بوابة الوفد:
2025-01-29@23:49:07 GMT

لم يكن أعمى

تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT

اليوم ذكرى رحيل أنبه عقول مصر، طه حسين الذي رأى، في الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 1973، وحيث كان الناس  ذاهلين عن كل شىء، ومنغمسين في الجبهة وأخبارها وهبة الجيش الذي عبر وانطلق لاسترداد الأرض السليبة، أغمض طه حسين عينين صاحيتين، معلنًا الرحيل، بعد عقود من التأمل والتفكر والشك والافتراض والسعي والطرح والافتراض والتعمق.

تبدو معجزة طه حسين لدى البعض، كونه كفيفًا لا يرى، لكنه تعلّم ونبغ، وصار أستاذًا أكاديميًا له مؤلفات وتلاميذ. لكن الحقيقة أن البطولة الحقيقة ليست لشخص قهر الإعاقة، بقدر ما هي لإنسان أبصر ما لم يبصره مَن هُم حوله. فكر بطريقة مختلفة، وخالف القطيع، وكسر قواعد وسياقات مجتمعه، وتمرد على قوانين التفكير في بلده، رفض المشايعة والتقليد، ونثر بذور المباداة وطرح الأفكار. 

يظن ألف ظان أن طه حسين عظيم لأنه الوزير الوحيد في تاريخ مصر الذي توزر رغم أنه خسر نعمة البصر. لكن في الحقيقة، فإن جمال وروعة وعبقرية «حسين» هي أنه لم يبذل في سبيل منصب الوزير تذللا أو خضوعًا، ولم يشايع سدنة المؤسسات الدينية، ولم يقبل بنفاق الشارع تحت مصطلح «السياسة» تذلفًا وإرضاءً. قال الرجل ما يؤمن به، وانتصر بعقله على نقولات الجهلاء، وموروثات أصحاب المسابح واللحى، الذين أقاموا حواجز من التخويف والتخوين أمام كل مَن استخدم عقله.

 كان طرح طه حسين لفكرة الشك هو أولى خطوات الإصلاح والتيقن، ففي تصوره فإنه يجب (ويجب هنا تعني يجب) أن نشك في كل كلام منقول، ونُخضع  كافة الأمور لمعيار المنطقية والمنفعة بعيدا عن القولبة الحزبية، أو الفئوية، أو التحيزات لعين وصاد وسين.

مبكرًا ومبكرًا جدًا أطلق الرجل دعواه لإصلاح مصر قبل ما يقارب القرن، لكن صراعات الكراسي، والمكاسب، والسلطة حالت دون تنفيذ مشروعه، الذي كان يتبنى إصلاح العقل المصري، وربطه بالعلم والمعرفة، ومنحه التعددية والقدرة على استيعاب كافة الآراء المخالفة، وتحرره من التعصب الديني والمجتمعي. 

إن تحليل كتابات الرجل ودراستها واعادة نشرها يدفعنا أيضًا أن نجدد مناهج التفكير في جامعاتنا لنفكر مرة أخرى في قوالب صماء تغلّف عقولنا وتحجب الرؤية عن مؤسساتنا وتحتم علينا إعادة انتاج التخلف مرات ومرات. 

نحن في حاجة لمطاردة المعرفة والانتصار للعلم وإعلاء قيم التفكير والابتكار وتقبل الآخر والتسامح والقبول بالتعددية والسعي لاستقراء القادم ومقاربة الحداثة.

يبدو الشاعر محمود درويش حيًا ويقظًا بما كتبه عندما يطل علينا ببيت شعر رائع يصلح للتعليق على عقل طه حسين وقيمته. صحيح أنه كتبه عن أبي العلاء المعري، لكنه يصلح أيضًا لعملاق مصر المبصر طه حسين. يقول «درويش» على لسان «المعري» مخاطبًا جحافل الجهلة والسائرين في القطيع «لست أعمى لأبصر ما تبصرون.. فإن البصيرة نورٌ، يؤدي إلى عدمٍ أو جنون».

والله أعلم.

 

 HYPERLINK «mailto:[email protected]» [email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد عقول مصر طه حسين الثامن والعشرين أكتوبر طه حسین

إقرأ أيضاً:

أسترالي يعترف بقتل زوجته أثناء تدليك رقبتها

أقرَّ أسترالي بقتل زوجته السابقة في يوم عيد الحب أثناء محاولته تدليك رقبتها.

وأكدت تقارير أن  أستراليا اعترف بالذنب في تهمة القتل غير العمد، بعد اتهامه بخنق زوجته المنفصلة عنه في عيد الحب، أثناء تدليكه رقبتها.
واعترف غودفري، 53 عاماً، بالذنب في المحكمة العليا في بريسبان في 23 يناير(كانون الثاني) بعد موت زوجته المنفصلة عنه فانيسا، 46 عاماً في 2022. بعد أن اعتقد أنها أخذت بطاقات هويته ورخصة قيادته وبطاقته للرعاية الطبية . 
وكانا الزوجان يقيمان في منتجع على ساحل "صن شاين" وقت الجريمة، وقال المدعي العام ماثيو لي غراند إن المتهم كان يستخدم الميثامفيتامين لمدة عقد من الزمان.

Australian Man Pleads Guilty to Killing Estranged Wife While Allegedly Giving Her Neck Massage: Reports https://t.co/TxXWRjLqvF

— People (@people) January 27, 2025

وحسب المدعي العام، أصبح الرجل يعاني من شكوك وهلاوس، رغم أنه لم يكن تحت تأثير المواد المخدرة وقت  الجريمة.
ووفق صحيفة تايمز، طلبت المجني عليها من زوجها تدليك رقبتها، فوضع ذراعه حول رقبتها وخنقها. 
وحسب قناة "نيوز 9"،  فإنه قطع ذراعيها بسكين بعد أن ظن أنه رآها تتنفس، وشرب الكحول، وتناول أقراص فاليوم، قبل أن يكتشف موظفو الفندق الزوجين على سريرهما. 

وفي المحكمة، اتهم الرجل في البداية بالقتل بسبب العنف المنزلي، ولكن عدلت التهمة إلى القتل غير العمد بعد  تشخيص إصابته بالذهان الناتج عن تعاطي المخدرات.

مقالات مشابهة

  • عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
  • المغرب.. حبس مسن اعتدى على سيدة وطفلتها في فيديو
  • مكتبة مصر العامة باسيوط تنظم فعاليات جلسات أنماط التفكير
  • معركة السكاكين الطويلة بدات داخل صفوف التمرد
  • معتقلون يمنيون في سجون الأسد: الحقيقة المفقودة خلف الجدران المظلمة
  • أسترالي يعترف بقتل زوجته أثناء تدليك رقبتها
  • عدنان الروسان يكتب … الأردن في مواجهة الحقيقة … مالعمل..!!
  • سفيرة إسرائيل في روسيا تكشف الحقيقة حول رحيل مواطنيها
  • مستشار أسري يوضح ما تحتاجه المرأة في علاقتها مع الرجل
  • الحقيقة التي أدركها أخيرًا كثير من جنود الميليشيا وضباطها من المخدوعين (..)