لجريدة عمان:
2025-03-04@09:39:49 GMT

الكاتب و«كليشيهات» الموت

تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT

«نادرًا ما تقرأ مقالًا جيدًا عن كاتبٍ توفي للتوّ، بل لعلّ بين أسوأ ما يمكن أن تقرأه هي تلك المقالات التي تُكتب على عجل بعد وفاة أي كاتب»! هكذا دوّن الشاعر السوري حسين بن حمزة على صفحته في فيسبوك، تعليقًا - على ما يبدو - على المقالات السريعة التي انهالت على فيسبوك في تأبين الروائي اللبناني إلياس خوري الذي رحل عن عالمنا يوم الأحد 15 سبتمبر 2024م.

وفي الحقيقة، فإن بن حمزة وصَّفَ بدقة واقع الوسط الثقافي العربي، سواء كُتّابه، أو صحفه ومؤسساته الثقافية، فما إن تُعلَن وفاة هذا الكاتب أو ذاك حتى تنهال «الكليشيهات» التأبينية ممن يعرفه، وممن لم يقرأ له حرفًا واحدا: «لروحك السلام»، «رحل جسدك لكن كلماتك باقية»، «خسرنا قامة أدبية كبيرة»، «ستظل في قلوبنا»، وعشرات العبارات المكرورة التي لو سمعها الكاتب الميت لخرج من قبره وأطلق في وجوهنا الصرخة الشهيرة للروائي الفرنسي بلزاك: «كلمة مدح واحدة في حياتي، أحبّ إليّ من ألف كلمة بعد موتي».

لا تُستثنى من هذا التعاطي المكرور مع وفيات الكتّاب الصفحات الثقافية في الصحف ووكالات الأنباء، ففي الغالب ستختار أشهر عمل للكاتب المتوفَى وستتلاعب بكلمات عنوانه، لتصنع منها البنط العريض لخبر وفاته، وهذه أمثلة:

- «إلياس خوري يغادر الدنيا تاركًا «باب الشمس» مفتوحًا»، (موقع BBC والإشارة هنا إلى رواية «باب الشمس»، أشهر أعمال خوري).

- «إسماعيل كاداريه عاد إلى «قصر الأحلام». (صحيفة الأخبار اللبنانية تعليقًا على وفاة كاداريه في 1 يوليو 2024م، و «قصر الأحلام» هي إحدى رواياته الشهيرة)

- بهاء طاهر يُطفئ شمعته الأخيرة بواحة الغروب (عكاظ السعودية مُعنوِنةً خبر وفاة الروائي المصري المعروف في 27 أكتوبر 2022م، و «واحة الغروب» هي روايته الفائزة بالبوكر).

- المخرج المسرحي هاني مطاوع يسافر وحده (موقع «البوابة نيوز» معلنًا وفاة المخرج المصري المعروف في 28 أغسطس 2015، والإشارة إلى مسرحيته «يا مسافر وحدك»)

- محمد الحارثي يودع القصيدة التي ودّ كتابتَها. (الوطن العُمانية في اليوم التالي لرحيل الشاعر العُماني محمد الحارثي في 27 مايو 2018م، والإشارة إلى عنوان كتابٍ عن الحارثي تتصدره صورته هو «حياتي قصيدة وددتُ لو أكتبها»).

- رشاد أبو شاور «وداعًا يا ذكرين» (منصة فلسطين الثقافية في خبرها عن وفاة الروائي والقاص الفلسطيني رشاد أبو شاور في 28 سبتمبر 2024، و «وداعًا يا ذكرين» هو عنوان إحدى رواياته).

ويستطيع المرء أن يقيس على هذا عشرات التأبينات التي كُتبتْ وتكتب يوميًّا في وداع الكتاب والأدباء والفنانين، وهؤلاء - أي الفنانون - يُستعاض عن عناوين الكتب في تأبينهم بعناوين أعمالهم الفنية كما رأينا في حالة هاني مطاوع. إنه الكلام الجاهزّ المعبأ في قناني، والمحفوظ في الثلاجة، وكل ما يفعله هؤلاء المؤبِّنون هو فتح هذه الثلاجة وتناول «قنينة كلام» كلما دعت الحاجة، ولذا فإنني لم أستغرب تعليق الشاعرة والتشكيلية السورية بسمة شيخو على تدوينة حسين بن حمزة: « أعرف من يحضّر مقالات رثاء عن الكتّاب أثناء مرضهم، ليكون سبّاقًا في النشر»!

وفي الواقع، أستطيع أن أضيف إلى ملاحظة الشاعرة السورية أن هناك من يُجهّز صورته مع الكاتب المريض، ليضعها على صفحته في فيسبوك أو «إكس» بمجرد أن يُعلَنَ خبر الوفاة، مع تعليق: «وداعًا فلان الفلاني». وقد عرفتُ شخصيًّا كاتبًا على هذه الشاكلة، اشتهر بأنه يضع في صفحته صورتَه مع الكاتب الراحل بعد دقائق فقط من رحيله مصحوبة بعبارة «وداعا فلان»، بل إنه أحيانًا لا ينتظِر الوفاة فيزور الكُتّاب المرضى في المستشفى، ويلتقط معهم الصور التي لا بُدَّ أن يبدو هو فيها مبتسمًا، فيما تظهر على هؤلاء المساكين علامات الضعف والوهن، وأحيانًا الاحتضار. وبمجرد مغادرة المستشفى يضع الصورة في صفحتيه على فيسبوك و «إكس» مع عبارة «زرنا الكاتب الفلاني واطمأننّا على صحته»!

في أحيانٍ نادرة، يكون التأبين المكتوب متوازِنًا؛ يترحم المؤبِّن على الكاتب الميت، ويذكر مناقبه وفضائله، ولكنه لا يغضّ الطرف عن عيوبه، يسرد بعضًا من حكاياته الشخصية معه التي لا تُظهره ملاكًا بالضرورة، فتكون النتيجة أن يتلقى هذا المؤبِّنُ سيلًا من التقريع والتوبيخ، لأنه لم يكتفِ بذكر محاسن ميِّتِه كما تأمره المقولة المأثورة. يحضرني في هذا السياق تدوينة فيسبوكية كتبها روائي عربي في تأبين روائي عربي آخر، ابتدأها بإطرائه لأنه كان «مثقفًا لم يهادن في كتابته أية سلطة، [..] وبقي وفيًا للكلمة الحرة والنقية»، ثم ما لبث أن عبّر عن رأيه فيه: «شخصيته - بالنسبة لي- لا تطاق، على الأقل في أول معرفتي به، وجدته صاخبًا قليل التهذيب وعُدوانيًّا»، لينطلق بعدها في سرد بعض حكاياته معه، ثم يُبدي رأيه في كتبه، ما أعجبه منها وما لم يعجبه. في الحقيقة، أُعجبتُ شخصيًّا بهذا التأبين، لأنه لم يكن مجرد مديح مستهلَك تفرضه مناسبة الموت، ومع ذلك توقعتُ أن كاتبه لن يُترَك دون تقريع، لأنه تجرأ على نقد ميتٍ لم تمضِ إلا ساعات على موته. وهذا ما حصل بالفعل فقد كتب روائي عربي آخر منشورًا في صفحته يقول فيه: « كنت أطالع ما كتبه كاتب عربي عن [..] بمناسبة رحيله، وصحيح أن الكتاب لا يتسامحون مع بعضهم البعض، وكل واحد ينظر لنفسه على أنه ذرة رفيعة، ونجمة فريدة، وبالتالي صعب أن تكون بينهم صلات حقيقية إلا في حالات نادرة، [..] وما أريد قوله إنه يمكن تجاوز كل هذا بعد الوفاة، فما الفائدة أن نتذكر الشخص بمساوئه».

هناك نوع آخر من «الكليشيهات» المصاحِبة لوفاة الكاتب ينبغي الإشارة إليه، ولكن لضيق المساحة سأؤجل هذا الأمر إلى مقال الأسبوع القادم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کاتب ا وداع ا

إقرأ أيضاً:

تنديد عربي وتحذير أوروبي من وقف المساعدات لغزة

نددت دول عربية بقرار إسرائيل وقف المساعدات لغزة وفق بنود اتفاق وقف إطلاق النار، في حين شجب الاتحاد الأوروبي رفض حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مقترح تمديد المرحلة الأولى، الذي اعتبرته خرقا للاتفاق.

وحذر الاتحاد الأوروبي من أن قرار إسرائيل منع دخول جميع المساعدات الإنسانية قد يؤدي إلى عواقب إنسانية خطيرة.

ودعا الاتحاد إلى استئناف سريع للمفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الهدنة، مؤكدًا دعمه القوي للوسطاء.

وأشار إلى أن وقف إطلاق النار الدائم سيسهم في إطلاق سراح جميع "الرهائن" الإسرائيليين مع ضمان الظروف اللازمة لبدء التعافي وإعادة إعمار قطاع غزة.

كما جدد الاتحاد دعوته لضمان وصول آمن وسريع وغير مقيد للمساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين المحتاجين، وتمكين العاملين في المجال الإنساني والمنظمات الدولية من العمل بفعالية داخل غزة.

وأكد أن بعثة المساعدة الحدودية التابعة للاتحاد الأوروبي عند معبر رفح مستعدة لمواصلة عملها إذا طلبت الأطراف ذلك.

وعند منتصف ليلة السبت انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بقطاع غزة رسميا، والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب وسط عراقيل من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

إعلان

وقبل ساعات، قال مكتب نتنياهو -في بيان- إن رئيس الوزراء قرر أنه "ابتداء من صباح اليوم (الأحد) سيتوقف دخول كل البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة".

وقوبل موقف نتنياهو بانتقاد شديد وهجوم من أهالي الأسرى وسياسيين إسرائيليين، إذ اتهموه بالتهرب من مفاوضات المرحلة الثانية وتعريض حياة الأسرى للخطر.

وعقب قرار إيقاف المساعدات، قالت حركة حماس، في بيان، إن وقف المساعدات الإنسانية يعد ابتزازا رخيصا وجريمة حرب وانقلابا سافرا على الاتفاق.

ودعت الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) والمجتمع الدولي إلى التحرك للضغط على الاحتلال ووقف إجراءاته العقابية وغير الأخلاقية بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة.

السعودية

وفي السياق، أدانت السعودية قرار الحكومة الإسرائيلية وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة واستخدامها أداة للابتزاز والعقاب الجماعي، مؤكدة أن ذلك يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي.

وقالت الخارجية السعودية إن ذلك يعد مساسًا مباشرا بقواعد القانون الدولي الإنساني في ظل الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق.

مصر

كذلك، أدانت مصر قرار إسرائيل، مؤكدة أن ذلك يعد انتهاكا صارخا لاتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع بين حركة حماس وتل أبيب.

وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إنها تدين القرار الصادر عن الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وغلق المعابر المستخدمة في أعمال الإغاثة الإنسانية.

وأكدت أن تلك الإجراءات تعد انتهاكا صارخا لاتفاق وقف إطلاق النار، وللقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وكافة الشرائع الدينية.

وشددت مصر على عدم وجود أي مبرر أو ظرف أو منطق يمكن أن يسمح باستخدام تجويع المدنيين الأبرياء وفرض الحصار عليهم، لاسيما خلال شهر رمضان، کسلاح ضد الشعب الفلسطيني.

إعلان

وطالبت القاهرة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لوقف جميع الممارسات غير الشرعية وغير الإنسانية التي تستهدف المدنيين، وإدانة محاولات تحقيق الأغراض السياسية من خلال تعريض حياة الأبرياء للخطر.

الأردن

وفي خطوة مماثلة، أدانت وزارة الخارجية الأردنية بأشد العبارات قرار إسرائيل وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وإغلاق المعابر المستخدمة لهذه الغاية.

واعتبرت الخارجية الأردنية، في بيان، قرار تل أبيب وقف إدخال المساعدات لغزة خرقا فاضحا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ولاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب لعام 1949.

وشدد الناطق باسم الوزارة سفيان القضاة على أن قرار الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكا فاضحا لاتفاق وقف إطلاق النار، مما يهدد بتفجر الأوضاع مجددا في القطاع.

وأكد القضاة على ضرورة أن توقف إسرائيل استخدام التجويع سلاحا ضد الفلسطينيين والأبرياء من خلال فرض الحصار عليهم، خصوصا خلال شهر رمضان المبارك.

كما دعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل بالاستمرار في اتفاق وقف إطلاق النار، وضمان تنفيذ مراحله كافة، وفتح المعابر المخصصة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء قطاع غزة، الذي يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة.

قطر

وفي معرض إدانتها لوقف إسرائيل إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، أكدت الخارجية القطرية، في بيان، الرفض القاطع لاستخدام إسرائيل الغذاء سلاح حرب (بغزة) وتجويع المدنيين.

ودعت المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بضمان دخول المساعدات بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى كافة مناطق القطاع.

وجاء في البيان: قطر تدين بشدة قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتعدّه انتهاكا صارخا لاتفاق وقف إطلاق النار، وللقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وكافة الشرائع الدينية.

إعلان

وجددت خارجية قطر موقفها الثابت من عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق بما في ذلك إقامة دولته المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

الكويت

وفي بيان، أعربت وزارة الخارجية الكويتية عن إدانة بلادها واستنكارها الشديد لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

واعتبرت أن هذا الإجراء انتهاك صارخ للقانون الدولي، ومخالف للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، غير آبه بالآثار الوحشية التي خلفتها الحرب على غزة.

وجدد البيان موقف دولة الكويت المطالب بوقف مثل تلك القرارات والسياسات التي لا تراعي مبادئ الانسانية، وتمنع الأشقاء الفلسطينيين من أبسط حقوقهم، وتستخدم سياسة التجويع للضغط عليهم، لاسيما في شهر رمضان المبارك.

وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025 إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • بعد مطالبته بكشف قتلة يحيى موسى.. مليشيا الحوثي تختطف الكاتب الحراسي بذمار
  • سعاد صالح: أنا ضد مسلسل"معاوية" لأنه يسبب فتنة بين السنة والشيعة
  • مدرب مانشستر يونايتد بعد وداع كأس الاتحاد الإنجليزي: «لم نكن في يومنا»
  • تنديد عربي وتحذير أوروبي من وقف المساعدات لغزة
  • تقرير: وفاة أكثر من 3000 ليبي بسبب حوادث الطرق في 2024
  • يجب استغلال غضب الخروج.. أول تعليق من مدرب يوفنتوس بعد وداع الكأس
  • لأنه بلد غير آمن.. بريطانيا تحذر مواطنيها من السفر إلى الجزائر
  • كاريكاتير| الموت البطيء في سجون الاحتلال
  • ‏‎الموت يفجع الفنان باسم سمرة
  • فيديو.. حماس تنشر فيديو "وداع" الرهائن في غزة