أربعون عامًا من الصمود: المقاومة اللبنانية تواجه العدو بصلابة واستمرار
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
في الذكرى الأربعين لتأسيس حزب الله قبل عامين، خرج مسؤول وحدة العلاقات الإعلامية في الحزب الحاج محمد عفيف ليؤكد، في مؤتمر صحفي، أن: “حزب الله قد بلغ الأربعين عامًا، وهو اليوم أكثر شبابًا وإصرارًا وعزيمةً وقدرةً على العطاء والتضحية، ونشهد التحاق جيل جديد شاب بالمقاومة من الذين وُلدوا والنصر يسير أمامهم إلى عدوهم.
كلمات قوبلت بآراء متباينة بين من رأها تعبيرًا مبالغًا فيه، وبين من رأى فيها تطلعًا استثنائيًا. إلا أن الوقائع الميدانية اليوم جاءت لتؤكد أن زمن المعجزات قد لا يكون محض خيال، بل واقعًا يتحقق. ففي معركة غير مسبوقة على أرض لبنان، أثبتت المقاومة التزامها بالنهج الراسخ الذي بدأته منذ عقود، بالرغم من الضربات القاسية التي تعرضت لها، بما في ذلك اغتيال أبرز قادتها من الصف الأول. هذه المقاومة ليست في طور ولادة جديدة، بل هي استمرارية لقوة متجذرة، يقودها جيل جديد بالشجاعة والإرادة نفسها التي حملها الرواد الأوائل. الجيل الثاني والثالث من أبناء هذه المقاومة يقفون اليوم على خط النار، يكملون المسيرة بصلابة، ويحملون الراية بروح العزم التي حملها أسلافهم.
مع أن “إسرائيل” قد حشدت 70 ألف جندي وضابط، مدعومين بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا التي يوفرها الدعم الأميركي والغربي، إلا أن هؤلاء الجنود لم يتمكّنوا من التقدم داخل الأراضي اللبنانية، ولم ينجحوا في احتلال أي بلدة على الحدود. أمام هذا الجيش الضخم، وقف بضع مئات من مقاتلي المقاومة متسلحين بالإيمان والعقيدة العسكرية، ليمنعوا هذا الجيش من التوغل في لبنان. المعركة اليوم هي ملحمة تحدٍّ غير مسبوق، فيها أبطال المقاومة يتحدون أضخم آلة عسكرية في المنطقة، ويكبدونها الخسائر على مدار شهر كامل من بدء العدوان.
عند مقارنة هذه المعركة بحروب العرب السابقة مع “إسرائيل”، يظهر بوضوح الفرق بين ما كان يحدث في الماضي وما تشهده الساحة اليوم. فهي التي احتلت أراضٍ عربية خلال أيام قليلة في 1948، و1967، و1973، واحتلت بيروت في العام 1982، باتت تقف اليوم عاجزة أمام مقاومة لبنانية مؤلفة من بضع مئات من الشبان المدربين. هذه المقاومة اللبنانية، والتي تمتلك قوة بشرية كبيرة، لم تضطر حتى الآن لاستخدام كامل قواتها، فبضع مئات من المقاتلين الأبطال الموجودين على الجبهة كانوا كافين لوقف زحف جيش الاحتلال ومنعه من التقدم.
أما ما يجعل هذا المشهد استثنائيًا فهو استمرارية النهج الراسخ بالرغم من فقدان كبار القادة. الاغتيالات التي طالت الأمين العام الشهيد الأقدس سماحة السيد حسن نصر الله، ورئيس المجلس التنفيذي الشهيد العظيم سماحة السيد هاشم صفي الدين وعددًا من قادة الصف الأول أو ما يعرف بجيل التأسيس، لم تكسر شوكة المقاومة، بل أكدت أن هذه الحركة بُنيت على قاعدة متينة قادرة على التكيف مع كل الظروف. الجيل الثاني والثالث من أبناء المقاومة لا يمثلون تغييرًا في المسار؛ بل يكملون الطريق بصلابة وتفانٍ، ليعكسوا حقيقة أن هذه الحركة المقاومة ليست قائمة على شخصيات، بل على إرادة جماعية ومنهجية واعية.
الانتصارات التي يحققها هذا الجيل تؤكد أن المقاومة لم تضعف بالرغم من خسائرها الكبيرة في قياداتها؛ بل ازدادت صلابة وتنظيمًا، وباتت قادرة على مواجهة أعتى الجيوش وأكثرها تجهيزًا. لقد برهنت المقاومة للعالم أجمع أن النصر لا يأتي بعدد الجيوش ولا بتفوق التكنولوجيا، بل بالإيمان العميق بعدالة القضية والإرادة الجسورة التي لا تنحني.
وسط هذا التحدي التاريخي، لا يمكن تجاهل أولئك الذين يسعون جهارًا للتآمر على المقاومة، أو الذين يراهنون في الخفاء على مرحلة ما بعد هزيمتها. هؤلاء بحاجة إلى مراجعة دروس التاريخ. هذه المقاومة، والتي تقف بشعبها الوفي ومقاتليها الأبطال، وبفضل دماء شهدائها وتضحياتها، لن تسقط كما لم تُسقط سابقًا. على هؤلاء المتآمرين أن يدركوا أن رهانهم على سقوط المقاومة ليس إلّا سرابًا، وأن تحالفاتهم ومخططاتهم ستنقلب عليهم عاجلاً أم آجلاً.
على الجميع أن يعلم أن لبنان، والذي احتضن المقاومة وساندها عبر تاريخه، لن يكون مرتعًا للمتخاذلين أو المتآمرين. هذه الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء ستظل حصنًا للأحرار، وحصنًا لكل من يدافع عن كرامة الوطن وسيادته. إن لبنان الذي أنجب هذه المقاومة لن يسمح بأن يكون مرتعًا للقوى التي تتآمر على كرامته ومستقبله.
ختامًا، المعركة التي تخوضها المقاومة اليوم ليست معركة ولادة جديدة، بل هي استمرارية لنهج مقاوم أثبت قدرته على البقاء والتأقلم والتحدي. الزمن الذي كانت الجيوش العربية فيه تنهزم أمام “إسرائيل” قد ولّى، وحلّ زمن المقاومة، حيث يقف بضعة مئات من الشبان بوجه جيش مدعوم من قوى الاستكبار العالمي، يكبدونه خسائر جسيمة، ليؤكدوا للعالم أجمع أن الإرادة والعقيدة هي القوة الحقيقية، وأن زمن المعجزات ما يزال حاضرًا، وأننا نتوق بحق إلى الأربعين عامًا القادمة.
————————————————————–
– موقع العهد الاخباري – فراس زعيتر
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هذه المقاومة مئات من
إقرأ أيضاً:
نعيم قاسم: سأسير على نهج حسن نصر الله وسأنفذ خطة الحرب التي وضعها
بيروت - صفا
قال الأمين العام لحزب الله اللبناني الجديد نعيم قاسم، في أول كلمة له بعد توليه المنصب، إنه سيتسمر على نهج الراحل حسن نصر الله، وأكد الاستمرار في تنفيذ خطة الحرب التي وضعها الأمين العام السابق مع قيادة المقاومة، مع التعامل وفق تطورات كل مرحلة.
وشدد قاسم، في تصريح له، على أن مساندة غزة كانت واجبة لمواجهة خطر اسرائيل على المنطقة بأسرها من بوابة غزة، ولحق أهل غزة على الجميع أن ينصرونهم، معتبراً أن السؤال لا يجب أن يوجه إلى الحزب عن أسباب مساندته غزة بل إلى الآخرين عن أسباب عدم مساندتهم لأهل غزة.
وأكد: لا نقاتل نيابة عن أحد بل من أجل حماية لبنان وتحرير أرضنا وإسنادا لغزة، مؤكدا أن" إيران تدعم مشروعنا ولا تريد شيئا منا وقناعاتنا مشتركة."
ووصف رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشهيد يحيى السنواربأنه "أيقونة البطولة لفلسطين وأحرار العالم وقاوم حتى آخر رمق".
وأضاف "إن المقاومة اللبنانية وجدت لتحرير الأرض ومواجهة الاحتلال ونواياه التوسعية"، ولفت إلى أن المقاومة هي التي أخرجت إسرائيل من لبنان وليست القرارات الدولية.
وتابع: "خلال 11 شهرا قلنا إننا لا نريد حربا لكننا جاهزون إذا فرضت علينا، ونحن في لبنان لا نقاتل نيابة عن إيران أو تنفيذا لمشروعها، بل لحماية أرضنا وتحريرها".
وذكر قاسم أن "الميدان يثبت ويؤكد تعافي الحزب من الهجمات التي تعرض لها لأنّه مؤسسة كبيرة ومتماسكة وذو إمكانات كبيرة حزب الله ذو تاريخ جهادي حقيقي وكان يقوى عاما بعد عام ويكسب المزيد من الخبرات".
وشدّد القاسم أنه "على العدو أن يعلم أنّ قصفه لقرانا ومدننا لن يجعلنا نتراجع والمقاومة قوية وهي تمكنت من إيصال مُسيّرة إلى غرفة نتنياهو".
وانتقد قاسم التواطؤ الغربي قائلا: "هذه الحرب ليست إسرائيلية فقط، بل إسرائيلية أمريكية أوروبية عالمية فيها كل الإمكانات للقضاء على المقاومة وشعوب المنطقة تستخدم فيها كل الوحشية والإبادة والإجرام".