يكرم مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي خلال دورته الثانية الفنان رشوان توفيق، تقديرا لمشواره الفني الزاخر بالعديد من الأعمال الفنية الناجحة.

وتنطلق فعاليات الدورة الثانية من مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي، والتي تحمل اسم الفنان الكبير عبد المنعم مدبولي، خلال الفترة من 10 إلى 14 نوفمبر 2024.

الفنان رشوان توفيق

ويأتي المهرجان تحت رئاسة كل من الدكتورة داليا همام، والرئيس الشرفي للمهرجان الدكتورة غادة جبارة، رئيس أكاديمية الفنون ورعاية جمعية الفن والثقافة "بتاح"، بالتعاون مع إدارة الموهوبين والتعلم الذكي بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة والرعاية الأدبية لوزارة الثقافة المصرية، ورعاية وزارة الشباب والرياضة.

.

جدير بالذكر أن الدورة الأولى من مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي، حملت اسم النجم فؤاد المهندس، وأقيمت في الفترة من 20 إلى 23 نوفمبر 2023.

رشوان توفيق

رشوان توفيق هو ممثل مصري من مواليد 24 نوفمبر 1933، لمع في العديد من الأدوار وخاصة في التليفزيون والمسرح، تخرج رشوان توفيق في معهد الفنون المسرحية والتحق للعمل بالتليفزيون، وعمل مدير ستديو ثم مساعد مخرج للمخرج كمال أبو العلا في برنامج "مَنِ الجاني؟"، ثم تقدم لاختبار المذيعين ونجح ليصبح مذيعًا حتى ينطلق إلى مجالات فنية أوسع.

واشتهر الفنان رشوان توفيق خلال مشواره بتقديم نوعية الشخصيات التى تتسم بالطيبة حيث يتمتع بها فى الحقيقة، كما أنه قدم الكثير من الأعمال الدينية المهمة والتاريخية منها:على هامش السيرة، لا إله إلا الله محمد رسول الله، الإمام المراغى، وجاء الإسلام بالسلام، أبو حنيفة النعمان، الحسن البصرى، رابعة تعود، هارون الرشيد، أبو حنيفة النعمان، ورغم كل هذا إلا أن الفنان رشوان توفيق قدم خلال مشواره بعضَ أدوار الشر لكنها قليلة، كما قدم دورًا رومانسيًّا مع الفنانة سعاد حسنى.

اقرأ أيضاً«الحب على لساننا».. ويجز يقدم أغنية أمام الرئيس السيسي في احتفالية القبائل العربية

بعد 18 عاما.. ياسمين عبد العزيز ونيكول سابا يلتقيان في مسلسل «وتقابل حبيب»| صور

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: رشوان توفيق الفنان رشوان توفيق ابنة الفنان رشوان توفيق مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي مهرجان القاهرة الدولی للطفل العربی الفنان رشوان توفیق

إقرأ أيضاً:

عائد عائد يا نوفمبر

يعيش السودان اليوم مشهداً سياسياً معقداً تتداخل فيه المصالح المحلية والإقليمية والدولية في توازنات حسّاسة جعلت من تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي تحدياً كبيراً جدّاً.. وبينما يواجه السودان خطر الانزلاق إلى حالة من الفوضى السياسية المستدامة، تتزايد المؤشرات على محاولات إعادة إنتاج سيناريو اتفاق نوفمبر 2021 بين البرهان وحميدتي وحمدوك، والذي كرّس سيطرة القوى العسكرية تحت غطاء مدني هزيل.. والحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع وحلفائهما أوجدت بيئة مواتية لظهور هذه المحاولات، حيث يحاول الطرفان استغلال النزاع لفرض نفسيهما كطرفين رئيسيين في أي تسوية سياسية قادمة، مع إقصاء القوى المدنية الفاعلة وعلى رأسها تحالف "صمود".
فهل -بالفعل- تُعيد هذه اللحظات المصيرية التي يعيشها السودان إلى الأذهان المناخات التي سبقت توقيع اتفاق نوفمبر المشؤوم، حين أُعيد ترتيب المشهد السياسي بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 في محاولة لإضفاء شرعية مدنية على حكم عسكري استمر عملياً حتى اندلاع الحرب الحالية؟ أم سيبرز نداء السلام الذي أطلقه تحالف "صمود" على لسان رئيسه د. عبد الله حمدوك، كرؤية سياسية تهدف إلى تجنب إعادة إنتاج تجربة فاشلة (قام بها حمدوك نفسه)!
فما المشترك بين نوفمبر 2021 والمشهد الراهن؟!:
لعلّ تهميش القوى المدنية لصالح التفاهمات العسكرية؛ مع الضغط المحلي والدولي لفرض تسوية غير متوازنة؛ مع الرهان على الواجهة المدنية لتجميل السلطة العسكرية؛ تمثّل المشتركات بين نوفمبر 21 والمشهد الراهن، حيث نجد أنّ أحد أبرز سمات اتفاق 2021 أنه كان نتاج مفاوضات بين العسكر ("الجيش والدعم السريع") وحمدوك دون إشراك القوى الثورية الفاعلة، وهو ما أدّى إلى انهياره سريعاً تحت وطأة المظاهرات. واليوم، تبدو الديناميكية مشابهة، إذ تتركز الجهود الدولية -على ضعفها- على دفع الجيش والدعم السريع نحو تفاهمات مباشرة، بينما تظل القوى المدنية الثورية، مثل تحالف "صمود" خارج إطار التفاوض. وفي 2021، لعبت الضغوط الدولية والمحلية (المؤتمر الوطني المحلول) دوراً رئيسياً في دفع العسكر إلى توقيع اتفاق مع حمدوك لم تكن له ضمانات حقيقية لتنفيذه، أو لنجاحه.. واليوم، هناك اتجاه مماثل لإجبار الجيش والدعم السريع على وقف إطلاق النار ضمن صفقة تُبقي على نفوذ العسكريين..
الانهيار الاقتصادي في السودان – هل يعيد إنتاج أزمة ما بعد نوفمبر 2021؟
تسببت الحرب المستمرة في السودان في انهيار الاقتصاد بشكل غير مسبوق، مما أدّى إلى فقدان الملايين لوظائفهم، وتفاقم أزمة الغذاء، وانهيار العملة الوطنية. ومع ازدياد الضغط الدولي والإقليمي لإنهاء الحرب عبر تسوية سياسية، تظهر ملامح اتفاق جديد قد يعيد إنتاج أزمة ما بعد نوفمبر 2021، حيث يتم فرض حلول مؤقتة لا تعالج جذور الأزمة الاقتصادية، بل تؤدي إلى استمرار الأزمة مع تغير الوجوه فقط. وتشير الوثائق الاقتصادية إلى أن قيمة الجنيه السوداني تراجعت بأكثر من 70% منذ اندلاع الحرب، مع استمرار ارتفاع الأسعار بوتيرة غير مسبوقة. وكما حدث بعد اتفاق 2021، فإن الحلول المقترحة اليوم تركز على استقرار العملة من خلال تدخلات خارجية بدلاً من بناء اقتصاد منتج ومستدام. كما أنّ معظم القطاعات الإنتاجية، من الزراعة إلى التصنيع، تعرّضت للشلل بسبب الحرب. فإعادة بناء هذه القطاعات تحتاج إلى خطة اقتصادية شاملة، وليس مجرد ضخ أموال كما حدث بعد 2021، حيث استخدمت المساعدات الخارجية لإنقاذ النظام المالي دون أي إصلاحات حقيقية. فاليوم نجد أنّ كافّة البنوك السودانية لا تعمل بكامل طاقتها، وأن المعاملات المالية أصبحت شبه مستحيلة في معظم المناطق؛ وكما حدث في 2021، هناك مخاوف من أن أيّ تسوية جديدة قد تُبقي الاقتصاد تحت سيطرة العسكر، مما يمنع أي محاولات جادّة للإصلاح؛ وسيظلّ الاقتصاد السوداني يعاني، حيث سيتم اللجوء إلى حلول ترقيعيه بدلاً من معالجة المشكلات الهيكلية. نعم ستُقدّم بعض القوى الدولية مساعدات مالية -مشروطة- لتحقيق استقرار مؤقت، ولكن دون إصلاحات فعلية، مما يعني تأجيل الأزمة فقط.
ولمنع تكرار الأزمة الاقتصادية لما بعد 2021، يجب أن يكون للمدنيين دور أساسي في إعادة هيكلة الاقتصاد، بفرض رقابة مدنية على أي تسوية اقتصادية وليس مجرد دور رمزي كما حدث بعد اتفاق 2021. كما يجب توجيه الدعم الدولي نحو التنمية وليس نحو تثبيت الأنظمة العسكرية، بحيث تركز أي مساعدات على تعزيز الإنتاج المحلي والبنية التحتية بدلاً من إنقاذ الأنظمة الحاكمة. وإذا لم يتم التعامل مع الأزمة الاقتصادية بحلول جذرية، فإن أي تسوية سياسية قد تعيد إنتاج الفشل الذي أعقب اتفاق نوفمبر 2021. والأمر متروك للقوى المدنية لضمان أن أي اتفاق مستقبلي لا يكون مجرد غطاء لإعادة تدوير الأزمة الاقتصادية في السودان، بل يمثل بداية لإصلاح حقيقي. فهل ستنجح القوى الثورية في فرض إصلاح اقتصادي شامل، أم أن السودان مقبل على حل مؤقت ينهار سريعاً كما حدث من قبل؟

تكتيكات العسكر السياسية وعزل القوى المدنية:
منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب، كان واضحاً أن العسكر سيسعون إلى استغلال الحرب سياسياً؛ فالجيش وقوات الدعم السريع يسعيان لاستغلال حالة الفوضى السياسية والأمنية لتحقيق أهداف تكتيكية محدّدة. اعتمد الجيش على تصوير نفسه كقوة نظامية تدافع عن الدولة في مواجهة "مليشيات خارجة عن القانون"، في محاولة لتصدير صورة ضامن الاستقرار. أما قوات الدعم السريع، فقد سعت في المقابل إلى تعزيز وجودها في المناطق التي تسيطر عليها إلى أن تتبلور قدرته على تشكيل حكومة موازية.. هذه الاستراتيجية جعلت الدعم السريع يحاول أن يظهر كطرف قادر على إدارة مناطق نفوذه، الأمر الذي يزيد من فرصه للحصول على مقعد دائم في أي عملية تفاوض مستقبلية.
ويبدو واضحاً الآن أن القوى العسكرية تعمل وفق تكتيك سياسي مدروس يهدف إلى إقصاء تحالف "صمود" باعتباره الكيان المدني الأكثر قدرة على تحدي مشاريع العسكر. ولتحقيق ذلك، لجأ الجيش إلى عدة أساليب، كتشويه صورة "صمود" إعلامياً، فعمدت وسائل إعلام موالية للجيش إلى إدراج "صمود" قسراً في الحرب منذ أن كانت "تقدّم" وصوّرتها كطرف يعطّل تحقيق الاستقرار، وكذلك من الأساليب الترويج لبدائل مدنية ضعيفة، فدعمت القوى العسكرية أطرافاً مدنية محدودة النفوذ بهدف تقديمها كواجهات "مدنية معتدلة" يمكن التفاوض معها لاحقاً، بينما يجري استبعاد التحالفات الحقيقية التي قادت الحراك الثوري؛ ثمّ تأتي محاولات فرض حكومة كواجهة مدنية ضعيفة وصورية ، وبلا صلاحيات فعلية، ما يمنح الجيش فرصة لإدارة المشهد من وراء الستار. وأيضاً من الأساليب تفكيك القوى الثورية، حيث تعمل القوى العسكرية على دعم الانقسامات بين القوى الثورية، مستغلة الخلافات الأيديولوجية والسياسية لتقسيم الجبهة المدنية، في محاولة لإضعاف تحالف "صمود" والتقليل من قدرته على التأثير السياسي.
دور القوى الدولية والإقليمية في تعزيز هذه "التكتيكات" والاستراتيجيات
القوى الدولية تلعب دوراً محورياً في تعزيز هذه التكتيكات من خلال تركيزها على وقف إطلاق النار كأولوية قصوى، مع تجاهل تام للحاجة إلى إصلاحات سياسية تضمن انتقالاً ديمقراطياً حقيقياً. فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مثلاً، يظهران وكأنّهما يتبنيان سياسة تهدف إلى إنهاء الحرب، حتى وإن كان ذلك على حساب تكريس سلطة العسكر مجدداً، مجدّدين ذلك الاختزال -الذميم-: أنّ الأولوية للاستقرار لا الديمقراطية. فهذه المقاربة تمنح القوى العسكرية فرصة ذهبية لاستغلال دعم المجتمع الدولي لتقديم أنفسهم كضامنين للاستقرار. أما القوى الإقليمية فإنها تتبنى استراتيجية مزدوجة تهدف إلى دعم الجيش من جهة، وضمان نفوذها في السودان من جهة أخرى، ولو على حساب القوى المدنية الثورية.
تعمل الأطراف الإقليمية على عناوين كبيرة على شاكلة: "دعم الجيش للحفاظ على الاستقرار الإقليمي" أو "النفوذ الاقتصادي والتحالفات غير المعلنة" أو "الوساطة الحذرة"؛ فمن ضمن تكتيكاتها الرامية إلى ترسيخ نفوذها، عمدت بعض القوى الإقليمية إلى دعم سيناريو يقوم على تشكيل "حكومتين" متوازيتين تمثلان مناطق نفوذ الجيش والدعم السريع، مع دفع الطرفين للتفاوض على اتفاق سياسي لاحق يضمن استمرار سيطرة العسكر في كلا المعسكرين. وهذه الاستراتيجية تتبناها بشكل واضح دول تشير التقارير إلى أنها قدمت دعماً متوازياً لكل من الجيش وقوات الدعم السريع في مراحل مختلفة من النزاع. هذا النهج يُمكّن هذه الدول من المحافظة على مصالحها التجارية والاقتصادية في السودان، مع ضمان استمرار التوازن العسكري الذي يمنع سيطرة طرف واحد بشكل مطلق. فبينما تدعم الجيش السوداني باعتباره الضامن الوحيد للاستقرار في حدودها، فإنها في الوقت ذاته تتواصل مع بعض التيارات المدنية بغرض تعزيز نفوذها في المشهد السياسي مستقبلاً. وعلى الجانب الدولي، يتبنى الغرب نهجاً يركّز على وقف إطلاق النار أولاً، مع إهمال واضح لمسألة إصلاح المنظومة السياسية، وغضّ الطرف بالكامل عن إصلاح المنظومة الأمنية- العسكرية. هذا النهج يسمح بفرض تسوية غير متوازنة تمنح العسكريين موقعاً متميزاً في السلطة الانتقالية. وفي هذه الأثناء، تستغل روسيا بجانب محاولات النفوذ الجيوسياسي -القاعدة العسكرية على البحر الأحمر- حالة الفوضى لتعزيز نفوذها في قطاع الذهب السوداني، بينما تركز الصين على حماية استثماراتها دون التدخل المباشر في توازنات السلطة الداخلية.
ومع تصاعد كل هذه الأزمات السودانية، بات واضحاً أن القوى الإقليمية والدولية تلعب دوراً رئيسياً في تحديد مسار التسوية السياسية. هذه القوى، التي تمتلك مصالح استراتيجية واقتصادية في السودان، تعتمد على تكتيكات محسوبة لضمان استمرار نفوذها في البلاد، حتى وإن كان ذلك على حساب تحقيق سلام دائم أو انتقال ديمقراطي حقيقي.. وسيتم التلاعب بحرب السودان مقروءة مع الإقليم الملتهب هذه الأيام في جنوب السودان والصومال وجبهات التقراي، وستتم إعادة إنتاج نظام 2021 وتحويل الرعب الشعبي إلى قبول تلقائي للحكم العسكري، والترويج للجيش كحامي الدولة ضد خطر أكبر.. وسيتم بعد ذلك استغلال الفوضى كذريعة لتصفية أيّ قوى معارضة؛ وتؤكد الاعتقالات والملاحقات بحق الناشطين هذه الفترة أيضاً أنّها ليست مجرد ردّ فعل أمني، بل هي جزء من خطة سياسية لإضعاف أي مقاومة مدنية مستقبلية.. وبعدها يأتي تقديم الإسلاميين كـحرس قديم لحماية النظام، فبعد 2021 عندما عاد الإسلاميون إلى المشهد بحجة "مواجهة الفوضى" فإن نفس الشخصيات الأمنية القديمة تعود الآن إلى مواقعها كحراس للسلطة العسكرية؛ وعودة جهاز الأمن القديم تتم بتنسيق واضح بين العسكريين والإسلاميين، لضمان أن أيّ اتفاق مستقبلي لا يُخرجهم من المشهد. وبالتالي، يتأكّد أن السودان ليس بعيداً عن إعادة إنتاج اتفاق نوفمبر 2021. ومع استمرار الحرب، فإن غياب استراتيجية مدنية موحّدة سيؤدي إلى فرض تسوية تُعيد ترتيب السلطة على أسس عسكرية، لا مدنية. والسؤال الذي يتلوّن مع كل عنوان ويتأبط كل حدث سيظل مفتوحاً: هل ستتمكن القوى المدنية من فرض نفسها، أم أن المجتمع الدولي والإقليمي سيدفع نحو حل يعيد إنتاج فشل 2021؟

استعادة دور القوى المدنية وتحركاتها لمواجهة التحديات
رغم هذا المشهد المعقّد، لا تزال هناك فرصة أمام القوى المدنية لاستعادة المبادرة. فتوحيد الصفوف وتشكيل كتلة سياسية صلبة تضم تحالف "صمود" وكافة القوى الثورية والديمقراطية هو السبيل الوحيد لفرض اتفاق سياسي متوازن يمنع استمرار هيمنة العسكر. ويتطلب هذا الأمر جهداً مكثفاً على مستوى الحراك الشعبي، حيث يمكن أن يُعيد استنهاض الشارع السوداني توازناً مفقوداً في المعادلة السياسية، بما يمنع القوى العسكرية من فرض شروطها مجدداً. فبرغم محاولات العسكر والقوى الإقليمية فرض معادلة سياسية غير متوازنة، لا تزال الفرصة قائمة أمام القوى المدنية إذا نجحت في تحقيق وحدة حقيقية وتقديم مشروع سياسي متكامل. فتحالف "صمود" يمكن أن يلعب دوراً حاسماً في هذا السياق، إذا تمكّن من تجاوز عثرات "تقدّم" -رُبّما المخطّط لها مسبقاً- والعمل على تشكيل جبهة مدنية موحّدة قادرة على فرض شروطها السياسية وإنفاذ مقترح "صمود" بإشراك مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الإفريقي بهدف إيجاد ضمانات تمنع تلاعب العسكر بالعملية الانتقالية، لكن نجاح ذلك يعتمد على قدرة السودانيين أنفسهم على فرض اتفاق أكثر صلابة.
أمّا بخصوص استعادة الحراك الشعبي كأداة ضغط فعالة، فنجد أنّ في 2021، كانت الاحتجاجات الشعبية هي العامل الذي أفشل الاتفاق وأجبر حمدوك على الاستقالة. اليوم، رغم أن الحرب غيّرت طبيعة الحراك الشعبي، فإن إعادة تفعيل الشارع كقوة ضغط أمر ضروري لمنع فرض اتفاق جديد على حساب قوى الثورة.. (لكن يجب استعادة الشارع من النزوح واللجوء والتشرّد ليكون فاعلاً!) فإذا نجحت الضغوط الدولية في فرض وقف إطلاق نار بين الجيش والدعم السريع دون إشراك القوى المدنية الحقيقية، فإننا سنكون أمام نسخة جديدة من اتفاق نوفمبر 21، مع اختلاف الأطراف المشاركة فيه؛ أما إذا استمرت الحرب دون تسوية، فقد يتحول السودان إلى بلد مقسّم بين سلطتين متصارعتين، كما حدث في ليبيا واليمن. بينما التحوّل المدني الديمقراطي الحقيقي هو السيناريو الأكثر صعوبة، لكنه ليس مستحيلاً إذا تمكّنت القوى المدنية من توحيد صفوفها وفرض نفسها كرقم أساسي في المعادلة السياسية.
إذاً، يقدّم خطاب "صمود" -نداء السلام- رؤية متكاملة لوقف الحرب وإرساء سلام دائم، وفي جوهره يمثل رفضاً واضحاً لأي اتفاق يعيد إنتاج إخفاقات 2021. وبينما تسعى القوى العسكرية لفرض تسوية جديدة تمنحها مساحة للاستمرار في الحكم، فإن نجاح القوى المدنية في فرض شروطها سيكون العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان السودان سيكرر أخطاء الماضي أو سيتجه نحو مستقبل جديد أكثر استقراراً وديمقراطية. والسؤال الذي يظل مفتوحاً: هل ستتمكن القوى المدنية من اغتنام هذه الفرصة، أم أن السودان على أعتاب إعادة إنتاج نسخة جديدة من فشل 2021؟ يليه سؤال عن دور الفاعلين الإقليميين والدوليين في إعادة إنتاج سيناريو نوفمبر 2021؛ حيث لا يمكن فهم الأزمة السودانية الحالية بمعزل عن التدخلات الإقليمية والدولية، التي لعبت دوراً رئيسياً في صياغة اتفاق نوفمبر 2021 وتعمل اليوم على دفع الأطراف العسكرية إلى تسوية مماثلة.
فلمنع إعادة انتاج سيناريو نوفمبر 21، تحتاج القوى المدنية إلى تجاوز انقساماتها -مهما كانت- وإبراز حضورها بقوة في المشهد، وفرض رؤيتها في أي تسوية قادمة. فغياب الوحدة بين القوى الثورية هو ما سهّل على الجيش فرض اتفاق 2021. وصوت الجماهير والضغط الدولي يجب أن يتّحدا لمنع منح العسكريين غطاءً جديداً للحكم تحت ستار اتفاق جديد؛ ومن الضروري فضح أي محاولات لإعادة إنتاج الصفقات التي تستثني قوى الثورة.
لكن الجدير بالذكر أنّه في حال عدم التوصل إلى تسوية سياسية، قد يتحول السودان إلى مناطق تسيطر عليها قوات مختلفة، مما يعزز نموذج الحكم العسكري اللامركزي الذي يعيق أي تحرك مدني موحد.؛ فالتدخلات الإقليمية والدولية قد تؤدي إلى صفقة جديدة تمنح الجيش وقوات الدعم السريع حصة في السلطة، مع استبعاد القوى الثورية؛ وستكون هذه التسوية هشّة، كما كان الحال في 2021، مما يجعلها عرضة للانهيار عند أول اختبار سياسي حقيقي.. وإذا استمرت الحرب دون أن تتمكن القوى المدنية من فرض رؤيتها، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو إعادة إنتاج نموذج اتفاق 2021، مع تعديلات شكلية لا تغير من جوهر هيمنة العسكر على الدولة. ويظلّ السؤال المحوري الذي يتكرر باستمرار: هل ستتمكن القوى المدنية من الاستفادة من دروس الماضي، أم أننا أمام إعادة إنتاج فشل جديد، لكن في سياق أكثر دماراً وتعقيدا؟!
بتسوية أو بدونها ما هو تأثير الحكومة الموازية في مناطق الدعم السريع على مستقبل السودان السياسي؟
تحرك قوات الدعم السريع نحو إنشاء حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها، يطرح تساؤلات خطيرة حول مستقبل وحدة السودان وما إذا كان هذا التحرك مقدمة لإعادة إنتاج سيناريو شبيه باتفاق نوفمبر 2021. وبينما تدعو بعض القوى الدولية إلى وقف إطلاق النار، فإن الواقع على الأرض يشير إلى ترتيبات سياسية قد تؤدي إلى تقسيم فعلي للسودان بين سلطتين متنافستين. فلماذا إذاً تسعى قوات الدعم السريع إلى إنشاء حكومة موازية؟!
تؤكّد مسودة اتفاق السلام بين الدعم السريع والحركة الشعبية أن هناك جهودًا لإنشاء هياكل حكم بديلة في المناطق الخاضعة لسيطرتها؛ فهذا التوجه يهدف إلى تعزيز موقف الدعم السريع في أي مفاوضات قادمة، ما يمنحها سلطة توازي سلطة الجيش في المناطق التي يسيطر عليها. ولعلّ السيناريو الليبي، حيث توجد حكومتان متنافستان، قد يكون نموذجاً يجري استنساخه في السودان، فقوات الدعم السريع تستغل حالة الفوضى السياسية والعسكرية لترسيخ وجودها كسلطة أمر واقع، ما قد يؤدي إلى تقسيم السودان فعلياً إلى مناطق نفوذ. ورغم عدم اعتراف القوى الدولية بهذه الحكومة، إلا أن بعض الدول الإقليمية قد تتعامل معها كسلطة بحكم الأمر الواقع إذا استمر الوضع الحالي، فالدعم السريع يحاول توظيف شبكاته الإقليمية لضمان استمرار تدفق الدعم المالي واللوجستي، مما يعزز فكرة وجود حكومة موازية. لكن.. ما هي التداعيات المحتملة لهذه الحكومة الموازية؟!
كما حدث في ليبيا واليمن، قد يؤدي هذا الوضع إلى استدامة الحرب وانهيار أي جهود لتحقيق الاستقرار، ووجود حكومتين متنافستين سيزيد من صعوبة تحقيق اتفاق شامل يُنهي الحرب؛ بيد أنّ السيناريو المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق يقسم السلطة بين الجيش والدعم السريع، كما حدث في اتفاق نوفمبر 2021 وهذا سيعني أن أي حكومة مستقبلية ستكون مجرد إعادة إنتاج لنفس الفشل الذي أدى إلى اندلاع الحرب. وإذا لم يتم احتواء هذه التحركات، فقد ينتهي السودان إلى وضع مماثل للصومال، حيث تتنافس الفصائل المسلحة على السيطرة على المناطق المختلفة. ولمنع هذا السيناريو يجب أن تعمل القوى المدنية والمجتمع الدولي على قطع التمويل العسكري والاقتصادي عن أي حكومة تخرج عن إطار الدولة. وأيّ اتفاق يجب أن يركز على إنهاء الانقسام وليس على شرعنة سلطات موازية كما حدث في 2021. فالقوى الثورية الآن مطالبة أكثر من أيّ وقتٍ مضى أن تعيد تنشيط العمل الجماهيري لمنع أي ترتيبات تكرس الانقسام. فما يحدث في السودان اليوم يشير إلى احتمال إعادة إنتاج نموذج نوفمبر 2021 ولكن بشكل أكثر خطورة، حيث قد تؤدي الترتيبات الحالية إلى تقسيم السودان نهائياً. ومنع هذا السيناريو يتطلب تحركاً سريعاً من القوى المدنية والمجتمع الدولي قبل أن يصبح السودان مسرحاً جديداً لحروب طويلة الأمد بين حكومتين متنافستين. فهل يتجه السودان إلى الانقسام الكامل أم أن هناك فرصة لمنع إعادة إنتاج الفشل مرة أخرى؟!
وكما حدث في 2021، يتم الآن فرض واقع سياسي جديد يقوم على "شرعية الأمر الواقع المستندة نفسها على شرعية مواجهة الانتهاكات"؛ وإذا لم يتم التصدي لهذا المخطّط، فإن السودان قد يجد نفسه مرة أخرى في دوامة انقلاب جديد، مبارك من الشعب ومدفوع بالخوف والرعب والإرهاب والسلاح! وفي النهاية، فإن مصير السودان يتوقف على قدرة قواه المدنية على تنظيم نفسها وتوحيد جهودها لفرض انتقال سياسي حقيقي يضمن خروج العسكر من المشهد السياسي، مع بناء مؤسسات مدنية قوية تضمن الاستقرار والنمو بعيداً عن تأثير القوى الإقليمية والدولية

13 مارس 2025

aboann7@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة الأردني: "هنا الأردن ومجده مستمر" شعار مهرجان جرش في دورته الـ39
  • استعدادا للانتخابات البرلمانية.. الجبهة الوطنية يشكل لجنة برئاسة ضياء رشوان
  • عائد عائد يا نوفمبر
  • مسلسل فهد البطل الحلقة 12.. توفيق التمساح يقتل نجل فايزة الشبح بمساعدة العوضي
  • بنك عُمان العربي يحتفي بالإنجازات في الاجتماع السنوي
  • حافلة الزمالك تصل ملعب القاهرة الدولي استعدادًا للقمة
  • أجمل ناس يرسم البسمة في بني سويف.. عمرو الليثي يكرم شيخا مُسنا بمكافأة مالية
  • محافظ كفر الشيخ يكرم مدير عام مديرية الطرق لبلوغه السن القانونية للمعاش| صور
  • الرئيس السيسي يكرم عدد من أسر الشهداء ومصابي العمليات الحربية خلال الندوة التثقيفية الـ41
  • مدير مهرجان جرش: سنعمل على تعزيز مكانة الفنان الأردني محليًا وإقليميًا ودوليًا