على الفاتح يكتب: المقاومة وسؤال التنوير وتجديد الخطاب الديني؟!
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
كما كان السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى) كاشفاً لحقيقة موازين القوى فى المنطقة، وزلزالاً من شأنه إعادة رسم خريطتها الجيوسياسة لصالح من يملك مشروعاً متكاملاً ومستقلاً، كان أيضاً كاشفاً لمدى استقلال ما يسمى بتيار التنوير وتجديد الموروث الدينى والثقافى بعيداً عن أجندات الغرب الصهيونى.
واحدة من أهم القضايا المطروحة على مجتمعات الشرق الأوسط، والتى أولتها بعض حكومات المنطقة اهتماماً خاصاً قضية تجديد الخطاب الدينى، وما ارتبط به من مفاهيم ثقافية وسياسية واجتماعية.
وقد جاء هذا الاهتمام فى سياق تولد وعى بخطورة بعض المفاهيم والقيم المغلوطة، التى تبنتها جماعات ما يسمى بالإسلام السياسى واستخدمتها لمد نفوذها داخل مجتمعاتنا.
وقد حرصت تلك الجماعات على تأصيل القيم والمفاهيم الداعمة للتطرف وإلصاقها بأصل الدين، رغم أنها، وفى مجملها، كانت نتاج اجتهاد بشرى.
ومن المعلوم بالضرورة أن الناس يميلون لتصديق رجل الدين المتشدد فى أفكاره ومواقفه، وهو ما استثمرته جيداً جماعات الإرهاب الدينى، ورغم وجود الدساتير والقوانين المنظمة لحياة الناس ما زالت الغالبية تطلب الفتوى من شيوخ التيارات المتطرفة.
غير أن أخطر ما استغلته تلك الجماعات شيوع نمط التفكير الخرافى فى مجتماعاتنا، ما تسبب فى تأخرها عن اللحاق بركب الحضارة الإنسانية، وهو ما استتبع غياب مقتضيات الدولة المدنية الحديثة.
التحديث ونشر التفكير العلمى يتطلب بالضرورة مواجهة تلك الجماعات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، التى ما زالت تتمسك بفقه القدماء كما هو، دون محاولة لتجديده وعصرنته.
ومع ذلك لا يمكن القول إن هناك تياراً تنويرياً فى عموم الشرق الأوسط، وإنما فقط يمكن الحديث عن مجموعات صغيرة، ومحاولات فردية لمفكرين ومثقفين كبار، وإن كانت الرغبة فى التجديد تتنامى لدى قطاعات من الشباب، الذى تولدت لديه مئات علامات الاستفهام على خلفية ممارسات بعض جماعات الإسلام السياسى عندما وصلت إلى الحكم، مثل الإخوان المسلمين فى مصر، وعندما انخرط بعضها الآخر فى قتال رهيب وعمليات إرهابية واسعة فى بلدان مثل سوريا.
بعض المثقفين والإعلاميين أصحاب النزعة التنويرية بدأوا يلعبون دوراً فى عملية نشر الوعى، لكنهم استخدموا أسلوب الصدمات الفكرية، التى، وللأسف، لا تشجع على طرح المزيد من التساؤلات أو إثارة الجدل والنقاش، وإنما تجعل الجمهور يتشدد أكثر بما لديه من أفكار قديمة، وأصبحت ردات فعله على منصات التواصل الاجتماعى لا تخرج عن السب والشتم وإلقاء تهم التكفير والعمالة.
بعد السابع من أكتوبر لم يفصل بعض المنتسبين للتيار التنويرى بين خلافهم الأيديولوجى مع حركات المقاومة فى فلسطين ولبنان، وبين حق تلك الحركات فى الكفاح المسلح ضد الاحتلال الصهيونى.
وراحوا يشوهون حركات المقاومة، بل وادعوا أنها خطر يهدد دول المنطقة، متجاهلين ما يشكله الكيان الصهيونى من تهديد حقيقى لاستقرار الشرق الأوسط برمته.
الأدهى من ذلك أنهم لعبوا على وتر ارتباط المقاومة اللبنانية بإيران ليدخلوا فى حلف مع عدوهم الفكرى الاستراتيجى، وهو ما يسمى بالتيار السلفى الأكبر حجماً وتأثيراً بما يحمله من أفكار ضد الحداثة والتنوير. فهذا التيار راح يذكى نيران فتنة نائمة بين السنة والشيعة، وتماهى النقيضان فى الهجوم على المقاومة كفكرة، والنتيجة ترديدهما لدعايات الإعلام الصهيونى.
المحصلة طعن بعض منتسبى التيار التنويرى قضية تجديد الخطاب الدينى فى مقتل بموقفهم الكاره والرافض لمقاومة المحتل، وهو الحق الذى تكفله كافة القوانين والمواثيق الدولية، ولأن جرائم الإبادة والتطهير العرقى، التى يرتكبها العدو الصهيونى فى فلسطين ولبنان أقوى من أى دعاية، لن يسمع غالبية الرأى العام لا لدعاة التنوير ولا لأرباب السلفية الطائفية، بل إن الميل للمزيد من التشدد والتطرف سيتنامى فى ظل تعريف الكيان الصهيونى لنفسه كدولة يهودية، ناهيك عن ارتكابه كل جرائمه تحت دعاوى دينية.
الخاسر فى كل هذا هو قضية التنوير وتجديد موروثنا الدينى والثقافى، خاصة أن أغلب دعاته على مواقع التواصل الاجتماعى ينشرون تغريدات واضح انحيازها للسرديات الصهيونية بشأن الصراع الدائر بين صاحب الأرض والمحتل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: طوفان الأقصى المقاومة الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: مصر أولًا !!
"مصر أولًا"، لماذا لا نعلنها فى كل وسائط الحياة فى المحروسة، لماذا لا نتخذها (تيمة) لكى نتقدم بها فى كل محاور الحياة فى مصر، لماذا لا تكون منهجًا للعمل السياسى والإقتصادى فى مصر، "مصر أولًا"، نعم نحن فى أشد الإحتياج لأن نرفع هذا الشعار (صراحة) وبوضوح والعمل على التعصب إليه ،(مصر أولًا)، فمصر فى أشد الإحتياج لإهتمامنا جميعًا، بكل توجهاتنا السياسية والأيدولوجية، "مصر أولًا"، تحتاج إلى نظام تعليم نعمل جميعًا على تعضيد موارده، ونعمل جميعًا على تغيير نظامه من تلقينى إلى نظام بحثى وإبداعى لدى شبابنا وأطفالنا فى المدارس.
نعم نحن فى أشد الإحتياج لرفع شعار "مصر أولا "ً، والوقوف بقوة أمام التسيب فى الشارع المصرى، سواء من خارجين عن الأداب العامة والسلوك المصرى الحسن المعروف عن المصريين، وأيضًا الوقوف على التعدى على الملكية العامة مثل الشارع والشجر والطرق والمواصلات، وأدوات الحياه العامة من مياه النيل، والبيئة، وغيرها من الأملاك المصرية المنتشرة فى أرجاء المحروسة.
مطلوب بشعار "مصر أولًا"، أن ننتمى لهذا البلد إنتماءًا يغرس فى خيال الأطفال فى المدارس وكذلك فى مدرجاتنا بالجامعات، وعبر الوعظ الإسبوعى فى المساجد والكنائس والمعابد، نعم نريد العودة للإنتماء لهذا البلد بكل معانى الإنتماء الذى عشناه فى حقبات زمنية لم يكن هناك فرق أو هوية للمصريين سواء كانوا يهودًا أو مسيحين أو مسلمين، فالكل يقع تحت عنوان مصرى.
نعم نريد أن نعمق الإحساس بشعار "مصر أولًا"، فى أجهزة إعلامنا، وفى الإذاعة المصرية، حينما ينطق بها مذيع أو مذيعة (هنا القاهرة) – إذاعة جمهورية مصر العربية أو فى المرئيات سواء كانت أرضية أو فضائية هنا القاهرة، هنا مصر
نريد أن يعلوا شعار مصر أولًا فوق ترويسة صحفنا القومية والخاصة والحزبية (مصر أولًا) نستطيع بهذا الشعار أن نحمى بناتنا وأبنائنا من موجات ثقافية غريبة عن مجتمعنا.
"مصر أولًا" شعار يمكن كالسحر أن يصبح هو نبراس حياه ونهج ولعل هذا الشعار حينما رفعناه فى عام 1956، وقفنا وقفة رجل واحد وراء جمال عبد الناصر، وهو يخطب فوق منبر الأزهر ضد العدوان الثلاثى وهذا الشعار وقفنا به بعد النكسة فى حرب الإستنزاف، وهذا الشعار "مصر أولًا" كان فى ضمير كل مصرى ونحن نعبر قناة السويس عام 1973 فى أكتوبر العظيم.
(مصر أولًا) أطلقناها فى 30 يونيو 2013، حينما خرج الشعب كله ليعيد مصر بعد إغتصابها، وإستطعنا تحريرها وأطلقنا صيحة (تحيا مصر).
هذا الشعار يجب أن يعلوا مرة أخرى على لافتات وعلى صدور المصريين ليس فى ماتش كرة قدم ولكن فى ماتش الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية فى مصر !!
تنافسياًَ مع كل جيراننا وأصدقائنا وكذلك أعدائنا !!(مصر أولًا) !!
[email protected]