قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ومفتي الجمهورية الأسبق، إن سيدنا رسول الله ﷺ أوصانا بمحاسن الأخلاق.

من نفَّس عن مؤمنٍ كربةً

قال رسول الله ﷺ : «من نفَّس عن مؤمنٍ كربةً نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسرٍ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا يسر الله له طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا نزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ عليه عمله لم يُسرع به نسبه» نصائح سبع، وإن شئت فقل هي أخلاقٌ سبع، يأمرنا فيها  سيدنا رسول الله ﷺ أن نربي أنفسنا عليها.

وأوضح من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: «من نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة» والله لو درَّبت نفسك على هذا، ولو جعلت كل ما تفعله من تنفيس الكرب عن الناس لوجه الله تعالى مخلصًا به ربك، راجيًا ثوابه يوم القيامة لكان ذلك تخفيفًا عليك ورحمةً يوم المشهد العظيم، ولنوَّر الله به قلبك في الدنيا، ولجعلك تفهم معنى الإنسان الذي أمامك، وأنه بُنيان الرب كما ورد في الحديث فيما أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني «الإنسان بنيان الرب» لو عرف الطبيب أن الذي بين يديه ليس قطعة رخام، ولا خشب، ولا حديد، إنما هو إنسان، وأنه مكرمٌ من الرحمن لاختلفت المعاملة، واختلف الاهتمام، لو حمل الهم في قلبه عن الكربة التي فيها ذلك المريض، لو أن الموظف في دوائر الحكومة حمل هم هذا المراجع، وأراد أن يُنفِّس كربته، وأن يزيل ما فيه من همٍ، وأن يقضي حاجته، وأن يجعل ذلك لوجه الكريم لجعله الله سبحانه وتعالى له في الدنيا والآخرة؛ فإذا ما يسَّرنا على الإنسان، وعرفنا أنه ليس عددًا، وإحصاء، وإنما هو مكرمةٌ من عند رب العالمين أسجد له الملائكة، لو عرفنا أن من يسَّر على المعسر في الدنيا يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والمعسر قد يكون مديونا؛ فإذا ما سددت عنه دينه -ولو من الزكاة- فإنك تكون قد يسرت على معسر، أو أخرت دينه الذي في ذمته لك، أو أحسنت المطالبة، أو خففت عنه وأسقطت عنه بعض دينه، أو سترت عليه فلم تفضح حاله، والدين همٌ بالليل، وذلٌ بالنهار، لو فعلت هذا لوجه الله لشعرت بحلاوة ذلك في قلبك.

دعاء الستر والفرج عن النبي مستجاب .. 9 كلمات رددها الآن

وشدد علي جمعة: لو أنك سترت على الناس عثراتهم، وأقلتهم ذنوبهم لوجدت ذلك في قلبك، وفي نفسك، ولستر الله عليك في الدنيا والآخرة، ولكن كثيرًا من الناس تلوك أعراض الناس بألسنتهم في مجالسهم غيبةً، ونميمةً، وافتراءً، وبهتانًا، والنبي ﷺ يقول: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع» وتحت شعار حرية الرأي، وحرية التداول تحدث الغيبة والنميمة، وحرية الرأي ليس هذا مجالها، ليس مجالها الكذب، والافتراء، والغيبة والنميمة، وأعراض الناس، والتكلم بالفاحشة، إنما عرضها أن يكون الإنسان حرًا، وأن يأمر بالمعروف، وأن ينهى عن المنكر، وأن يكون قلبه على مجتمعه وناسه ومصالحهم، يريد الخير، ولا يريد الشر، و«الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» وانظر إلى هذا الإطلاق الذي خاطب فيه النبي ﷺ البشرية جمعاء وهو رحمةٌ للعالمين إلى يوم الدين، وقال العبد، ولم يقل المسلم، ولا حتى المؤمن، ولكن قال العبد، مفهومٌ واسع، نسقٌ مفتوح، قلبٌ يسع الناس أجمعين لأننا إنما ندعو إلى رب العالمين، وإنما ندعو إلى سيد الخلق أجمعين، وإنما ندعو إلى خلقٍ قويم لا يختلف عليه اثنان من العقلاء، ولا يتناطح فيه أحدٌ من العلماء.

وفي النهاية يضع لنا رسول الله ﷺ قاعدةً ذهبية «من أبطأ به عمله لم يُسرع به نسبه» فالقضية هي قضية العمل الصالح، والعمل الصالح أن تبدأ بنفسك، ثم بمن تعول، أو أن تبدأ بنفسك، ثم بمن يليك؛ فعليك أن تبدأ بنفسك من هذه اللحظة بعد أن سمعت نصيحة رسول الله ﷺ ، جدد إيمانك، قل لا إله إلا الله، ابدأ السير في طريق الله، متخلقًا بما أراده لنا سيدنا رسول الله ﷺ .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء الغيبة والنميمة الكذب فی الدنیا والآخرة رسول الله ﷺ الله فی فی عون

إقرأ أيضاً:

رمضان والجنة

بين الصيام والتقوى والجنة ترابط، فالصوم يحقق التقوى، وهي سبيل الفوز بجنة رب العالمين، يقول الله، عز وجل، في محكم تنزيله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)، «سورة البقرة: الآية 183».
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق، فلم يدخل منه أحد»، (صحيح البخاري، 1896).
وكما تبين، فإن بين الصيام والتقوى والجنة ترابطاً، فالصيام عناء ومن ثماره التقوى، والتقوى ثوابها الجنة، فقد أخبر القرآن الكريم بما للمتقين في الجنة من منازل، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى خصص باباً من أبواب الجنة لأهل الصوم سمّاه الريان.
فالصوم باب للجنة، يسره الله تعالى لمن أراد له الخير، والجنة هي دار القرار، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: «فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ...»، (سورة السجدة: الآية 17)، (صحيح البخاري، 3244).
ومن فضل الله تعالى على المؤمنين في الجنة النظر إلى وجه الله الكريم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل»، (صحيح مسلم، 297).
فمن صام رزقه الله التقوى، ومن رزق التقوى فقد رزق القبول، ومن رزق القبول تنعم بجنات وعيون، وتمتع بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وما ذلك إلا بشرى للصائمين. 
كما أن معرفة المقاصد في العبادة لها دورٌ كبير في تحسين أداء العبادات، فهي تزيد الإيمان.
وتقوى الصائم تعني: «ضبط نفسه عن الشهوات، وتزكيتها من الرذائل، قَالَ رسول الله: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»، فحري بالصائم أن يحرص على ضبط جوارحه عموماً، فلا تمتد يده إلى شبهة، ولا تخطو رجله إلى باطل، ولا يُجري على لسانه كذباً ولا نميمة ولا غيبة، فقد قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَ شَرَابَه».
الإعراض عن اللغو
يتوجب الإعراض عن اللغو، فالإعراض عنه من صفات عباد الرحمن، وأن الخوض فيه من مساوئ الأخلاق التي ينبغي على المسلم أن يربأ بنفسه عنها، فلا يخوض في كلامٍ يعيبه، أو فعلٍ يشينه، وخاصةً في شهر رمضان، موسم الطاعة والغفران، فنقبل فيه على طاعة ربنا، وما فيه الخير لنا ولأسرنا ومجتمعنا، عملاً بقوله: «وَاحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ».
حديث
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:، كان الناس يسألون رسول الله، ﷺ عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها: قلت: يا رسول الله صفهم لنا، فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.

أخبار ذات صلة 46.8 ألف وجبة «كسر الصيام»  وزعتها «الهلال» في أبوظبي «تراحم » توزع 20 ألف سلة غذائية

مقالات مشابهة

  • المفتي يوضح حكم التوسل بالأولياء والصالحين «فيديو»
  • كيف تحصل على أجر عمرة وحج وأنت في مكانك في رمضان؟ عليك بهذا العمل
  • متى يُستجاب الدعاء؟ وأفضل وقت له
  • رمضان والجنة
  • نزلة بردية فيروسية.. طبيب يوضح أعراض منتشرة إذا ظهرت عليك يجب التوجه للمستشفى فورًا
  • شيخ الأزهر يعزي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في وفاة شقيقه
  • دعاء اليوم الثامن من رمضان .. يجمع لك خيري الدنيا والآخرة
  • الإمام الأكبر يحتفي بذكرى تأسيس الأزهر... ويوجه نداء للمسلمين
  • هل الحفيظ من أسماء الله الحسنى؟ شيخ الأزهر يجيب
  • ماذا يفعل رسول الله أول جمعة في رمضان؟.. الإفتاء: 11 عبادة