اليمن.. التهديدات ملاذ الحوثيين مع تصاعد الضغوط الشعبية ضدهم
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
صنعاء (عدن الغد) ياسر حميد - العربي الجديد:
تعيش جماعة الحوثي (أنصار الله) في اليمن تحت ضغوط تصاعد مطالب الموظفين في مناطق سيطرتهم برواتبهم المقطوعة، مع دخول إضراب واسع للمعلمين أسبوعه الرابع على التوالي في المدارس الحكومية، واستمرار الهدنة في البلاد منذ أكثر من عام.
وحول ذلك، شدّد الأستاذ يحيى إسماعيل، القاطن في صنعاء، على أن "مطالبتنا بالراتب جزء من حقنا، وارتفعت أصواتنا مع استمرار الهدنة، لكن لم نحصل على أي حق، ومع توقف الحرب، على السلطة تحمل مسؤوليتها في صرف رواتبنا، لقد صبرنا بما فيه الكفاية".
وأضاف إسماعيل في حديثٍ لـ"العربي الجديد": "نحن نريد رواتبنا ولا يهمنا من أين تصرف، على السلطة (الحوثيين) التي تدير التعليم أن تقوم بواجبها وصرف الرواتب خلال التهدئة الحالية، وإذا لم نستلم رواتبنا في هذه المرحلة من الهدنة، فلن نحصل على شيء، لقد سئمنا من المبررات".
عاتق جار الله: تخشى الجماعة الحملات بسبب احتمال تشكيلها ثورة عارمة
ومنذ أكثر من شهر، جرى الإعلان في مناطق سيطرة الحوثيين عن تكتل نقابي جديد باسم "نادي المعلمين"، لقيادة إضراب شامل للمطالبة بصرف رواتب المعلمين شهرياً، وتسليم الرواتب المقطوعة منذ ثماني سنوات وفق جدول معين خلال الأشهر المقبلة، لكن تلك المطالب تواجَه بقمع وتهديدات من قبل الحوثيين.
ويعد بند تسليم رواتب الموظفين من ضمن شروط الحوثيين في التفاوض مع السعودية بوساطة عمانية، والتي تجمدت منذ إبريل/ نيسان الماضي عقب زيارة وفد سعودي إلى صنعاء، ما جعل قيادات الحوثيين يطلقون تهديدات متتالية خلال الفترة الماضية باستئناف التصعيد العسكري.
تهديدات الحوثيينوبالتزامن مع المطالب بالرواتب، يطلق الحوثيون تهديدات وتحذيرات للسعودية بالتصعيد العسكري وإنهاء حالة التهدئة، ويتهمونها بالتسبب بكافة المشاكل التي تعاني منها سلطات الجماعة، ومنها عدم تسليم رواتب الموظفين وإثارة الشارع ضدهم في مناطق سيطرتها.
وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، أول من أمس السبت، مهدداً: "لا يمكن أن يعيش السعودي في أمن ورفاهية، وتحريك للاستثمارات في نيوم أو في غيرها، ثم يتسبب باستمرار الحصار والمعاناة والبؤس، وأن يصبر اليمني على هذه الحالة ويتحول سخطه إلى مشاكل داخلية فقط".
وأضاف في كلمة متلفزة: "لا يمكن أن نسكت طويلاً عما هو حاصل، وقد أفسحنا المجال للوساطة بالقدر الكافي، وإذا لم تحصل تطورات إيجابية، فإن موقفنا سيكون حازماً وصارماً، ونحن خلال المدة الماضية طوّرنا قدراتنا العسكرية بكل ما نستطيع". وتابع: "أوجّه التحذير الجاد إليهم (التحالف الذي تقوده السعودية)، وإذا كنتم تريدون السلام فطريق السلام واضحة، وليس هناك من جانبنا أي شروط تعجيزية".
وعن الوضع الداخلي، قال زعيم الجماعة: "على الجميع أن يدرك أهمية إفشال كل مؤامرات الأعداء لإثارة الفتن في الداخل تحت عناوين متعددة، من مشاكل اجتماعية وسياسية، والحالة التي نحن فيها لا زالت حالة حرب، وأولوياتنا واضحة، ويجب أن تبقى كل اهتمامنا بالدرجة الأولى متجهة إلى التصدي للأعداء".
وكان رئيس المجلس السياسي للحوثيين (مجلس حكم الجماعة) مهدي المشاط قد كشف أن المفاوضات مع السعودية توقفت عند نقطة تسليم الرواتب. وقال في كلمة تدشين العام الدراسي في 22 يوليو/ تموز الماضي: "إن السعودية كانت مستعدة لأن تسدد الرواتب، وهذا ما رفضناه، وقلنا لهم نريد من ثرواتنا النفطية والغازية، وهذا هو سر تعثر المفاوضات في المرحلة الماضية".
ورداً على تصريح المشاط، قال "نادي المعلمين" في بيان: "ثماني سنوات وتحملنا ما لا يتحمله أحد وكنا نعتقد أن باقي الموظفين مثلنا صامدين بلا رواتب، ووُقّعت الهدنة لنكتشف أن كافة القيادات والمسؤولين يستلمون رواتبهم بانتظام". وتابع البيان: "نريد أن نستلم من المصرف المركزي في صنعاء أسوة بكم (قيادات الحوثيين) وليس من السعودية".
تصاعد الضغوط الشعبيةورأى رئيس مركز المخا للدراسات الاستراتيجية عاتق جار الله أن "تصاعد المطالب بالرواتب حاجة معيشية للمواطنين الذين يعيشون تحت سيطرة الحوثي، فبعد مدة طويلة سئم الناس فكرة (نحن في عدوان)، بعد أن دخلت الأطراف في هدنة والمفاوضات بين السعودية والحوثيين، وراقب المواطن استمرار الإيرادات المهولة من ميناء الحديدة وجمع الضرائب والجبايات، والثراء الفاحش لرموز الجماعة".
سلمان المقرمي: التعنت الحوثي بشأن الرواتب هو ما عرقل تمديد الهدنة
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد": "تخشى الجماعة الحملات بسبب احتمال تشكيلها ثورة عارمة، بعد أن فقد الموظفون في مناطق سيطرتها الآمل في تحسين الوضع، لا سيما بعد تراجع حدة الحرب، غير أن ما يطمئن الحوثي هو عدم قدرة خصومها على إسناد أي حراك شعبي في مناطق سيطرتها، وكذلك عدم وجود رغبة دولية في ذلك".
وقال جار الله: "إن الشعور بالخطر يظل قائماً، إذ ربطت جماعة الحوثي وجودها بالحرب، ولم تستطع الانتقال من الحرب إلى إدارة برامجية، ولا أظنها قادرة على ذلك لاعتبارات تتعلق بفلسفة الحكم والشعور بالعزلة عن المجتمع، وبالتالي تعرف أن سلطتها لن تستمر الا بالحديد والنار".
وأشار إلى "أن الحوثيين سيستمرون في إبقاء جذوة الحرب، أو على الأقل حالة اللاحرب واللاسلم، وهي الخيار الأمثل وليس السلام الشامل، لأنهم غير جاهزين للدخول في عملية سلام".
ودخل الإضراب الذي ينظمه "نادي المعلمين" أسبوعه الرابع باستجابة كبيرة، لكنه متفاوت بين المدن والريف. ويبلغ عدد المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين 170 ألف موظف من إجمالي 240 ألف موظف في كافة المحافظات اليمنية.
ورأى الصحافي اليمني سلمان المقرمي "أن الإضراب الذي يقوده نادي المعلمين هو أهم حدث سياسي وشعبي وحقوقي في اليمن منذ الهدنة (بدأت في 2 إبريل 2022 ومُددت مرتين، ولشهرين في كل مرة، في 2 يونيو/حزيران ثم في 2 أغسطس 2022، قبل أن تنتهي رسمياً في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنها مستمرة ضمنياً)، واستطاع حتى الآن فتح باب واسع للنضال الشعبي السلمي لاستعادة الحقوق المنهوبة، وإعادة القيمة الفعلية للوسائل السلمية".
وأضاف المقرمي في حديث لـ"العربي الجديد" أن "التعنت الحوثي بشأن الرواتب هو ما عرقل تمديد الهدنة، حيث وافقت الحكومة على صرف رواتب الموظفين المدنيين من النفط والغاز، لكنهم اشترطوا أيضاً صرفها لجميع العسكريين من أنصارهم، وأن تسلم نقداً دفعة واحدة لهم".
وأشار المقرمي إلى "أن تهديدات الحوثي بالعودة إلى الحرب تكشف مأزق الجماعة الحقيقي وأنها بلا أي خيارات أخرى وتمارس سلوك العصابة في التهديد"، لافتاً إلى "أن الضغوط الشعبية قد تدفع إلى تصدع العلاقة بين الحوثي وسلطنة عمان، بعد أن قال زعيمهم إن الوقت قد مر بما فيه الكفاية لوساطتهم، بمعنى أنه قد يضطر لإجراء عسكري إن صدق، وهذا مستبعد، إلا أنه يخاطر بعلاقته الوثيقة مع مسقط، وهذا يجعل من تهديداته أقل أهمية على الأرض".
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: نادی المعلمین العربی الجدید فی مناطق
إقرأ أيضاً:
وزير يمني لـ«الاتحاد»: تزايد عمليات تجنيد الأطفال في معسكرات الحوثي
عبدالله أبوضيف (عدن)
أخبار ذات صلة اليمن: تحالف «الحوثي» و«القاعدة» يهدف إلى زعزعة الأمن وإضعاف البلاد البنك الدولي: مصاعب اقتصادية كبيرة في اليمن بسبب ممارسات «الحوثي»أعرب وزير حقوق الإنسان اليمني الدكتور أحمد عرمان عن أسفه الشديد تجاه الصمت الدولي المستمر عن الانتهاكات الحوثية المستمرة لحقوق الإنسان وخاصة بحق المختطفين والمعتقلين تعسفياً، والجرائم بحق الأطفال في اليمن.
وأوضح عرمان في تصريحات لـ«الاتحاد» أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة كبيرة في عمليات تجنيد الأطفال واستخدامهم بشكل غير مشروع، لاسيما الزج بهم في معسكرات الحوثي تحت ذريعة المراكز الصيفية والتي تروج من خلالها لثقافة الكراهية والقتل بين هؤلاء الأطفال.
وأشار إلى أن جماعة الحوثي تستغل الأوضاع الاقتصادية المتردية والأزمة الإنسانية التي تعصف باليمن، حيث فرضت على المدارس إلزام الأطفال ترديد شعارات تدعو إلى القتل مما يعكس استغلالاً غير إنساني للصغار في صراع لا ذنب لهم فيه.
وحسب منظمات حقوقية يمنية فإنه منذ أكتوبر الماضي، جندت جماعة الحوثي عشرات آلاف الأطفال في صفوفها عقب تخريجهم فيما تسميه «دورات مفتوحة» ضمن مراكز تدريب عسكرية تقع ضمن مناطق سيطرتها، ولفتت إلى استدعاء المشاركين في المراكز الصيفية باعتبارهم قوات احتياط يتم إعادة تدريبهم للتأكد من جاهزيتهم للقتال.
وقال عرمان إن الجماعة تعتقل العشرات من موظفي الهيئات والمنظمات الدولية والمحلية بشكل تعسفي وتجبرهم على الإدلاء باعترافات تحت الضغط بأفعال لا علاقة لهم بها ثم يتم تقديمهم إلى المحكمة الجزائية الخاصة بالجماعة والتي تستخدمها لتصفية خصومها.
وأعرب وزير حقوق الإنسان اليمني عن قلقه البالغ إزاء حياة المعتقلين الذين تم اختطافهم مؤخراً، خاصة بعد توجيه الجماعة إليهم اتهامات بالتجسس والتخابر، وقد أصدرت المحاكم الجزائية التابعة لهم في صنعاء خلال الفترة الماضية أحكاماً بالإعدام والسجن بحق العديد من المختطفين، من الرجال والنساء.
في غضون ذلك، يواجه الصيادون اليمنيون أزمة إنسانية كبرى خاصة في محافظة الحديدة والتي شهدت خروج نحو 200 ألف صياد من الخدمة خلال العام الجاري، في ظل انتهاكات مستمرة تتعلق باعتقالهم وعدم السماح بنزولهم إلى الميناء بسبب العمليات العسكرية التي يجريها الحوثي.
وأشار الوزير إلى تراجع الدور الإنساني للهيئات الأممية بما في ذلك مكتب المبعوث الأممي في قضية المعتقلين والمختفين قسرياً في سجون الحوثيين، وتراجع جهود الإفراج عنهم مما سمح للحوثي باستخدام هذا الملف الإنساني ورقة ضغط ضد معارضيها والمدنيين الرافضين لممارساتها.