بعد إجازته طبيا.. هل اقترب المغرب من الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي؟
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
يقود نشطاء بالمغرب حملة ترافعية منذ أيام لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي (المعروف محليا بالكيف وهو نبتة يستخرج منها مخدر الحشيش)، وذلك بعد مرور 3 سنوات على مصادقة الحكومة على قانون يجيز زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.
حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أطلقها "المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي" و حراك "نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" باشرت في الأيام الأخيرة عقد لقاءات مع فرق برلمانية لجعل مسألة الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي قضية رأي عام والضغط من أجل وقف تجريمه.
استكمالا للقاء الذي جمع جانب من نشطاء دينامية "نداء من أجل فتح نقاش عمومي من أجل الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" انعقد...
Posted by Chakib AL Khayari on Wednesday, October 23, 2024وبهذه اللقاءات تكون الحملة قد مرت إلى مرحلة ثانية من هذا المسعى الذي انطلق أول مرة في يونيو عام 2023، أياما قليلة من إعلان السلطات المغربية عن الانطلاقة الرسمية لزراعة أول محصول من المادة موجه للاستخدام الطبي.
استقبل الاخ الرئيس الدكتور نورالدين مضيان مساء يومه الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 ، بمقر الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية...
Posted by Nouredin Moudian on Tuesday, October 22, 2024كما تأتي أيضا بعد نحو شهرين من إصدار العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا عن أكثر من 4800 من مزارعي القنب الهندي ممّن أدينوا أو يلاحقون بتهم تتعلّق بهذه الزراعة.
وقالت وزارة العدل حينها إنّ العفو الملكي شمل "4831 شخصا مدانين أو متابعين أو مبحوثا عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي"، وأوضحت أن هذه الخطوة ستمكن المشمولين به "من الاندماج في الاستراتيجية الجديدة التي انخرطت فيها الأقاليم المعنية في أعقاب تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي".
وظل القنب الهندي رغم منعه قانونيا منذ عام 1954 يُزرع في جبال الريف، شمال البلاد، ويستخرج منه مخدر الحشيش الذي يهرب إلى أوروبا، وفق ما أكدته تقارير دولية ومحلية.
قطاع مشغل وتوصيات رسمية
وفي عام 2020، صنف التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المغرب أول منتج لهذا المخدر في العالم.
وتقدر المساحة الاجمالية لزراعة القنب الهندي بالمغرب بـ71.424 هكتارا، وتنتشر بشكل خاص شمال البلاد وتحديدا في إقليمي شفشاون والحسيمة، وينتج الهكتار الواحد من هذه الزراعة 700 كيلوغرام من القنب، بينما يعيش 400 ألف شخص من هذا النشاط، وفق تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة رسمية).
وتنطلق حملة "100 عام من التجريم.. باركا (يكفي)" أيضا من توصيات مؤسسات دولية ومحلية دعت الدولة المغربية إلى التفكير في سن تشريعات تجيز الاستهلاك الشخصي للقنب الهندي أسوة بعدد من الدول حول العالم.
وجاء في تقرير أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عام 2020 أنه "ينبغي التفكير في تضمين الاستعمال الشخصي المقنن للقنب الهندي عبر قنوات توزيع خاصة وبكميات محددة وفي أماكن معينة".
وأضاف معدو التقرير "أنه ثمة توجها قويا على الصعيد الدولي، ولا سيما في أوروبا وإفريقيا، لتوسيع مجال الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي وهو ما سيمكن من القطع مع الممارسات الاستهلاكية غير المقننة الحالية التي تعرض الشباب لمخاطر على صعيد التوازن الذهني والنفسي والسلامة الصحية عموما".
بدورهم يرى المدافعون عن الاستخدام الترفيهي للمخدرات أن تقنينه يمكن أن يقلل من الإقبال على السوق السوداء لشرائها، ويزيد من المشتريات القانونية، ما ينتج عنه عائدات ضريبية مهمة للدولة.
أدرداك: التقنين سيخول للأفراد ممارسة عاداتهم بكل حرية
تعليقا على الموضوع، قال الشريف أدرداك، رئيس المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي إن الحملة تستهدف فتح نقاش وطني يرفع الحظر عن تعاطي القنب "سيما أن استهلاكه لا ينطوي على تأثيرات صحية سلبية مقارنة بالتبغ والكحول".
وأوضح أدرداك، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الحملة تنطلق أيضا من كون استهلاك هذه المادة "يشكل عنصرا ثقافيا مهما للمغاربة الذين ينتمي معظمهم للأمازيغ" مضيفا "هذا الأخير يعتبر أحد أهم الشعوب الأصلية في العالم، وهو الأمر الذي يخول له الحق في ممارسة عاداته وثقافته بكل حرية وفقا لمبادئ الأمم المتحدة".
وبالعودة إلى اللقاءات التي عقدها نشطاء الحراك مع بعض الفرق البرلمانية مؤخرا، أوضح أدرداك أن اجتماع الثلاثاء الماضي مع الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية (معارض) والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية (مشارك في التحالف الحكومي) بمجلس النواب "مثل نقطة انطلاقة مهمة لفتح هذا النقاش وقد توج اللقاءين بتعهد الفعاليتين السياسيتين بعرض هذا الموضوع على طاولة أحزاب أخرى".
وفي مقابل هذا المسعى يطرح أيضا السؤال حول مدى استعداد الدولة وعموم المغاربة لتقبل وضع تشريعات تبيح استهلاك القنب الهندي، رغم ترحيب الكثير من المواطنين بتقنين زراعته لاستعمالات طبية وصناعية.
ويرد أدرداك بالقول "أعتقد ان الدولة لا تعترض على مسألة تقنين الاستهلاك التقليدي للكيف في شقه الترفيهي، فقد سبق للجنة النموذج التنموي وكذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أوصوا بضرورة تقنين الكيف للاستعمال الترفيهي".
وتابع "كما أن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلاموي -والذي يعارض هذا التقنين- لم يعد له حضور مجتمعي أو سياسي مهم مما يعني غياب صوت معارض لهذا التوجه الذي أضحى عالميا خصوصا وأن العديد من الدول قننت الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي وكان خرها ألمانيا".
خياري: حرية فردية وعائدات اقتصادية
بدوره، يرى الناشط الحقوقي ومنسق الائتلاف من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، شكيب خياري، أنه آن الأوان لفتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب، مستعرضا مجموعة من الأسباب.
ويوضح خياري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الدعوة لفتح النقاش تأتي في سياق "حرمان" عدد من المزارعين شمال المغرب من رخص زراعة القنب بعد تقنينه.
وتابع "استحضرنا أيضا عنصرا كان غائبا في النقاش السابق وهو مستهلك القنب الهندي الترفيهي، وهي دعوة جاءت بالاستناد على توصيتين رفعتا إلى جلالة الملك، الأولى من مؤسسة عمومية دستورية وهي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأخرى من لجنة شكلها الملك وهي لجنة النموذج التنموي التي وضعت التصور التنموي الجديد للمغرب، ومضمون التوصيتين ضرورة إلغاء تجريم استهلاك القنب الهندي الترفيهي والاتجار فيه وفق كميات وأماكن واستعمالات محددة بدقة".
ووفق شكيب خياري، الذي حضر أيضا اللقاءات الأخيرة مع الفرق البرلمانية فالدعوة إلى فتح نقاش عام حول الاستعمال الترفيهي للقنب تعود لسنوات، مشيرا في هذا الصدد إلى حملة أطلقها عام 2008 انسجاما مع تقارير أممية.
ويضيف "بالنسبة لنا في المغرب، كان لا بد من التفكير في الحفاظ على زراعة القنب الهندي مع توجيه استعمالاته إلى استعمالات إيجابية تتوافق مع الاتفاقية الدولية بشأن المخدرات التي تعتبر المملكة المغربية طرفا فيها، على أن ذلك سيوفر بديلا للمزارعين الذين كانوا مضطرين للانخراط قسرا في حلقة الاتجار غير المشروع بالمخدرات".
وإلى جانب الانتصار للحرية الفردية في استهلاك القنب، يتوقع الناشط الحقوقي أيضا أن يعود التقنين بالكثير من النفع على اقتصاد البلاد وعلى كلفة علاج المدمنين.
وختم بالقول "نترافع من أجل فتح نقاش عمومي في المملكة المغربية للتفكير الجماعي في مدى إمكان استغلال هذه الإباحة في تقليص المخاطر الصحية ومكافحة الإدمان وفي ذات الوقت توفير بديل اقتصادي مشروع مكمل للاقتصاد الطبي والصناعي للقنب الهندي وكذا لاستفادة الدولة من مداخيل مهمة جراء ذلك، سواء من خلال تضريب الأرباح أو تقليص نفقات علاج أضرار الاستهلاك على الصحة".
المصدر: أصوات مغاربية
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الاقتصادی والاجتماعی والبیئی القنب الهندی من أجل
إقرأ أيضاً:
أيامُ الناس في مِكناس (01)
بصراحة وجدت في نفسي شيئًا عندما خاطبني موظف الاستقبال في القنصلية المغربية بجدة قائلا: استرح يا حاج. وكنت قدَّمت أوراقي لطلب تأشيرة دخول للمغرب. لم أدرك أن الرجل كان يخاطبني بأفضل كلمات التقدير عندهم: “يا حاج”…
سمعت في الرباط من يخاطب الدكتور المحجوب بنسعيد: يا حاج، والمحجوب ذو فراسة وظنٍّ لا يخطئ، قال لي من غير أن أسأل: من يناديك في المغرب يا حاج فقد احترمك غاية الاحترام.
هذا فأل حسن، فقد جئت إلى المغرب لكي أشارك بندوة في مكناس ببحث فيه ذكر الحج والحجيج: (أدب النادرة بين الحقيقة والتخييل كما يمثله كتاب من طرائف الحجيج).
وصلت إلى مطار الملك محمد الخامس بالدار البيضاء بعد طيران سبع ساعات من مدينة جدة. خرجت من مبنى المطار وكنت أخشى برودة الطقس ونحن في شهر نوفمبر لكني فوجئت باعتدال الجو. سألت عن المسجد كي أصلي الفجر فدلوني على مصلى صغير عبارة عن سقيفة تكفي لصفين من المصلين، ورأيت حجرا موضوعًا في المقدمة عرفت أنه للتيمم. هذا أول انطباع عن هذه البلاد واعتدالها: اعتدال في الجو واعتدال في النموذج المغربي للتدين.
نسمع بالوسطية فنراها متجذرة هنا… ترى ذلك في لافتات الشوارع المكتوبة باللغتين العربية والأمازيغية بخطوط وضيئة غير مبهرة، متوسطة الأحجام لا هي بالكبيرة جدا ولا بالصغيرة، وتحس بذلك في المظهر العام في الشارع، وإن كنت ترى في الطرقات وسير العربات “سلوكات غير مسؤولة “.
ولعل قيام هذه الندوة عن (الفكاهة والضحك) من أقوى علامات الاعتدال.
عندما كنت أتفاكر مع الدكتور رضوان بوخالدي الأستاذ بجامعة مولاي إسماعيل في كيفية حضور الندوة كان في ذهني أن موضوعها موضوع انصرافي، ولا سيما في زمان الحرب والنزوح هذا. ولكن أليس زمان الحرب والنزوح أدعى للتنويع وكسر الرتابة أو بتعبير أحدهم: تعليل النفس ببعض الأنس.
في الجلسة الافتتاحية للندوة استشهد الدكتور مصطفى الغرافي بفقرة للطيب صالح من عرس الزين: “يولد الأطفال فيستقبلون الحياة بالصريخ، هذا هو المعروف. ولكن يُروى أن الزين، والعهدة على أمه والنساء اللائي حضرن ولادتها، أول ما مسَّ الأرض، انفجر ضاحكاً، وظل هكذا طوال حياته”.
تكلم الكثيرون عن أهمية الضحك، يستدلون عليها بأقوال الحكماء والفلاسفة: قال سيدنا علي بن أبي طالب: “من كانت فيه دعابة فقد برئ من الكبر”. ويكتب الدكتور محمد عفط في بحثه المقدم للندوة أن النوادر ميل طبيعي في الإنسان، وأن اللجوء إليها يتوافق مع الطبيعة الإنسانية التي لا تقبل قسرها على نمط واحد”…
وينقل د. عفط عن أبي إسحاق ربطه الميل إلى الضحك والمفاكهة ببديع خلق الله حيث يقول: “الحمد لله الذي أضحك وأبكى، وأمات وأحيا، فعرفنا بلذة الفرح شدة الترح، وبحلاوة الحياة مرارة الوفاة”.
وللنادرة وظيفة مهمة هي التفريج عن الكربات. جمع أحد المؤلفين من المغرب أخيرًا كتابًا عن نوادر أهل المغرب سماه (نوادر الأكياس في تفريج كربات الناس)، ولعله أراد أن يثبت وجود الظرفاء أيضًا في تاريخ الأدب العربي بالمغرب، إذ المشهور أن المشرقيين وحدهم من حازوا قصب السبق في كتابة النوادر من أمثال الجاحظ وأبو حيان التوحيدي وابن قتيبة والأبشيهي صاحب المستطرف من كل فن مستظرف.
وأشار الدكتور رشيد وديجي إلى أن النادرة تمثيل سردي لمضمون اجتماعي وأخلاقي يهدف إلى ترسيخ السلوك السوي في المجتمع… بعبارة أخرى تكمن أهمية النادرة، بوصفها أداة لإصلاح النفوس والمجتمع وترسيخ القيم النبيلة والفاضلة في المجتمع… وتخليصه من عيوبه ونقائصه، عن طريق تكثيف الشعور بالازدراء والسخرية من الموضوع المسخور منه”.
ولا أريد الاستطراد بأكثر من هذا في الحديث عن الندوة، لكن أختم بنقطتين وردتا في بحث الدكتور عبد الرحيم وهابي: الأولى عن الموقف الديني المتشدد الذي يحظر الضحك في المسيحية على اعتبار أن المسيح عليه السلام لم يضحك قط، ويقارن ذلك بالإشارة إلى ضحك النبي صلى الله عليه وسلم ومزاحه ومزاح الصالحين ونوادر الفقهاء والعلماء المسطورة في كتبهم. والنقطة الثانية في أن الضحك مما تميز به الإنسان دون الحيوان.
صحيح هل رأيتم حيوانًا يضحك أو يبتسم؟!
(نتابع)
بقلم: عثمان أبوزيد
إنضم لقناة النيلين على واتساب