موسكو- سارعت روسيا إلى التعليق على الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل على الأراضي الإيرانية، في وقت مبكر من صباح اليوم السبت. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا إن على إسرائيل أن تتوقف عن استفزاز إيران، مضيفة أن بلادها تشعر بقلق شديد إزاء التصعيد المستمر بين طهران وتل أبيب.

وأكدت زاخاروفا أن موسكو على استعداد للعمل مع جميع الأطراف لخفض مستوى التصعيد والمواجهة، وتحث الأطراف المعنية على ضبط النفس ووقف العنف، داعية إياهم إلى "تجنب حصول سيناريو كارثي".

بموازاة ذلك، لقي الهجوم الإسرائيلي على إيران اهتماما كبيرا من جانب الخبراء والمراقبين الروس، وأكد عدد منهم للجزيرة نت أنه كان "متوقعا ومدروسا بدقة بشكل لا يؤدي إلى ردود أفعال انتقامية كبيرة من جانب طهران".

ضربة حذرة

برأي محلل الشؤون الإستراتيجية رولاند بيجاموف، توحي الضربة الإسرائيلية بأن تل أبيب أخذت بعين الاعتبار التهديدات التي صدرت في وقت سابق عن مسؤولين إيرانيين بخصوص حجم وشكل رد بلادهم إذا وُجهت إليها ضربة تطال بالدرجة الأولى مواقعها النفطية والنووية، الشيء الذي تجنبته إسرائيل بشكل واضح في هجومها.

وأضاف المتحدث -للجزيرة ت- أنه من حيث المبدأ، لا يستبعد أن تكون روسيا حذّرت إيران من طبيعة الهجوم الذي أعدته إسرائيل من خلال الوسائل المتوفرة لدى موسكو، بما في ذلك تقديم معلومات استخباراتية من الفضاء، لكنه أشار إلى أن طهران أيضا تملك هذه الوسائل وكانت مستعدة لهذا الهجوم.

ووفقا له، فقد بدا الهجوم الإسرائيلي مدروسا بدقة وعناية بحيث لا يشكل حرجا لإيران يدفعها للقيام برد انتقامي قد يفوق الهجوم الذي نفذته مطلع الشهر الحالي. ولا يوجد في واقع الحال طرف خاسر في هذه الضربة. فقد أظهرت إسرائيل القدرة على توجيه ضربات، وتمكنت واشنطن من لجمها عن القيام بخطوات أكثر تصعيدية، أما إيران فأظهرت أن هذه الضربات لم تؤد إلى أضرار جسيمة.

وحسب قول بيجاموف، فقد بقي السؤال الآن محصورا في ما إذا كانت إيران ستنضم إلى لعبة "القط والفأر" وستقوم برد ما، رغم أن كلا الطرفين -الإيراني والإسرائيلي- ما زال يتعامل بحذر شديد ويدرس بشكل دقيق كل خطوة يمكن أن يقوم بها.

رد غير متناسب

وتابع المحلل بيجاموف أن سلوك إسرائيل في الآونة الأخيرة يظهر أنها لم تعد تملك القدرة على توجيه ضربات "تدميرية" على دولة عظمى في الإقليم كإيران، مع الأخذ بعين الاعتبار تعثر عملياتها في غزة وعدم قدرتها على حسم الأوضاع فيها، وكذلك الحال أمام التعثر الواضح في عملياتها البرية في لبنان وتعرضها إلى خسائر في صفوف جنودها.

وحول الموقف الروسي، أوضح أن موسكو -بطبيعة الحال- لن تشارك في حرب مباشرة بين الطرفين، فضلا عن مساهمة يمكن أن تضطلع بها إذا قامت إيران برد على الضربة الإسرائيلية الأخيرة، وأنها ما زالت تتصرف في الوقت الحالي تحت سقف حماية قواعدها العسكرية في سوريا.

من جانبه، اعتبر الخبير في الشؤون الشرق أوسطية أندريه أونتيكوف أن الضربة الإسرائيلية لم تكن مفاجئة من زاوية مواصلة تل أبيب تجاوزها لكل الخطوط الحمراء في عملياتها العسكرية في غزة ولبنان، وما تخلل ذلك من استهداف للقنصلية الإيرانية في دمشق وعمليات اغتيال ضد مستشارين وقادة عسكريين إيرانيين.

وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن إسرائيل تحاول تثبيت قاعدة جديدة في النزاع مع طهران مفادها أن الكلمة الأخيرة تعود لها، لكن ردها العسكري الأخير لم يتناسب مع حجم الضربة الإيرانية لها من حيث الحجم والتأثير والقدرة على تثبيت قواعد اشتباك جديدة.

بهذا المعنى، يتابع أونتيكوف، تظهر إيران، وحلفاؤها في المنطقة صبرا استثنائيا، رغم أنها تتمتع بمبررات كثيرة لشن هجمات متتالية ضد إسرائيل، لكنها تقوم فعليا بممارسة ضغوط على الداخل الإسرائيلي عبر عمليات حلفائها في المنطقة، كأنصار الله في اليمن وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله. وهو ما أدى بشكل فعال إلى أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية حساسة في داخل إسرائيل تتراكم كل يوم.

أضرار هامشية

ويلفت الخبير الروسي أونتيكوف إلى أنه عشية الضربة الإسرائيلة الأخيرة، جرى بحث ضرب المنشآت النووية والنفطية الإيرانية. وأنه بالاستناد إلى تهديدات المسؤولين الإيرانيين حيال هذا الاحتمال، فإن الأضرار "الهامشية" التي تعرضت لها طهران تشير إلى أن إسرائيل كانت معنية بالدرجة الأولى بتحقيق ضجة إعلامية وتأثير نفسي يحفظ لها ماء الوجه ليس أكثر .

وحول وجود دور روسي في مد إيران بمعلومات استخباراتية وعسكرية استباقية حول الضربة، قال أونتيكوف إنه من الصعب تأكيد ذلك، لا سيما في ضوء غياب تصريحات رسمية من الجانب الروسي. لكن بالنظر إلى مستوى التعاون والتنسيق العالي بين البلدين عسكريا وتقنيا فإن هذا الاحتمال يبقى قائما ولا يمكن استبعاده.

وختم أن العلاقة التحالفية بين موسكو وطهران تتجاوز منطقة الشرق الأوسط، وأن إيران تشكل بالنسبة لروسيا حليفا إستراتيجيا في ملفات جيوسياسية كثيرة، بما في ذلك ما يتعلق بالأحداث في أوكرانيا وغيرها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الضربة الإسرائیلیة

إقرأ أيضاً:

إيران على خُطى إسرائيل لامتلاك النووي

قال موقع "زمن يسرائيل" الإسرائيلي، إنه في الوقت الذي يراقب العالم البرنامج النووي الإيراني، هناك وثائق رُفعت عنها السرية أخيراً تُلقي الضوء على الكيفية التي طورت بها إسرائيل قدراتها النووية في ستينيات القرن العشرين، تحت أنوف المفتشين، والمفارقة أن طهران ربما تكون الآن بصدد تقليد استراتيجية إسرائيل مع اقترابها من نقطة اللاعودة.

وأضاف "زمن يسرائيل"، في تحليل بعنوان "مشروع ديمونا والسر المخفي عن الاستخبارات الأمريكية"، أن الأنشطة النووية الإيرانية تتصدر عناوين الأخبار منذ سنوات، وعلى الرغم من ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى اقتراب طهران من إنتاج القنبلة.

إيران تهدد إسرائيل بـ "الوعد الصادق 3"https://t.co/kznhnL6KOH

— 24.ae (@20fourMedia) February 28, 2025
تضليل إسرائيلي

ويقول الموقع الإسرائيلي، إنه في ستينيات القرن العشرين، طورت إسرائيل القنبلة مع الحفاظ على السرية التامة تقريباً، بل وحتى ضللت الحكومة الأمريكية بشأن أفعالها وأهدافها. وكان أول رئيس وزراء إسرائيلي، ديفيد بن غوريون، هو الذي بادر إلى إطلاق المشروع النووي الإسرائيلي في النصف الثاني من خمسينيات القرن العشرين، وأنشأ المجمع النووي في ديمونا في وقت كانت فيه ثلاث دول فقط في العالم تمتلك الأسلحة النووية. وبعد مرور عقد من الزمان تقريباً، وعشية حرب عام 1967، قامت إسرائيل بتجميع أجهزتها النووية الأولى سراً.
ووفقاً للموقع، في مواجهة المعارضة الأمريكية القوية بقيادة الرئيس جون كينيدي، كان القادة الإسرائيليون عازمين على تحقيق هذا الهدف، ولقد نظروا إلى المشروع النووي باعتباره التزاماً بتأمين مستقبل إسرائيل، وكانت الجرأة والمكائد والخداع من الجوانب الأساسية في رحلة إسرائيل النووية التي لا هوادة فيها.


 أسرار "ديمونا"

وأشار "زمن يسرائيل" إلى أنه في يناير (كانون الثاني)، نشر أرشيف الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن مجلداً إلكترونياً جديداً يتضمن 20 وثيقة عن المشروع النووي الإسرائيلي، وتسلط هذه الوثائق الضوء على مدى معرفة الحكومة الأمريكية بالأسرار في ديمونا، والطرق التي أخفتها بها إسرائيل.
منذ البداية، نظر قادة إسرائيل إلى "مشروع ديمونا" باعتباره "سراً داخل سر"، وكان السر الأول هو الاتفاق النووي الإسرائيلي الفرنسي عام 1957، والذي أدى إلى إنشاء المجمع النووي، وقد تفاوضت الدولتان على الاتفاق بسرية تامة، إدراكا منهما لحساسية الموضوع. وكان هناك سر أعمق أيضاً، يتمثل في منشأة معالجة الوقود النووي تحت الأرض المكونة من ستة طوابق، أو كما كان يطلق عليها في كثير من الأحيان، منشأة فصل المواد الكيميائية، والتي سمحت بإنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة في سرية تامة، ولم يكن يعلم بوجود السر الثاني سوى عدد قليل من الجانبين، الإسرائيلي والفرنسي.
حتى الآن، تشير الأدلة إلى أن الولايات المتحدة عندما اكتشفت وجود "مشروع ديمونا" في الأشهر الأخيرة من عام 1960، لم تكن على علم بالسر الأعمق، وقد ركزت المناقشات الداخلية في الولايات المتحدة على محاولة تقييم طبيعة وأهداف المشروع، سواء كان إنتاج الأسلحة، أو توليد الكهرباء، أو الأبحاث.
ويقول الموقع، إنه على الرغم من أن البعض في واشنطن اشتبهوا في البداية بأن المشروع كان يهدف إلى إنتاج الأسلحة، فإنهم لم يتمكنوا من إثبات ذلك، فلم يكن هناك "دليل دامغ"، وبشكل عام، لم تكن الحكومة الأمريكية على علم بتفاصيل الاتفاق السري بين إسرائيل وفرنسا.
ويتضح هذا الغموض في أول تقييم استخباراتي خاص بشأن ديمونا أصدرته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 1960، حيث جاء في الوثيقة أن "إسرائيل منخرطة في بناء مجمع مفاعلات نووية في النقب، بالقرب من بئر سبع". وتوضح: "يمكن تفسير غرض المجمع بعدة طرق، بما في ذلك البحث، أو إنتاج البلوتونيوم، أو توليد الكهرباء، أو مزيج من هذه الأغراض".
وتقول الوثيقة أيضاً: "بناءً على جميع الأدلة المتاحة، فإن إنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة هو على الأقل أحد الأهداف الأساسية لهذا الجهد".


تقرير سري

وبحسب الموقع، فقد تم إعداد تقرير سري آخر، تم الكشف عنه مؤخرا تحت عنوان "إنتاج البلوتونيوم الإسرائيلي"، في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 1960، من قبل لجنة الاستخبارات المشتركة للطاقة الذرية. وتشير الوثيقة إلى أن المسؤولين الأمريكيين كانوا يعرفون المزيد، ولكن لم تشرح الوثيقة كيف توصلت اللجنة إلى هذا الاستنتاج، لكن مجرد ذكر  "منشأة فصل" يشير إلى أن الغرض من المفاعل في ديمونا لم يكن البحث النووي بل إنتاج الأسلحة، وربما تكون هذه الوثيقة هي التقرير الاستخباراتي الأمريكي الأول أو الوحيد، الذي ينص صراحة على أن المشروع الفرنسي الإسرائيلي شمل منذ البداية المكونين التكنولوجيين الأساسيين لبرنامج الأسلحة النووية، مفاعل إنتاج ومنشأة لفصل البلوتونيوم.
وتشير كافة التقييمات الاستخباراتية الأمريكية بشأن ديمونا، بين 1961 و 1967 على الأقل، إلى قضية "منشأة الفصل" باعتبارها مسألة تعتمد على قرار مستقبلي قد تتخذه إسرائيل، وفي واقع الأمر، ففي النصف الأول من ستينيات القرن العشرين، وحتى بعد ذلك، تبنت وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية صراحة موقفاً مفاده أن ديمونا لا تمتلك مثل هذه المنشأة.


تصريح بن غوريون

وفي تصريحه أمام الكنيست في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1960، ورداً على الضغوط الأمريكية، وافق بن غوريون على بناء المفاعل في ديمونا، لكنه أصر على أنه "مفاعل بحثي" يخدم احتياجات الصناعة والزراعة والطب والعلوم. وقال الموقع الإسرائيلي، إن تصريح بن غوريون أصبح بمثابة الأساس لقصة غطاء استخدمتها إسرائيل لسنوات في كل زيارة قام بها المفتشون الأمريكيون إلى ديمونا.
وبين عامي 1961 و1969، أجرى الأمريكيون عمليات تفتيش في ديمونا، سبع منها جرت بعد أن أجبر كينيدي إسرائيل على الموافقة على عمليات تفتيش منتظمة في عام 1963. وبالنسبة لكينيدي، كانت الزيارات تخدم غرضين، نقل الرسائل السياسية والوصول إلى المعلومات التكنولوجية، وواصل خليفته ليندون جونسون بذل هذه الجهود.
وأشار الموقع إلى أن الإصدار الجديد للأرشيف يتضمن التقارير الكاملة التي رفعت السرية عنها مؤخرا، بشأن زيارات عامي 1965 و1966، بالإضافة إلى تقرير أولي عن زيارة عام 1967، موضحاً أنه خلال هذه الفترة، حققت إسرائيل إنجازات كبيرة في المجال النووي.


السلاح النووي

في عام 1965، أكملت إسرائيل بناء منشأة الفصل السرية تحت الأرض؛ وفي عام 1966، بدأت في إنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة، وفي عشية حرب عام 1967، قامت بتجميع أجهزتها النووية الأولى، ورغم ذلك، فإن كافة التقارير الصادرة عن الزيارات الأمريكية خلال هذه الفترة أكدت عدم العثور على أي دليل مباشر أو غير مباشر على وجود نشاط مرتبط بالأسلحة النووية، وفي جميع هذه الزيارات الثلاث، كانت الفرق الأمريكية واثقة من استنتاجاتها.
وذكر الموقع، أن هناك العديد من الأسئلة المفتوحة حول هذا الأمر، فكيف يمكن تضليل العلماء الأمريكيين المحترفين والمهرة لسنوات عديدة؟، متى وكيف اكتشفت الولايات المتحدة الحقيقة بالضبط؟، وأخيراً، هل خُدعت كل عناصر الحكومة الأمريكية بالكامل، أم هناك من شعر بالحقيقة لكنه تجاهلها؟.

تقرير: تسليح الصين لإيران ينذر بنهاية سيئةhttps://t.co/7aHSiZJQKY

— 24.ae (@20fourMedia) February 26, 2025
على خُطى إسرائيل

ويقول الموقع، إنه من عجيب المفارقات أن إيران ربما تكون الآن تحاكي استراتيجية الستينيات التي انتهجها خصمها اللدود، فتقترب من القدرة على إنتاج الأسلحة النووية دون إجراء اختبارات، مضيفاً أنه ربما يكون حال طهران اليوم مماثلاً لوضع إسرائيل في عام 1967، أي على بعد أسابيع قليلة من امتلاك النووي.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعتقل مواطنا بتهمة التجسس لصالح إيران
  • رسميًا.. غياب كريستيانو رونالدو عن مواجهة الإستقلال في إيران
  • هل سيسافر رونالدو إلى إيران للمشاركة في مباراة النصر واستقلال طهران؟
  • الكرملين: واشنطن تعيد تشكيل جميع التوجهات الخارجية بسرعة بشكل يتوافق مع رؤية موسكو
  • تداعيات بقاء إيران في القائمة السوداء لمجموعة فاتف
  • خبير عسكري: إسرائيل تبنت عقيدة أمنية جديدة بعد فشلها الكبير في 7 أكتوبر
  • موسكو: إسقاط 3 مسيرات أوكرانية هاجمت محطة ضخ غاز تزود خط أنابيب التيار التركي
  • إذا قصفت إسرائيل إيران... هكذا سيكون ردّ حزب الله
  • إيران على خُطى إسرائيل لامتلاك النووي
  • هل اقتربت الحرب .. تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل وتهديدات بشأن النووي | تقرير