدرة علي محاصرة الجناة، وتقييم محاكم.
يضيف عبدالباسط ان الدور الذي يقوم القانونيين أن يتم تجهيز قضايا و ملفات وتحقيقات جاهزة تقدم الى الدول المحددة التي لها اختصاص الولاية القضائية العالمية، هذه الملفات يجب ان تحوي الادلة والشروط، وتحديد الجناة باسمائهم، وصورهم، مع دور منظمات المجتمع المدني، هي الية مهمة فعالة طبقت في دول مختلفة، في ألمانيا وهولندا، في مواجهة جناة هاربين من النظام السوري، يمكن أن تحقق نجاح في افريقيا، في حال توفر الرغبة.
فوائد الولاية القضائية الدولية
أن الفوائد المتوقعة من الولاية القضائية العالمية في السودان، تتمثل في التقليل من تكرار انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة في السودان، و ان محاكمة المتورطين في قتل وتشريد واغتصاب السودانيات والسودانيين، وتهجيرهم بطريقة ممنهجة من اقاليهم، قد يجعلهم عبرة وعظة للاخرين، سوف تفكر القيادات السياسية والعسكرية الف مرة، قبل تتخذ خطوات اجرامية.
من الفوائد الأخرى للولاية القضائية الدولية، ايضا، ان ضحايا الحرب والابادة الجماعية والانتهاكات الفظيعة، لن يشعروا، انهم تركوا لوحدهم، بل ان العالم ومنظماتهم الحقوقية تعتبرهم افراد او مجموعات لها الحق، أن ترى مرتكبي الجرائم والمتورطين خلف القضبان، هذه النتيجة الطبيعية التي يجب ترى النور في المستقبل القريب.
مفهوم نظري
يرى بعض الخبراء أن نجاح الولاية القضائية العالمية يعتمد اعتمادا كبيرا على الإرادة السياسية للبلدان لممارسة هذه الولاية القضائي، وبدون استعداد الحكومات لمتابعة القضايا، ومحاسبة الأفراد المتورطين، تظل الولاية القضائية العالمية مجرد مفهوم نظري، قد تتحسب بعض الدول للعواقب الدبلوماسية المحتملة، والتوترات السياسية التي يمكن أن تنشأ عن محاكمة الأفراد الذين لديهم علاقات مع الدول القوية، وهذا يمكن أن يخلق تحديات كبيرة في تحقيق العدالة من خلال الولاية القضائية العالمية.
في الختام
أن الولاية القضائية الدولية تعني أن الدولة التي تطبق الولاية لها الحق في محاكمة المتورطين بتلك الجرائم، حتى و ان لم يكونوا مواطنين في تلك البلدان طالما هم داخل أراضيها, يعتقد أن الولاية القضائية العالمية مهمة، وأنها تقوم بدور تكاملي بين النظام القضائي الوطني، و المحكمة الجنائية الدولية، وهي تحد من ظاهرة الإفلات من العقاب، اعتبار أنها تحاكم كل الاشخاص متى ما توفرت الأدلة الكافية لذلك ومتى ما ثبت فعليا أن الشخص المتورط متواجد داخل أراضي الدولة التي تمارس الولاية القضائية العالمية وفق الجرائم الدولية المعروفة.
ishaghassan13@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة منظمات المجتمع المدنی جرائم الحرب فی ألمانیا فی السودان من الدول یمکن أن فی دول فی حال
إقرأ أيضاً:
الصديق القاتل.. جرائم قتل الأصدقاء ظاهرة مرعبة تهدد استقرار المجتمع .. خبير في كشف الجرائم: البطالة والمخدرات أبرز عوامل انتشارها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مفيش صاحب يتصاحب.. عبارة تصدرت كلمات أغنية شعبية باتت تجسيد مريع لجرائم مؤسفة ومؤلمة، وغير مبررة، انتشرت في مصر خلال السنوات الأخيرة، وهي تتضمن قيام بعض الأشخاص بقتل أصدقائهم، لأسباب مختلفة ومتنوعة، مثل الخلافات الشخصية أو الانتقام أو السرقة أو حتى المزاح الثقيل الذي يتحول عادة إلى مأساة.
علاوة على البشاعة التي امتزجت بها بعض هذه الجرائم، حيث استخدم فيها القتلة أساليب وحشية في التخلص من ضحاياهم، مثل القتل بالخنق أو الطعن أو الضرب حتى الموت، وبعضها كان صادمًا وغريبًا، مثل قيام صديق بقتل صديقه بسبب خلاف على أولوية مرور أو خلاف شخصي او على صفقة عمل.
ورغم أن خبراء علم الاجتماع والمتخصصين في نمط انتشار الجرائم يرون أنها تمثل ظاهرة في حد ذاتها، وما تشكله من تبعات تؤدي إلى آثار سلبية كبيرة تلحق بالمجتمع، حيث تزيد من العنف والجريمة، وتزعزع الثقة بين الناس، وتخلق حالة من الخوف والقلق إلا أن تلك التبعات لها تأثير كارثي على الضحايا وعائلاتهم، الذين يفقدون أحباءهم بطريقة مأساوية، لذا نتناول تلك الجرائم بالرصد والتحليل لمعرفة أسبابها والدوافع التي تقود إليها وكيفية الحد منها وتجفيف منابعها.
جرائم
نرصد بعض الجرائم التي حدثت الأيام القليلة الماضية:
طعن صديقه بسكين بسبب جمع القمامة
شهدت منطقة العجوزة جريمة صادمة، حيث أقدم جامع قمامة على قتل صديقه بطعنة نافذة في الصدر باستخدام سلاح أبيض “سكين”، إثر خلاف نشب بينهما حول أولوية جمع القمامة في المنطقة.
جثة شاب مصاب بعدة طعنات
تلقى مدير المباحث الجنائية بالجيزة، اللواء هاني شعراوي، إخطارًا من رئيس قطاع شمال الجيزة، العميد محمد ربيع، يفيد العثور على جثة شاب مصاب بعدة طعنات في أحد شوارع العجوزة.
مشاجرة انتهت بجريمة
على الفور، انتقل رئيس مباحث العجوزة، المقدم أحمد فاروق، وقوة أمنية إلى موقع الحادث، حيث تبيّن أن الضحية يدعى “عبدالرحمن محمد” (23 عامًا)، جامع قمامة.
بالفحص والتحريات، تبيّن أن المتهم صديقه ويُدعى “عبدالرحمن.ب” (27 عامًا)، ونشبت بينه وبين المجني عليه مشاجرة انتهت بقيامه بطعن الضحية بسكين، ما أدى إلى وفاته في الحال.
وتمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على المتهم، وتم تحرير محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة التي تولت التحقيق.
سائق يحرق صديقه في وسط الشارع بسبب أولوية المرور
في واقعة أخرى، شهدت منطقة العمرانية بمحافظة الجيزة، واقعة مأساوية حيث نشبت مشاجرة بين سائق توكتوك وزميله، على خلفية أولوية تحميل الركاب انتهت بقيام أحدهم بسكب البنزين على الآخر ما أدى إلى إصابته بحروق نارية من الدرجة الثانية في جميع أنحاء الجسم.
تفاصيل الواقعة
ورد للواء هاني شعراوي، مدير المباحث الجنائية، إخطارًا من رئيس قطاع الغرب العميد عمرو حجازي بنشوب مشاجرة بين سائق توكتوك وزميله، على خلفية أولوية تحميل الركاب انتهت بقيام أحدهم بسكب البنزين على الآخر أدى إلى إصابته بحروق نارية من الدرجة الثانية في جميع أنحاء الجسم.
وفقًا للتحريات الأولية، تبين وصول “مصطفى. م” (40 عامًا) سائق توكتوك إلى أحد المستشفيات مصاب بحروق نارية من الدرجة الثانية في جميع أنحاء الجسم، بسبب مشاجرة مع زميله سائق توكتوك “بلال ع” يبلغ من العمر 20 سنة، على إثر خلافات بينهما بسبب أولوية تحميل الركاب قام على إثرها الأخير بسكب مادة مشتعلة “بنزين” على جسم المصاب وإضرام النيران به وفر هاربًا.
بتقنين الإجراءات، تم ضبط المتهم بمعرفة المقدم أيمن السكوري رئيس المباحث، وعثر بداخل التوكتوك على زجاجة البنزين المستخدمة في الواقعة وبها مادة (بنزين) التي ساعدت على إضرام النيران في المصاب.
تحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة العامة التحقيق، التي أمرت بحبس المتهم 4 أيام علي ذمة التحقيقات، والاستعلام عن الحالة الصحية للمصاب تمهيدًا لسماع أقواله.
قتل صديقه بطلق ناري بسبب خلاف على كافيتريا
خيمت حالة من الحزن بين أهالي مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية ، بعد أن شهدت واقعة مأساوية، حيث أقدم أحد الأشخاص على قتل صديقه وهو صاحب مطعم شهير بعد أن أطلق النيران عليه ما أدى إلى مصرعه في الحال، بسبب خلافات على تأجير كافيتريا بمنطقة البندر، وتم ضبط المتهم بمساعدة الأهالي وتسليمه إلى قسم شرطة أول المحلة الكبرى
بدأت القصة عندما تلقت مديرية أمن الغربية إخطارًا من مأمور قسم شرطة أول المحلة، بورود بلاغ من شرطة النجدة بوصول الشاب أحمد مرجان، البالغ من العمر 23 عامًا، إلى طوارئ مستشفى المحلة العام مصابًا بعيار ناري قاتل، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله.
على الفور، انتقلت القيادات الأمنية بمحافظة الغربية إلى مكان الحادث، وتم الدفع بسيارة إسعاف لنقل الجثة إلى مشرحة المستشفى العام، بناءً على قرار النيابة العامة التي أمرت بتشريح الجثة وبيان سبب الوفاة.
القبض على المتهم
وبعد تكثيف التحريات وإعداد الأكمنة الثابتة والمتحركة، نجح الأمن في إلقاء القبض على المتهم "م.ن"، وبحوزته السلاح الناري المستخدم في الجريمة (طبنجة). وتم التحفظ على المضبوطات، فيما يجري التحقيق مع المتهم لكشف ملابسات الواقعة ودوافعها.
وحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة التي أمرت بتشريح الجثة ودفنها عقب استكمال الإجراءات القانونية كما كلفت إدارة البحث الجنائي بمحافظة الغربية بإجراء التحريات حول ملابسات الحادث والتأكد من وجود أي شركاء محتملين في الجريمة.
وأكدت التحقيقات الأولية أن السبب وراء الواقعة، خلافات مع المتهم على تأجير كافيتريا في منطقة البندر التابع لها دائرة القسم، أول المحلة.
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورته مرددين له الدعوات بالرحمة والمغفرة خاصة أنه يتمتع بسمعة طيبة.
أبرز جرائم قتل الأصدقاء خلال السنوات الخمس الماضية
رصد زمني لنمط أبشع الجرائم، على مدار 5 سنوات، التي أقدم فيها البعض على قتل أصدقائهم بصور صادمة هزت الرأي العام حينها، نشير من خلالها إلي أبرز الجرائم البشعة من بين عشرات الجرائم.
في عام 2024.. أقدم عامل على طعن صديقه ب20 طعنة قاتلة في الجيزة والسبب مزاح ثقيل.
عام 2023... أقدم مدرب كرة بتمزيق جسد صديقه بمنشار كهربائي في القاهرة والسبب 300 جنيه.
عام 2022 .. أقدم شاب على قتل صديقه بطلق ناري في حلوان والسبب تليفون محمول.
عام 2021 .. أقدم شاب على ذبح صديقه أمام المارة في منشأة القناطر والسبب خلاف شخصي.
عام 2020.. أقدم شاب على قتل صديقه بالسم وانتحل شخصيته والسبب الاستيلاء على أمواله.
تراجع دور الأسرة
يقول الدكتور فتحي قناوي أستاذ علم كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية الاجتماعية، إن جرائم قتل الاصدقاء لأصدقائهم تشكل ظاهرة في حد ذاتها؛ لافتاً إلى أن زيادة انتشارها خلال الآونة الأخيرة لا يعني بأنها كانت نادرة فيما قبل، ولكن تختلف أشكالها ودوافعها من جريمة إلى أخرى.
واوضح ان هناك عدة عوامل غذت هذا الانتشار مثل التفكك الاجتماعي، والعطب الذي أصاب بعض الأسر، والذي يخلق ضعفا في الروابط الاجتماعية والعائلية، والذي أدي بدوره إلى تراجع دور الأسرة والمجتمع في تربية الأبناء وتنشئتهم على القيم والأخلاق الحميدة.
اليأس والإحباط
وتابع أستاذ علم كشف الجريمة، أن انتشار العنف في المجتمع، سواء في الإعلام و السوشيال ميديا أو في الشارع، وتطبيع فكرة استخدام العنف لحل المشاكل، ساهم وبشكل كبير في تأجيج تلك الجرائم وتسهيل حدوثها بهذا الشكل البشع.
وأشار إلى أن انتشار ثقافة اليأس والإحباط بين بعض الشباب، بسبب البطالة والفقر والظروف الاقتصادية الصعبة، دفع البعض إلى ارتكاب جرائم بدافع الانتقام أو اليأس.
المخدرات
وأردف أستاذ علم كشف الجريمة، أن من بين العوامل المؤثرة التي ساهمت بشكل كبير في انتشار جرائم قتل الاصدقاء لأصدقائهم هو تعاطي المخدرات، لاسيما المخلق منها كيميائياً، وهو للاسف بات منتشرا والذي له تأثير كارثي على الوصلات العصبية للإنسان حيث يفقد الشخص وعيه وإدراكه، ويدفعه إلى ارتكاب جرائم دون وعي.
تشديد العقوبات
وختم أستاذ علم كشف الجريمة حديثه قائلاً، لكي نستطيع الحد من هذه الظاهرة، التي تمثل جرائم قتل الاصدقاء لأصدقائهم، لا بد من تضافر جهود العديد من الجهات، مثل الأسرة والمجتمع والمدرسة والإعلام.
ولفت إلى أن توعية الشباب بمخاطر العنف والجريمة، وأهمية الحفاظ على الصداقة والعلاقات الإنسانية، من صميم دور هذه الجهات، علاوة على نشر الوعي الأخلاقي بين الشباب، وتعزيز قيم التسامح والحوار والتفاهم.
وشدد على ضرورة تطبيق القوانين بحزم، وتشديد العقوبات على مرتكبي جرائم القتل، يسهم وبشكل فعال في الحد منها، كما أن مراقبة المحتوى الإعلامي، والتأكد من أنه لا يشجع على العنف أو الجريمة، يعد من أهم الأسباب في إيقاف تلك الجرائم.