«واشنطن بوست»: ترامب يصف معارضيه المحليين بالأعداء
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أمس السبت إن الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب وصف معارضيه السياسيين المحليين بالأعداء واعتبرهم يشكلون تهديدا للولايات المتحدة أكثر من الزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون.
وأوضحت الصحيفة أن ترامب قال خلال مقابلة طويلة استمرت ثلاث ساعات مع البودكاست الشهير جو روجان إن "العدو من الداخل" في الولايات المتحدة يشكل تهديدا أكبر من الدكتاتور الكوري الشمالي، مما أعاد إحياء عبارة أثارت انتقادات سابقة.
وأضاف ترامب، مشيرا إلى الزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون: "لم تكن لدينا مشكلة معه، وأقول للناس، لدينا مشكلة أكبر، في رأيي، مع العدو من الداخل".
وفي حديثه مع روجان، أشار ترامب إلى القلق الذي أثارته تلك التعليقات. وقال: "يجنون عندما أستخدم تلك العبارة"، قبل أن يستخدمها مرة أخرى. "لدينا عدو من الداخل، لدينا أشخاص سيئون حقا، الذين أعتقد أنهم يريدون جعل هذا البلد غير ناجح".
وسلطت المقابلة الضوء على تغيير لهجة روجان تجاه ترامب. فقد قال المضيف في السابق إنه رفض فرصة مقابلة ترامب واصفا إياه بأنه "تهديد للديمقراطية". ولكنه في مقابلة يوم الجمعة، أعطى ترامب منصة مؤثرة على برنامج "تجربة جو روجان" — وهو أكثر البودكاست شعبية على سبوتيفاي — حيث كرر ترامب مزاعمه الكاذبة بشأن تزوير الانتخابات، واقترح وجود حياة على المريخ، وتحدث عن الجنرال الكونفدرالي روبرت إي لي وذكر نبوءات عن نهاية العالم.
وقال فريق كامالا هاريس إنهم ناقشوا ظهورًا على البودكاست مع روجان لكن ذلك لم ينجح. وقال روجان في محادثته مع ترامب يوم الجمعة إن هاريس "قد تفعله بعد، وآمل أن تفعل ذلك".
كما سأل روجان ترامب عن ما يمكنه فعله بشأن غزو روسيا لأوكرانيا. وقد قال ترامب مرارا، دون تقديم تفاصيل، إنه يمكنه التفاوض لإنهاء النزاع. وقال ترامب لروجان"إذا أخبرتك بالضبط ما سأفعله، فلن أتمكن من إبرام الصفقة".
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن روجان يمتلك جمهورا كبيرا من الشباب، ويعكس ظهور ترامب استراتيجيته لمحاولة تحفيز هؤلاء الناخبين لدعمه في الانتخابات. لقد أثار برنامج روجان جدلا بسبب نشره معلومات مضللة حول فيروس كورونا وإعطائه منصة لشخصيات يمينية متطرفة تتداول في آراء عنصرية ونسائية.
واستعرضت المقابلة أسلوب ترامب المتعرج في الكلام — مما دفع روجان في إحدى اللحظات إلى المزاح عن "التشعب"، وهو المصطلح الذي يستخدمه ترامب لوصف تنقلاته المتكررة في الحديث.
وقال روجان ممازحا: "تشعبك أصبح واسعا جدا"، محاولا بشكل غير ناجح إعادة توجيه الحديث إلى التعريفات الجمركية.
وعندما تأمل ترامب في أنه يحصل على الدعاية دون محاولة، علق روجان بأن الجواب سهل: ترامب يقول "أشياء مثيرة".
وبحسب واشنطن بوست فقد شهدت المقابلة أيضا بعض مجالات السياسة: سأل روجان ترامب عما إذا كان جادا بشأن إلغاء ضرائب الدخل والاعتماد بدلا من ذلك على التعريفات، وهو اقتراح سبق أن طرحه ترامب. وكان رد ترامب "نعم، بالتأكيد، لما لا؟".
وسأل روجان ترامب عن مزاعمه الكاذبة بأن الانتخابات عام 2020 سرقت منه. قال ترامب: "سنفعل ذلك في وقت آخر"، مشيرا إلى أنه سيقدم "العديد من الأوراق المختلفة". وضغط روجان على ترامب للحصول على أمثلة، وفي النهاية حول ترامب الحديث إلى مواضيع أخرى.
وكرر ترامب أيضا هجومه على مساعديه السابقين الذين أصبحوا منتقدين، بما في ذلك رئيس موظفيه السابق جون كيلي، الذي قال هذا الأسبوع إن ترامب يتوافق مع تعريف الفاشية.
وأفادت الصحيفة الأمريكية بأن المقابلة تناولت أيضا مجموعة من المواضيع الأخرى.
قال ترامب في إحدى النقاط: "لا يوجد سبب للاعتقاد بأن المريخ وجميع هذه الكواكب لا تحتوي على حياة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: واشنطن بوست قال ترامب
إقرأ أيضاً:
فلسطين تعرّي المفاهيم الأخلاقية للمجتمع الدولي
إذا أرادت واشنطن تطبيق القواعد التي تتحدّث عنها في إصرارها على بقاء النظام الدولي كما هو، فعليها أولا أن تفعل ذلك مع حلفائها الذين يتمتّعون بحصانة غير عادية تحُول دون مساءلتهم أو محاسبتهم على ما يأتون من فظائع. وأبرزهم إسرائيل التي ترتكب المجازر وحروب الإبادة والتهجير دون رادع قانوني.
إسرائيل تدرك جيدا حجم الخسائر البشرية في جنودها وتأثيرها المعنوي والميداني، المقاومة في لبنان وفي غزة تكبّد الاحتلال خسائر يومية في عتاده وجنوده. ولا يجد نتنياهو وحكومته المتطرّفة من حل لحفظ ماء الوجه أمام الجبهة الداخلية سوى قصف المدنيين كالعادة، وإيقاع القتلى والجرحى في صفوف الأبرياء في جباليا ومناطق أخرى من غزة وفي بيروت والضاحية الجنوبية.
وكما اعتقدوا أنّهم أنجزوه في غزة، فإنّ غاية إسرائيل الاستراتيجية من مواجهة المقاومة اللبنانية هي «تقليص الخطر الذي يشكله حزب الله على أمن إسرائيل وعلى استقرار المنطقة»، من خلال إضعاف قوّته وتحويله إلى لاعب هامشي غير ذي صلة تجاه المعادلات الإقليمية.
وبناء على هذه الرؤية الإسرائيلية المبتورة، يجب أن تتركز المعركة الفعالة لإضعاف حزب الله، في فصله عن مصادر قوته، وهنا تأتي عمليات القصف والترهيب وتهجير السكان في محاولة لتأليب العمق الشعبي ضد المقاومة، ناهيك من محاولات أمريكية إسرائيلية مشتركة لخلق جبهة سياسية داخلية قادرة على تهميش حزب الله وعزله سياسيا.
إسرائيل لا تتردّد في استغلال أي فرصة لتوسيع حدودها حتى تحول دون إمكانية قيام دولة فلسطينية، وهو ما تقوم به عمليا في سياق حرب الإبادة والإجرام والمجازر اليومية في غزة، ولربما تكون قد نجحت فعلاً في تحقيق تلك الغاية التوسعية في ظل صمت عربي، ودعم غربي يجعلها تتصرف بناء على منطق لا يعرف الشفقة. سياسة الأرض المحروقة التي لا تترك الشجر ولا البشر، ولا يهمّ تتالي المجازر في حق المدنيين بشكل يومي أمام عالم يتابع إجراما لا مثيل له في عصر «التقدم والحضارة الإنسانية»، التي قالوا إنها تطوّرت.
يحدث كل ذلك رغم أن هذه ليست هي سياسة الولايات المتحدة، على الأقل فيما يتعلق بدعم حل الدولتين، الذي تكرّره الإدارة الأمريكية، وكذلك قضية المستوطنات، إلا أن التوسع مستمر أسبوعا بعد آخر، وتحت أنظار أمريكا والعالم بمجالسه الأمنية وهيئاته التحكيمية، ولا يوجد في واشنطن من يجرؤ على عمل شيء لوقفه. لم يحصل ذلك في عهد جو بايدن، ولن يحصل مع دونالد ترامب أيضا هذا مؤكد. الرجل الذي يتصرف بالديمقراطية في وطنه لن يساهم أبدا في الحقوق والحريات السياسية للفلسطينيين، أو لأي شخص آخر بتأكيد صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نفسها.
أغلق ترامب البعثة الفلسطينية في واشنطن، وأنهى التمويل الأمريكي لوكالة الأونروا، وأعلن وزير خارجيته مايك بومبيو أن المستوطنات مجرد أمر عادي، ولا تشكل انتهاكا للقانون الدولي على الإطلاق. كما اعترف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وهي ليست خطوة معادية للفلسطينيين بشكل مباشر، ولكنها نذير لما يخطط للقيام به في ما يتعلق بالأراضي المحتلة في الضفة الغربية. لقد نقلت إدارته السفارة الأمريكية إلى القدس، معترفة فعليا بسيادة إسرائيل على المكان بأكمله دون أن تعلن ذلك. وقد أدت هذه الخطوة إلى تدمير الفلسطينيين وتدمير دعمهم لحل الدولتين.
لقد صُمّمت «اتفاقيات أبراهام» لتجعل من إسرائيل المفوض الإقليمي المعلن للولايات المتحدة
لقد صُمّمت «اتفاقيات أبراهام» لتجعل من إسرائيل المفوض الإقليمي المعلن للولايات المتحدة. وها هو دونالد ترامب يتمكن من ضمان فترة رئاسية أخرى، وبالتالي سيكون لتلك السياسة عواقب كارثية على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. إسرائيل تعتقد فعليا بأن لديها الحق في الاعتراض على القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة داخل المنطقة. إذن، في ما لو قيض لسياسة ترامب أن تتكرس من جديد، ستصبح إسرائيل بالفعل هي المفوضة بها والمسؤولة عنها، بما يعني استمرار الصراع الذي تشعل نيرانه قوة عسكرية لطالما كانت هي المبادرة بالعدوان.
ظهرت اتفاقيات إبراهيم في عام 2020، وهي شكل خيالي من أشكال السلام كان المقصود منه، على الأقل بالنسبة لبنيامين نتنياهو وترامب، الالتفاف على الفلسطينيين وتركهم بلا دولة. وكانت التداعيات شعورا فلسطينيا عاما بالتخلي. وبالنسبة لحماس، غضبا من احتمالية صفقات التطبيع المستقبلية. دفعت إسرائيل ثمن هذا الغضب في السابع من أكتوبر. ويدفع الفلسطينيون ثمن رد فعل إسرائيل.
صحيح أن الحرب لم تبدأ في عهد ترامب. لقد أشعل النار فقط حتى «اشتعل المبنى بالكامل» تحت إشراف شخص آخر ليس بريئا. حان الوقت لكي يحدد المستوى السياسي خطة إنهاء الحرب في غزة وفي الشمال «قبل أن نغرق في الوحل» كما جاء في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أيضا. رئيس الموساد ديدي برنيع يصرّ على ضرورة ربط الساحات. وفي كلا الساحتين صُوّر انتصار جزئي لاسترضاء قاعدة كل طرف، من القضاء على السنوار، إلى أوهام رفع العلم الإسرائيلي على أنقاض عيتا الشعب. الآن بعد كل هذا، كل شيء في أيدي المستوى السياسي.
أمريكا التي تدعم إسرائيل في أعمالها العدوانية وإجرامها المطلق، تشير إخفاقاتها في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا والعديد من البلدان الأخرى، إلى أنها ستلقى مع كيانها الصهيوني المصير نفسه في غزة وفي لبنان.
وهي دلائل تاريخية على إخفاقات الولايات المتحدة المخزية، وتكاليف التدخل الخارجي وعقدة التوسع الامبراطوري. وسيكون لهذه الحروب في الشرق الأوسط انعكاسات كبرى على النظام الدولي المترنح، هذا «النظام الدولي القائم على قواعد» الذي انتهى في نظر بكين وموسكو تحديدا، بعد أن أصبح مكشوفا حجم الانتهازية والمعايير المزدوجة المتبعة من قبل القائمين عليه.
وكيف أنّ المصالح والرغبة في تواصل النفوذ هو ما ينطبق على استراتيجية واشنطن في المنطقة، وفي غيرها من مناطق العالم. لعبة القواعد وتغيير الأنظمة التي مارستها واشنطن مع حفنة من البلدان الأوروبية لن تقودهم إلى أي مكان بعد الآن. وهو ما يعني تمسك الدول العظمى الصاعدة بإعادة توزيع القوة الاستراتيجية، وهي دول تدعو في كل مرة واشنطن وحلف الناتو إلى الاستماع جيدا إلى الصوت العادل للمجتمع الدولي. والتوقف عن التحريض على المواجهة والتنافس، وأن يساهموا بشكل حقيقي في السلام والاستقرار في العالم. وبالتالي تدارك سقوط الضمائر وتهاوي المفاهيم الحقوقية لعالم تعرّى إنسانيا وأخلاقيا أمام اختبار الحق الفلسطيني وحجم الجرائم ضد الإنسانية.
القدس العربي