تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل وسط تبادل للضربات العسكرية.. إلى أين يصل الصراع؟
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
نفذت إسرائيل هجومًا واسع النطاق ضد إيران تحت مسمى عملية "أيام الحساب"، بهدف تقويض ما وصفته بالتهديدات المتزايدة على حدودها. العملية، التي شملت استهداف 20 موقعًا استراتيجيًا في إيران بمشاركة 100 طائرة مقاتلة، تعد من بين أضخم الهجمات الإسرائيلية ضد إيران وفقًا للتقارير الإعلامية.
أهداف عملية "أيام الحساب" وفق الجيش الإسرائيليأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن العملية استهدفت بدقة عالية مجموعة من المواقع العسكرية الإيرانية، بهدف الحد من قدرة الطيران الإيراني على تهديد المجال الجوي الإسرائيلي.
1. منظومات صواريخ أرض-جو: استهدفت المنصات الصاروخية الأرضية التي قد تعيق حرية حركة الطائرات الإسرائيلية.
2. قدرات جوية إيرانية: هدفت الضربات إلى تدمير البنية التحتية للطيران الإيراني.
3. وسائل إنتاج الصواريخ: استهدفت العملية مواقع إنتاج الصواريخ التي زعمت إسرائيل أنها استخدمت ضدها في السابق.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، عادت الطائرات المشاركة إلى قواعدها بسلام بعد تنفيذ ثلاث موجات من الهجمات "الناجحة".
رد إيران ونفي تفاصيل الهجوممن جانبها، نفت إيران التفاصيل التي نشرتها إسرائيل حول الهجوم. وأعلنت أن دفاعاتها الجوية تمكنت من صد الهجمات على مواقع عسكرية في طهران وخوزستان وعيلام، مؤكدة أن الأضرار كانت "محدودة".
كما نفت وكالة تسنيم الإيرانية مشاركة 100 طائرة أو استهداف 20 موقعًا، مؤكدةً أن الهجوم تم من خارج الحدود الإيرانية، مما يشير إلى احتمال استخدام إسرائيل لصواريخ بعيدة المدى بدلًا من اختراق المجال الجوي الإيراني.
تصعيد جديد في الصراع الإسرائيلي-الإيرانييرى مراقبون أن هذه العملية تشكل مرحلة جديدة من التصعيد بين الطرفين. ووفقًا للمحللين، قد تكون العملية الإسرائيلية منسقة مع الولايات المتحدة، بهدف تحقيق أهداف استراتيجية دون الانجرار إلى حرب شاملة، خاصةً مع اقتراب الانتخابات الأمريكية.
وأوضح الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن التراشق الإعلامي بين إسرائيل وإيران يعكس رغبة كلا الطرفين في تضخيم عملياتهما العسكرية، مضيفًا أن الضربة تمثل سابقةً بهجوم مباشر على دولة ذات دفاعات جوية متطورة.
وأضاف الرقب في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن الضربات جاءت بمشاركة دولية غير معلنة، حيث دعمت دول كبرى مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا العملية بشكل غير مباشر، بينما حرصت واشنطن على إبقاء التصعيد تحت السيطرة، مع تجنب استهداف مواقع نفطية أو نووية.
إسرائيل تكسب دعمًا أمريكيًا وتختبر الدفاعات الإيرانيةفي هذا السياق، أشار المحلل السياسي الإيراني وجدان عبدالرحمن إلى أن العملية الإسرائيلية حققت أهدافًا عديدة، من بينها اختبار القدرات الدفاعية الإيرانية والوصول إلى مواقع عسكرية داخل العمق الإيراني دون أي خسائر للطائرات الإسرائيلية.
أضاف عبدالرحمن في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن إسرائيل حصلت على دعم سياسي من إدارة الرئيس بايدن، حيث حرصت على التنسيق مع الولايات المتحدة، مراعيةً السياق السياسي الداخلي الأمريكي.
وشملت الضربات الإسرائيلية مناطق استراتيجية داخل إيران، منها طهران، خراسان، والأهواز، مما أظهر قدرة إسرائيل على الوصول إلى مواقع حساسة في عمق الأراضي الإيرانية، ليؤكد المحلل السياسي الإيراني أن هذه العملية تمثل رسالة قوية لإيران بأن إسرائيل قادرة على توجيه ضربات لأي موقع داخل حدودها متى دعت الحاجة.
تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل إثر سلسلة من الهجمات المتبادلةقال الدكتور خالد سعيد، المتخصص في الشأن الإسرائيلي، إن التوترات بين إيران وإسرائيل تشهد تصاعدًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة، عقب سلسلة من العمليات العسكرية والهجمات التي تبادلها الطرفان، مشيرًا إلى أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران منذ نحو شهرين، كان بمثابة بداية لتصعيد إيراني ردًا على ما اعتبرته تعديًا إسرائيليًا كبيرًا على أراضيها.
أضاف سعيد في تصريحات خاصة لـ«الفجر»، أن الهجمات الإيرانية ضد أهداف إسرائيلية في سبتمبر الماضي جاءت كجزء من الرد الطبيعي على هذه الحادثة، مضيفًا أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة على طهران، التي وقعت مؤخرًا، من المتوقع أن تقابل برد إيراني مباشر على الداخل الإسرائيلي.
اختتم المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن طبيعة الردود قد تتفاوت بين عمليات فعلية وهجمات استعراضية، إلا أن إيران لن تتردد في اتخاذ خطوة مماثلة، مؤكدًا أن الصراع بين الطرفين تجاوز حدود التصريحات إلى مرحلة أفعال مباشرة تخلق حالة من التوتر المستمر في المنطقة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ايران ايران واسرائيل
إقرأ أيضاً:
الردع مقابل النفوذ.. ما مصير التوتر بين تركيا والاحتلال الإسرائيلي في سوريا؟
تشهد الساحة السورية مؤخرا تجاذبات حادة بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وسط مؤشرات على تصاعد التوتر بين الطرفين بسبب نفوذ أنقرة وتقاربها مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
ففي وقت تواصل فيه أنقرة العمل على توسيع نفوذها العسكري في سوريا بالاتفاق مع الحكومة الجديدة، تبدي "تل أبيب" رفضا متزايدا لأي تمدد تركي في العمق السوري، وهو ما ينعكس في سلسلة الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع عسكرية سورية، يُعتقد أن فرق استطلاع تركية زارت بعضها.
والأسبوع الماضي، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات العنيفة على مناطق مختلفة من الأراضي السورية، مستهدفا العاصمة دمشق ومطار حماة العسكري ومطار "تي فور" العسكري في بادية حمص وسط البلاد.
كما نفذ الاحتلال توغلا بريا في ريف درعا الغربي جنوبي سوريا ما أسفر عن استشهاد 9 أشخاص من مدينة نوى وإصابة آخرين بجروح مختلفة، وهو ما أدانته وزارة الخارجية السورية بشدة وأوضحت أنه "يشكل محاولة متعمدة لزعزعة استقرار سوريا وإطالة معاناة شعبها".
وحذر وزير حرب الاحتلال الحكومة السورية من أنها "ستدفع ثمنا باهظا إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول"، لافتا إلى أن الغارات الإسرائيلية على دمشق وحماة الليلة الماضية "رسالة واضحة وتحذير للمستقبل.. لن نسمح بأي ضرر يلحق بأمن دولة إسرائيل".
وأشارت تقارير إلى أن الهجمات الإسرائيلية جاءت بالتزامن مع دراسة أنقرة إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية وسط سوريا، في حين لفتت وسائل إعلام عبرية إلى أن الهجمات الأخيرة على سوريا هدفت إلى توجيه رسالة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن بلاده لا تسعى لمواجهة مع إسرائيل في سوريا. جاء ذلك بعد اتهامات وجهها وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، جدعون ساعر، إلى تركيا بالضلوع في "دور سلبي" في سوريا ولبنان، مشددا على أن "إسرائيل قلقة من الدور السلبي الذي تلعبه تركيا في البلدين".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الوهاب عاصي أن لا مؤشرات على وجود مواجهة مباشرة أو غير مباشرة بين إسرائيل وتركيا على الأراضي السورية، غير أن ما يجري عمليا هو سعي أنقرة لتوسيع نطاق نفوذها من الشمال إلى مناطق أعمق في سوريا، وهو ما ردت عليه تل أبيب باستهداف مطارات عسكرية في حماة وتدمر والتيفور.
ويوضح في حديثه مع "عربي21"، أن إسرائيل تسعى عبر هذه الرسائل العسكرية إلى ترسيم "نطاق ردع" واضح يمنع التمدد التركي في سوريا، بينما تواصل استهداف البنية العسكرية السورية كجزء من استراتيجيتها الأمنية، وهو ما قد يؤدي إلى تقويض استقرار البلاد، حتى من دون وقوع مواجهة تركية إسرائيلية.
من جهته، يرى المحلل السياسي التركي جاهد توز، أن دولة الاحتلال تتبنى مشروعا توسعيا يشمل سوريا، موكدا أن "إسرائيل" تستغل حالة عدم الاستقرار في المنطقة لتنفيذ هذه الأجندة.
وأشار توز في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن تركيا ترفض أي تحرك إسرائيلي في الداخل السوري، وتعتبر أن أمن سوريا هو امتداد لأمنها القومي، مضيفا أن أنقرة تدرك جيدا ما وصفه بـ"الأطماع الأيديولوجية الإسرائيلية"، التي يرى أنها تتجاوز الحدود السورية إلى الأناضول، على حد تعبيره.
والثلاثاء، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن بلاده "ستكون دائما إلى جانب إخواننا السوريين كلما اقتضت الحاجة، وسنفي بمسؤولياتنا بكل حزم من أجل إرساء الاستقرار في جارتنا سوريا".
قناة أردوغان - ترامب ودورها في التهدئة
شهد اللقاء الذي جمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتياهو في البيت الأبيض الاثنين الماضي، حضورا للملف السوري ونفوذ تركيا.
وكشف اللقاء عن حجم الحضور التركي في نقاشات الجانبين، حيث أشار ترامب إلى علاقته "القوية" بأردوغان، ودعا نتنياهو إلى "التصرف بعقلانية" لحل الخلافات مع أنقرة.
وقال ترامب لنتنياهو خلال حديثه أمام الصحفيين في المكتب البيضاوي "إذا كانت لديك مشكلة مع تركيا، أعتقد أن بإمكاني حلها طالما كنت منطقيًا في طلباتك"، مضيفًا أنه هنأ أردوغان على "أخذه سوريا"، معتبرًا ذلك إنجازًا تاريخيًا.
في المقابل، أقر نتنياهو بوجود توتر متصاعد مع أنقرة بشأن سوريا، مؤكدا أنه لا يرغب في أي صدام مباشر مع تركيا، وأنه ناقش مع ترامب سبل تجنب هذا التصعيد.
ويرى مراقبون أن تصريحات ترامب تشي بدور محوري للعلاقة الشخصية بينه وبين أردوغان في تهدئة أي توتر متصاعد، خاصة أن واشنطن، وتحديدا إدارة ترامب، ما زالت تنظر إلى أنقرة كطرف محوري في إدارة الملف السوري.
وبحسب عاصي، فإن علاقة الرئيس الأمريكي بنظيره التركي قد تشكل قناة خلفية محتملة لإطلاق حوار دبلوماسي بين الطرفين حول "نطاق الردع" الإسرائيلي مقابل "نطاق النفوذ" التركي، وذلك في ظل تشابك الملف السوري مع التوازنات الإقليمية الأوسع.
قواعد تركية وسط سوريا؟
في ظل هذه التجاذبات، تبدو أنقرة ماضية بخطى هادئة نحو إنشاء قواعد عسكرية جديدة لها وسط سوريا، في مسعى لتوسيع نفوذها في الشمال إلى وسط البلاد عبر الاتفاق مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
وقبل الغارات الإسرائيلية الذي استهدفته الأسبوع الماضي، كان موقع "ميدل إيست أي" كشف أن تركيا بدأت جهودها للسيطرة على قاعدة "تي فور" الجوية العسكرية وسط سوريا، موضحا أن أنقرة تستعد لنشر أنظمة دفاع جوي هناك، وأن خطط بناء الموقع جارية.
وقال الموقع إن "أنقرة ودمشق تتفاوضان على اتفاقية دفاعية منذ كانون الأول/ ديسمبر عقب الإطاحة ببشار الأسد، وستضمن الاتفاقية أن توفر تركيا غطاءً جويًا وحماية عسكرية للحكومة السورية الجديدة، التي تفتقر حاليًا إلى جيش فعال".
وبحسب توز، فإن إقامة قواعد عسكرية تركية داخل سوريا ليست مستبعدا، بل قد يصبح خيارا مطروحا في حال وجود اتفاقات ثنائية مع دمشق، خاصة في ظل حاجة سوريا إلى حماية جوية وبرية وبحرية خلال مرحلة إعادة البناء.
وأشار المحلل التركي إلى أن تقاربا تركيا سوريا قد يعيد رسم خريطة التحالفات في سوريا، ويضع حدًا لطموحات إسرائيل في التوسع أو النفوذ داخل العمق السوري، مؤكدا أن تركيا تنظر إلى أي تصعيد إسرائيلي كتهديد مباشر لأمنها القومي.
الشرع في تركيا مجددا
وفي هذا السياق، تُعد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الجمعة القادم إلى تركيا مؤشرا على التنسيق بين الطرفين في ما يتعلق بالتهديدات الإسرائيلية المتكررة على سوريا.
ومن المقرر أن يشارك الرئيس السوري ووزير خارجيته أسعد الشيباني في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، بحسب المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي، عمر تشيليك.
وتعد زيارة الشرع إلى تركيا الثانية من نوعها خلال أشهر قليلة، حيث توجه الرئيس التركي في أول زيارة خارجية لدولة غير عربية إلى تركيا مطلع شباط /فبراير الماضي، والتقى بنظيره التركي رجب طيب أردوغان بالمجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة.
ويتوقع مراقبون أن تشمل المشاورات بين أنقرة ودمشق مناقشة الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية لوضع حد للتصعيد الإسرائيلي المتواصل في سوريا. ويقول توز إن إسرائيل لا تملك القدرة على الدخول في مواجهة مباشرة مع تركيا، وتُدرك أن أي تصعيد قد لا يكون في صالحها، حسب تعبيره.
وأشار توز إلى أن زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن لم تحقق نتائج إيجابية، فيما بدأت واشنطن تسحب تدريجيا دعمها لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وتنقل عتادها العسكري من شمال سوريا إلى قواعدها في أربيل.
ويرى أن هذا التحول قد يُفضي إلى تراجع في التحركات الإسرائيلية داخل سوريا مع غياب الغطاء الأمريكي. وأشار إلى أنه في حال إنشاء قواعد عسكرية تركية وسط سوريا، فإن ذلك "سيدفع إسرائيل إلى التراجع، وقد رأينا سابقا أمثلة على تراجعها حين تشكلت مواقف قوية من أنقرة".