بوابة الوفد:
2025-04-24@15:06:04 GMT

لم يكن أعمى

تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT

اليوم ذكرى رحيل أنبه عقول مصر، طه حسين الذي رأى، في الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 1973، وحيث كان الناس  ذاهلين عن كل شىء، ومنغمسين في الجبهة وأخبارها وهبة الجيش الذي عبر وانطلق لاسترداد الأرض السليبة، أغمض طه حسين عينين صاحيتين، معلنًا الرحيل، بعد عقود من التأمل والتفكر والشك والافتراض والسعي والطرح والافتراض والتعمق.

تبدو معجزة طه حسين لدى البعض، كونه كفيفًا لا يرى، لكنه تعلّم ونبغ، وصار أستاذًا أكاديميًا له مؤلفات وتلاميذ. لكن الحقيقة أن البطولة الحقيقة ليست لشخص قهر الإعاقة، بقدر ما هي لإنسان أبصر ما لم يبصره مَن هُم حوله. فكر بطريقة مختلفة، وخالف القطيع، وكسر قواعد وسياقات مجتمعه، وتمرد على قوانين التفكير في بلده، رفض المشايعة والتقليد، ونثر بذور المباداة وطرح الأفكار. 

يظن ألف ظان أن طه حسين عظيم لأنه الوزير الوحيد في تاريخ مصر الذي توزر رغم أنه خسر نعمة البصر. لكن في الحقيقة، فإن جمال وروعة وعبقرية «حسين» هي أنه لم يبذل في سبيل منصب الوزير تذللا أو خضوعًا، ولم يشايع سدنة المؤسسات الدينية، ولم يقبل بنفاق الشارع تحت مصطلح «السياسة» تذلفًا وإرضاءً. قال الرجل ما يؤمن به، وانتصر بعقله على نقولات الجهلاء، وموروثات أصحاب المسابح واللحى، الذين أقاموا حواجز من التخويف والتخوين أمام كل مَن استخدم عقله.

 كان طرح طه حسين لفكرة الشك هو أولى خطوات الإصلاح والتيقن، ففي تصوره فإنه يجب (ويجب هنا تعني يجب) أن نشك في كل كلام منقول، ونُخضع  كافة الأمور لمعيار المنطقية والمنفعة بعيدا عن القولبة الحزبية، أو الفئوية، أو التحيزات لعين وصاد وسين.

مبكرًا ومبكرًا جدًا أطلق الرجل دعواه لإصلاح مصر قبل ما يقارب القرن، لكن صراعات الكراسي، والمكاسب، والسلطة حالت دون تنفيذ مشروعه، الذي كان يتبنى إصلاح العقل المصري، وربطه بالعلم والمعرفة، ومنحه التعددية والقدرة على استيعاب كافة الآراء المخالفة، وتحرره من التعصب الديني والمجتمعي. 

إن تحليل كتابات الرجل ودراستها واعادة نشرها يدفعنا أيضًا أن نجدد مناهج التفكير في جامعاتنا لنفكر مرة أخرى في قوالب صماء تغلّف عقولنا وتحجب الرؤية عن مؤسساتنا وتحتم علينا إعادة انتاج التخلف مرات ومرات. 

نحن في حاجة لمطاردة المعرفة والانتصار للعلم وإعلاء قيم التفكير والابتكار وتقبل الآخر والتسامح والقبول بالتعددية والسعي لاستقراء القادم ومقاربة الحداثة.

يبدو الشاعر محمود درويش حيًا ويقظًا بما كتبه عندما يطل علينا ببيت شعر رائع يصلح للتعليق على عقل طه حسين وقيمته. صحيح أنه كتبه عن أبي العلاء المعري، لكنه يصلح أيضًا لعملاق مصر المبصر طه حسين. يقول «درويش» على لسان «المعري» مخاطبًا جحافل الجهلة والسائرين في القطيع «لست أعمى لأبصر ما تبصرون.. فإن البصيرة نورٌ، يؤدي إلى عدمٍ أو جنون».

والله أعلم.

 

 HYPERLINK «mailto:[email protected]» [email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد عقول مصر طه حسين الثامن والعشرين أكتوبر طه حسین

إقرأ أيضاً:

القيادي بالمؤتمر الوطني أمين حسن عمر يعتذر ..اعتقال المفتش العام للجيش

متابعات – تاق برس – تقدم القيادي في حزب المؤتمر الوطني المحلول أمين حسن عمر، بالاعتذار عن معلومات سابقة نشرها بشأن إنضمام مبارك كوتي كجو المفتش العام للجيش السوداني الى قوات الدعم السريع بعد ساعات من اندلاع الحرب، والذي أسرته قوات حميدتي ولا يزال قيد الاسر

 

وحسب ما رصد “تاق برس” كتب أمين حسن عمر ..

إعتذار واجب

كنت بعد الإستماع للبيان الذي سجلته المليشيا في اول يوم من ايام إنقلابهم وزعمت فيه إنضمام الفريق أول مبارك كوتي كجو المفتش العام للقوات المسلحة ،قد عبرت بطريقة قاسية جدا عن إستهجاني للموقف المنسوب إليه بالإنضمام للمليشيا، ثم جاءت تعليقات كثيرة تقول ان الرجل ظل أسيرا لدى المليشيا منذ اليوم الأول ولا يزال …وكنت أعلم أنه يسكن جوار قائد المليشيا في كافوري، ولكنني تواصلت مع جماعة من ذوي القربى ومن دفعته( الدفعة 35) فأكدوا ما أكدته تعليقات الأخوة والأبناء الكرام وعلى رأسهم( أبن عمر)جزاه الله خيرا واللذين ذكر ا بأن الرجل مأسور لدى المليشيا وكانت خطة المليشيا إجباره على تلاوة بيان تسليم الجيش بعد إجهازهم على البرهان ومساعديه، ولكن الرجل لم يسلم لهم ولم ينضم لهم رغم زعمهم ذلك في البيان الأول المشار إليه، ورغم إعتقالهم لنجليه للضغط عليه لينحاز إليهم…والحال كذلك وجدت نفسي بالتسرع في تصديق زعم المليشيا في موقف سيء أسأت من خلاله إلى من أحسن ولم يسيء بل صمد على موقف شريف ولا يزال صامدا، فلسعادة الفريق أول ولكل من تأذى من البوست أياه من أهله ومريديه العتبى حتى يبلغوا الرضا… ولعامة من قرأ ذلك البوست الغاضب أسفي وإعتذاري ،وكنت قد محوت البوست بعد ساعتين أو ثلاث من كتابته ولكن الكثيرين من المتابعين تناقلوه وتشاركوه، لذلك أنا ههنا أناشد كل من نقل وشارك ذلك البوست أن ينقل ويشارك هذا الأعتذار لعل ذلك يمحو بعض الإثم المجترح، وعسى الله ان يغفر لنا عثرات اللسان وكبوات الأقلام وما تسببه من جراح وآلام…. والله من وراء القصد

د.أمين حسن عمر

21 ابريل 2025

#أمين حسن عمرالمفتش العام للقوات المسلحة السودانية

مقالات مشابهة

  • الطلاق لا يعني نهاية دور الرجل.. كيف يتعامل الأب مع أطفاله بعد الطلاق؟
  • أكاذيب الهلالي على الحجاب
  • حرق بريطاني حياً في غابات الأمازون على يد السكان.. ما القصة؟
  • الشخص الذكي دائم الأسئلة.. خالد الجندي يكشف توجيها قرآنيا يرسي ثقافة التفكير
  • "بص يا كبير" أولى أغنيات ألبوم مروان موسى الجديد "الرجل الذي فقد قلبه"
  • من الرجل الذي كافأه المأمون؟ وما قصة المثل: ربّ مملول لا يستطاع فراقه؟
  • بين البهرجة الكاذبة والجحيم المسلّح- ساعة الحقيقة اقتربت!
  • الرجل الذي فقد قلبه.. تفاصيل ألبوم مروان موسى الجديد
  • القيادي بالمؤتمر الوطني أمين حسن عمر يعتذر ..اعتقال المفتش العام للجيش
  • نشأت الديهي ناعيًا البابا فرنسيس: كان صوتًا للسلام