في تصعيد غير مسبوق في الصراع الإقليمي، نفذت القوات الإسرائيلية هجوماً جوياً معقداً على مواقع عسكرية إيرانية، مستغلةً طائرات F35 ومنظومات الدعم الأمريكي. 

هذا الهجوم، الذي قوبل بمقاومة قوية من الدفاعات الجوية الإيرانية، يُظهر تحولاً في المعادلة العسكرية في المنطقة ويثير تساؤلات حول العواقب المحتملة لهذه الخطوة.

وتحدث الوفد مع خبراء عسكريين بالدول العربية لقراءة الأحداث والتي قد تمثل بداية مرحلة جديدة من التوتر في المنطقة، فإن المخاوف من تصعيد ردود الفعل الإيرانية والاسرائيلية تظل قائمة.

في تصريحات للعميد الركن نضال زهوي، رئيس قسم الاستراتيجية العسكرية في مركز الدراسات الانتروستراتيجية في لبنان، أشار إلى أن الهجوم الإسرائيلي استهدف مراكز عسكرية استراتيجية في ثلاث محافظات إيرانية: طهران، خوزستان، وإيلام. 

الهجوم الذي استخدم فيه حوالي 100 طائرة حربية، تم بدعم من إمكانيات أمريكية، لكنه قوبل بفعالية من الدفاعات الجوية الإيرانية التي تصدت لـ90% من الهجمات الصاروخية و100% من الهجمات بالطائرات المسيرة.

"زهوي" أوضح أن هذه الضربة تعكس فعالية القدرات العسكرية الإيرانية في حماية أراضيها، حيث أظهرت نجاحاً ملحوظاً في صد الهجمات. 

كما أكد أن إيران تمتلك تفوقاً في سلاح الطائرات المسيرة، مما يجعلها قادرة على توجيه ضربات دقيقة ضد الأهداف الإسرائيلية.

وأشار إلى أن إيران تستطيع إيصال الصواريخ إلى الأراضي الفلسطينية بكفاءة تفوق تلك التي تمتلكها إسرائيل، مما يعكس توازن القوى المتغير في المنطقة.

 ردود الفعل

من جانب آخر، أكد الخبير العسكري الأردني نضال أبوزيد أن الهجوم الإسرائيلي جاء متوقعاً بعد زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي لقاعدة حتسريم، حيث تمركز مركز المحاكاة للطيارين. موضحا أن الطائرات الإسرائيلية استخدمت مساراً معقداً عبر الأجواء العراقية، حيث انطلقت من قاعدة نفاطيم الجوية.

 كما أشار إلى اكتمال انفتاح منظومة "ثاد" الأمريكية في النقب، مما يفسر توقيت الرد الإسرائيلي على إيران.

وذكر أنه تم استخدام طائرات F35 التي تحتاج إلى التزود بالوقود جواً، موضحًا أن المسافة التي قطعتها الطائرات الحربية الإسرائيلية تقدّر بنحو 6000 كم ذهاباً وإياباً، مما يدل على الحاجة إلى التزود بالوقود جواً. ويبدو أن الطائرات الأمريكية الموجودة في إحدى القواعد الخليجية قد ساهمت في عمليات التزود بالوقود خلال المهمة.

وأبرز أبوزيد أن حاملات الطائرات الأمريكية "أيزنهاور" الموجودة في الخليج العربي و"أبراهام لينكولن" في البحر الأحمر قد وفرت الدعم اللوجستي والاستخباري والتأمين الاتصالات اللازمة أثناء العملية الإسرائيلية، مما يدل على التخطيط الدقيق والإعداد المسبق لهذه العملية.

 المخاوف من التصعيد

أشار أبوزيد إلى أن الضربة الإسرائيلية استهدفت عدة مواقع حساسة، بما في ذلك موقع للصواريخ الباليستية في محافظة سمنان جنوب طهران وموقع في محافظة كرج يُعتقد أنه لموقع رادار للدفاع الجوي. هذا التركيز على الأهداف الاستراتيجية يعكس نية إسرائيل في الحد من القدرات العسكرية الإيرانية قبل تصعيد محتمل.

فيما أعرب "زهوي" عن قلقه من أن هذه الخطوة قد تُشجع إسرائيل على تنفيذ عمليات أكثر إيلاماً في المستقبل. 

وتنبأ بأن إيران ستجد نفسها أمام خيار واحد: الرد بقوة أعنف من الرد السابق. هذا يعني أن المنطقة قد تدخل في دوامة جديدة من الصراع، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية.

فيما يتعلق بالعلاقات الدولية، أشار أبوزيد إلى أن الولايات المتحدة تلعب دوراً مهماً في ضبط التصعيد، حيث تسعى للحفاظ على استقرار الإمدادات النفطية في المنطقة وحماية قواتها المنتشرة في جنوب غرب آسيا.

 وتوقع أبوزيد أن الضربة جاءت ضمن إطار الأهداف المحددة بالضوابط الأمريكية، مما يعني أن إيران قد استوعبت الضربة أو قبلت بحجم رد محدود.

يبدو أن التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران قد دخل مرحلة جديدة، حيث تتزايد احتمالات ردود الفعل المتبادلة. 

بينما تستمر الأطراف في تقييم خياراتها، تظل المنطقة في حالة ترقب، مع وجود مخاوف من تصاعد النزاع إلى مستويات أكثر خطورة. 

إن التوترات الحالية قد تؤدي إلى تحولات جذرية في العلاقات الإقليمية، مما يتطلب حلاً دبلوماسياً سريعاً قبل فوات الأوان.

الخبير العسكري الأردني نضال أبوزيدالعميد الركن  نضال زهوي رئيس قسم الاستراتيجية والعسكرية بلبنان

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الصراع الإقليمي القوات الإسرائيلية مواقع عسكرية إيرانية الدفاعات الجوية الإيرانية لبنان إيران الأراضى الفلسطينية إسرائيل فی المنطقة أن إیران إلى أن

إقرأ أيضاً:

انتصار غزة.. حين تتحول التضحيات إلى حرية

في ليلةٍ امتزج فيها الألم بالأمل، وفي صباحٍ أشرقت فيه شمس الصمود، كتب الشعب الفلسطيني بدمائه وتضحياته فصلاً جديداً في تاريخ الحرية. خمسة عشر شهراً من الإبادة الجماعية والعدوان الوحشي لم تكسر عزيمة غزة، بل صنعت نصراً لم يكن مجرد تفوق عسكري، بل منعطفاً استراتيجياً غيّر موازين الصراع، وأعاد رسم معادلة الشرق الأوسط بدماء الشهداء وإرادة المقاومين الأحرار.

منذ اللحظة الأولى للعدوان، راهن الاحتلال على أن غزة ستنهار في أيام، وأن المقاومة ستستسلم خلال أسابيع، لكنه لم يدرك أن هذه الأرض الصغيرة تختزن قلوباً بحجم السماء، وأن من يسكنها ليسوا مجرد أرقام في قائمة الضحايا، بل رجال ونساء يكتبون التاريخ بصلابتهم وثباتهم.

لكن مع مرور الأيام، بدأت حسابات العدو تتهاوى أمام صمود غير مسبوق، فبدلاً من أن ينكسر الفلسطينيون تحت القصف والحصار، ازدادوا تصميماً على المواجهة، وتحولت الأزقة المدمرة إلى معاقل للمقاومة، مما أجبر الاحتلال على إعادة تقييم استراتيجيته الفاشلة.

لم يكن هذا الصمود محصوراً بين غزة والاحتلال فقط، بل امتد تأثيره إلى ميادين المواجهة الأوسع. وبينما كانت المقاومة الفلسطينية تخوض معركتها بشجاعة نادرة داخل القطاع، كانت جبهات الإسناد تبعث برسائل حاسمة من خارج الحدود.

من لبنان إلى اليمن، ومن العراق إلى إيران، توالت المواقف العملية، لتتحول المواجهة من حرب محصورة جغرافيًا إلى صراع إقليمي شامل، مما فرض على الاحتلال معادلة جديدة لم يكن مستعداً لها.

على مدار خمسة عشر شهراً، استُخدمت كل وسائل القمع والإبادة الجماعية، حيث استهدف الاحتلال المدارس، والمستشفيات، والأسواق، وحتى الملاجئ، محاولاً إبادة الحياة قبل المقاومة. ومع ذلك، لم يجد العدو أمامه سوى شعب يقاتل الجوع والقصف والتخاذل الدولي، دون أن يتراجع خطوة واحدة عن حقوقه المشروعة.

لكن في لحظة فارقة، وجد الاحتلال نفسه أمام حقيقة صادمة: المقاومة لم تنتهِ، غزة لم تسقط، و”اليوم التالي للحرب” لم يكن يوم انتصار إسرائيلي، بل يوماً فلسطينياً بامتياز.

اليوم، بينما تعم الاحتفالات في غزة، يدرك الجميع أن هذا ليس نهاية الطريق، بل بداية مرحلة أكثر حساسية في الصراع. فبرغم الهزيمة المدوية التي لحقت بالاحتلال، لن يستسلم بسهولة، وسيسعى لإعادة ترتيب أوراقه، لكن المقاومة أثبتت أنها لم تعد مجرد كيان داخل غزة، بل باتت جزءاً من منظومة إقليمية أقوى من أي وقت مضى.

لم يعد بإمكان الاحتلال أن يختبر صبر المقاومة أو يتجاهل امتدادها الإقليمي، فالمعادلة تغيّرت جذريًا، وأصبح أي عدوان جديد على فلسطين يعني اشتعال جبهات متعددة.

من الصواريخ التي وصلت إلى تل أبيب، إلى الضربات البحرية التي شلّت الملاحة في البحر الأحمر، ومن المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، إلى الغضب الشعبي في الشوارع العربية والإسلامية، كان الرد واضحًا: كل محاولة إسرائيلية لكسر غزة ستؤدي إلى زلزال يضرب الاحتلال من كل الاتجاهات.

لم يكن هذا النصر مجرد إنجاز ميداني، بل إعادة إحياء للأمل بأن فلسطين لن تبقى محتلة إلى الأبد، وأن المقاومة ليست مجرد خيار، بل قدر لا مفر منه في معركة استعادة الحقوق.

لقد أثبت الفلسطينيون، مرةً أخرى، أن الشعوب لا تُهزم بالقنابل، وأن الاحتلال مهما طال، مصيره إلى زوال. فعلى الرغم من الركام، ودموع الأمهات، وصراخ الأطفال، خرجت غزة أقوى وأصلب، وأكثر إيماناً بأن النصر الحقيقي ليس في عدد القتلى أو حجم الدمار، بل في بقاء الإرادة التي لا تنكسر.

اليوم، يحتفل العالم الحر بانتصار غزة، لكن في قلوب المقاومين، هذه ليست النهاية، بل بداية نحو فجرٍ جديد، فجرٌ لا مكان فيه لمحتل، ولا مستقبل فيه لمن اعتقد أن القوة وحدها تصنع التاريخ.

غزة أثبتت أن الدماء تصنع النصر، وأن التضحيات تفتح أبواب الحرية، وأن شعبًا لم ينكسر تحت الحصار، لن ينكسر أبدًا حتى يرى وطنه محررًا من الاحتلال.

هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل إعلان بأن الاحتلال الإسرائيلي بدأ رحلته نحو النهاية المحتومة.

مقالات مشابهة

  • فورين بوليسي: ترامب يعود لممارسة أقصى الضغوط على إيران‎
  • رئيس الاستخبارات الإسرائيلية يحذر من خطة ترامب.. ستشعل المنطقة
  • في مرمى النيران: هل تتحول العقوبات على إيران إلى كارثة كهربائية؟
  • بالفيديو.. تدشين أول «حاملة طائرات مسيّرة» محلية الصنع في إيران
  • الضربة الأميركية ضد تنظيم الدولة بالصومال.. التوقيت والمضامين
  • بزشكيان: إيران لا تسعى للسلاح النووي وترفض سياسة القتل والدمار
  • مصر.. آرسين فينغر يطلق شرارة بدء مشروع "اكتشاف المواهب"
  • إيران: خطة ترامب بشأن غزة استمرار للمحاولات الإسرائيلية لإبادة الأمة الفلسطينية
  • انتصار غزة.. حين تتحول التضحيات إلى حرية
  • خلافات تتحول إلى رصاص ودم في بغداد