26 أُكتوبر خلال 9 أعوام.. 62 شهيداً وجريحاً في قصف سعوديّ عدواني على اليمن
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
واصل طيرانُ العدوان السعوديّ الأمريكي، في مثل هذا اليوم 26 أُكتوبر، خلال 2015م، و2017م، ارتكاب جرائم الحرب، وسياسة الإبادة الجماعية للشعب اليمني، بغارات وحشية على المنازل والأحياء السكنية، والمدارس، والجوامع، والمقابر، وناقلات الوقود والمواد الغذائية والخضروات والمياه، في محافظات صنعاء وصعدة وحجّـة وتعز.
أسفرت عن شهيدين و60 جريحاً، وتشريد عشرات الأسر، من منازلها، وحرمان مئات الطلاب من حقهم في التعليم، وخسائر مالية في الممتلكات الخَاصَّة والعامة.
وفيما يلي أبرز تفاصيل جرائم العدوان بحق الشعب اليمني في مثل هذا اليوم:
26 أُكتوبر 2015.. 43 شهيداً وجريحاً في يوم دامٍ لغارات العدوان وعبوات مرتزِقته بصنعاء:
في يوم 26 أُكتوبر 2015م، استيقظت العاصمة اليمنية صنعاء على أربع جرائم حرب وحشية لغارت العدوان السعوديّ الأمريكي، وعبوات مرتزِقته، استهدفت المدنيين والأعيان المدنية، في مديريات شعوب وبني حشيش ومعين وسنحان.
وأسفرت عن شهيدين و41 جريحاً، ودمار وخراب وأضرار واسعة وموجة من النزوح والتشرد والحرمان، وحالة من الخوف والذعر، ومحاولة زعزعة الأمن والسكينة العامة.
بدأت أحداث اليوم الدامي بانفجار عبوة ناسفة زرعها مرتزِقة العدوان في محيط جامع المشهد بمديرية شعوب؛ ما أسفر عن جرح أربعة مواطنين، من المارة، وعمال المحلات التجارية المجاورة، بجروح متفاوتة الخطورة، وأضرار وخسائر بالغة في البضائع، والمنازل المجاورة، ومشاهد للدماء والدمار والخراب الواسع.
يقول أحد أصحاب المحلات المجاورة: “انفجرت هنا عبوة ناسفة استهدفت عمالاً مساكين، وأصحاب الدراجات النارية، ومارين، وجرح المحاسب فارس الأسدي وزميله العامل منيف القطاء، وهم نائمون في محل بيع الأدوات المنزلية، وواحد من سائقي الدراجات النارية وآخر من المارين بالشارع”.
لم يكتف العدوان ومرتزِقته بهذا العمل الإجرامي، بل واصل جرائمه بحق المدنيين الأبرياء، بسلسلة غارات جوية عنيفة على مناطق سكنية ومرافق مدنية في عدة مديريات، ففي مديرية بني حشيش استهدفت غاراته مدرسة العلم والإيمان التعليمية في محل مقريش منطقة رجام؛ ما أسفر عن استشهاد طفلين وجرح 15 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وحالة من الخوف والذعر في أوساط الطلاب والمعلمين والأهالي، ودمار في المدرسة وملحقاتها وممتلكات ومنازل ومزارع المواطنين المجاورة.
غارات العدوان حولت المدرسة ومحتوياتها إلى مشهد من الدماء والدمار والأشلاء والجرحى، بين الأحجار والخرسانات والطاولات المحطمة والنوافذ المتساقطة، والسقوف المدمّـرة والجدران المنقوشة بالشظايا والفتحات والشقوق، وحرمت مئات الطلاب والطلبات في المنطقة من حق التعلم.
يقول أحد الأهالي: “في الغارة الأولى تدمّـرت المدرسة وعند تجمع الأهالي في مكان الغارة عاود الطيران واستهدفهم بغارة ثانية أسفرت عن شهيدين وجرح 15 مواطناً، وكان فيها كتب وطاولات، لا فيها سلاح ولا نووي، هل هذه المساعدات التي تقدمها السعوديّة للشعب اليمني، تستهدف المدارس والمستشفيات والمنازل والبنية التحتية”.
وفي جريمة أُخرى، استهدفت غارات العدوان منازل المواطنين ومقبرة في منطقة السنينة بمديرية معين؛ ما أسفر عن جرح 14 شخصًا بجروح مختلفة، ودمار وأضرار في الممتلكات، وموجة من النزوح والتشرد، وسط حالة من الرعب في نفوس الأطفال والنساء، ومضاعفة معاناة الأهالي، في جريمة حرب مكتملة الأركان تستهدف المدنيين والأعيان المدنية، عن سابق إصرار وترصد.
من فوق ركام منزلها المدمّـر تقول إحدى النساء وهي تبكي وتمسك برأسها وتبتهل إلى الله: “له الحمد الذي لطف بإخوتي وعيالهم وعيالي كلهم جرحى، أما الباقي يتعوض، يا الله لك الحمد، كنت ضيفة عند أهلي، وضربنا الطيران، وكلنا على هذا العدوان الله، نحن مساكين، يضربونا بطيرانهم، احتلوا بلادنا وحدودنا وقتلوا أطفالنا، هذا ضرب عشوائي على النساء والأطفال هؤلاء مجرمين”.
مشاهد المنازل المدمّـرة والمقبرة التي لم يسلم بداخلها حتى الأموات من الغارات التي أخرجت رفاتهم من اللحود، وحالة الأهالي الغاضبين والمستنكرين للجريمة، تعكس مستوى البغي والإجرام والتخبط للعدوان على اليمن.
وفي منطقة ضبوة بمديرية سنحان، لم تسلم النساء والأطفال من وحشية العدوان، حَيثُ استهدفت غاراته منازلهم، ما أسفر عن جرح 8 أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة، ودمار وخراب وتصاعد أعمدة الدخان ومشاهد البكاء وسماع دوي الغارات المتبوعة بالصرخات والنواح والتشرد والهروب، وحالة من الخوف في نفوس الأهالي، وزيادة المعاناة.
يقول أحد الأهالي من فوق دمار منزل جاره: “أنقل هذه الرسالة للعالم ليشاهد، هذا منزل جاري عامل بالأجر اليومي في الزراعة لم يجد قوت يومه، ضربه الطيران بهذه الطريقة هو وأطفاله، أخرجناه من تحت الأنقاض وما وجدنا في منزله غير حبتي خبز “روتي” ودبة ماء مشوّلة لتبرد، لطخها العدوان بدمائه، هل هذا يرضيكم يا سلمان ويا دنبوع ويا عالم، هذه منطقة ريفية ما فيها أي قيادي، كلهم ناس فقراء ومنازل شعبيّة”.
26 أُكتوبر 2015.. غارات وحشية تستهدف شريان الحياة وتزيد من معاناة المدنيين بصعدة:
وفي جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائم العدوان السعوديّ الأمريكي، استهدفت غارات طيرانه الوحشية الطريق العام الرابط بين مديريتي ساقين وحيدان بمحافظة صعدة في يوم 26 أُكتوبر 2015، أسفرت عن تدمير وإحراق ناقلتي مياه وغاز، مما زاد من معاناة المدنيين الأبرياء الذين يعانون أصلاً من نقص حاد في الموارد الأَسَاسية.
تحولت الطريق العام إلى ساحة حرب، من طرف واحد، وانتشرت ألسنة اللهب والدخان الأسود، وتناثر الحطام في كُـلّ مكان، ودمار هائل في البنية التحتية، وعطلت حركة المرور بشكل كامل؛ ما أَدَّى إلى عرقلة وصول المساعدات الإنسانية والغذائية إلى المناطق المتضررة.
يقول أحد الأهالي: “هذا الباقي من الصاروخ على قاطرة محملة بالغاز المنزلي، وأخرى تنقل الماء، ولكن نحن صامدون مهما كانت التضحيات، والله لن تهز منا شعرة لو نأكل من تراب الأرض، ونرويها بدمائنا، ما تراجعنا في موقفنا والجهاد في سبيل الله، عشرات الغارات على ممتلكات المواطنين والسوق، لن تؤثر في معنويات شعبنا”.
وفي يوم 26 أُكتوبر 2017م، ارتكب طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائمه بحق الشعب اليمني خلال 9 أعوام، مستهدفاً بشكل وحشي وسائل النقل على الطريق العام بمنطقة محديدة في مديرية باقم الحدودية بمحافظة صعدة، أسفرت عن جرح مدني بجروح خطرة؛ مما زاد من معاناة السكان الذين يعيشون تحت وطأة القصف المُستمرّ.
أثارت هذه الغارة حالة من الرعب والخوف بين السكان، حَيثُ باتوا يعيشون في حالة من الترقب الدائم، خوفاً من تكرار هذه الجرائم، فقد حولت الغارات المتكرّرة حياتهم إلى جحيم، حَيثُ يخافون الخروج من منازلهم خشية استهدافهم من قبل طيران العدوان.
كما تسببت هذه الغارة في شل حركة المرور على الطريق العام؛ مما أَدَّى إلى عرقلة وصول المساعدات الإنسانية والغذائية إلى المناطق المتضررة، وزاد من معاناة السكان الذين يعانون أصلاً من نقص حاد في الموارد الأَسَاسية.
يقول الجريح مرزوق صالح الغيثي: “أنا ماشي بالدراجة النارية في الطريق العام وضربني طيران العدوان، وأنا على مقربة من منزلي، عائد من المزرعة، وبعد دخول البيت عاود الطيران وضرب بغارة ثانية، وبعد ساعتين جاء الأهالي وأسعفوني، وما كان به أحد فيه من الأهل كلهم نازحون، من قبل أكثر من عام”.
26 أُكتوبر 2018.. غارة جوية تحول شاحنة محملة بالخضروات إلى رماد بحجّـة:
في مشهد مأساوي يدمي القلوب، شهدت مديرية عبس بني حسن بمحافظة حجّـة في يوم 26 أُكتوبر 2018، جريمة حرب جديدة ارتكبها طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، بغارة جوية غادرة، استهدف شاحنة محملة بأثمن ما تنتجه الأراضي اليمنية من خضروات وفواكه، محولاً إياها إلى رماد وأنقاض.
لم تكن الشاحنة مُجَـرّد وسيلة نقل، بل كانت تحمل على متنها آمال المزارعين وأرزاق التجار، وكانت متجهة إلى الأسواق لتغذّي أفواه العائلات اليمنية، ولكن دماء الحرب الطامعة حولت هذه الشاحنة إلى مقبرة لأحلام وأماني.
فقد تناثرت ثمار البرتقال الذهبي والرمان الأحمر والطماطم الناعمة والبصل الحلو والبسباس الحار.. على قارعة الطريق، وكأنها دموع سُفكت على أرض يباب، اختلطت هذه الثمار بقطع من الحديد الملتوي وبقايا الخشب المحترق، والأتربة والأحجار، والسلال المكسرة، في مشهد يجمع بين جمال الطبيعة وقبح الحرب.
هرع الأهالي إلى موقع الحادث، حاملين معهم أكياساً فارغة، يجمعون بقايا المحصول الذي كان سيصل إلى موائد العائلات، كانت وجوههم تعكس الحزن والغضب، وهم يرون بضاعة مالك الشاحنة ورأس ماله تحول إلى رماد.
26 أُكتوبر 2015.. 18 جريحاً بغارات حولت منزل المواطن الجرادي إلى ركام بتعز:
وفي يوم 26 أُكتوبر 2015م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، منزل المواطن الجرادي في حي الجحملية بمديرية صالة، بغارات وحشية مباشرة، حولت لحظات من الهدوء إلى صرخات الرعب والخوف، وهز صوت تحليقها ودوي انفجاراتها المنطقة وسكانها، مخلفة وراءها 18 جريحاً، ودماراً هائلاً وآثاراً نفسية عميقة، ونزوح وتشرد لعشرات الأسر، وأضراراً واسعة في المنازل والممتلكات المجاورة، وترويع الأهالي.
تحول منزل المواطن الجرادي إلى كومة من الأنقاض والحطام، وانتشرت سحب الدخان الكثيف في الأجواء، فيما تناثرت أحجار المنزل في كُـلّ مكان، مخلفةً دماراً هائلاً في الحي، وحالة من الرعب والخوف بين السكان، ودفعت عشرات الأسر إلى النزوح من منازلها؛ خوفاً على حياتها، وباتوا مشردين بلا مأوى، يعيشون في خيام عشوائية، ويعانون من نقص في المياه والغذاء والدواء.
يقول أحد المواطنين: “شاهدوا يا عالم هذا منزل عبد الله الجرادي مواطن، درمته الغارات، هذا ظلم أليس ظلم الدماء في الطريق العام، أنا أحد الجرحى شظايا في العمود، وهذا الجاكت ممزق من آثارها، وأخرجنا النساء والأطفال، وكلهم دماء، من تحت الأنقاض”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: العدوان السعودی طیران العدوان استهدفت غارات الطریق العام ما أسفر عن من معاناة أسفرت عن وحالة من یقول أحد عن جرح
إقرأ أيضاً:
بلغة الأرقام والميدان: أمريكا فشلت في ردع اليمن خلال 6 أسابيع من العدوان
في خطاب الخميس الأسبوعي، كشف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن ست عشرة عملية عسكرية نفذتها القوات المسلحة اليمنية خلال الأسبوع المنصرم، سبع باتجاه عمق العدو الإسرائيلي آخرها حتى كتابة هذا المقال، عمليتان باتجاه يافا وحيفا المحتلتين، توازيها تسع عمليات اشتباك استمر بعضها لساعات بين القوات اليمنية وقوات البحرية الأمريكية ممثلة بحاملتَي الطائرات “هاري ترومان” و”كارل فينسون” والقطع الحربية المرافقة لهما، وكشف ساخراً أن حاملة الطائرات “فينسون” التي وصلت مؤخراً إلى أقاصي البحر العربي، باتت تتدرب على الهرب”.
وكان السيد القائد قد كشف في خطاب الخميس قبل الماضي -أي بعد مرور شهر على العدوان الأمريكي -عن 78 عملية نفذتها القوات المسلحة اليمنية باتجاه العمق الفلسطيني المحتل، وضمن التصدي للعدوان الأمريكي في البحر، وبهذا نكون أمام 94 عملية عسكرية يمنية في البحر وعمق العدو الإسرائيلي، بمعدل يتراوح بين عمليتين إلى ثلاث كل يوم.
هذه العمليات ليست مجرد أرقام استعراضية، إذ إن هذه الحصيلة تحمل كثيراً من المعاني والدلالات والرسائل على مستويات عدة، وتجيب عن كثير من التساؤلات في ما يخصّ القدرات، والإرادة والقرار على المستوى اليمني. وفي المقابل، عن جدوى حملة الضغوط الأمريكية العدوانية القصوى التي تجاوزت 1200 غارة وقصف بحري على المستوى العسكري، إضافة إلى ما سبق من قرارات سياسية كيدية بالتصنيف بالإرهاب، وما صاحبها من عقوبات اقتصادية، وعقاب جماعي للشعب اليمني وآخرها استهداف ميناء رأس عيسى النفطي الذي يمثل شرياناً حيوياً لأكثر من 80% من سكان اليمن يتجاوز عددهم 30 مليون نسمة.
كيف استطاع اليمن الصمود والتصدي للعدوان الأمريكي؟
على المستوى الوطني، فإن استمرار العمليات اليمنية في التصدي للعدوان الأمريكي المساند لـ “إسرائيل” واستمرارها أيضاً في إسناد غزة وبهذا التصاعد الملحوظ ( 94 عملية خلال 40 يوماً) يعكس حكمة القيادة في إدارة المعركة، وإدارة القدرات، وتجسد صلابة استثنائية في المضي في قرار الإسناد لغزة والتصدي للعدوان الأمريكي مهما بلغت التحديات ومن دون تراجع، وهذا الأمر يمثل ترجمة عملية لما سبق، وأكد عليه السيد عبد الملك والرئيس مهدي المشاط، والقوات المسلحة اليمنية في أكثر من خطاب وبيان بأنه “لا يمكن التراجع قيد أنملة” و”وقف العمليات اليمنية”، ما لم يتوقف العدوان والحصار على غزة، هذا أولاً.
ثانياً، على مستوى القدرات والتطوير: إن تصاعد العمليات اليمنية الإسنادية والدفاعية في البر والبحر والجو، يؤكد حقيقة أن القدرات اليمنية لم تتضرر نتيجة الضربات الأمريكية المكثفة في جولتها العدوانية الثانية كما لم تتضرر في الجولة العدوانية الأولى، بدليل أن العمليات اليمنية نفذت بأكثر من 205 ما بين صاروخ فرط صوتي وباليستي ومجنّح وطائرة مسيّرة، خلال أربعين يوماً فقط حتى تاريخ كتابة هذا المقال وفق أرقام رسمية قدمها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي الخميس الماضي وقبل الماضي، هذا الرقم يؤكد أن المخزون الاستراتيجي لليمن لم يتأثر، وأن قدراته لا تزال بألف خير، ويعني في المقابل فشل الأمريكي في الحدّ من قدرات اليمن أو التأثير عليها.
إن استمرار العدوان الأمريكي وطول أمده يمكّن اليمن من تطوير قدراته أكثر، وامتلاك تقنيات أسلحة أكثر تطوراً ودقة، وسبق أن كشف الرئيس مهدي المشاط خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس الدفاع الوطني أن القوات المسلحة استطاعت في ظرف قياسي أن تتجاوز منظومة الاعتراض الأمريكية “الكهرومغناطيسية” التي كانت واشنطن تخوّف بها الصين وروسيا، وبالفعل وصلت صواريخ اليمن مجدداً إلى حيفا المحتلة في خطوة شكّلت مفاجأة للكيان الصهيوني، وتم تحييد “ترومان” منذ بداية المعركة، وبات اليمن يملك قدرة الكشف عن “طائرة B2» الأمريكية. وتمكنت الدفاعات الجوية من إسقاط 7 طائرات MQ9 في عهد ترامب، وتكبيد البنتاغون خسارة تقدر بـ 210 ملايين دولار، وهي أكبر خسارة له في الحملة العدوانية وفق وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، مضاف إليها 14 طائرة استطلاع مسلحة خلال الجولة العدوانية السابقة في فترة بايدن، ليبلغ العدد الإجمالي لطائرات MQ9 التي أسقطها اليمن 22 طائرة، وهذه الحصيلة تعد سابقة لا نظير لها في تاريخ الحروب وباعتراف خبراء ومحللين أمريكيين.
الأمر الثالث: أثبتت القدرات اليمنية قدرة عالية على التكيف مع كل موجات العدوان، وتفادي الخسائر لتكون في الحدود الدنيا، وأثبتت أيضاً قدرة عالية على التكتيك، والتطوير والإبداع.
الأمر الرابع، أظهر الشعب اليمني بخروجه المليوني كل أسبوع وصموده الأسطوري، قدرة عالية على التكيف والصمود، وتجاوز الصدمة والضغوط العسكرية والاقتصادية وغيرها، وتبخرت أمام وعيه وبصيرته وصلابته كل حملات الترويع والتخويف والتضليل، ومثل عاملاً مهماً في نجاح المعركة على مدى عشر سنوات، منذ 2015 وإلى اليوم ونحن في العام 2025، ومن يكذب هذه الحقيقة عليه أن يتابع تصريحات المتظاهرين على امتداد الساحة الوطنية، وتصريحات جرحى العدوان الأمريكي، وأقارب الشهداء عقب كل جريمة يرتكبها العدو الأمريكي، ليدرك أن العدوان لا يزيد الشعب إلا سخطاً وكراهية لأمريكا، وإصراراً على مواجهتها، والتفافاً حول القيادة والقوات المسلحة.
ما الذي حققته إدارة ترامب؟
من الواضح أن أمريكا واصلت عدوانها من الجو والبحر خلال ستة أسابيع، لكنها لم تحقق أهدافها ولا تزال تبدد أموال دافعي الضرائب وتحرق أوراقها وسمعة سلاحها، في معركة إسنادها لـ “إسرائيل”، ومن دون أي مقابل. وهنا، من المهم أن نلفت إلى خسائرها على المستوى المالي، إذ لامست، وفق تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، 2 مليار دولار، وباتت واشنطن وفقاً للصحيفة نفسها أمام خيارات صعبة بين الاستمرار في نزيف الخسائر من دون طائل، وبين الانسحاب وبالتالي الهزيمة. وباعتقادي أن النتيجة ستكون الهزيمة في كلا الخيارين، مع أن الانسحاب أفضل لناحية أنه سيوفر على واشنطن نزيف مزيد من الخسائر بلا طائل، خصوصاً أنها تقاتل بالنيابة عن “إسرائيل” من دون مقابل.
المسألة الثانية، أن إدارة ترامب أمام مأزق قانوني، ذلك أنها تجاوزت القانون والدستور الأمريكي وذهبت في قرار العدوان على اليمن وإسناد “إسرائيل” من الرجوع إلى المؤسسات التشريعية في أمريكا، وباتت تحت المساءلة القانونية ورسالة ترامب إلى الكونغرس مؤخراً تعكس هذا المأزق، وسيسأل عن الأموال التي بددتها في حرب بلا جدوى، وحرب لم يكن لها أي مبرر، ولم يكن هناك أي تهديد يمني لمصالح أمريكا لولا أنها اعتدت على اليمن، وحاولت منع موقفه الأخلاقي لوقف الإبادة والتجويع في غزة.
المسألة الرابعة، أن الإدارة الأمريكية تعيش حالة من الفشل والتخبط، وبات كثير من المراقبين يجمعون على فشلها في تحقيق الأهداف والعناوين التي رفعتها إدارة ترامب، ويتأكد لغالبيتهم بمن فيهم أمريكيون، أن الحملة العدوانية جاءت في الأساس استجابة لأزمة ملاحة العدو الإسرائيلي في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، واستجابة لنداء استغاثة إسرائيلية، خصوصاً أن الحملة منذ البداية تزامنت بعد أن قرر اليمن استئناف حظر الملاحة الإسرائيلية عبر منطقة العمليات المعلنة، رداً على الجولة التصعيدية الثانية للعدو الإسرائيلي على قطاع غزة بدعم وضوء أخضر من إدارة ترامب.
كما أن إدارة ترامب التي حددت -بناء على وهم القوة والردع – هامشاً زمنياً ضيقاً لحملتها العدوانية على اليمن، قد لا يتجاوز “أسابيع”، باتت اليوم بعد مرور أربعين يوماً، مطوّقة أكثر من أي وقت مضى بأسئلة ومساءلات صحفية وقانونية ملحّة ومحرجة عن أسباب العدوان على اليمن، وشرعية وقانونية اتخاذ قرار الحرب على اليمن، وأفقه ونتائجه؟ حتى إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كثير من لقاءاته العلنية وتصريحاته لم يعد يتطرق إلى اليمن، لأنه لا يملك إجابة مقنعة وصورة نصر يمكن تقديمها للرأي العام الأمريكي.
وفيما يستمر العدوان الأمريكي على اليمن، تتصاعد الخسائر ونفقات الحرب المرتبطة بتشغيل وتحريك حاملات الطائرات من المحيط الهادئ، وإرسال قاذفات الـ B2 الاستراتيجية من المحيط الهندي، وإطلاق صواريخ الاعتراض التي تتراوح كلفتها بين 1-4 مليون دولار، وخسارة 7 طائرات MQ9 بقيمة 210 ملايين دولار. وبموازاة هذه الخسائر، تتعاظم المخاوف من استنزاف ذخائر البنتاجون الاستراتيجية عالية الكلفة، قليلة المخزون، قد تحتاجها واشنطن في أي حرب مقبلة مع الصين.
ترامب نفسه في تناقض عجيب على المستوى الشخصي، ففيما يدّعي أنه “رجل سلام” ويسعى للحصول على “جائزة نوبل للسلام”، فإنه يدعم ويشجع العدو الإسرائيلي على مواصلة جرائم الإبادة والتجويع في غزة، ويعلن عدواناً غاشماً وغير مبرر على اليمن على خلفية الموقف اليمني الإنساني الأخلاقي المساند لغزة والمطالب بوقف الحصار والتجويع وجرائم الإبادة والتهجير لسكانها. إن سلوك ترامب في دعم الإبادة الصهيونية لسكان غزة، وعدوانه على اليمن يثبت أن “تصريحاته جوفاء”، كما عبّر عن ذلك عدد من أعضاء مجلس الشيوخ في رسالتهم إلى وزير الحرب هيغسث يطالبون بإيضاحات عن عشرات المدنيين أزهقت أرواحهم في العدوان الأمريكي على اليمن.
ما لا يمكن إنكاره من الإنجازات الأمريكية في الحملة العدوانية على اليمن، أنها ضاعفت رصيدها الإجرامي الحافل، بقتلها عمال ميناء رأس عيسى ومسعفيهم، واستهدافها ميناءً مدنياً يمثل مصالح الشعب اليمني، واستهدفت سوقاً شعبية في العاصمة صنعاء، وأحياء سكنية وأعياناً مدنية، ووسعت بجرائمها دائرة السخط على امتداد الجغرافيا اليمنية. وفي المحصلة، لن تجني أكثر مما جنته إدارة بايدن التي عيرتها بالفشل، وعلى أمريكا بدلاً من الضغط العدواني والعبثي على اليمن، أن تضغط على “إسرائيل” ومفتاح الحل في غزة، بوقف العدوان ورفع الحصار عنها، وإلا فإن العمليات اليمنية في إسناد غزة والتصدي للعدوان الأمريكي لن تتوقف، وهذا موقف اليمنيين، قيادة وشعباً وقوات مسلحة، ولا تراجع عنه مهما بلغ العدوان وطال أمده.