دور الصين في حل نزاعات الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
لقد شهدت القمة السادسة عشرة لمجموعة البريكس، التي اختتمت مؤخرا فـي مدينة قازان الروسية، تعميق التعاون العالمي، مع تعزيز سياسة الصين فـي الشرق الأوسط للاستقرار الإقليمي كجزء من سياستها الخارجية الأوسع لدعم التنمية فـي جميع أنحاء الجنوب العالمي.
لقد كانت منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية كبيرة بالنسبة للصين، وهي تحتل مكانة عالية على جدول أعمال السياسة الخارجية للبلاد.
وتهدف الصين إلى الإسهام فـي استقرار الشرق الأوسط من خلال تعميق التعاون الاقتصادي مع المنطقة، والذي قد يكون بمثابة قوة توازن بين الصراعات الجارية، وحتى تساعد فـي إنهائها.
إن التعاون الاقتصادي بين الصين والدول والمناطق الأخرى يقوم على المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، بما فـي ذلك المنفعة المتبادلة وعدم التدخل فـي الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فضلاً عن مبدأ حل الأزمات والمشاكل السياسية بالوسائل السياسية. إن مقترحات الصين وجهودها الرامية إلى بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية تدفعها إلى استغلال كل فرصة ممكنة للتوسط فـي السلام بين الأطراف المتحاربة فـي مناطق مختلفة والمساعدة فـي حل الصراعات والنزاعات من خلال المفاوضات. كما بدأت الصين فـي بذل جهود مشتركة للتعامل مع بعض الأزمات والقضايا السياسية والأمنية.
يُعـدّ «التعاون القائم على المصالح» حجر الزاوية فـي السياسة الخارجية الصينية، حيث يشكل نهجها فـي التعامل مع العلاقات الدولية، وخاصة فـي الشرق الأوسط. ويدعم إطار التعاون القائم على المصالح العديد من المبادرات الصينية، بما فـي ذلك مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى تحسين الاتصال وتعزيز التنمية الاقتصادية عبر المناطق من خلال بناء وتنشيط مرافق البنية الأساسية وطرق التجارة التي تربط الصين بالشرق الأوسط والمناطق الأخرى.
وتعمل الصين أيضا على تعزيز التعاون مع بلدان أخرى فـي مجال نقل التكنولوجيا لتعزيز الصناعات المحلية، وتعزيز الشراكات فـي مجال النفط والغاز لضمان الإمداد السلس بالطاقة. ولكن العامل الأكثر أهمية الذي يحدد دور الصين فـي الشرق الأوسط والمناطق الأخرى هو جهودها الرامية إلى تطوير نظام عالمي أكثر عدالة وإنصافاً. ويركز الخطاب الصيني على تطبيق مبدأ العدالة، وخاصة فـي حالة الشعب الفلسطيني.
تدافع الصين عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتضع نفسها فـي موقف الداعم لقضيته ضد الظلم الواقع عليه. ويتماشى موقفها مع رؤيتها الشاملة المتمثلة فـي ضمان احترام سيادة جميع البلدان وسلامة أراضيها.
ومن هنا فإن نهج الصين يتلخص فـي إيجاد التوازن بين المصالح والمبادئ. وفـي حين تحرص الصين على حماية مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، فإنها تسعى إلى تعزيز قيم العدالة والمساواة وحماية حقوق الإنسان. ويشكل الالتزام بحل الأزمات، وخاصة فـي الشرق الأوسط، أحد أبرز مكونات السياسة الخارجية الصينية.
وفـي محاولة بكين حل الأزمات فـي الشرق الأوسط، تستند تحركاتها على عدة محددات رئيسية، بما فـي ذلك الحفاظ على الاستقرار، وموازنة العلاقات، واستخدام الدبلوماسية لمعالجة المشاكل. ولطالما دعت الصين إلى الحوار للمساعدة فـي حل النزاعات فـي الشرق الأوسط، وحثت جميع الأطراف على ممارسة ضبط النفس وتجنب اتخاذ إجراءات من شأنها أن تزيد من تصعيد التوترات.
الحقيقة الماثلة للعيان أن الصين أصبحت تبذل جهودًا لاستعادة السلام فـي الشرق الأوسط، عندما توسطت بنجاح فـي التقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران فـي مارس 2023. وكانت هذه أول وساطة حقيقية بمساعدة الصين بين بلدين فـي الشرق الأوسط.
وكانت مبادرة السلام الأخرى التي اتخذتها الصين هي جمع 14 فصيلاً فلسطينياً، والتي وقعت على إعلان بكين فـي يوليو وتعهدت بحل خلافاتها، والعمل معًا لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وفـي حين تقوم الصين بدور أكبر فـي حماية الأمن العالمي، فإنها تحاول حل الصراع الدائر فـي السودان. وقد حثت الأطراف المتحاربة على الاتفاق على وقف إطلاق النار وإجراء حوار لإيجاد سبل استعادة السلام فـي المنطقة. وحثت المجتمع الدولي على تقديم الدعم للسودان ومنع التدخل الأجنبي فـي الشؤون الداخلية للسودان ورفع العقوبات المفروضة عليه.
وحظيت جهود الصين فـي الشرق الأوسط بترحيب من دول المنطقة، لأنها تهدف إلى حل الخلافات عبر الحوار. ولكن لا تزال هناك تحديات تحتاج إلى معالجة، بما فـي ذلك التحديات السياسية التي يواجهها العالم العربي بسبب تصعيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
إنّ استراتيجية التعاون القائم على المصالح التي تنتهجها الصين تؤكد على التزامها بتعزيز الشراكات الفاعلة فـي الشرق الأوسط فـي حين تدعو فـي الوقت نفسه إلى تطبيق العدالة فـي القضايا الحرجة.
رنا محمد أستاذة مشاركة للعلوم السياسية بجامعة قناة السويس، مصر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فـی الشرق الأوسط بما فـی ذلک الصین فـی
إقرأ أيضاً:
استطلاع: الأميركيون قلقون من توسع الصراع في الشرق الأوسط
أظهر استطلاع حديث للرأي أن العديد من الناخبين الأميركيين يشعرون بالقلق من احتمال تصاعد الصراع الدائر في الشرق الأوسط وتحوله إلى حرب إقليمية شاملة.
وأعرب نحو نصف المستطلعة آراؤهم عن قلق "بالغ" أو "جدا" بشأن احتمال نشوب حرب أوسع في المنطقة، بحسب ما نقلت وكالة الأسوشيتد برس.
وعلى الرغم من وجود قلق بشأن تزايد الصراع، وفقا للاستطلاع الذي أجراه مركز "إيه بي – نورك" لأبحاث الشؤون العامة، فإن عددا أقل من الناخبين، حوالي 4 من كل 10، يشعرون بالقلق من انجرار الولايات المتحدة إلى حرب في الشرق الأوسط.
وأجري هذا الاستطلاع قبل الضربة الإسرائيلية ضد إيران يوم الجمعة الماضي.
وأصبح الصراع في الشرق الأوسط قضية رئيسية في الحملات الانتخابية الأميركية حيث يحاول الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس كسب الناخبين المسلمين واليهود في الولايات التي تشهد منافسة مثل ميشيغان وبنسلفانيا.
وعلى الرغم من أن الديمقراطيين والجمهوريين يشعرون بالقلق على نحو مماثل بشأن احتمال توسع الحرب، فإنهم يختلفون بشأن من يتحمل المسؤولية عن التصعيد الأخير.