المتخصّرون.. موجز تاريخ عصا السنوار
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
عزيزي.. أرجو أن تصلك رسالتي هذه وأنت في خير وعافية ممسكًا بقلمك. كم أحب قراءة الرسائل، وأكره كتابتها. ولكن الخطب جليل، والمصاب عظيم، والانصراف عن الكتابة اليوم لون من التولّي المذموم، فالكلمات التي لا تصطفّ اليوم لتشكل محكيّة تساند المقاومة هي كلمات زور.
ها قد رحل السنوار، عنيدًا عاش، ومستفرغًا لوسعه في الغاية التي أوقف حياته عليها.
لتلك العصا يا صديقي نسبٌ عريق في عصيّ الصالحين. سأحكي لك قصتها متتبّعًا النسب المعنوي، لا سلالات الأخشاب. لقد كانت جدتها الأولى عصا التذكار التي نزلت مع آدم من الجنة فيما يرويه ابن عباس (ت67هـ). فقد اتخذ آدم عليه السلام عصا من أشجار الجنة حين أنزل إلى الأرض تذكّره بمنزله الأول، ومعاده الأخير، وحمل السنوار عصا من أشجار الأرض المباركة حين حانت ساعة ارتقائه إلى السماء وتوديع عالم الطين. أتراه كان يستعدّ للجنة، حيث تشبّع أبو إبراهيم بوصية إبراهيم عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج إذ قال له "يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قِيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"، فوجدنا في جعبته شيئا من تلك البذور التي تحملها أوراده ومطويات أذكاره؟ هل بلغ به حب فلسطين أن يفكر في زرع شجرة زيتون في الجنة، فحمل معه عصا من أشجارها؟ لستُ أدري.
ولم تزل أمهات تلك العصا يا صديقي في صحبة الصالحين والأنبياء، عونًا لهم. ومنهن عصا يعقوب وهي عصا الزيادة، وفيها معنى الوحدة التي تلد الكثرة. تحتفظ لنا التوراة بقصتها، إذ يقف يعقوب مناجيًا ربه شاكرًا لإنعامه معترفًا بتكريمه، فيقول "صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك. فإني بعصاي عبرت هذا الأردن، والآن قد صرت جيشين" (سفر التكوين 32: 10). لقد عبر يعقوب عليه السلام بعصا وعاد بجيشين، وفي عصا السنوار معنى الوحدة التي تلد الكثرة. فقد كان مشهد وداعه إيذانًا بنهاية الفرد، وميلاد معنى الجماعة، إذ قُتلَ وحيدًا منفردًا، لكنه ما إن ألقى العصا حتى تحوّل إلى أيقونة ملهمة من النضال والفداء ستلهم العديد بسلوك طريقه. لقد ألقى السنوار عصاه فالتقطتها آلاف الأيدي فكرة لوقف الحياة على مشروع التحرير. لا شيء أكثر إقناعًا للناس من أفكار يثبتها صاحبها بدمائه وفي آخر لحظات حياته.
ومن أمهاتها عصا موسى التي تعرف بعصا الآيات، "وتأخذ في يدك هذه العصا التي تصنع بها الآيات" هكذا خاطب الله موسى عليه السلام في سفر الخروج، وفي عصا السنوار تجلّت لنا بعض الآيات.
لقد كَبسَلَتْ العصا قصة السنوار، كما كَبْسَلت عصا موسى قصته مع العناية الإلهية. لم تتحول عصا موسى إلى حيّة حتى تلطّف الله به في مولده وإرجاعه إلى أمه، وإنقاذه من قصر فرعون ومن جنوده حين قتل المصري، ووصوله إلى مدين وزواجه وعودته إلى أهله وتجلّي الله له. كل هذا سبق تحويل عصاه إلى آية، كان هذا حين استفرغ موسى جهده في كل ما أقبل عليه. هل تعرف ماذا يعني أن ينفق المرء عشر سنوات ليسدد مهرَ زوجته؟
لقد كان موسى مقبلًا على شؤونه بكليّته. حين استنقذه الإسرائيلي على المصري لم يكتفِ بأن يحجز بينهما، وإنما ذهب إلى منتهى النصرة إذ قضى على خصمهما، وحين رأى المرأتين تذودان لم يكتف بنصح الرعيان بأن يقدموهما، بل أورد القطيع بنفسه وسقى لهما، وحين أرسل لم ينشغل بالدعوة الجماهيرية بل ذهب للصدام مع رأس النظام. بعد هذا كله صارت عصاه المحاطة بالعناية الإلهية قادرة على شقّ البحر. استفراغ الجهد هو المعنى الذي تدور عليه حياة السنوار، التقط أحمد ياسين هذه السمة في تلميذه فوكله بحسم ملف العملاء. وحين سُجن وضاقت عليه مساحة العمل استفرغ جهده لتدوين قصة المقاومين، وحين خرج لم يصرف جهده إلا في الفكرة الكبرى وهي التحرير! بعد هذا كله صارت عصاه قادرة على تسخير عدوه له في توثيق لقطته الأخيرة لينقل إلى العالم مشهد خروجه المسرحي.
لقد أكلت عصا موسى سحر فرعون، وأكلت عصا السنوار سحر إسرائيل والمحكيّة الصهيونية، وعمل الهاسباراة، ودعاية الإعلام الغربي، لم يكن السنوار تحت الأرض بطوابق يحتمي بالنساء والأسرى، بل كان يقاتلهم فوق الأرض على ارتفاع طابق. "فأُلقي السحرة ساجدين".
لم يفهم بنو إسرائيل أن عصا موسى ابنة القدرة والتأييد، وليست قبلة في ذاتها، لكنهم صيّروها وثنًا وحولوها إلى طقس. ولم يفهم العرب عصا السنوار، فتركوا معناها واعتنقوا الصورة. حين ذهب موسى مع عصاه إلى لقاء ربه خلفه قومه بعبادة العجل، وحين ارتقى يحيى إلى ربه خلفه بعضنا بعبادة إسرائيل، وأخذوا يطرحون خيارات الاستسلام.
ومن أمهات عصا السنوار يا صديقي عصا سليمان، وهي عصا الكشف. وهي العصا التي كشفت ادعاء الجن لقدرات خارقة وإحاطتهم بعالم الغيب، فبقوا في العذاب والسخرة إلى أن أكلتها الأرضة. وكان في عصا السنوار كشف لقدرات المخابرات الإسرائيلية التي صار كثير من أصحابنا يظنون أنها قد اطلعت على الغيب وأحاطت به علما، لا سيما بعد ما فعلته في لبنان. لم تصل المخابرات إليه ولا قاربته، بل لم تفهم أن الرجل الذي كانت تبحث عنه يقف أمامها في الميدان. بقيت الجن عامًا كاملًا في السخرة حتى أنقذتهم دابة الأرض، وظل الصهاينة عاما في التيه حتى أنقذتهم المصادفة.
ومن أمهاتها من عصيّ العرب عصا قس بن ساعدة الإيادي (ت نحو 600م/23 ق.هـ) التي اتخذها لخطبته، وكان أول من اتخذ عصا للخطابة كما يخبرنا أبو عثمان الجاحظ (ت255هـ/868م)، وفيها -أعني عصيّ العرب- معنى زائد، ففيها روح لا نعرف ماهيتها. تسخر مني؟ وتقول جُنّ صاحبي؟ فما هي الروح التي تكون في عصا جامدة؟ فأقول لك: هل تراها مصادفة أن يكون قس بن ساعدة الذي اتخذ عصا لخطبه من أوائل الموحدين في فترة بين النبوات؟ ألم يظهر جذع خشبيّ في المدينة مشاعر المحبة والشوق إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، وخبره ثابت عندك في صحيح البخاري (ت256هـ/869م)، بل هل تراها مصادفة أن تثأر العصا التي كان يخطب بها عثمان رضي الله عنه من أحد الثوّار عليه. فقد حكى الطبري أن عثمان كان يتخصّر بعصا في خطبته، فقام إليه الجهجاه الغفاري وهو يخطب فكسرها على ركبته، فدخلت شظية منها في ركبته فأصابته الأكلة، فلم يعش بعدها عامًا! أليس غريبا هذا التشابه بين العربي وعصاه؟
ذكرتَ لي مرة عصا عبد الله بن أنيس الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم لقتل خالد بن سفيان الهذلي الذي كان يجمع القبائل لغزو المدينة، فقتله وعاد مستبشرًا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أفلح الوجه، وأعطاه عصا ليتخصّر بها (يتكئ عليها) وقال له "آية بيني وبينك يوم القيامة إن أقل الناس المتخصرون يومئذ يوم القيامة"، فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمّت معه في كفنه ثم دفنا جميعا. ونحن نرجو أن يدخل أبو إبراهيم الجنة غدًا متخصرًا بعصاه.
وفي عصا السنوار معنى من معاني جدتها؛ عصا عكاشة بن حصن التي أعطاه إياها النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر حين كسر سيفه، فعادت في يده سيفًا صلتًا فما زال يشهد به المشاهد بعدها. وإني أقول لك: ما لم تستحل عصا السنوار سيوفًا في أيدي العرب والمسلمين فلن تقف إسرائيل بعده عند حد، إن هذا العدو لا يردعه الحِلمُ وإنما الخوف. كان عكاشة قد سمى عصاه "عونًا"، فماذا نسمي عصا السنوار؟
في عصا السنوار قوة نور ساطع يا صديقي ينبغي أن يستضيء به الجيل كما سطع النور في بعض أمهاتها، وهي عصا أسيد بن الحضير وعباد بن بشر عندما خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم، في آخر الليل، فكانت تضيء لهما الطريق فلما افترقا أضاءت عصا الآخر. وفي عصا السنوار نور معنوي؛ لقد أثبت لنا أن العدو قابل للكسر، وتمكن هزيمته، فضلًا عن الصمود أمامه. لقد صمد الغزيون عامًا كاملًا أمامه، فماذا تراه يكون لو دُخل عليه من أقطارها، من الأردن ولبنان ومصر وسوريا؟ لقد أضاءت عصا السنوار الطريق، لكن من يا تُرى سيستضيء بها، ويسير معها أجيلنا هذا، أم جيل قادم؟
كم تشبه عصا السنوار جدّتها عصا/درة عمر التي شهدت توطيد الحكم الإسلامي، والقضاء على إمبراطوريتين، وكانت ملخصة لعدله وحزمه وشدة بأسه. وشهدت عصا السنوار بذرة مشروع للمقاومة والتحرر، فقد أغمض السنوار عينيه وقد انكمش بسبب فتكته الكبرى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول انتشار المستوطنين في الشمال والجنوب الفلسطيني.
ولعصا يحيى السنوار يا سيدي أخت غير شقيقة، حملها سميُّه يحيى الصرصري الحنبلي (ت650هـ/1252) في مقاومته للمغول حين غزوا بغداد. يحكي لنا ابن رجب الحنبلي (ت795هـ/1393م) مشهده الأخير التي غابت عنه كاميرا المسيّرات فيقول "ولما دخل هولاكو وجنده الكفار إلى بغداد كان الشيخ يحمى بها، فلما دخلوا عليه قاتلهم. ويقال إنه قتل منهم بعكازه (عصاه)، ثم قتلوه شهيدا".
بعد افتراقنا بالأمس، لاح في ذهني خاطر غريب، أشاركك إياه؛ أترى تكون عصا السنوار طليعة الشجر إلينا، في الإعداد لمعركتنا الكبرى، ألم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الشجر (إلا الغرقد) سيتحالف غدًا معنا في قتال عدونا من اليهود؟ لا تعجب، ففي العصا قوة توحيد وإيمان، ألم يثبت عندنا أن الأشجار تسبّح، وأن شجرة أجابت النبي صلى الله عليه وسلم وشهدت برسالته، كما في الحديث في صحيح ابن حبّان (ت356هـ/965م) ولو رأيت "الغرقد" حليفهم من الأشجار لرأيت شجرة بلا جذع، وإنما كومة من الأغصان الشوكيّة، فلا يمكن أن تنتج العصيّ! أليس هذا غريبًا؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات النبی صلى الله علیه وسلم علیه السلام عصا موسى
إقرأ أيضاً:
الشيخ قاسم: مساندة غزة واجبة ومستمرون في تنفيذ خطة الحرب التي وضعها السيد نصرالله
الثورة نت/
أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني الجديد الشيخ نعيم قاسم، أن برنامج عمله هو “استمرارية لبرنامج عمل القائد السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه في كل المجالات، السياسية والجهادية والاجتماعية والثقافية”.
وقال الشيخ قاسم في أول كلمة له اليوم الاربعاء، بعد تعيينه أمينًا عامًا لحزب الله خلفاً للشهيد السيد حسن نصرالله: “سنستمر في تنفيذ خطة الحرب التي وضعها مع قيادة المقاومة، وسنبقى في مسار الحرب ضمن التوجهات السياسية المرسومة”.
وأضاف: “نتعامل مع تطورات هذه المرحلة بمراحلها.. من هنا سأتناول بعض القضايا كمحطة لتبيانها وتحديد موقفنا منها.. أولا، مساندة غزة، كانت واجبة لمواجهة خطر إسرائيل على المنطقة بأسرها من بوابة غزة.. ولحقّ أهل غزة علينا وعلى الجميع أن ينصروهم، لهم حق إنساني وعربي وإسلامي وديني وقومي.. لا يقال لنا لماذا ساندتموهم.. بل يقال للآخرين لماذا لم تساندوا أهل غزة؟.
وتابع: وُجدت مقاومتنا لمواجهة الاحتلال ونواياه التوسعية ومن أجل تحرير الأرض، بعضهم يعتبر أن “إسرائيل” استفزت، وهل تحتاج “إسرائيل” إلى ذريعة؟ هل نسينا 75 سنة من قتل الفلسطينيين وتهجيرهم وسلب الأرض والمقدسات والأملاك والقدرات وارتكاب المجازر، ورأينا فقط ما حصل في طوفان الأقصى كتعبير حقيقي عن هذا الرفض لهذا الاحتلال لمدة 75 سنة؟.
وأردف بالقول: في لبنان قبل أن يكون حزب الله موجوداً اعتدت “إسرائيل” سنة 1978 ودخلت إلى جزء من الأرض ولم تخرج، رغم القرار الدولي 425.. اجتاحت “إسرائيل” لبنان سنة 1982 ولم يكن حزب الله موجوداً بحجة ضرب المقاومة الفلسطينية والمقاومة الوطنية اللبنانية.. بقيت من سنة 1982 إلى سنة 2000.. لماذا؟ لأنها كانت تريد أن تؤسس لشريط حدودي يهيئ لها التوسع في المستوطنات وتستغل وجودها في الداخل اللبناني كي تضمن أن لا يعارضها أحد.
وأكد الشيخ قاسم أن “مقاومة حزب الله، مقاومة حركة أمل، مقاومة الأحزاب الذين اجتمعوا جميعاً على المستوى اللبناني في مواجهة العدو الإسرائيلي هي التي أخرجت إسرائيل.. القرارات الدولية لم تخرج “إسرائيل”.. المقاومة هي التي أخرجت “إسرائيل” في تضافر جهود بين المقاومة والجيش والشعب”.
وأكمل: بعد عدوان يوليو (تموز) سنة 2006 كان القرار 1701، وانتهى العدوان بناءاً للطلب الصهيوني وبناءاً لقناعتنا بأن هذا العدوان يجب أن يكون له حد.. ماذا كانت النتيجة؟
وقال: من 2006 إلى أكتوبر 2023 أي 17 عاماً والعدو الصهيوني يعتدي يومياً على لبنان.. اسألوا الجيش اللبناني واسألوا الأمم المتحدة واسألوا قوات الطوارئ الدولية، 39 ألف خرق جوي وبحري، ماذا كانوا يفعلون؟ كانوا يصورون وكانوا يرصدون تحركاتنا وكانوا يجمعون داتا للمعلومات، حتى حصل ما حصل في هذا الوقت.. اذاً، لا تقولوا كانت “إسرائيل” ملتزمة ونحن تحرشنا بها، لم تكن “إسرائيل” ملتزمة، 39 ألف خرق هذا يعني أنهم كانوا يعتدون.
كما أعلن الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنه “في السابع من أكتوبر حصل طوفان الأقصى، في 11 أكتوبر، أي بعد أربعة أيام، كان هناك نقاش جدي في داخل الكيان الصهيوني مع الأمريكيين أن يخوضوا حربا ضد حزب الله في لبنان، بمعنى أنهم قد دخلوا في حرب ضد غزة يجب أن يدخلوا بمثيلتها ضد لبنان، طالما أن الولايات المتحدة فتحت مخازنها وإمكاناتها وتعطي الأموال وعندها الدعم السياسي والعالمي والإعلامي”.
واستدرك الشيخ قاسم: “لكن لم تقتنع الولايات المتحدة أنها فرصة، وكان هناك خلاف بين داخل الحكومة الصهيونية، وإلا كان لديهم فكرة أن يعتدوا على لبنان بـ 11 أكتوبر.. إذاً، النوايا موجودة”.
وأضاف: إنه قبل ذلك عودوا إلى النقاشات، عودوا إلى التصريحات القديمة، كل الإعلام الصهيوني وكل النقاشات كانت تقول يمكن أن تكون الحرب في لبنان في صيف 2023، أو في صيف 2024 أو في ربيع 2024، ما يعني أنهم كانوا يستعدون لفكرة حرب مفاجئة في وقت معين، وكانوا يدرسون كل خطواتها بمعزل عن حصول طوفان الأقصى.. وهذا الكلام كان قبل طوفان الأقصى.
وتابع: “عندما بدأت الحرب عقب طوفان الاقصى ووصلوا إلى لبنان، ماذا قال بنيامين نتنياهو؟ قال هذا من أجل الشرق الأوسط الجديد.. أعضاء في حكومته قال أحدهم أنه يريد أن ينشئ مستوطنات في داخل لبنان.. وغالانت اعتبر أن وجه الشرق الأوسط سيتغير من لبنان”.
وتساءل.. “كل هذه المعطيات ألا تبين النوايا العدوانية الصهيونية؟ هل يجب ان ننتظرهم لكي ينجزوا مشروعهم بالتوقيت الذي يريدونه؟”..
وقال: “الحمد لله أنه ألهمنا وتوفقنا بأن دخلنا بجبهة مساندة بقلب طيب وعن نية صادقة من أجل دعم غزة، ولكننا كسرنا مجموعة من الأفكار ومجموعة من المباغتات التي كان يمكن أن تحصل في وقت معين”.
وشدد بالقول: إنه “بالمقاومة نعطل مشروع “إسرائيل”، ونحن قادرون على ذلك.. أما بالانتظار بحجة عدم إعطاء الذريعة نخسر كل شيء، لأنه يمكن أن يباغتوننا في أوقات معينة، ويمكن أن يكونوا يعدّون إعدادات غير عادية”.
ووجه كلمته للذين يقولون لا تعطوا العدو الصهيوني الذريعة لبدء حرب على لبنان، وقال: “إسرائيل” ليست بحاجة لذريعة، ومن الأفضل أن يكون عندنا مقاومة ذات هجوم دفاعي، على من أن نكون من المنتظرين لا نفعل شيئا بانتظار أن تهجم علينا “إسرائيل” وتباغتنا بطريقة أو بأخرى.
وأضاف: نحن اعتبرنا أنفسنا في إطار الدفاع الاستباقي والجهوزية، وهذا هو مسار الحماية والتحرير.
وتابع الأمين العام لحزب الله: إننا “اليوم في غزة وفي لبنان وفي المنطقة، نواجه مشروعاً كبيراً، هذه ليست حرب صهيونية على لبنان وغزة، هذه حرب صهيونية أمريكية أوروبية عالمية.. فيها كل الإمكانات على مستوى العالم حتى تقضي على المقاومة وتقضي على شعوبنا في المنطقة”.
وقال الشيخ قاسم: “هذا مشروع بالحد الأدنى، أمريكي صهيوني، كامل التبني من قبل أمريكا.. تُستخدم في هذا المشروع كل الوحشية والإبادة والإجرام”، وتساءل قائلاً: هل من الممكن أن 43 ألف شهيد في غزة ألا يهز العالم؟ 100 ألف جريح لا يهز العالم.؟ مجزرة جباليا أكثر من مائة شهيد دفعة واحدة لا يهز العالم؟ قتل الأطفال الذين يلعبون على الأرض وكل الصور التي تعرض على شاشات التلفزة ووسائل التواصل لا يهز العالم؟ قصف الخيام حيث ينام الناس لا يهز العالم؟
وأضاف الشيخ قاسم: إننا ”أمام بشاعة ووحشية وإجرام، ولا يجوز على الإطلاق أن نقف ونتفرج، بل يجب أن نواجهه.. وصحيح ان هذه المواجهة فيها ألم وتضحيات، لكن تصوروا انه لو لم يكن يوجد مواجهة، ماذا كان حصل؟ هم يريدون أن نصبح خانعين مستسلمين يتحكمون بحياتنا ومستقبلنا ومستقبل أجيالنا”.
وتابع: “هذه المواجهة في كل الأحوال، ستكشف أن القيم الغربية، من يحدثنا عن حقوق الإنسان والطفولة والمرأة، هم كذابين.. هذه القيم كلها سقطت، لأنها تقف الى جانب المتوحشين، هذه القيم هي فقط لمن يؤمن بهم ويؤمن بأنهم هم سادة العالم على مستوى التوجيه والتربية.. هؤلاء الجماعة هم حثالة البشر بالتصرفات الشريرة التي يرتكبونها”.
وأكد أن صمود المقاومة الأسطوري في غزة وفي لبنان، ملحمة العزّة، وهي ستصنع مستقبل أجيالنا إن شاء الله تعالى.
وتوجه الامين العام لحزب الله في كلمته للأمين العام الشهيد السيد حسن نصرالله.. قائلا: إنه كان وسيبقى راية المقاومة.. مضيفاً: “سيدي أبا هادي سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، 32 عاماً وأنت تضخّ الإيمان والولاية والمقاومة في قلوب الشباب والنساء والشيوخ والأطفال”.
وأضاف: “كنا ننتظر إطلالتك تعبئنا بالصبر والأمل بالنصر.. صدقناك في كل كلمة كنت تقولها، وهكذا سقط الكذابون الدجالون”.
وتابع: “أحببناك حتى عندما نرى طيفك والمعادون مأزومين.. كنت وستبقى راية المقاومة المنصورة وحبيب المقاومين وخزان الأمل وبشير النصر ومعشوق التواقين إلى الحياة العزيزة.”
وفي جانب آخر من كلمته، أكد الشيخ نعيم قاسم، أن القائد الشهيد السيد هاشم صفي الدين “أحد أبرز الذين اتكأ عليهم سيدنا الشهيد السيد حسن نصرالله”.
وتحدّث الشيخ قاسم عن الشهيد القائد يحيى السنوار وعن خصاله وعمله في مواجهة الاحتلال الصهيوني طوال حياته.. قائلاً: إن الشهيد الكبير يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، هو أيقونة البطولة والمقاومة لفلسطين وأحرار العالم.
وأضاف: إن السنوار استشهد في المواجهة حتى آخر رمق، هو صلب شجاع مؤمن مستقيم عزيز وحر.. وأخاف العدو في سجنه وفي حريته، وسيبقى مخيفا للعدو بعد شهادته. واعتبر أن أمة أنجبت يحيى ستحيا في قلوب الفلسطينيين، عشاق التحرير وأسطورة الصمود ومفخرة الثبات”.
وتابع: “لقد التحق بأخيه الشهيد رئيس المكتب السياسي السابق الحاج إسماعيل هنية منارة وقدوة للأحرار”.
وشكر الشيخ نعيم قاسم “ثقة قيادة حزب الله، قيادة الشورى الموقرة، المؤتمنة من المجاهدين والناس على هذه المسيرة، لاختياره لهذا الحمل الثقيل”.. معتبراً أن هذا دليل ثقة. وقال: “أطلب العون من الله تعالى أن أكون خادماً لهذه المسيرة، مسيرة المجاهدين والشهداء، وأن أتحمل هذا الحمل الثقيل إن شاء الله تعالى”.
وأضاف الشيخ قاسم: إن هذه الأمانة هي أمانة السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه الذي قال لنا “الوصية الأساس حفظ المقاومة”.
وتابع: إن “هذه الأمانة هي أمانة القائد الكبير السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه.. وهنا استحضرت كلمته عندما استشهد سماحة الأمين العام السيد عباس الموسوي وخطب السيد حسن فقال: “أرادوا من قتلهم أميننا العام أن يهزموا فينا روح المقاومة وأن يحطموا إرادة الجهاد، ولكن دماءه سوف تبقى تغلي في عروقنا وستزيدنا عزما على المضي في هذه الطريق”.
وأردف: هذه الأمانة هي أمانة السيد هاشم صفي الدين، والشيخ راغب حرب، والشيخ نبيل قاووق.. والقادة الشهداء عماد مغنية، مصطفى بدر الدين.. فؤاد شكر، إبراهيم عقيل، علي كركي، حسان اللقيس.. مؤكداً أن “هؤلاء القادة الشهداء وغيرهم كثير، هي أمانتهم.. أسأل الله تعالى أن يعينني لحفظ الأمانة وأن أعمل مخلصا في طريق الجهاد والمقاومة”.