ما أبرز مصطلحات الانتخابات الرئاسية الأمريكية وماذا تعني؟
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
مع مرور كل أربع سنوات واقتراب الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر "الثلاثاء الكبير" يتجدد الحديث حول مدى تعقيد وعدم وضوح نظام الانتخابات الرئاسية الأمريكية وحساب والأصوات ومن فاز بها ومن نجح في المجمع الانتخابي، مع ذكر العديد من المصطلحات الأخرى المتعلقة بسير العملية وتشكيل الكونغرس الجديد.
وتتنافس نائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس، ضد الرئيس السابق دونالد ترامب على منصب الرئاسة لعام 2024، وهي الانتخابات الستين التي تجرى كل أربع سنوات، المقرر إجراؤها يوم الثلاثاء 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وفيها يتم يتم انتخاب الرئيس ونائب الرئيس لمدة أربع سنوات.
المجمع الانتخابي
تعد الطريقة التي يختار بها الأميركيون رئيسهم "غير مستقرة" في أفضل الأحوال، و"معادية للديمقراطية" في أسوأ الأحوال، وفي حين أن الهيئة الانتخابية لديها مدافعون عنها، فهناك مجموعة أعمق بكثير من الناس الذين لا يفهمون بالضبط لماذا يختار 538 ناخبا، وليس أكثر من 330 مليون ناخب أمريكي، الرئيس بالفعل.
وعندما يذهب الأميركيون إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات فهم لا يختارون الرئيس بشكل مباشر، إنما يصوتون من الناحية الفنية على 538 ناخبا، والذين وفقًا للنظام الذي وضعه الدستور، يجتمعون في ولاياتهم ويصوتون للرئيس ونائب الرئيس.
ويشكل هؤلاء الناخبون الهيئة الانتخابية، ومن ثم يقوم رئيس مجلس الشيوخ بفرز أصواتهم في جلسة مشتركة للكونغرس.
ويوجد ناخب لكل عضو في مجلس النواب (435) ومجلس الشيوخ (100)، بالإضافة إلى ثلاثة ناخبين إضافيين للأشخاص الذين يعيشون في مقاطعة كولومبيا، وتحصل كل ولاية على ثلاثة ناخبين على الأقل.
وولاية كاليفورنيا، الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان، لديها 53 عضوا في الكونجرس، وعضوان في مجلس الشيوخ، لذا فهم يحصلون على 55 صوتا انتخابيا في هذا المجمع.
وتكساس، أكبر ولاية ذات ميول جمهورية موثوقة، لديها 36 عضوا في الكونغرس وعضوان في مجلس الشيوخ، لذا فهي تحصل على 38 صوتا انتخابيا.
وست ولايات وهي: ألاسكا وديلاوير ومونتانا وداكوتا الشمالية وفيرمونت ووايومنغ صغيرة جدا من حيث عدد السكان، بحيث لا يوجد بها سوى عضو واحد في الكونغرس لكل منها، وأقل عدد ممكن من الأصوات الانتخابية هو ثلاثة.
وتحصل مقاطعة كولومبيا أيضا على ثلاثة أصوات انتخابية، بينما لا يحصل الناخبون في بورتوريكو وغيرها من الأقاليم غير التابعة للدولة على أي أصوات انتخابية، على الرغم من أنهم يستطيعون المشاركة في الانتخابات التمهيدية الرئاسية.
الناخب الخائن
تعد هذه الولايات مسؤولة عن اختيار ناخبيها، ولا تُلزم عدد من الولايات ناخبيها باحترام نتائج الانتخابات، الأمر الذي أدى في بعض الأحيان إلى الظاهرة المعروفة باسم "الناخب الخائن".
وعلى ذلك أمثلة بارزة كان آخرها فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بأصوات الشعب، وخسارتها أمام دونالد ترامب الذي فاز بالمنصب لعام 2016 بأصوات المجمع الانتخابي.
وفي عام 2000 فاز مرشح الرئاسة جورج دبليو بوش لأنه فاز بأصوات المجمع الانتخابي، رغم أنه خسر التصويت الشعبي لصالح آل غور.
This is the US popular vote since 2000. This is not a “razor thin” or “toss up” election. It’s a ridiculous anomaly caused by the electoral college system.
Just imagine how things could have been different today if Gore went forward with a popular mandate in 2000? pic.twitter.com/FzSJrWNUux — Dr. Aaron Balick ???? (@DrAaronB) October 20, 2024
وفي عام 1888 صُوت لغروفر كليفلاند، وجاء بنجامين هاريسون ثانيا، ففاز كليفلاند بالتصويت الشعبي، إلا أنه حصل على 168 من أصوات ممثلي الولايات في "المجمع الانتخابي"، مقابل 233 حصل عليها هاريسون، فأصبح الأخير رئيسا.
وكانت سنة 1876 من الأكثر منافسة، حيث حصّل صامويل تيلدن من أصوات الأمريكيين أكثر مما حصل عليه منافسه رذرفورد هايز، وأيضاً فاز تيلدن في المجمع الانتخابي بأصوات 184 من أعضائه، مقابل 165 حصل عليها راذرفورد هايز.
ويتطلب الأمر 270 صوتا انتخابيا للحصول على أغلبية الهيئة الانتخابية، ولا يمكن تغيير العدد الإجمالي للناخبين وهو 538، إلا إذا تمت إضافة المزيد من المشرعين إلى الكابيتول (كناية عن الكونغرس وهو أكبر حي سكني تاريخي في واشنطن العاصمة) أو من خلال تعديل دستوري، إلا أن عدد الناخبين المخصصين لكل ولاية يمكن أن يتغير كل 10 سنوات، بعد التعداد السكاني الذي يفرضه الدستور.
يتم إعادة توزيع عدد أعضاء الكونغرس وفقًا للتغيرات في عدد السكان، تكتسب بعض الولايات مقعدًا أو مقعدين في مجلس النواب وتخسر أخرى بعض المقاعد، لا يمكن لأي ولاية، مهما كانت صغيرة، أن يكون لديها صفر من أعضاء الكونجرس.
وحال كان هناك تعادل بين الناخبين أو إذا لم يحصل أحد على الأغلبية، فإن الانتخابات تنتقل إلى مجلس النواب، ويحصل وفد المشرعين في كل ولاية على صوت واحد ويختارون بين أعلى ثلاثة حاصلين على أصوات انتخابية.
وفقًا للتعديل الثاني عشر، إذا لم يحصل أحد على الأغلبية بحلول موعد نهائي معين، يصبح نائب الرئيس رئيسا، إذا لم تكن هناك أغلبية لنائب الرئيس، يتم إعفاء وفود مجلس النواب ويختار أعضاء مجلس الشيوخ فقط نائب الرئيس، بينما غير التعديل العشرون الموعد النهائي من 4 آذار/ مارس إلى 20 كانون الثاني/ يناير.
وتمنح معظم الولايات (باستثناء مين ونبراسكا، اللتين تقسمان بعض أصواتهما الانتخابية) جميع أصواتها الانتخابية للشخص الذي يفوز بالتصويت الشعبي في تلك الولاية، هناك أجزاء ديمقراطية للغاية في تكساس وأجزاء جمهورية للغاية في كاليفورنيا، على سبيل المثال، ولكن ما لم تتحرك هذه الولايات لتوزيع أصواتها الانتخابية بشكل مختلف، فإن التصويت الشعبي للولاية فقط هو الذي يهم حقا.
ولايات متأرجحة
تشكل "الولايات المتأرجحة" أو "الأرجوانية" (خليط اللون الأزرق والأحمر) أهمية كبرى في أي تغطية للانتخابات الرئاسية الأميركية: فهي الولايات التي يطمح إليها الجميع، وكما يوحي اسمها، فإن لديها القدرة على التأثير على نتيجة الانتخابات الوطنية.
ويشير المصطلح إلى مجموعة صغيرة من الولايات التي يتنافس عليها بشكل ضيق في السباقات الرئاسية، ونظرا لأن معظم الولايات تصوت بشكل متسق مع حزب أو آخر، فإن عددا صغيرا من الولايات المتأرجحة يمكن أن يحدد النصر أو الهزيمة.
لذلك يميل المرشحون إلى استثمار قدر كبير من الموارد في جذب الناخبين في تلك الولايات، على عكس معاقل الحزب.
وإحدى السمات المميزة لولاية متأرجحة هي توجهاتها السياسية الغامضة، ولكن الولايات التي كانت محل نزاع في السابق قد تبدأ في الميل نحو حزب أو آخر، لذلك فإن "الولايات المتأرجحة" لست ثابتة غنما من الممكن تتغير عبر الزمان وعبر المستجدات والمواقف السياسية.
Arizona, Georgia, and North Carolina are no longer swing states guys. There are only 4 swing states pic.twitter.com/BQ0QLhLNU9 — Vix ???? (@vix_0ii) October 25, 2024
ويظهر ذلك بعدما كانت فلوريدا تعتبر ولاية متأرجحة منذ تسعينيات القرن العشرين وحتى عام 2020، لكنها الآن تعتبر ولاية حمراء بشكل موثوق، مع نمو تسجيل الناخبين الجمهوريين.
وهذا العام، الولايات التي تخضع للمراقبة عن كثب هي أريزونا وجورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن ونيفادا ومينيسوتا، وولاية كارولينا الشمالية هي الولاية الجديدة في هذه المجموعة من الولايات المتأرجحة.
وتظهر الولايات المتأرجحة في دورة الانتخابات الحالية أن ترامب وهاريس في سباق ضيق ومتقارب، وفي أريزونا على سبيل المثال وجدت متوسطات استطلاعات الرأي أن المرشحين متعادلان تقريبا، أو أن ترامب يتفوق بفارق ضئيل يبلغ نقطة واحدة أو أقل.
وفي الوقت نفسه في بنسلفانيا، فإن السباق متقارب أيضًا، حيث تظهر متوسطات استطلاعات الرأي التعادل أو تقدم هاريس بأقل من 1 في المائة.
وتعد مينيسوتا الولاية الوحيدة من بين الولايات المتأرجحة المحتمل أن تحافظ عليها هاريس، متقدمة على ترامب بمتوسط يتراوح بين خمس وثماني نقاط.
الجدار الأزرق
مصطلح يستخدم للإشارة إلى الولايات الثماني عشرة الأمريكية ومنطقة كولومبيا التي فاز بها الحزب الديمقراطي في كل انتخابات رئاسية من عام 1992 إلى عام 2012، ولم يتمكن جورج دبليو بوش، الرئيس الجمهوري الوحيد المنتخب خلال هذه الفترة، من الفوز بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي في عام 2000 بواقع 271 صوتا، وعام 2004 بواقع 286 صوتا، إلا من خلال الفوز بعدد كافٍ من الولايات خارج الجدار الأزرق لهزيمة منافسيه الديمقراطيين، آل غور وجون كيري، على التوالي.
وخلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016، تكهن العديد من الخبراء السياسيين بأن "الجدار الأزرق" جعل هيلاري كلينتون المرشحة الأوفر حظًا للفوز بالهيئة الانتخابية، ومع ذلك، تمكن ترامب من تحقيق انتصارات ضيقة في ولايات الجدار الأزرق الثلاث ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، والتي كانت تعتبر حتى وقت قريب استحقاقا للحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى تصويت انتخابي من ولاية مين، وهي ولاية الجدار الأزرق الرابعة.
WATCH: CNN’s Harry Enten explains how Trump is breaking the ‘blue wall’ in battleground states by winning independents, now leading by +1 points over Harris; “Normally when you win independents, it’s a very good sign for your chances to win the election.”pic.twitter.com/5CsCfZKcQd — Overton (@overton_news) October 23, 2024
وبالتالي انتُخب رئيسًا بأغلبية 306 أصوات في الهيئة الانتخابية باستثناء اثنين من "الناخبين الخائنين".
في الأسابيع الأخيرة، قضت كامالا هاريس معظم أيامها في محاولة لتعزيز الدعم في ولايات "الجدار الأزرق" مثل بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، في سعيها لتجنب تكرار خسارة هيلاري كلينتون هناك قبل ثماني سنوات.
وتعتبر ولايات "الجدار الأزرق" محورية في السباق المحموم نحو البيت الأبيض، فهي معاقل تاريخية للحزب الديمقراطي، ويبقى الحفاظ على موقع قدم في هذه الولايات هدفا رئيسيا لأي مرشح.
الجدار الأحمر
تتميز بالشعبية السائدة والنجاح للحزب الجمهوري في الانتخابات، تقع هذه الولايات في الغالب في مناطق الجنوب والغرب الأوسط والسهول الكبرى في البلاد، وتتميز بتوجه سياسي محافظ، وتتجه إلى مبادئ مثل الحكومة الأصغر والحرية الفردية والضرائب المنخفضة في سياساتها.
وغالبا ما يتشكل المشهد السياسي في هذه الولايات من قبل عدد كبير من سكان الريف، وهو ما يؤثر على مواقفهم وأولوياتهم.
???????? Which swing states could influence the results on 5 November?@Lewis_Goodall, Sky's US election data analyst and co-host of The News Agents podcast, explains what could happen.
Latest: https://t.co/i91ZsoUpy3 pic.twitter.com/G5DF0WYr7b — Sky News (@SkyNews) October 25, 2024
علاوة على ذلك، غالبا ما تتباهى الولايات الحمراء بنسبة أعلى من المسيحيين الإنجيليين وغيرهم من المحافظين الدينيين، وتميل هذه الديمغرافية إلى تقديم الدعم للسياسات المحافظة اجتماعيا، بما في ذلك معارضة الإجهاض و"زواج المثليين".
ومن أبرز الولايات الراسخة بقوة في المعسكر الجمهوري ألاباما وألاسكا وفلوريدا وأوهايو.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية المجمع الانتخابي الجدار الأزرق الولايات المتحدة الإنتخابات الأمريكية المجمع الانتخابي الجدار الأزرق الولايات المتارجحة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتأرجحة الهیئة الانتخابیة المجمع الانتخابی الولایات التی هذه الولایات من الولایات مجلس النواب مجلس الشیوخ pic twitter com فی مجلس
إقرأ أيضاً:
يوم الوداع المليوني... وماذا بعد؟
مَن كان قادرًا على جمع آلاف مؤلفة من جمهور كان ينتظر إطلالاته وحضوره الآسر بشغف قلّ نظيره حتى ولو من خلف الشاشات، لن يكون عصّيًا عليه أن يجمع أضعافًا مضاعفة سيزحفون اليوم إلى "مدينة "كميل شمعون الرياضية" لتوديع مَن كان لهم الأمل والضمانة والموجه والمرشد والمرجع. فلا أحد، لا من الخصوم ولا من المحبين والمؤيدين، يشكّ لحظة واحدة في قدرة "حزب الله" على "التحشيد" في الزمن العادي، فكيف الحال في أهم حدث بالنسبة إليه، وإن كان هذا الحدث أليمًا حتى الموت.ففي يوم وداع الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله، ومعه خليفته السيد هاشم صفي الدين، سيكون المشهد استثنائيًا. وهذا ما يتوقعه كثيرون في الداخل والخارج. واستثنائية هذا المشهد ستظهر حتمًا في مدى التزام جمهور "حزب الله" في الزحف إلى مكان التشييع، الذي أُعدّ لكي يراه العالم كله، وبالأخص في الداخل الإسرائيلي، كرسالة مباشرة مفادها وفحواه بأن العدو قادر على قتل الجسد، وتدمير المنازل، وجرف البساتين والحقول، وتشريد آلاف المواطنين من بلداتهم وقراهم، لكنه لأعجز من قتل هذه الجزوة الحسينية الراسخة في النفوس والاحلام، وهو لأعجز من أن ينال من نخوة "أهل البيت"، الذين سيتحدّون اليوم جنون الطبيعة، غير أبهين بما سيتعرّضون له من برد وصقيع وزمهرير ومطر.
هي مشهدية الموت والغياب الجسدي. هي حال تساوت فيها كل العائلات الروحية في لبنان، بدءًا بأبناء الجبل من الطائفة الدرزية، التي خسرت القائد المعلم كمال جنبلاط، وقبلها الطائفة الشيعية قبل أن تخسر السيد حسن نصرالله غُيّب لها سماحة الامام موسى الصدر، وكذلك المسيحيين، الذين فقدوا أول رئيس للجمهورية يُغتال هو الشيخ بشير الجميل، وأُعيدت الكرّة باغتيال ثاني رئيس للجمهورية يُغدر به هو رينيه معوض، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السنّة الذين سقط لهم أكثر من شهيد على مذبح الوطن بدءًا بالرئيس رشيد كرامي ومرورًا بالمفتي حسن خالد، ووصولًا إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فتساوت هذه العائلات الروحية بمعمودية الدم والشهادة على مذبح الوطن، ناهيك عن شهداء "ثورة الأرز" من مختلف هذه العائلات.
فمن هذا "اليوم المليوني"، يوم وداع "سيد الشهداء"، الذي سيمرّ كما مرّ غيره من مشاهد الوداع في المختارة وبكفيا وبيروت كالأمس الذي عبر، يجب أن تؤخذ العِبر الوطنية، وألا يكون مروره كسائر الأيام من دون أن يحدث نقلة نوعية في مسيرة استعادة الجمهورية بعد تحريرها من أسرها، وبعد أن يسود منطق الدولة دون سائر أي منطق آخر لا تتطابق روحيته مع منهجية خطاب قسم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي استوحي تعهداته من اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب بوجهها الأهلي وبتحريض واشتراك خارجي. وإذا لم تُتخذ هذه العِبر على محمل الجد، وإذا لم تأخذ في الاعتبار تقديم مصلحة لبنان على أي مصلحة خارجية أخرى، أيًا كانت هويتها وأهدافها ومراميها ومخططاتها المعلنة وغير المعلنة، فإن يوم 23 شباط سيكون كغيره من الأيام التي شهدتها المختارة وبيروت وبكفيا، وستُعاد المشاهد ذاتها، التي تكرّرت على مدى سنوات منذ اليوم الأول لاندلاع شرارة إدخال لبنان في أتون مسلسل الحروب المتوالدة قبل خمسين سنة، وقبلها بسنوات قليلة، يوم أُدخل لبنان في متاهات "اتفاق القاهرة"، الذي حوّل لبنان من مساحة تلاقٍ وحوار وحضارة إلى ساحة اقتتال وحقل تجارب بديلة عن دول الجوار.
في هذا اليوم الوداعي الأخير للسيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين سيشهده العالم من على شاشات التلفزة عبر الأقمار الاصطناعية، وسيكون لكل من سيشاهده تعليق مختلفة مضامينه عن المضامين الأخرى، وسيُحفَر هذا التاريخ بأحرف من ذهب في وجدان "أهل البيت"، وفي أعماق الذين لم يصدّقوا بعد أن سماحة السيد لم يعد بينهم. ولكن يبقى الأهم من كل هذا وذاك في نظر جميع اللبنانيين التواقين إلى عدم رؤية أي سلاح بعد اليوم سوى في السلاح الشرعي يد القوى المسلحة الشرعية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وأمن دولة وجمارك وشرطة بلدية، وإلى رؤية الدولة التي طالما حلموا بها وقد استعادت ما لها من صلاحيات ومن هيبة ومن وجود، وأن يكون "لبنان أولًا" في أولوية جميع القوى السياسية، بمن فيهن وأولهم "حزب الله".
المصدر: خاص لبنان 24