من السوق إلى المائدة.. دليلك لشراء المحار وطهيه بأمان
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
رغم المكانة الخاصة التي يتمتع بها المحار بين المأكولات البحرية، وخصوصا المحار ذو القشرة الصلبة الذي يتميز بأصداف سميكة وصلبة، ويسهل طهيه بالبخار أو الشواء أو القلي، ليُصبح طريا ولذيذا يتمتع بمذاق حلو مالح عند تناوله، لا تزال فكرة طهي المحار في المنزل صعبة بعض الشيء على الكثيرين من عشاقه؛ ربما لأنه يظل حيا عندما نشتريه، أو لكونه يأتي رمليا أحيانا ويحتاج لتنظيف خاص، أو خوفا من حمله لبكتيريا ضارة.
ولضمان الحصول على الفوائد الصحية الثمينة للمحار، والاستمتاع بمذاقه اللذيذ قدر الإمكان؛ قَدّم أليساندرو رينالدي – وهو أحد أشهر الطهاة في إيطاليا – هذه النصائح المتعلقة بالمحار، بدءا من شرائه وتنظيفه، ووصولا إلى تقديمه:
شراء وتخزين المحارينصح الشيف رينالدي باتباع الخطوات التالية، قبل البدء في شراء المحار:
اختر بائع مأكولات بحرية جيد يمكن الوثوق به، لمعرفة متى وأين تم اصطياده المحار؟ استخدم أنفك لتحديد جودة المحار، فالطازج منه يتميز برائحة بحرية طازجة، وليست نفاذة أو كريهة. تأكد أن جميع أصداف المحار مغلقة بإحكام، وإذا وجدت بعضها مفتوح قليلا، فاضغط عليها برفق لاختبارها، وسوف تتراجع المحارة الحية وتغلق صدفتها، أما الميتة فستبقى مفتوحة. تجنب شراء أي محار متشقق القشرة.كما ينصح موقع "ديليش" المتخصص في الطعام والطهي المنزلي، بالآتي:
لحفظ المحار نيئا، يُفضل رصه في طبقة واحدة على طبق أو صينية، وتغطيته بمنشفة نظيفة ورطبة، ووضعه في أبرد جزء بالثلاجة. المحار المطبوخ المتبقي، يمكن حفظه بالثلاجة في حاوية محكمة الغلق لمدة تصل إلى يومين. لابد أن يظل المحار حيا حتى يتم طهيه، ويجب التخلص من أي محار يموت قبل الطهي، لذا تأكد من تعبئة المحار الطازج في أكياس شبكية أو مثقبة لمنع الاختناق؛ ولا تقم أبدا بتخزينه في علب بلاستيكية محكم الغلق.رغم أن المحار الذي يتم شراؤه من المتجر قد يحصل على تنظيف سريع في معظم الأحيان، لكن لابد من إعادة غسله جيدا وفركه بالفرشاة، لإزالة أية أوساخ على سطحه الخارجي، وإزالة بقايا الرمال التي قد تكون مخزنة داخل الأصداف. على أن يتم نقع المحار بعد غسله في ماء مثلج وملح، وتركه من 20 دقيقة على الأقل إلى ساعة أو ساعتين، قبل شطفه مرة أخرى.
الطهي المثالي للمحاريوضح رينالدي أن وقت طهي المحار قد يختلف حسب الوصفة وحجم الأصداف، حيث يمكن لبعض المحار الأكبر حجما أن يتحمل الحرارة الزائدة، كما قد تنضج المحارات في أوقات مختلفة، حتى في نفس القدر. ويشير إلى أن أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كان المحار قد نضج بشكل جيد، هي من خلال ملاحظة تفتح القشرة تماما (مثل تفتح فشار حبات الذرة).
وينصح بالتقاط المحار المتفتح ونقله إلى وعاء منفصل، بينما يستمر طهي المحار الآخر؛ معتبرا أنها الطريقة الأكثر دقة لضمان طهي كل محار على حدة بشكل مثالي؛ لكنه يحذر من "الإفراط في طهي المحار، لكي لا يُصبح مطاطيا".
أيضا، ينبه رينالدي إلى أهمية "التخلص من أصداف المحار التي لا تنفتح على الإطلاق"، لأن هذا يعني أنها كانت ميتة قبل طهيها.
لكنه في الوقت نفسه ينصح "بعدم التخلص من هذا السائل المُركّز المالح الذي ينطلق أثناء طهي المحارات"، واستخدامه بدلا من ذلك كأساس لذيذ وغني بالنكهات لأي حساء أو صلصة.
يتميز المحار بمكونات تجعله إضافة قيمة لنظامنا الغذائي، حيث يُعد مصدرا ممتازا للبروتين عالي الجودة الخالي من الدهون؛ إلى جانب غناه بفيتامينات "سي"، و"بي 12″؛ بالإضافة إلى محتواه المرتفع من البوتاسيوم والمغنيسيوم والحديد والزنك؛ وكلها تلعب أدوارا مهمة في الحفاظ على الصحة. وكذلك الأحماض أوميغا 3 الدهنية والسيلينيوم، المعروفان بخصائصهما المضادة للالتهابات، وفوائدهما لصحة القلب والدماغ.
وتبلغ نسبة ما توفره حصة من المحار بوزن 85 غراما، من احتياجات الجسم اليومية من الفيتامينات والمعادن الأساسية كالتالي:
132% من الحديد، 78% من السيلينيوم، 43% من المنجنيز، 31% من فيتامين "سي"، 29% من كل من الفوسفور والنحاس، 15% من كل من الزنك والبوتاسيوم، 10% من فيتامين "إيه"، و 1,4% من فيتامين "بي12".
فوائد صحيةمن الفوائد الصحية المحتملة التي أظهرتها الأبحاث للاستهلاك المنتظم للمحار:
تقليل الإصابة بالأمراض، حيث تظهر الدراسات أن تناول المحار قد يكون طريقة طبيعية لترويض الالتهاب، عن طريق خفض محفزاته الرئيسية في الجسم؛ مما يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة بالالتهابات، مثل مشاكل الكبد وبعض أنواع السرطان. منع فقر الدم، فإضافة المحار إلى النظام الغذائي يساعد على تجنب فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، والحفاظ على صحة خلايا الدم الحمراء؛ من خلال توفير المحار للحديد الضروري لصنع الهيموجلوبين الذي يحمل الأكسجين إلى أنحاء الجسم، والذي يؤدي نقصه إلى الإصابة بفقر الدم، ومن ثم الشعور بالتعب والضعف. صحة وقوة العظام، فمحتوى المحار الغني بالزنك والمنجنيز الضروريان لعظام قوية وكثيفة، يجعل منه خيارا ذكيا لنظام غذائي يحافظ على العظام في أفضل حالاتها. مهم لوظيفة الغدة الدرقية، فوجبة واحدة من المحار، قد توفر نسبة كبيرة من النحاس الذي يحتاجه الجسم، ويُعد مهم جدا للمساعدة في عمل الغدة الدرقية بشكل صحيح، وتجنب مشاكلها. دعم صحة الكبد، حيث تظهر بعض الدراسات أن مستخلصات المحار يمكن أن تساعد في تحسين وظائف الكبد وتقليل الإصابة بأمراض الكبد.أمران مهمان يجب أخذهما في الاعتبار عند تناول المحار:
المعادن الثقيلة، حيث يحتوي بعض المحار المأخوذ من مياه معينة، وخاصة في آسيا، على معادن ثقيلة مثل الزئبق والكادميوم والرصاص والتي تكون ضارة إذا كانت بنسب كبيرة.
الحساسية، فعلى الرغم من ندرة حدوثها، يمكن أن يصاب بعض الأشخاص بردود فعل تحسسية تجاه المحار، مما يستوجب استشارة الطبيب قبل تناوله من جديد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
كرة القدم كيف يمكن أن تكون بهجة الشعوب وجوهرة الفنون؟!
يسرف كثيرون مساحات شاسعة من أوقاتهم في محاولات واهية لإقناع عشّاق كرة القدم بأنها ملهاة للشعوب ومضيعة للوقت، وأنها في أفضل أحوالها تستحيل قوة كاسحة لحرف المسار عن القضايا المهمة لصالح فرجة ومتعة ومنافسة لا طائل منها سوى تبديد الزمن.
لكن في حقيقة الأمر، لا يدرك هؤلاء الجاهلون حقاً في فلسفة كرة القدم وجوهرها الناصع البليغ، أنها كانت عبر تاريخها المشغول على سنّارة اللهفة بمثابة فسحة مترفة بصوغ الإلهام العالي، عند كثير من الفنانين والأدباء العرب والعالميين. ليس ذاك إنجازها الوحيد، فقد تخطّته على أرض الواقع بأشواط، لتسبك فرح الجماهير وتحقق ما عجزت عنه السياسة وأهلها!
المسألة قد تحتاج إلى اللعب بعقارب ساعة الزمن للعودة نحو الوراء، وتحديداً إلى عام 1986 عندما انتهت بطولة كأس العالم الخالدة آنذاك. انزوى الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش إلى طاولته بعدما غلبه الملل وسَيَّج يومياته الحزن، وكتب مقالاً طويلاً يصف فيه نجم تلك البطولة اللاعب الأسطوري دييغو مارادونا.
استهله: "لمن سنرفع صراخ الحماسة والمتعة ودبابيس الدم، بعدما وجدنا فيه بطلنا المنشود، وأجج فينا عطش الحاجة إلى: بطل.. بطل نصفق له، ندعو له بالنصر، نعلّق له تميمة، ونخاف عليه وعلى أملنا فيه من الانكسار؟ الفرد، الفرد ليس بدعة في التاريخ. يا مارادونا، يا مارادونا، ماذا فعلت بالساعة.. ماذا صنعت بالمواعيد؟".
بتلك الهيئة المسبوكة ببراعة أدبية لا تحتاج شهادة أحد، صاغ درويش حالة أدبية رفيعة مستمدة من كرة القدم، كونها منبعاً حقيقياً للدراما، باعتبارها صراعاً حراً ونزيهاً وعفوياً على مسرح تتلقفه ملايين الأبصار.
فكيف إذا كان يتسيّده لاعب استثنائي، مثل النجم الأرجنتيني الشهير الذي أنجزت عنه السينما العالمية فيلمين وثائقيين عظيمين: الأول صوّر سنة 2009 للصربي أمير كوستريتسا بعنوان "مارادونا"، والثاني "دييغو مارادونا" أنجز سنة 2019 لآصف كاباديا، الذي يفتح فيه أرشيف مارادونا في الفترة التي لعب لصالح نادي نابولي الإيطالي، ويعرض فيه لقطات عرضت لأوّل مرة في تاريخ ساحر الكرة الأرجنتينية.
إعلانالمخرج البريطاني ذو الأصل الهندي سبق أن أتحف جمهوره بعملين وثائقيين عن شخصيتين مميزتين: الأولى، سائق الفورمولا وان البرازيلي إيرتون سينا، الذي قضى في حادث في الرابعة والثلاثين من عمره، والثانية، المغنية البريطانية إيمي واينهاوس التي رحلت فجأة في السابعة والعشرين.
وقد رفض كاباديا إخراج الفيلم عندما عُرض عليه، لكنه عاد ليوافق علماً بأن مدير أعمال مارادونا كان قد استأجر له مصوّرَين مطلع الثمانينات، يصورانه كيفما تحرك، وجمع 500 ساعة مسجلة من حياته، قدّمت للمخرج البريطاني الذي اختار منها شريطاً أيقونياً، استعان فيه بصوت مارادونا نفسه كمعلق صوتي!
ولن تنحرف البوصلة باتجاه أقل شأناً لو ابتعدنا قليلاً عن محمود درويش، بل على العكس، لأن أديب مرموق بحجم الراحل نجيب محفوظ قد نوّه مرات عدة بأنه لو لم يكن كاتباً، لكان لاعب كرة قدم.
عالمياً، السماء تعجّ بنجوم أدب وفن استلهموا وتغزّلوا بكرة القدم وحكوا عن عمق دورها في رحلاتهم. أبرز هؤلاء كان الفيلسوف والروائي الفرنسي ألبير كامو الذي لعب الكرة وولف بينها وبين الأدب، وكتب: "بعد سنوات طويلة، أتاح لي فيها هذا العالم خوض تجارب عديدة، توصلتُ إلى قناعة مفادها -حسبما عشت- أن ما أعرفه عن الأخلاق وواجبات الرجال، مدين بكلّه لكرة القدم".
في حين يصف الروائي التشيكي ميلان كونديرا لاعبي كرة القدم بطريقة لمّاعة وخاصة، إذ يقول: "لاعبو كرة القدم نفس جمال وتراجيديا الفراشات، فتلك تطير عالياً بمنتهى البهاء، من دون أن يتاح لها الاستمتاع أو الإعجاب بجمال طيرانها". ليس صاحب "خفة الكائن التي لا تحتمل" وحده من تشغفه كرة القدم، إنما تلك ليست سوى نماذج لعلاقة مبدعي الأدب بكرة القدم.
في حين عقّب أدباء وكتّاب ومثقفون وفنانون وشعراء على المطرح الذي ألهمتهم فيه كرة القدم، وأفادتهم بشكل أو بآخر في نتاجهم الأدبي الذي صار مرجعياً في العالم. ومن هؤلاء: أمبرتو إيكو وباولو كويلو وخوسيه ساراماغو ويفتوشينكو ومعروف الرصافي وآخرون.
أما في الحياة، فقد تجاوزت النتائج كل الصور الشعرية والمنطق الرومانسي الحالم، وتمكّنت "لعبة الفقراء" من إنجاز إذهال ينسب إلى أسطورة الكرة البرازيلي بيليه -بحسب مجلة "التايم" الأميركية والسيرة الذاتية للنجم الأسمر- عندما أحرز هدنة في حرب الانفصال النيجيرية سنة 1967 الدامية التي أرخت في ظروف إنسانية ساحقة ومجاعات عارمة. يومها، زار بيليه البلاد ولعب مع ناديه "سانتوس" ضد فرق محلية في البلد المنكوب.
وفي القارة السمراء، وجّه ديدييه دروغبا، لاعب منتخب ساحل العاج وأسطورة نادي "تشلسي" لكرة القدم، نداءً إلى شعبه عقب تأهل بلاده إلى كأس العالم عام 2006 لإنهاء الحرب الأهلية التي استمرت خمس سنوات. وفعلا، انتهت الحرب بعد ذلك النداء بستة أشهر.
هي إذاً، أشرف الحروب بحسب شاعر الأرض الراحل، لكنّها وفقاً للقصص الحياتية الملهمة فإنها بريق السلام، ومساحة الخصب الأكيدة، والراية التي يجتمع حولها الجميع علّها تعلو كبارقة حلم تطوّق العنف وتبددّه.
إعلان