لجريدة عمان:
2025-04-07@15:55:16 GMT

دور الصين في حل نزاعات الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT

ترجمة: بدر بن خميس الظفري -

لقد شهدت القمة السادسة عشرة لمجموعة البريكس، التي اختتمت مؤخرا فـي مدينة قازان الروسية، تعميق التعاون العالمي، مع تعزيز سياسة الصين فـي الشرق الأوسط للاستقرار الإقليمي كجزء من سياستها الخارجية الأوسع لدعم التنمية فـي جميع أنحاء الجنوب العالمي.

لقد كانت منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية كبيرة بالنسبة للصين، وهي تحتل مكانة عالية على جدول أعمال السياسة الخارجية للبلاد.

وهي واحدة من أكثر المناطق أهمية من الناحية الجيوسياسية فـي العالم. ويتضح أن الصين تولي اهتماما كبيرا للشرق الأوسط فـي التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري والثقافـي والتكنولوجي بين الصين ودول المنطقة.

وتهدف الصين إلى الإسهام فـي استقرار الشرق الأوسط من خلال تعميق التعاون الاقتصادي مع المنطقة، والذي قد يكون بمثابة قوة توازن بين الصراعات الجارية، وحتى تساعد فـي إنهائها.

إن التعاون الاقتصادي بين الصين والدول والمناطق الأخرى يقوم على المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، بما فـي ذلك المنفعة المتبادلة وعدم التدخل فـي الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فضلاً عن مبدأ حل الأزمات والمشاكل السياسية بالوسائل السياسية. إن مقترحات الصين وجهودها الرامية إلى بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية تدفعها إلى استغلال كل فرصة ممكنة للتوسط فـي السلام بين الأطراف المتحاربة فـي مناطق مختلفة والمساعدة فـي حل الصراعات والنزاعات من خلال المفاوضات. كما بدأت الصين فـي بذل جهود مشتركة للتعامل مع بعض الأزمات والقضايا السياسية والأمنية.

يُعـدّ «التعاون القائم على المصالح» حجر الزاوية فـي السياسة الخارجية الصينية، حيث يشكل نهجها فـي التعامل مع العلاقات الدولية، وخاصة فـي الشرق الأوسط. ويدعم إطار التعاون القائم على المصالح العديد من المبادرات الصينية، بما فـي ذلك مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى تحسين الاتصال وتعزيز التنمية الاقتصادية عبر المناطق من خلال بناء وتنشيط مرافق البنية الأساسية وطرق التجارة التي تربط الصين بالشرق الأوسط والمناطق الأخرى.

وتعمل الصين أيضا على تعزيز التعاون مع بلدان أخرى فـي مجال نقل التكنولوجيا لتعزيز الصناعات المحلية، وتعزيز الشراكات فـي مجال النفط والغاز لضمان الإمداد السلس بالطاقة. ولكن العامل الأكثر أهمية الذي يحدد دور الصين فـي الشرق الأوسط والمناطق الأخرى هو جهودها الرامية إلى تطوير نظام عالمي أكثر عدالة وإنصافاً. ويركز الخطاب الصيني على تطبيق مبدأ العدالة، وخاصة فـي حالة الشعب الفلسطيني.

تدافع الصين عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتضع نفسها فـي موقف الداعم لقضيته ضد الظلم الواقع عليه. ويتماشى موقفها مع رؤيتها الشاملة المتمثلة فـي ضمان احترام سيادة جميع البلدان وسلامة أراضيها.

ومن هنا فإن نهج الصين يتلخص فـي إيجاد التوازن بين المصالح والمبادئ. وفـي حين تحرص الصين على حماية مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، فإنها تسعى إلى تعزيز قيم العدالة والمساواة وحماية حقوق الإنسان. ويشكل الالتزام بحل الأزمات، وخاصة فـي الشرق الأوسط، أحد أبرز مكونات السياسة الخارجية الصينية.

وفـي محاولة بكين حل الأزمات فـي الشرق الأوسط، تستند تحركاتها على عدة محددات رئيسية، بما فـي ذلك الحفاظ على الاستقرار، وموازنة العلاقات، واستخدام الدبلوماسية لمعالجة المشاكل. ولطالما دعت الصين إلى الحوار للمساعدة فـي حل النزاعات فـي الشرق الأوسط، وحثت جميع الأطراف على ممارسة ضبط النفس وتجنب اتخاذ إجراءات من شأنها أن تزيد من تصعيد التوترات.

الحقيقة الماثلة للعيان أن الصين أصبحت تبذل جهودًا لاستعادة السلام فـي الشرق الأوسط، عندما توسطت بنجاح فـي التقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران فـي مارس 2023. وكانت هذه أول وساطة حقيقية بمساعدة الصين بين بلدين فـي الشرق الأوسط.

وكانت مبادرة السلام الأخرى التي اتخذتها الصين هي جمع 14 فصيلاً فلسطينياً، والتي وقعت على إعلان بكين فـي يوليو وتعهدت بحل خلافاتها، والعمل معًا لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وفـي حين تقوم الصين بدور أكبر فـي حماية الأمن العالمي، فإنها تحاول حل الصراع الدائر فـي السودان. وقد حثت الأطراف المتحاربة على الاتفاق على وقف إطلاق النار وإجراء حوار لإيجاد سبل استعادة السلام فـي المنطقة. وحثت المجتمع الدولي على تقديم الدعم للسودان ومنع التدخل الأجنبي فـي الشؤون الداخلية للسودان ورفع العقوبات المفروضة عليه.

وحظيت جهود الصين فـي الشرق الأوسط بترحيب من دول المنطقة، لأنها تهدف إلى حل الخلافات عبر الحوار. ولكن لا تزال هناك تحديات تحتاج إلى معالجة، بما فـي ذلك التحديات السياسية التي يواجهها العالم العربي بسبب تصعيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

إنّ استراتيجية التعاون القائم على المصالح التي تنتهجها الصين تؤكد على التزامها بتعزيز الشراكات الفاعلة فـي الشرق الأوسط فـي حين تدعو فـي الوقت نفسه إلى تطبيق العدالة فـي القضايا الحرجة.

رنا محمد أستاذة مشاركة للعلوم السياسية بجامعة قناة السويس، مصر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فـی الشرق الأوسط بما فـی ذلک الصین فـی

إقرأ أيضاً:

نجل حفتر في تركيا لتوقيع اتفاقات عسكرية.. ما المصالح التي تربط الطرفين؟

طرحت الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس أركان القوات البرية التابعة لقوات حفتر، صدام حفتر، إلى تركيا بعد دعوته رسميا من أنقرة بعض التساؤلات حول طبيعة المصالح والاتفاقات الجديدة بين تركيا وقوات حفتر وتأثير ذلك على علاقة أنقرة بحكومة "الدبيبة".

وزار صدام نجل اللواء الليبي، خليفة حفتر أنقرة التقى خلالها رئيس أركان القوات البرية التركية، سلجوق بيراكتار أوغلو، ثم بعدها وزير الدفاع التركي، يشار غولر وعددا من المسؤولين العسكريين.

"حفاوة واستقبال عسكري"
والملفت في الزيارة هي حفاوة الاستقبال الرسمي الذي لقيه صدام حفتر من قبل الجانب التركي، حيث تم استقباله بعزف النشيد الوطني وعرض عسكري رسمي في وجود كبار القادة في الجيش التركي، كما تم استقباله في مقر رئاسة القوات البرية التركية بمنطقة جانكايا في العاصمة التركية "أنقرة".
????️ 4 Nisan 2025

Libya Ulusal Ordusu Kara Kuvvetleri Komutanı Korgeneral Saddam Khalifa Haftar ve beraberindeki heyet, Kara Kuvvetleri Komutanı Orgeneral Selçuk Bayraktaroğlu’nu ziyaret etti. #MillîSavunmaBakanlığı pic.twitter.com/ktk9jyFg51 — T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) April 4, 2025
وسبق أن زار صدام حفتر مدينة اسطنبول لحضور فعاليات معرض "ساها إكسبو 2024" الدولي للدفاع والفضاء في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، التقى خلالها وزير الدفاع التركي دون ذكر تفاصيل اللقاء.
مراقبون رأوا أن الخطوة جاءت بدعم أمريكي كون واشنطن ترى أن تركيا شريك إقليمي موثوق يمكن الاعتماد عليها في المنطقة، كما أن التنسيق والتواصل تم بتوافق مصر؛ الحلف الأبرز للمشير حفتر.
فما تداعيات هذه الزيارة ودلالة الاستقبال الرسمي الكبير الذي لقيه صدام حفتر؟ وما طبيعة الاتفاقات التي سيوقعها؟


"خطوة مفصلية ودلالات عسكرية"
من جهته، أكد الباحث الليبي في شؤون الأمن القومي، محمد السنوسي أن "زيارة صدام حفتر إلى تركيا تمثل خطوة مفصلية تحمل دلالات سياسية وعسكرية مهمة، وهذه الزيارة تشير إلى انفتاح تركي غير مسبوق على المؤسسة العسكرية في الشرق الليبي، وربما تعني اعترافاً عملياً بدور القيادة العامة (قوات حفتر) كطرف أساسي في المشهد الليبي، خاصة وأن رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح وأعضاء فاعلين بالمجلس قد قاموا بزيارات لأنقرة في أوقات سابقة، وهم من منحوا الشرعية للمؤسسة العسكرية بشرق البلاد".

وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "الحديث عن توقيع اتفاقات عسكرية بين الجانبين، إن تأكد، يعني أننا أمام بداية مرحلة جديدة من الواقعية السياسية التركية تجاه ليبيا، قائمة على التعامل مع كل الفاعلين على الأرض، وليس الاكتفاء بدعم طرف واحد، خاصة وأن جزء مهم من مصالح تركيا الاستراتيجية تقع قبالة الجزء الشرقي من الجغرافيا الليبية، التي يسيطر عليها الجيش الذي مثله صدام في زيارته بالإضافة إلى ملفات اقتصادية تتعلق بإعادة الإعمار"، وفق تقديره.

وأضاف: "من ناحية أخرى ربما هذا التقارب مدفوع بتأييد من الولايات المتحدة الأمريكية لتحجيم النفوذ الروسي بشرق ووسط وجنوب البلاد، كما أن هذا التقارب قد يُعيد تشكيل خريطة التحالفات داخل ليبيا، ويُمهّد لدور تركي أكثر توازناً في المرحلة المقبلة، وهو ما قد ينعكس على فرص التهدئة والتسوية السياسية في البلاد. التي اعتقد أنها تميل لمصلحة القيادة العامة، في ظل عجز الشطر الغربي من البلاد عن إنتاج أي مؤسسة عسكرية أو أمنية احترافية"، حسب رأيه.

"تحول استراتيجي وبراجماتية تركية"
في حين رأى مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديمتري بريدجيه أن "الزيارة والاستقبال العسكري الرسمي الذي حظي به صدام حفتر، تمثل تحوّلًا استراتيجيًا في موقف أنقرة تجاه معسكر الشرق الليبي، والخطوة تعكس اعترافًا غير مباشر بشرعية القيادة العامة الليبية بقيادة خليفة حفتر".

وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "الخطوة تفتح الباب أمام تعاون عسكري محتمل بين الطرفين، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ بدء النزاع الليبي، وهذه الزيارة تحمل دلالات عميقة فهي مؤشر على براجماتية السياسة التركية، التي تسعى اليوم إلى إعادة تموضعها في المشهد الليبي بما يضمن مصالحها الأمنية والاقتصادية، خصوصًا في ظل الجمود السياسي وانقسام السلطة بين الشرق والغرب"، وفق رأيه.

وتابع: "التقارب قد يكون مدفوعًا بحسابات إقليمية جديدة، منها التوازن مع الحضور المصري الإماراتي في الشرق الليبي، والرغبة في لعب دور الوسيط القادر على التحدث مع كافة الأطراف، غير أن هذا الانفتاح قد ينعكس سلبًا على علاقتها بحلفائها التقليديين في غرب ليبيا، ما لم تحافظ أنقرة على توازن دقيق بين دعمها السابق وواقع النفوذ الجديد".


"رسائل متعددة الأبعاد"
الناشط السياسي من الشرق الليبي، أحمد الفضلي قال من جانبه إن "الزيارة تكشف عن رسائل متعددة الأبعاد على المستويين الليبي والإقليمي، فالزيارة تعبّر عن اعتراف تركي غير مباشر بشرعية القيادة العامة كمؤسسة عسكرية قائمة وفاعلة في شرق البلاد، ما يمثل تحوّلًا جوهريًا في موقف أنقرة، التي كانت إلى وقت قريب تُصنّف قوات حفتر كطرف خصم في المعادلة الليبية، وتدعم بشكل واضح معسكر الغرب الليبي سياسيًا وعسكريًا".

وأكد أنه "على صعيد الأهداف فإن التقارب الحالي يبدو مدفوعًا بحسابات براجماتية من الجانبين، تركيا تسعى إلى توسيع نفوذها الاقتصادي في الشرق الليبي، خاصة في مجالات إعادة الإعمار، والطاقة، والبنية التحتية، وبالمقابل، تسعى القيادة العامة إلى كسر العزلة الدولية والإقليمية المفروضة عليها، وفتح قنوات تعاون جديدة تعزز من قدراتها العسكرية، وتمنحها هامشًا أكبر في التوازنات السياسية"، وفق قوله.

وتابع: "أما المصالح المشتركة فتتمثل في ملفات حساسة مثل مكافحة الإرهاب، أمن الحدود الجنوبية، الهجرة غير الشرعية، وتوازن النفوذ الإقليمي في ليبيا بين تركيا ودول أخرى كروسيا، مصر، والإمارات كما أن هناك رغبة تركية في ضمان استمرار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في المتوسط، وهو أمر يتطلب الحد الأدنى من التنسيق مع الشرق الليبي"، حسب تصريحه لـ"عربي21".

مقالات مشابهة

  • أسواق الشرق الأوسط تتهاوى تحت وطأة الرسوم الأمريكية وهبوط في أسعار النفط
  • ترامب: الصين التي تنهار أسواقها كسبت ما يكفي عبر استغلالنا
  • ثمن التوسع: من أوكرانيا إلى غزة
  • 1600 جهة عارضة في معرض الشرق الأوسط للطاقة
  • كيف غيّرت حرب صدام مع إيران وجه الشرق الأوسط واقتصاد العالم؟
  • وزير الخارجية يستقبل وفدًا من منظمة “كنائس من أجل السلام في الشرق الأوسط”
  • نجل حفتر في تركيا لتوقيع اتفاقات عسكرية.. ما المصالح التي تربط الطرفين؟
  • نتنياهو يجر الشرق الأوسط إلى نكبة ثانية
  • قنبلة الشرق الأوسط الموقوتة تهدد بالانفجار
  • دبلوماسي : استقرار الشرق الأوسط مفتاح أمان أوروبا