منير الشامي
من أبرز مستجدات العدوان الصهيوني المجرم على لبنان كما تسجلها الأحداث عودة قوى الاستكبار الغربي والعربي المطبعة إلى الاستهداف السياسي لحزب الله تحت عنوان تنفيذ القرار ١٧٠١ خُصُوصاً بعد تصريح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي أكّـد فيه استعداد لبنان لتطبيق قرار مجلس السابق بنشر قوات من الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية للبلاد مقابل وقف العدوان الصهيوني كمقترح لوقف الحرب، فبعده ارتفعت وتيرة حراك سياسي تقوده أمريكا يضم الأنظمة الداعمة والمساندة والمنبطحة للعدو الصهيوني للترحيب بهذا المقترح وفق الرؤية الصهيونية معلنين استعدادهم لدعم الجيش اللبناني بكل ما يحتاج اليه بشرط نزع السلاح من حزب الله مبرّرين ذلك بأسطوانتهم المشروخة والغير منطقية والتي لا يقبلها حتى المجنون في أن يكون العدوّ هو المدافع عن لبنان والحامي لها والمضحي؛ مِن أجلِ حريتها واستقلالها وأن الصديق هو المعتدي عليه القاتل لأبنائه والمدمّـر لبنيته وأن سبب العدوان الصهيوني على لبنان هو حزب الله وأن الحل الوحيد لإعادة الاستقرار إلى لبنان سحب سلاح حزب الله وفرض سيادة الدستور وتمكين الجيش اللبناني من أداء مهامه في حماية لبنان والدفاع عنه، متجاهلين أن هذه المبرّرات السخيفة ومبرّرات أُخرى أكثر منطقية وأقوى منها سبق لهم أن أسمعوها الشعب اللبناني وحكوماته المتعاقبة في الماضي مرارا وتكرارا، واسقطها سماحة القائد الشهيد السيد حسن نصر الله ـ رضوان الله تعالى عليه ـ واسقط ما هو أخطر منها مرات عديدة ووعاها الشعب اللبناني وأصبح يدرك تماماً نواياهم الخبيثة من وراءها وأهدافهم القذرة من فبركتها وأولها زحزحة حزب الله من طريق العدوّ الصهيوني المجرم كونه كان وما يزال وسيظل السياج الحامي والمانع للعدو الصهيوني عن تحقيق هذه الغاية فالشعب اللبناني أصبح يعلم جيِّدًا أهميّة مقاومته الباسلة وعظمة الدور الذي تقوم يثق بها ويلتف حولها ويؤمن بشرعية وجودها وَأصبح بكل طوائفه ومكوناته حاضنة قوية لمقاومته الإسلامية وقد ذاق حلاوة انتصاراتها وعاش افراح تحرير لبنان وتطهير ترابه من دنس الاحتلال الصهيوني ومن عملائه وتابع لحظات دفاعها عن سيادة لبنان وحقّقت ما يعجز أقوى جيش بالمنطقة عن تحقيقه بفضل الله تعالى وبحكمة قيادتها العظيمة والتفاف الشعب اللبناني حولها فهل يعتقد العدوّ الصهيو أمريكي والغربي واذيالهم من أنظمة التطبيع أنهم سيحقّقون اليوم ما عجزوا عن تحقيقه بالأمس لمُجَـرّد أن القائد الشهيد السيد حسن قد رحل؟
إن كانوا يعتقدون ذلك فهم مخطئون؛ لأَنَّ كُـلّ فرد في الشعب اللبناني صار اليوم يحمل فكر السيد حسن ووعيه وروحه وشجاعته؛ لأَنَّه ـ رضوان الله عليه ـ رسخ وعي المقاومة والصمود في اعماق اللبنانيين كما رسخ الشجاعة والاقدام في اعماق أبطال مقاومته لمجاهدين
ولذلك فمهما توالت زيارات وزراء خارجية دول الاستكبار العالمي وكبار مسؤوليهم إلى لبنان فلن يعودوا إلا بخف حنين وسيبقى حزب الله هو الحصن المنيع للبنان وشعبها وسيظل يمرغ أنف الصهيونية في وحل الانكسار والهزائم ويهدي الأُمَّــة اروع وأعظم الانتصارات
مهما بلغت وحشيته وجبروته وإجرامه ومهما تفنن في القتل والإبادة والقصف والتدمير وسيظل هو وكل القوى الداعمة والمنبطحة له أعداء الأُمَّــة حتى زواله واندحارهم
لقد عاش الشعب اللبناني العزة والكرامة في أكمل صورها لثلاثة عقود وسيعيشها دائماً في ظل أبطال مقاومته في حزب الله.
لقد صار حزب الله عنوان الوحدة الوطنية وعاملها الرئيسي وهذا ما يجعل الفشل مصير كُـلّ مؤامرات الأعداء وستتحطم كلها بصخرة الوعي الشعبي الذي يعي جيِّدًا ما يلي:
١- أن هذه المؤامرة تستهدف لبنان؛ لأَنَّ غاية الأعداء من محاولة التخلص من حزب الله بهذه المؤامرة هو تمهيد الطريق للعدو الصهيوني لاحتلال لبنان وتهجير شعبه واستيطانه
٢-أن الجيش اللبناني لا يستطيع حماية لبنان ساعة واحدة مهما دعموه ومهما بلغت إمْكَانياته وقدراته؛ لأَنَّه يفتقر إلى المنهج والاعداد السليمين ولا يحمل روحية المقاومة وثقافة الجهاد والتضحية التي يحملها مجاهدي حزب الله وفاقد الشيئ لا يعطيه
٣- أن حزب الله أقوى عامل من عوامل تحقيق استقرار لبنان وليس العكس وأن سبب حالة عدم الاستقرار يرجع إلى التدخلات الخارجية والمؤامرات الصهيو أمريكية الممولة عربيًّا للحيلولة دون استقراره.
٤- أن التوافق والتنسيق بين الحكومة وقيادة حزب الله قوي وأن التحَرّك العسكري والسياسي يصبان نحو هدف واحد هو مصلحة الشعب اللبناني وهذا ما أكّـده نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لأكثر من مرة.
وهو ما بينه سماحة القائد السيد عبدالملك الحوثي ـ يحفظه الله ويرعاه ـ في خطابه الأسبوعي عصر الخميس الماضي.
ولذلك اقول بكل ثقة أن استهداف أعداء الأُمَّــة للشعب اللبناني بمؤامرة نزع سلاح حزب الله ومحاولة ازاحته عن مشهد المواجهة والدفاع فاشلة بكل المقاييس ستفشل
وسيبقى حزب الله والأيّام ستشهد على ذلك.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشعب اللبنانی الجیش اللبنانی حزب الله
إقرأ أيضاً:
السيد عبدالله بن حمد .. الصفي الرضي
السيد عبدالله بن حمد البوسعيدي جاءنا في مسقط مع عمر الخامسة عشرة برفقة أبيه القاضي السيد حمد بن سيف وكان منزلهم في منطقة الحمرية قريبا من بيت الشيخ أحمد بن عبد الله الحارثي وكنا حين نذهب لزيارة الشيخ أحمد بن عبد الله نمر أحيانا لزيارتهم ونجد هناك العديد من القضاة والأعيان.
وكان وقتها بين الصبا والشباب شابا يلفت النظر، وعمل مع صغر سنه منسقا لمكتب الشيخ أحمد رئيس هيئة المخطوطات وقتها ثم حين تأسست وزارة الإسكان وصار السيد محمد بن أحمد وزيرا لها وتعين الشيخ أحمد بن عبد الله بمعيته وكيلا للوزارة ذهب هو معه وكان السيد محمد صديقا لوالده فأخذه منسقا خاصا لمكتبه وأسهم بقدر واسع في تأسيس الوزارة الوليدة ومضت به مسيرة العمل، وفي غضون سنوات أصبح مديرا عاما وفي تلك الفترة صرت أنا ملحقا ثقافيا في سفارة سلطنة عمان بالبحرين وجاء لزيارتي هناك لأكثر من مرة ويوم أسسنا النادي الوطني الثقافي انضم هو إلينا وصار من أبرز الشباب النشطين وقد لفتت همته العالية ونشاطه المتميز المسؤولين فتم تعيينه وزيرا للإسكان حيث أسهم في تأسيس الوزارة وتطويرها وأطلق الناس آنذاك على وزارة الإسكان اسم وزارة الأخلاق الحميدة ولكن الزمن لم يطل به في الوزارة فنقل سريعا ليكون مندوبا لسلطنة عمان في الجامعة العربية أيام وجودها في تونس وكان أمين عام الجامعة العربية الشاذلي القليبي حينئذ ورئيس تونس يومها الحبيب بو رقيبة وتطورت علاقته بهما وصارت له معهما قصص كثيرة وحكايات متنوعة وبعد وقت يسير تم تعيينه سفيرا لسلطنة عمان في تونس وكان دوره كبيرا ملحوظا وأقام علاقات واسعة مع الوزراء والمسؤولين هناك ومع زملائه السفراء وحين أعيدت الجامعة إلى مقرها في القاهرة عاد هو معها فطاب له المقام في مصر وتوطدت علاقاته مع الرئيس ومع كبار المسؤولين وشهدت العلاقات العمانية المصرية تطورا كبيرا وكان أمين عام الجامعة العربية بعد عودتها إلى مصر د. عصمت عبد المجيد وأصبحت العلاقة بينهما وثقى ومتينة وكم مرة رأينا د. عصمت زائرا له في بيته بالقاهرة إضافة إلى صلاته الحسنة مع الكتاب والمثقفين الذين ارتبط معهم بصداقات حميمة يقيم لهم الضيافات في بيته ويجتمعون حوله في ندوات علمية وثقافية ومن أبرز من صاروا أصدقاءه المقربين الدكتور جابر عصفور و د. حسن حنفي والأستاذ جمال الغيطاني ود. صابر عرب ود. أحمد درويش والمؤرخ د. جمال زكريا قاسم وعشرات غيرهم ومنزله كان منتدى فكريا وملتقى دائما لصفوة أهل الثقافة ثم أسس هناك منتدى الفراهيدي الذي تحدد وقته كل أربعة أشهر حول شؤون ثقافية مصرية وعمانية وعربية يحاضر فيه نخب العلماء وقادة الفكر والمثقفين من المغرب والعراق والجزائر وسوريا وتونس واليمن وعمان ومصر والخليج وذلك المنتدى كان منارة عمانية مضيئة في القاهرة وكانت لا تكاد تفوته ندوة أو محاضرة ثقافية في القاهرة على كثرتها وكثرة مشاغله وكنت رفيقه غالبا في تلك المحاضرات والندوات وله -رحمه الله- قدرة فائقة على التوفيق والإصلاح بين المختلفين ومما اشتهر من ذلك استطاعته جمع السفيرين الكويتي والعراقي في بيته أثناء شدة الخصومة بين الكويت والعراق خلال الاحتلال العراقي للكويت ما دعا الصحافة المصرية إلى نشر صورة السفيرين وهو بينهما في استغراب شديد وفي فترات معرض القاهرة للكتاب يكون حريصا أن أكون معه باستمرار وما أذكره عنه أيام وجوده في تونس رسالة مطولة أرسلها لي بشأن موضوع معين كان يبتغيه والرسالة ما زالت معي حتى الآن وبعد عودته إلى الوطن كنا على تواصل غير منقطع يدعوني لزيارته ببيته وأحيانا يفاجئني في بيتي فأسعد بزيارته.
ومن مآثره التي لا يمكن إغفالها إنشاء مكتبة باسم والده تضمنت بعض المخطوطات والكتب القديمة وكذلك دوره في تأسيس جامعة الشرقية التي أحاطها بالرعاية والاهتمام والتي أصبحت اليوم من بين أرقى الجامعات العمانية الخاصة ولا نستطيع حصر وتعداد ما قام به من إنجازات مهمة وهو قبل ذلك وبعده من محبي الثقافة والقراءة وحين يلقاه المرء يبادره بابتسامته العذبة المشرقة.
رحمه الله وكتب له الثواب والمغفرة وجزيل الإحسان.
أحمد الفلاحي أديب عماني