أثارت دعوات الجهاد والزحف إلى الأقصى التي أطلقها زعيم فصيل "حركة النجباء" العراقية، أكرم الكعبي، من محافظة النجف، تساؤلات عدة عن دلالات تصريحاته التي جاءت من "عاصمة التشيع" بالعالم، ومقر المرجع الأعلى للشيعة علي السيستاني.

وظهر الكعبي في مدينة النجف، الخميس، خلال إقامته حفلا تأبينيا لزعيم حزب الله اللبناني السابق حسن نصر الله، ودعا العراقيين إلى "الجهاد وخوض الملحمة في الوقت الحالي ضد الاحتلال الإسرائيلي"، حاثا الجميع إلى "شد الرحال إلى الأقصى الشريف".


???? الامينُ العام للمقاومةِ الإسلامية حركة النجباء الشيخ أكرم الكعبي

- الشيخُ الكعبي حاثّاً المقاومينَ اَنَ الوقتَ الحالي وقتُ عَملٍ وجهادٍ وليس وقتَ بُكاءٍ وعزاءْ#قناة_النجباء_الفضائية pic.twitter.com/M2sAjvHlHP — قناة النجباء الفضائية (@NujabaTv) October 22, 2024
"حركة النجباء" بزعامة أكرم الكعبي، هي إحدى فصائل "المقاومة الإسلامية في العراق"، التي تعلن بين الحين والآخر قصف الأراضي المحتلة سواء في الجولان أو حيفا وأم الرشراش، بالصواريخ والطائرات المسيرة، انطلاقا من الأراضي العراقية.


"رمزية دينية"
وبخصوص دلالات دعوات الكعبي للجهاد من النجف،  قال المحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل، لـ"عربي21" إن "ما يرد على لسان الكعبي وباقي قادة الفصائل، تعبر عن ارتباطها بمفهوم وحدة الساحات من جهة، وارتباطها العقائدي في مرجعيتها الدينية بإيران وليس بالنجف".

وعزا مشعل أسباب إقامة الكعبي المؤتمر التأبيني في النجف إلى أن "المدينة تعرف بأنها عاصمة الشيعة في العالم، بالتالي لها رمزية دينية ولها تاريخها الجهادي وغير ذلك".

وتابع: "هذه الفصائل قرارها يرتبط بالموقف الإيراني وليس بمواقف العراق الرسمي والمرجعية الدينية في النجف التي يمثلها المرجع علي السيستاني، لأنهما يريدان دخول البلاد إلى الحرب".

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي لـ"عربي21"، إنه "من الناحية العملية فإن الحوزة العلمية في النجف تكاد تكون هي صاحبة القرار الأول في إصدار أي فتوى تتعلق بالحرب".

وأضاف الفيلي أن "المرجعية في النجف لديها قراءات متعددة لطبيعة الأوضاع السياسية والاجتماعية الاقتصادية للعراق، وهي أول من تستشعر طبيعة الخطر الذي يحيط بالدولة العراقية في هذا الاتجاه (الحرب)".

ولفت إلى أن "المرجعية حاضرة ومؤثرة في القرار السياسي والاقتصادي وحتى في القرار التنفيذي، لذلك فإنها ليست بحاجة إلى من يوجهها أو يحرجها في هذا الموضوع (الحرب) فهي أول من بادر باحتضان كل المهاجرين من الفلسطينيين واللبنانيين وقدمت لهم الدعم الإنساني والمادي".

وأشار الفيلي إلى أن "موضوع المواجهة مع إسرائيل هذا قرار تتبناه الفصائل التي ترتبط بعقيدة ولاية الفقيه، إضافة إلى أنها لا تُجمع على طبيعة المواجهة مثل قضية الزحف للأقصى، لأن الأمر بحاجة إلى المرور بعدد من الدول العربية".

وأكد الخبير العراقي أن "النجف تمثل رمزية شيعية، فهل الكعبي يمثل واحدا من المراجع الدينية الموجودة على قيد الحياة، أم أنه يمثل مدرسة فكرية خاصة به في هذا الإطار؟" مشيرا إلى أن "تصريحات شبيه لما يطلقها الأخير تصدر أحيانا من بغداد وكربلاء وحتى قم وطهران".

وأردف: "فصائل (حركة النجباء، وكتائب حزب الله) هي الأكثر التصاقا بمحور المقاومة الذي ينطلق من طهران وبغداد وسوريا ولبنان واليمن، بالتالي هي تريد التأكيد أنها حاضرة لأي مواجهة محتملة".

وكان رئيس المجلس السياسي لـ"حركة النجباء" علي الأسدي، قال خلال مقابلة تلفزيونية، الخميس، إن "الكعبي اختار الظهور العلني في النجف لأنَّها عاصمة الإمام المهدي (الإمام الثاني عشر لدى الشيعة)".

وفي الوقت الذي تحدث فيه البعض عن أن الكعبي أراد إحراج المرجعية الشيعية في مركزها لإصدار فتوى الجهاد، رأى آخرون ومنهم المحلل السياسي، حسين الكناني، أن دعوة الكعبي من النجف للزحف إلى الأقصى "تعبوية" ولا تمثل المرجعية.


"مواجهة الدولة"
وعن تصريحات رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بأن قرار الحرب بيد الدولة، قال المشعل: "نفهم من ذلك أن توجه الدولة ليس مع الحرب كما أن المرجعية الدينية في النجف لها نفس الرأي".

وفي هذه النقطة، رأى المشعل أن "الخلاف يكمن بين الموقف الرسمي العراقي والمرجعي الشيعي متمثلا بمرجعية السيستاني من جهة، وبين موقف بعض الفصائل التي أعلنت الحرب وتقصف إسرائيل من دون اكتراث للقرار الرسمي من جهة أخرى".

وأضاف: "ما يصدر عن الفصائل فيه تحد صريح للدولة العراقية، لكن لا يمكن للحكومة أن تمضي بقرارات رادعة أو عقابية لمن يخالف قرارها وموقفها، لأن هذه الجهات تمتلك أسلحة وإمكانيات عسكرية، إضافة إلى أن لها قدم في الدولة وأخرى في المعارضة أو المقاومة".

وأشار إلى أن "حديث السوداني يحمل رسائل إلى العالم والولايات المتحدة الأميركية وحتى إلى الداخل العراقي وطمأنتهم أن العراق بعيد عن خط المواجهة والقصف، لأن البلد ما يزال يئن من حروب متراكمة عبر نصف قرن، ولا يستطيع خوض حرب شرسة سواء مع إسرائيل وأمريكا".

من جانبه، قال الفيلي: "دائما تعودنا في العراق أن هناك خطابين، الخطاب الرسمي الحكومي الذي يعبر عن هوية الدولة، لأنه دستوريا قضية إعلان الحرب يجب أن يكون بطلب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية وموافقة ثلثي أعضاء البرلمان".

وأوضح الفيلي أن "الحكومة لديها مجسات بشأن المخاطر، فهي تؤمن أن العراق ليس ساحة للحرب، بل إنها ذهبت إلى أبعد من ذلك، بالقول إننا لا نريد بأن تكون سماء وأرض البلاد جزء من ساحة المواجهة".

ولفت إلى أن "من يصدر الأوامر لتحرك القطعات العسكرية والأجهزة الأمنية هو رئيس الوزراء وليس قادة الفصائل المسلحة، لذلك تصريح السوداني الأخير يفصل بين من له الحق في اتخاذ قرار الحرب وبين من لا يحق لهم ذلك".

وبعد كلمة الكعبي، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الخميس، أن "قرار الحرب والسلم تقرره الدولة بمؤسساتها الدستورية، وكل من يخرج عن ذلك سيكون بمواجهة الدولة التي تستند إلى قوة الدستور والقانون في تنفيذ واجباتها ومهامّها".

وردا على سؤال حول ما إذا كان العراق صديقا لأمريكا أم هو ضمن محور المقاومة؟، قال قاسم الأعرجي مستشار الأمن القومي العراقي، إن "العراق محور لوحده، فهو بلد ذو سيادة، وحكومته منتخبة، وعمل وسيطا لفك الأزمات في المنطقة، وبالتالي هو بلد محوري لخفض التصعيد".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية الجهاد العراقية أكرم الكعبي النجف السيستاني العراق النجف السيستاني الجهاد أكرم الكعبي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرکة النجباء رئیس الوزراء فی النجف إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل ضيّعت الدولة اللبنانية فرصة طرابلس عاصمة للثقافة العربية؟

بيروت- يحرص ناصر جرّوس على متابعة أعماله في النشر، جنبا إلى جنب مع تنظيم النشاطات والأمسيات الثقافية في مدينته طرابلس، شمالي لبنان. وتكاد مفكّرته تمتلئ بالمواعيد: أمسية شعرية مساء الاثنين، محاضرة لباحث معروف الأربعاء، وتوقيع كتاب مهم الجمعة.

وبين موعد وآخر، ينشغل الناشر اللبناني النشيط بالتحضير للمشاركة في معرضٍ للكتاب، هنا أو هناك، لبنانيا أو عربيا أو دوليا.

يدير الرجل السبعيني دار "جرّوس برس ناشرون" التي أسسها في عام 1980، متخذا من طرابلس مقرا لها، والتي نشرت حتى اليوم أكثر من 800 عنوان في شتى مجالات المعرفة.

الناشر ناصر جرّوس كرّس 10 سنوات من عمره لتنمية مدينته ثقافيا (مواقع التواصل)

وهو يُكرّس منذ نحو 10 سنوات جل وقته لتنمية مدينته ثقافيا. يقول لـ"الجزيرة نت": "طرابلس هي مرتع صِباي وعشقي الأول، أعطتني كل ما لديها لأصبح ما أنا عليه اليوم. وحان الوقت لأردّ لها بعض الجميل".

طرابلس حاضنة الثقافة

ومن باب الوفاء لمدينته، نشر جرّوس أخيرا كتاب "طرابلس حاضنة الثقافة لكل الأَزمان"، بحجم موسوعي من 416 صفحة، بعدما نشر قبل عامين كتابا آخر بعنوان "طرابلس في عيون أبنائها والجوار".

ويضم الكتاب الجديد نصوصا وصورا ووثائق عن معالِم الحياة الفكرية والثقافية والفنية للمدينة وما فيها من مؤسسات ثقافية ناشطة فاعلة مؤَثِّرة، وما تكتنزه من معالم دينية إِسلامية ومسيحية وخانات وحمّامات وأسواق قديمة وجُزُر.

إعلان

ويرسم الكتاب، الذي شارك فيه 50 مثقفا وباحثا وأديبا وصحفيا، رؤى مستقبلية لِما ستكونُه طرابلس أو يمكنُ أَن تكونَه، امتدادا لمسيرتها الحضارية الضاربة في التاريخ، ما جعلها صاحبة اللقب الأحبّ إلى قلوب أبنائها: "مدينة العلم والعلماء".

View this post on Instagram

A post shared by Jamil Maikel Koussa (@jimkoussa)

يشعر جرّوس بحسرة كبيرة بسبب الإهمال المتعمّد من الدولة اللبنانية، على مدى عهود، تجاه طرابلس. يتنهّد عميقا، ثم يقول:

"مع الأسف، لم تعرف الدولة اللبنانية قيمة هذه المدينة المعطاء التي يتجاوز تأثيرها الثقافي حدودها الجغرافية، إذ كانت ولا تزال جوهرة ساحلية تعبق بالتاريخ في كل شارع وعند كل زاوية".

طرابلس والفرصة الضائعة

وآخر أشكال خذلان الدولة لعاصمتها الثانية كان عدم التعاطي بجدّية مع حدث عربي – دولي تمثّل في اختيار المدينة من جانب "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" (ألكسو) لتكون "عاصمة الثقافة العربية لعام 2024".

ووقع خيار المنظمة على طرابلس قبل أكثر من عقد لتحمل اللقب ذاته عام 2014، غير أن الاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية التي شهدها لبنان -ولا يزال- دفعت إلى تأجيل الاحتفالية أكثر من مرة.

وهكذا، كان أمام الدولة اللبنانية أكثر من 10 سنوات أهدرتها بالكامل. وهي فترة زمنية كان من شأنها أن تنقل طرابلس من مستوى إلى آخر وأن تضعها على الخريطة السياحية والثقافية العربية والدولية إذا ما تم الإعداد للحدث والتحضير له في شكل جدّي واحترافي.

فطرابلس "تزخر بكنوز أثرية ومعالم سياحية تاريخية فريدة، ما يجعلها علامة فارقة ومضيئة في محيطها"، وفق تعبير الكاتبة والمترجمة الدكتورة زهيدة درويش جبّور، ابنة طرابلس، معتبرة أن الدولة اللبنانية ضيّعت على طرابلس وأهلها فرصة لنهضة ثقافية وفنية، إذ كان يمكن أن تعيد إلى المدينة شيئا من دورها الذي تستأهله كحاضرة عريقة على المتوسط".

الكاتبة والمترجمة زهيدة درويش جبّور (مواقع التواصل)

تصف جبّور -في حديثها إلى "الجزيرة نت"- طرابلس بأنها "قليلة الحظ"، إذ ابتُليت بأبناء فاحشي الثراء، ويُعدّون أغنى الأغنياء في لبنان، لكنهم لم يعاملوا مدينتهم الأم بالبرّ بل بالعقوق، "فتركوها مهمَلة ومتروكة للفقر"، فضلا عن تقاعس كبير من الدولة تجاه عاصمتها الثانية، إنمائيا وخدماتيا.

إعلان

وترى جبّور، التي شغلت سابقا منصب الأمين العام للجنة الوطنية اللبنانية لمنظمة "يونسكو"، أن فشل مشروع "طرابلس عاصمة الثقافة العربية لعام 2024″، يعود إلى سببين رئيسيين:

الأول، أنه لم يتم الإعداد له كما يجب في الوقت المناسب، على الرغم من الوقت الكافي الذي كان متاحا أمام القائمين عليه محليا… فخرج المشروع بلا خطة ولا برنامج ولا رؤية.

أما السبب الثاني، فهو الظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية غير المستقرّة التي مرّ بها لبنان خلال المرحلة التي سبقت الاحتفالية وخلالها، على الرغم من وجود طاقات بشرية وكفاءات عالية من أبناء الفيحاء.

استثمار ثقافي بلا تمويل

وتلقّب طرابلس بـ"الفيحاء"، تاريخيا، لأن شوارعها كانت تفوح منها الروائح الجميلة الصادرة من بساتين البرتقال والليمون المنتشرة في أرجائها.

ويُعد الدكتور سابا قيصر زريق أحد الكفاءات التي تحدثت عنها جبّور، إذ يترأس "مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية" التي أسسها في عام 2013، وفاءً لذكرى جدّه الشاعر الطرابلسي الشهير سابا زريق الذي توفي في عام 1974 عن 88 عاما.

وتحمل المؤسسة على عاتقها مهمة الاستثمار الثقافي في طرابلس، من تأهيل المكتبات العامة والجامعية والمدرسية أو تجهيزها، وتنظيم مباريات ثقافية، واستضافة محاضرات فكرية وفعاليات ثقافية، بالإضافة إلى طباعة ونشر كتب لأدباء وشعراء ومفكرين وكُتّاب من أبناء المدينة والجوار… مجانا.

يقول زريق، وهو أيضا صاحب مكتب استشارات قانونية معروف في بيروت، ضاحكا: "أُنفِق في طرابلس ما أجنيه من عملي الاستشاري في العاصمة". ويتحدّث إلى "الجزيرة نت" بشغف عن مدينته التي نشأ فيها وترعرع في شوارعها وأزقتها العتيقة، معتبرا أن "الانتماء إلى طرابلس ارتقاءٌ ثقافي".

رئيس "مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية" الدكتور سابا زريق (مواقع التواصل)

لكن الهَمَّ الثقافي الذي يحمله زريق لم يصل إلى وزارة الثقافة في الحكومة اللبنانية السابقة، برئاسة نجيب ميقاتي، إذ تعاملت مع مناسبة بحجم "طرابلس عاصمة الثقافة العربية" بخفّة مغلّفة باستعراض فلكلوري.

إعلان

فقد أعلن وزير الثقافة محمد وسام مرتضى في احتفال افتتاح الحدث -الذي تأخر نحو 5 أشهر عن موعده- أن الوزارة ستعمل على إحياء المناسبة التي تستمر عاما كاملا بـ"صفر تمويل".

وجاء كلام مرتضى وسط حضور وزراء ونواب وسفراء وشخصيات، تقدّمهم ميقاتي، ابن طرابلس، الرجل الأغنى لبنانيا والثامن إقليميا بثروة تبلغ نحو 6 مليارات دولار يتقاسمها مناصفة مع شقيقه طه، وفق تصنيف مجلة "فوربس" الأميركية لأثرياء العالم.

ومع ذلك، يرى زريق أن وزير الثقافة عمل كل ما يستطيع فعله لطرابلس التي أحبّها، إلى درجة أنه نقل مكتبه من بيروت إليها لمتابعة ملف الفعالية عن كثب ضمن الإمكانات المادية المتاحة.

"الجميع يعلم أن موازنة وزارة الثقافة في لبنان تكاد تكون صفرا، وبالتالي لم يكن التقصير من الوزير بقدر ما كان تقصيرا تنظيميا من الهيئات واللجان التي أوكلت إليها مهمة التحضير والإعداد للفعالية"

وكان وزير الثقافة خصّص، قبل أشهر من بدء الاحتفالية، 3 أيام أسبوعيا للحضور في طرابلس بهدف متابعته شخصيا التحضيرات المواكِبة للحدث مع فريق الوزارة.

وقوبلت تلك الخطوة بترحيب طرابلسيّ عام، إذ "نجح الوزير في إحداث جو إيجابي ودينامية ثقافية في المدينة، على رغم من أن الخطوة تمت في أسوأ ظروف سياسية واقتصادية وأمنية عصفت بالبلد"، وفق تعبير رئيس لجنة الثقافة في بلدية طرابلس الدكتور باسم بخّاش.

لكنه يستطرد قائلاً إنه لا يكفي أن يكون وزير الثقافة مؤمنا بالطاقات البشرية والثقافية الموجودة في طرابلس وداعما لها حتى ينجح المشروع، إذ لا بد من توافر المال اللازم لإنجاح أي فعالية في المدينة، فكيف إذا كان الحدث بحجم "عاصمة الثقافة العربية".

رئيس لجنة الثقافة في بلدية طرابلس الدكتور باسم بخّاش (مواقع التواصل)

ويرى بخاش، في حديثه إلى "الجزيرة نت"، أن نجاح الفعالية كان يتطلب تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني والهيئات الاقتصادية في المدينة مجتمعة، لافتا إلى أن البلدية -المفلسة أساسا- لم تكن لديها سلطة على ملف العاصمة الثقافية، مشيرا إلى أن أثرياء طرابلس الكبار خذلوا المدينة في هذه المناسبة النادرة.

إعلان

"سوء تنظيم وصفر تمويل"، بهذه الكلمات يلخّص رئيس "الرابطة الثقافية"، المؤسسة الأعرق في طرابلس، رامز الفري أسباب فشل فعالية "عاصمة الثقافة العربية"، على الرغم من أن "الوزير مرتضى بذل كل ما بوسعه لإنجاح الحدث ووضْع المدينة على الخريطة الثقافية العربية".

واستضافت "الرابطة الثقافية"، التي تأسست في عام 1943، نحو 120 نشاطا ثقافيا من أصل 170 شهدتها المدينة العام الماضي. واختير الفري عضوا في اللجنة المركزية لإدارة فعالية "طرابلس عاصمة الثقافة العربية"، لكنه يقول لـ"الجزيرة نت" إن غالبية اللجان التي شكّلتها وزارة الثقافة بهدف الإعداد للحدث وجدولة برنامجه لم تجتمع. فجاء الحدث فقيرا هزيلا، على عكس كل الأمنيات.

رئيس "الرابطة الثقافية" في طرابلس رامز الفري (مواقع التواصل)

وتحتفظ طرابلس بسجل تاريخي عريق وبخزان هائل يضم أكثر من 180 معلما تاريخيا، وتُعد المدينة الأولى بثروتها التُراثية على الساحل الشرقي للمتوسط، والثانية بآثارها المملوكية بعد القاهرة.

ووفق مؤرخ المدينة العلّامة عمر تدمري، فإن طرابلس علّمت أوروبا التحلية والنظافة، إذ صدَّر مرفأ المدينة الصابون إلى العالم، وكذلك السكّر الحلو المذاق من القصب الذي كان ينمو عند مجرى نهر أبو علي، فضلاً عن كونها عاصمة صناعة الحلويات في لبنان.

وكان وزير الثقافة السابق محمد وسام مرتضى أعلن، في أكثر من مناسبة، أنه مذهولٌ من حجم القدرات البشرية والطبيعية لـ"الفيحاء" وما تختزنه من ثروات ومعالم لا نظير لها. و"كل هذا يمكن أن يجعل من طرابلس إسطنبول ثانية، وهدفا لتكون المركز الأول للسياحة الثقافية في لبنان".

وأكد أن في طرابلس "ما لا يمكن أن يراه السائح في أي مكان آخر. وهي بذلك لا تنقذ نفسها، وتؤمن مداخيلها، بل يمكنها أن تدرّ الأرباح على لبنان كله"، وفق تعبير الوزير نفسه، معتبرا أن طرابلس تستحق أن تكون "عاصمة دائمة للثقافة في لبنان".

إعلان

لكن الكلام الرسمي شيء… والفعل شيء آخر.

مقالات مشابهة

  • شقشقة: كيف خدع الشيعة أنفسهم؟
  • كيف وصفت أوساط الاحتلال إقالة نتنياهو لرئيس جهاز الشاباك؟
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: الدولة فقدت ثقتها بنتنياهو وعليه الاستقالة
  • ما الذي قاله وزير الدفاع الأمريكي لرئيس الوزراء العراقي خلال اتصال بينهما؟
  • الخميس المقبل ..مباراة المنتخب العراقي ونظيره الياباني في كرة القدم الشاطئية
  • هل ضيّعت الدولة اللبنانية فرصة طرابلس عاصمة للثقافة العربية؟
  • تعاون سعودي عراقي يجهض تهريب شحنة ضخمة من المخدرات
  • وصول المنتخب العراقي للبصرة استعداد لمواجهة نظيره الكويتي
  • التقسيم والدولة الشيعية: جدل جديد في الفضاء السياسي العراقي
  • رغد صدام تنتقد مقتل صحفي عراقي وتدين غياب سلطة الدولة والفوضى في العراق