رغم عناد العدو وإصراره على تجاهل الحقائق المتصلة بصراعنا معه ومع عدوانيته الدموية الجامحة، إلا أن منطق الميدان ومعطياته الملموسة أقوى بكثير من منطقه الاستعلائي المكابر والمضلل، والضوءُ المستخلص هنا يدحر كل ظلمات منطق العدو وتدليسه ومغالطاته التي لا تنطلي إلا على جمهوره ومن ينظرون إلى الأمور بعين صهيونية أمريكية من أبناء أمتنا وهم الحكام المطبعون الدائرون في فلك هذا العدو ووليه الشيطاني الأمريكي.
هذا العدو الذي يخشى الحقيقة ويضعها في صدارة خصومه وبين ألد أعدائه، ولذلك لا يتورع عن استهداف عيونها وحَمَلتِها وإدراجهم في مهداف جرائمه ومجازره التي ينضم إلى ضحاياها من الحقل الصحافي والإعلامي المزيد في كل يوم، والأخيرُ الذي ليس بآخر في السياق قصف مقر قناة (الميادين) في بيروت ملحوقا بجريمة استهداف الطواقم الصحافية لهذه القناة وقناة (المنار) وقنوات أخرى وهم نيام، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة منهم، وعدادُ هذه الجرائم المشهودة الذي بلغ قرابة الـ٣٠٠ من الصحافيين والمراسلين خلال هذا العام ما زال في تصاعد، فهذا العدو السادي ، في ظل الدعم الأمريكي الكامل له، يبدو كخنزير بري هائج لا يلتفت في نوبة جنونه القاتل المدمر والذي ينقض على كل ما أمامه دون تمييز سوى إلى ما يشبع غريزته الأنانية الدموية المشبعة بأحلام السيطرة الكاملة على المنطقة واستعباد شعوبها لصالح مشغِّله الأمريكي الغربي الطامع.
وهذا يعني عدم جدوى أي كيفية للتعاطي مع هذه العدوانية المدمرة عدا المقاومةِ والجهاد والسير على خطى شرفاء هذه الأمة في محور القدس والجهاد الذين استلهموا من قرآنهم المجيد ونهج نبيهم الأكرم دليلا نحو معراج العزة والكرامة وسلكوا سبيل ذات الشوكة لأمتهم وكسر شوكة عدوهم القاتل مُهلك الحرث والنسل، موقنين بحتمية نصر الله الموعود، وغيرَ مبالين بجسامة التضحيات على هذا السبيل القويم، وهذا ما أوقع عدوهم في مأزق حقيقي رغم فوقيته المادية والإمكانية وحشده الاستكباري الصهيوني العالمي المهول، ولم تزدهم عظمة التحديات وجسامة التضحيات إلا يقينا وعزما على مواصلة الجهاد والصمود والإثخان في العدو، وهذا شأن مجاهدي المحور عموما وطليعةِ جبهته في جنوب لبنان وفلسطين خصوصا، حيث لم يكن من شأن أوجاع استشهاد القادة العظام للمقاومة الإسلامية في هاتين الجبهتين إلا المزيدُ من الفعل المجاهد المقاوم والمتصدي للعدو على نحو مُراكِمٍ لخسائره الفادحة بنقيض ما توقعه هذا العدو تماما من خلال جرائمه الدموية الغادرة..
هذه الروح الجهادية الإيمانية العظيمة هي عين ما أشار إليه قائدنا العلم السيد عبد الملك الحوثي(ح) في خطابه التعبوي الأسبوعي الأخير الخميس الفائت، والذي ضمَّنه حزمة نوعية ثمينة من الضوء التنويري لوعي الأمة هي بأمسَ الحاجة إليه في هذا الظرف الدقيق والحساس والمصيري من تاريخها، محذرا من حالة الخذلان العربي والإسلامي لمظلومية فلسطين ولبنان وعواقب استمرار بعض الأنظمة في نهج «التطبيع» المخزي والمتواطئ مع العدو الصهيوني غاصب الأرض
وسفاك الدماء لاسترضاء الأمريكي الراعي الأول
للمذبحة الكبرى والجريمة العظمى التي يرتكبها
هذا العدو بحق الإنسانية بكلها في غزة ولبنان،
وأن هذا النهج المنحرف والخاطئ لن ينأى بتلك
الأنظمة وشعوبها عن أطماع المشروع الصهيوني
التوسعي المتبنَّى أمريكياً وغربياً ومراميه الخبيثة
التي لاتستثني أحدا من شعوب المنطقة، بل تستهدف في بُعدها ومخططها الشيطاني النهائي العالم بكله والبشرية قاطبة .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الحياة الحزبية.. فى مصر
يعتبر من أهم المظاهر الديمقراطية «للجمهورية الجديدة» وأعمقها أَثَرًا، حرية تكوين الأحزاب السياسية بضوابط قانونية ينظمها المشرع، وهذا ما يميز نظام الحكم القائم على التعددية الحزبية التى تشارك فى العملية السياسية، وهى نتاج لكل ما يتعلق بفكر الجماعة المنظمة فَكْرًا سِيَاسِيَّا واِجْتِمَاعيا واِقْتِصَاديا، وهذه المبادئ تستهدف الإسهام فى تحقيق المصلحة الوطنية للبلاد، وهذا ليس بجديد أو غريب على المجتمع المصرى، بل هو كان شعار الدولة المصرية فى نهاية العقد الثانى من القرن العشرين، حيث برزت جهود «حزب الوفد»، فى شأن الْمَسْأَلَةُ المصرية ونيل استقلالها عن المستعمر البريطانى، بعد أن ظل حِلماً كَبِيرًا يتمنى المصريون تحقيقه، فى نيل حقهم بأن يكوتوا أحرارًا عن هذا الاحتلال البغيض، وأن عدالتهم هى مبدأ طلب الجلاء التام، واعتراف المستعمر بتسليم مصر حقها فيه وانتهاء حمايته عليها، وإلغاء نظام الامتيازات الأجنبية عنها، وأن تسترد كامل سيادتها على أراضيها، بعد أن اغتصبها بتدنيسه بغزوه لها عام ١٨٨٢م، وقد سجل التاريخ سمو الجهود الوطنية «لزعماء الوفد»، فى تحقيق هذه المطالب والتطلع لحياة أفضل، التى كانت تُرَوِّق ملايين المصريين فى التحرر من الاستبداد والاستعباد لهذا الدخيل الأجنبى البغيض، الذى خضع وذعن واستسلم واعترف صَرَاحَةٍ، بنِيل مصر استقلالها وذلك بصدور تصريح ٢٨ فبراير الشهير عام ١٩٢٢م، ثم المنحة الملكية من الملك فؤاد بوضع دستور جديد للبلاد، وصدر فى أبريل من عام ١٩٢٣، والذى نظم الحياة النيابية والبرلمانية، لتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذا هو الأساس فى مطالب «زعماء الوفد» بقيادة الزعيم خالد الذكر سعد زغلول، هو الجلاء الصريح وتجريد أمته من الحماية والأحكام العرفية.
إن الإصلاح السياسى الحقيقى الذى تدعو إليه «الجمهورية الجديدة»، هو فتح المجال العام للأحزاب السياسية فى استنارة العقول، لمناقشة الحكومة الآراء التى تهم مصالح الدولة والشعب، وهذا الدور له أهمية عظمى من التفكير الجدى والعمل السريع، فى الإصلاح وتحقيق التقدم والازدهار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، وجوهر الحرية السياسية التى تخطوها الدولة نحو التقدم والرفاهية، وما أكدت عليه المحكمة الدستورية العليا فى حكم لها ومنطوقه هو «إن الأحزاب السياسية وهى جماعات منظمة، تعنى أساساً بالعمل بالوسائل الديمقراطية للحصول على ثقة الناخبين، بقصد المشاركة فى مسئوليات الحكم، لتحقيق برامجها التى تستهدف الإسهام فى تحقيق التقدم السياسى والاجتماعى والاقتصادى للبلاد، وهى أهداف وغايات كبرى تتعلق بصالح الوطن والمواطنين، تتلاقى عندها الأحزاب السياسية الوطنية جميعها، أو تتخاذى فى بعض مناحيها، الأمر الذى يجعل التشابه أو التقارب بين الأحزاب السياسية فى هذه الأهداف أمراً وارداً...» (وهذا حكمها فى القضية رقم ٤٤ لسنة ٧ق تاريخ الجلسة ٧/٥/١٩٨٨).
وهذا الحكم يفسر ما تقوم به الأحزاب، فى إصلاح الأنظمة السياسية والاجتماعية، ونبت بذور العبقرية والنبوغ وكل الأفكار الذين يؤلفونها على أرض «الجمهورية الجديدة الخصبة»، المنتجة كمشعل مضىء من السعادة، لبناء نهضة الإنجازات فى كل المناحى التى ترفع من شأن الإنسان، التى حمل لواءها سيادة الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، وهذه أَدُبِّيَاته وأَخَلَاَّقِيَاته وسماته الشخصية التى يكرس فيها كل جهده من الاِبْتِكَارُ، والإِبْدَاعُ، لدولة المؤسسات والمبادئ القائمة على نظام حكمه، فى شريعة الحق والعدل، وإعلاء دولة القانون ومبادئ الشرعية الدستورية، واستقلال القضاء الحاملين لأمانة تحقيق العدل بين الناس، وكفالة الحقوق وعنايته فى صون الحرمات، وتطوير الفكر السياسى فى الحرية السياسية، وحرية الفكر والعقيدة، وحرية التعبير عن الرأى وحرية إصدار الصحف وتراخيص المواقع الإلكترونية الصحفية.. كل هذه المبادئ القانونية وحدتها الوثيقة الفكرية السياسية الذى قدمها الرئيس السيسى «للجمهورية الجديدة».