26 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة:
ابراهيم العبادي
منذ اعلان الدولة العبرية على ارض فلسطين عام 1948 ومراكز الدراسات والباحثون الصهاينة منهمكون بدراسة الشخصية العربية ،عشرات الابحاث والدراسات انتجتها جامعات بار ايلان والعبرية وحيفا وغيرهما ،ركزت على فهم سلوك العربي ،عاداته ،طباعه ،انماط تفكيره ،سلوكه في حالات الانكسار والانتصار ، الحزن ،الفرح ،طريقته في التفاوض وعقد الاتفاقات ،حتى قراءته للتاريخ وفهمه لماضيه ونصوصه الدينية ونتاجه الادبي ،كل ذلك كان موضع عناية الباحثين اليهود مستفيدين من الدراسات المحلية التي انجزها الباحثون العرب عن الشخصيات المحلية والقومية (العراقية ،المصرية ،السورية ،البدوية ،الحضرية )،كذلك ركز الباحثون الصهاينة على دراسة مشكلات الاقليات في المنطقة العربية والعلاقات المأزومة احيانا بين الاديان والمذاهب والملل ،وطريقة صنع القرار والسياسات ،استفادت الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية والساسة الصهاينة من كل هذه الجهود المعرفية والعلمية رغم ان الكثير منها لم يخل من التحيز ومحاولة رسم صورة كاريكاتيرية عن الشخصية العربية وتوظيف ذلك في سياق الحرب المحتدمة التي كانت تتجدد على مدار 75 عاما.
في جميع حروبها العدوانية التي شنتها اسرائيل على العرب ،كانت سيكولوجيا الحرب هذه تعتمد اسلوب الصدمة والمفاجاة والمبالغة في القتل والتدمير والابادة وتوظيف التفوق العسكري والتقني لاركاع الخصم وسلبه امكانيات الصمود والمقاومة والثبات .كان من ضمن الاسلحة المستخدمة في هذه الحروب سلاح (التيئيس والاحباط ) عبر تكثيف التدمير وزيادة اعداد الضحايا ،وحمل الخصم على الاستسلام باشعاره بعدم جدوى الحرب . رغم هذه الجهود التي حظيت بدعم الغرب عموما ،غير ان مهندسي الحروب الصهاينة وخبراؤهم النفسانيين كانوا يستعجلون الانتصارات التكتيكية ويراهنون على عاملي القوة والزمن في اركاع الطرف العربي والاسلامي الرافض للدولة العبرية امرا واقعا في المنطقة ،ونجحوا بالفعل نجاحا نسبيا في جعل العرب والمسلمين يقبلون بالدولة العبرية لكنهم اخفقوا في حمل الشارع العربي والاسلامي على نسيان تاريخ الصراع وهويته وتداعياته ،مازال الشطر الاكبر من العرب والمسلمين يحمل في جوانبه عداء للكيان الاسرائيلي ،لدوافع دينية وسياسية وحتى ثقافية ،ثمة سردية دينية ترفض وجود هذا الوجود المتغطرس وتشعر بخطره وضرورة مقاومته ورفض التطبيع معه ،ومازال الوعي العام يحمل مصدات ثقافية وممانعة نفسية تزداد سخونة واستدامة كلما ارتكب الجيش الصهيوني حملات ابادة وبادر الى حروب عدوانية جديدة.
الخسارة الستراتيجية التي لايفكر بها ساسة وخبراء الكيان الاسرائيلي تتمثل في اهمال القراءة المتبصرة بسايكولوجية العربي والمسلم بعد كل منازلة عسكرية يحقق فيها هذا الكيان نصرا تكتيكيا فقد خاض العرب حروبهم مع اسرائيل بدوافع وطنية وقومية وسياسية ومادية ،وفي كل هذه المعارك التي خسرتها الاجيال ،لم تتراجع الاجيال اللاحقة وتسلم بالامر الواقع ،بل ان كراهية الصهاينة صارت تتحفز بدوافع عقائدية ونصوص دينية ،مافشلت فيه (اسرائيل )حتى اللحظة انها لم تستطع انتزاع الرفض والمقاومة لوجودها من صدور الاجيال العربية رغم تاثيرات العولمة وحملات التغيير الفكري والثقافي التي تعرضت لها، ومخاضات العولمة الثقافية التي ركزت على تقارب الثقافات والتسامح الديني والتعدد الثقافي ونبذ الكراهيات!!!؟ . سيكولوجية رد العدوان ورفض الخضوع والاستسلام تستبطنها فئة ضخمة من الاجيال المعاصرة وتستحثها عبر الاستمداد من الموروث الديني والتاريخ السياسي والقومي ،بلغة مباشرة سيحصد الصهاينة مزيدا من التشدد العربي -الاسلامي في قبال جنوحهم نحو ابادة النوع البشري ،وكما عانى اليهود من (الهولوكست) وصار ذلك دافعا لهم ولحماتهم لتاسيس وطن قومي لهم ،فان اصرارهم على فرض الاستسلام وانتزاع (السلام !!! كما يزعمون )بالقوة والتدمير وسحق الكرامة ،سينقلب عليهم بنتيجة معاكسة ،مزيد من التشدد بل وحتى التطرف الديني والايديولوجي ، والانسياق مع النبؤات الدينية التي تتحدث عن نهاية بني اسرائيل.
ومثلما جنح المستوطنون الصهاينة الجدد الى الفكر التوراتي وازاحوا العلمانيين واليسارين اليهود ،فان موجة دينية قوية متشددة ستكون اقوى بمرات من حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي ستاخذ على عاتقها ضرب الوجود الاسرائيلي والغربي بما يدمر اي منظومة سياسية او استقرار امني وسياسي في المنطقة ،لقد انتجت الانكسارات العربية السابقة ، حلول الاصولية الاسلامية محل الاصولية القومية وتياراتها الناصرية والعروبية ، ونجحت الاصولية الاسلامية في تسيد الشارع واستمرت تعمل بنشاط لمدة نصف قرن باكمله ،وستحل موجة جديدة من الافكار والتيارات محل هذه الموجة ايضا لانها تستبطن حقدا وقيما وثأرا للقصاص من التواطيء الغربي والخواء العربي والعالمي امام غطرسة الصهاينة وحماية العالم الغربي لهم.
لا اجد تفسيرا لهذه المتغيرات غير نظرية الصراع الواقعي للجماعات ،فالصراع ياخذ طابع( النحن ) و(الهم )،الصراع على الارض ،الحيز ،المكان ،الزمان ،اليهود الصهاينة الذين زعموا ان فلسطين ارض بلا شعب ،وانها كانت البقعة التي اقام فيها اليهود دولهم قبل 3500 سنة ،يريدون اليوم منع الفلسطينيين ومن جاورهم من اشقائهم ،من التمتع بحياة كريمة ودولة او دول مستقرة قادرة على حماية شعوبها ،هذه المعادلة دخلت في اللاشعور السياسي للفرد العربي ولدى المسلمين عموما ،ولن يجدوا افضل من الرواية الدينية التي تتحدث عن معركة فاصلة بين الجانبين ،لبناء سرديتهم للصراع بعدما فشلت السرديات السياسية والقومية والعرقية والطبقية ،لقد خسر الصهاينة امكانية التعايش مع العرب والمسلمين بلا خوف ومن دون اصابع على الزناد ،خسروها للمرة الاخيرة واختاروا سياسة ابادة الاخر وتحطيمه للتمتع بالامن والسلام وهذه معادلة خاطئة ،ستنتج نقيضها الطبيعي الذي يكسر هذا العلو الاسرائيلي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
رمضان في محافظة حجة… طقوس دينية وثقافية غنية ومتنوعة
يمن مونيتور/قسم الأخبار
تتميز محافظة حجة اليمنية بطقوس رمضانية تعكس تراثها الثقافي والديني، مع لمسات محلية خاصة. يستيقظ الأهالي قبل الفجر لتناول وجبة السحور، التي تضم أطباقًا تقليدية مثل “الشوربة الحجية” و”الفتة”، إلى جانب التمر واللبن.
وتستخدم نداءات المؤذنين، وأحيانًا الطبول أو الأواني النحاسية، لإيقاظ الناس في القرى النائية.
الإفطار الجماعي والتواصل العائلي
يقول الناشط المجتمعي عصام صالح إن الإفطار يعد حدثًا اجتماعيًا هامًا في حجة، حيث تتجمع العائلات لتناول التمر والماء، ثم أطباق مثل “السلْتة” و”العراسي” و”الشَفوت”.
وأفاد: يكثف في رمضان التواصل العائلي من خلال تبادل الزيارات والأطباق الرمضانية.
وتشهد مساجد حجة حضورًا كثيفًا في صلاة التراويح، وتُقام فيها أذكار وأناشيد دينية، خاصة في المدن الكبيرة مثل حجة ومستبأ ومديريات الشرفين وغيرها.
ووفقا للناشط صالح: تُنظم جلسات لقراءة القرآن وختمه في المساجد والمنازل، وتنتشر أعمال الخير مثل توزيع الطعام على الفقراء وإقامة موائد إفطار جماعية. ويحرص السكان على إخراج زكاة الفطر قبل العيد.
ويشير إلى أن العبادات تُكثف في ليالي العشر الأواخر، خاصة ليلة القدر، حيث تُضاء المساجد وتُقام الصلوات حتى الفجر ، وتبدأ النساء بتحضير حلويات العيد كـ”البسكويت و”الكعك”، ويشتري الأطفال ملابس جديدة.
تنوع العادات بين الريف والمدينة
ويرى أن بعض العادات الرمضانية تختلف بين قرى ومدن حجة، ففي المناطق الريفية تُقام حفلات شعبية ورقصات تراثية بعد الإفطار، بينما تكتفي المدن بالاجتماعات العائلية.
ويذهب إلى أن هذه الطقوس تمثل نسيجًا اجتماعيًا ودينيًا يُعزز الوحدة المجتمعية ويحافظ على التراث اليمني، ويجدد رمضان الروحانيات والتكاتف الإنساني رغم التحديات.