بوابة الوفد:
2025-03-04@03:23:02 GMT

لم يكن أعمى

تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT

اليوم ذكرى رحيل أنبه عقول مصر، طه حسين الذي رأى، في الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 1973، وحيث كان الناس  ذاهلين عن كل شىء، ومنغمسين في الجبهة وأخبارها وهبة الجيش الذي عبر وانطلق لاسترداد الأرض السليبة، أغمض طه حسين عينين صاحيتين، معلنًا الرحيل، بعد عقود من التأمل والتفكر والشك والافتراض والسعي والطرح والافتراض والتعمق.

تبدو معجزة طه حسين لدى البعض، كونه كفيفًا لا يرى، لكنه تعلّم ونبغ، وصار أستاذًا أكاديميًا له مؤلفات وتلاميذ. لكن الحقيقة أن البطولة الحقيقة ليست لشخص قهر الإعاقة، بقدر ما هي لإنسان أبصر ما لم يبصره مَن هُم حوله. فكر بطريقة مختلفة، وخالف القطيع، وكسر قواعد وسياقات مجتمعه، وتمرد على قوانين التفكير في بلده، رفض المشايعة والتقليد، ونثر بذور المباداة وطرح الأفكار. 

يظن ألف ظان أن طه حسين عظيم لأنه الوزير الوحيد في تاريخ مصر الذي توزر رغم أنه خسر نعمة البصر. لكن في الحقيقة، فإن جمال وروعة وعبقرية «حسين» هي أنه لم يبذل في سبيل منصب الوزير تذللا أو خضوعًا، ولم يشايع سدنة المؤسسات الدينية، ولم يقبل بنفاق الشارع تحت مصطلح «السياسة» تذلفًا وإرضاءً. قال الرجل ما يؤمن به، وانتصر بعقله على نقولات الجهلاء، وموروثات أصحاب المسابح واللحى، الذين أقاموا حواجز من التخويف والتخوين أمام كل مَن استخدم عقله.

 كان طرح طه حسين لفكرة الشك هو أولى خطوات الإصلاح والتيقن، ففي تصوره فإنه يجب (ويجب هنا تعني يجب) أن نشك في كل كلام منقول، ونُخضع  كافة الأمور لمعيار المنطقية والمنفعة بعيدا عن القولبة الحزبية، أو الفئوية، أو التحيزات لعين وصاد وسين.

مبكرًا ومبكرًا جدًا أطلق الرجل دعواه لإصلاح مصر قبل ما يقارب القرن، لكن صراعات الكراسي، والمكاسب، والسلطة حالت دون تنفيذ مشروعه، الذي كان يتبنى إصلاح العقل المصري، وربطه بالعلم والمعرفة، ومنحه التعددية والقدرة على استيعاب كافة الآراء المخالفة، وتحرره من التعصب الديني والمجتمعي. 

إن تحليل كتابات الرجل ودراستها واعادة نشرها يدفعنا أيضًا أن نجدد مناهج التفكير في جامعاتنا لنفكر مرة أخرى في قوالب صماء تغلّف عقولنا وتحجب الرؤية عن مؤسساتنا وتحتم علينا إعادة انتاج التخلف مرات ومرات. 

نحن في حاجة لمطاردة المعرفة والانتصار للعلم وإعلاء قيم التفكير والابتكار وتقبل الآخر والتسامح والقبول بالتعددية والسعي لاستقراء القادم ومقاربة الحداثة.

يبدو الشاعر محمود درويش حيًا ويقظًا بما كتبه عندما يطل علينا ببيت شعر رائع يصلح للتعليق على عقل طه حسين وقيمته. صحيح أنه كتبه عن أبي العلاء المعري، لكنه يصلح أيضًا لعملاق مصر المبصر طه حسين. يقول «درويش» على لسان «المعري» مخاطبًا جحافل الجهلة والسائرين في القطيع «لست أعمى لأبصر ما تبصرون.. فإن البصيرة نورٌ، يؤدي إلى عدمٍ أو جنون».

والله أعلم.

 

 HYPERLINK «mailto:[email protected]» [email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد عقول مصر طه حسين الثامن والعشرين أكتوبر طه حسین

إقرأ أيضاً:

الرجل الثالث في الجيش الإسرائيلي يطلب التقاعد

طلب رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي اللواء عوديد بسيوك من رئيس هيئة الأركان الجديد إيال زامير التقاعد من منصبه الذي شغله على مدى 4 سنوات، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن بسيوك يعدّ الرجل الثالث في التسلسل الهرمي في الجيش الإسرائيلي (بعد رئيس الأركان ونائبه)، وكانت استقالته متوقعة وضرورية قبل يومين من استبدال رئيس الأركان هرتسي هاليفي، الذي استقال بدوره، وتعيين إيال زامير مكانه.

وأعلن بسيوك عن نيته التقاعد من الجيش في اجتماع عقده مع رئيس الأركان الجديد، الذي قُبل طلبه، لكن الأخير طلب منه الاستمرار في منصبه في الأشهر المقبلة في ضوء التحديات العملياتية، وفق المصدر ذاته.

وبحسب الصحيفة، لم يجد التحقيق في أداء شعبة العمليات أي إهمال أو تقصير كبير فيما يتصل بالهجوم في 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)، لكن كان من المتوقع أن يتحمل مسؤولياته بوصفه قائدا للشعبة، مرجحة أن يتقاعد مع بداية صيف 2025.

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلقت المقاومة الفلسطينية طوفان الأقصى ردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى، وفق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي قادت الهجوم.

إعلان

وتقول يديعوت أحرونوت إن تقاعد بسيوك يحمل أوجه تشابه مع تقاعد قادة آخرين من الجيش الإسرائيلي بسبب إخفاقات السابع من أكتوبر، قرب نهاية ولايتهم المتوقعة، مثل تقاعد قائد فرقة غزة السابق العميد آفي رونزفيلد.

ووفقا لتحقيقات نشرها الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي، كان بسيوك واحدا من 3 أعضاء في منتدى هيئة الأركان العامة الذين شاركوا في المشاورات الليلية التي سبقت السابع من أكتوبر، وكان معه رئيس الأركان هرتسي هاليفي وقائد القيادة الجنوبية السابق اللواء يارون فينكلمان.

وفي تلك الليلة، ظهرت في إسرائيل مؤشرات دالّة على أن حماس قد تشن هجوما، بما في ذلك تفعيل عشرات من شرائح الهواتف المحمولة الإسرائيلية في قطاع غزة، وحركة مشبوهة في منظومة الصواريخ.

وتتابع التحقيقات "رغم ذلك، فقد وجد مسؤولو الاستخبارات العسكرية تفسيرا مرضيا لكل منها، وكان التفسير الرئيسي هو تكرار مثل هذه الحالات في الأسابيع والأشهر والسنوات التي سبقت الحرب"، وفق المصدر ذاته.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن هاليفي استقالته من منصبه رئيسا للأركان، مؤكدا تحمّله مسؤولية فشل الجيش في منع هجوم حماس والتصدي له.

ووقتها، قال هاليفي في كلمة متلفزة "أستطيع أن أقول بكل ثقة، لم يخف أحد معلومات. لم يكن أحد يعرف ما سيحدث ولم يساعد أحد العدو على تنفيذ هجومه".

وأقرّ بذلك قائلا "فشلنا في 7 أكتوبر في المنع والدفاع، وسأحمل نتائج ذلك اليوم الرهيب معي لبقية حياتي".

وفي نفس يوم إعلان هاليفي استقالته، أعلن قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي يارون فينكلمان استقالته من منصبه.

ويقع قطاع غزة في نطاق مسؤولية المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي.

وسبق أن أعلن مسؤولون إسرائيليون مسؤولياتهم عن الفشل الاستخباراتي والعسكري في مواجهة حماس، وقدّم رئيس شعبة الاستخبارات بالجيش أهارون حاليفا استقالته في أبريل/نيسان 2024.

إعلان

واعتبر مسؤولون إسرائيليون هذا الهجوم إخفاقا سياسيا وأمنيا وعسكريا واستخباريا، وأجبر مسؤولين عسكريون واستخباراتيون على الاستقالة لفشلهم في توقعه ومواجهته.

مقالات مشابهة

  • الرجل الثالث في الجيش الإسرائيلي يطلب التقاعد
  • بعد سنوات من التفكير .. الرابر الأمريكي ليل ريس يشهر إسلامه في شهر رمضان
  • كشف هوية منفذ حادث الدهس في مانهايم بألمانيا
  • أنقذ حياة 2.4 مليون طفل.. وفاة الرجل ذو الذراع الذهبية
  • إحباط هجوماً إرهابياً في موسكو
  • ماهر الأسد.. وثائق تكشف خبايا إمبراطورية "الرجل الخفي"
  • وجدي الصحاف
  • عايدة رياض تحسم الجدل : لم أتزوج عرفيًا.. وهذه هي الحقيقة
  • تقنية QLED بين الحقيقة والتسويق
  • هل قلت شكرا مرة واحدة؟.. الحقيقة بعد ضغط ترامب وفانس على زيلينسكي؟