بعد نجاح الضغوط الأمريكية.. الكرة الآن في ملعب إيران
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
ما سيحدث لاحقًا في تبادل الصواريخ المتصاعد والمتقطع بين إسرائيل وإيران قد يعتمد بشكل كبير على من سيفوز بالانتخابات الأمريكية بعد عشرة أيام من الآن.
ومع انقشاع الغبار في إيران، تشير المؤشرات الأولية إلى أن الدبلوماسية الأمريكية نجحت، ولو مؤقتًا، في تهدئة المخاوف من ردود فعل انتقامية متبادلة.
وتنبأ مصدر إقليمي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لشبكة سي إن إن الأمريكية، بدقة بعدم رد إيران على آخر ضربة إسرائيلية على البلاد في أبريل، حين قال إن إيران "ستحتوي" هذه الضربة أيضًا.
وانقسم الإسرائيليون حول هذه العملية، والتي قد تجعل الضربات اللاحقة أكثر أمانًا، لكنها لم تستهدف مواقع نووية أو نفطية إيرانية. ما يتفقون عليه هو أن تقليص قائمة الأهداف جاء نتيجة للضغوط الأمريكية.
ومنذ القصف الإيراني بصواريخ باليستية التي استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية قبل حوالي شهر، دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى رد "متناسب".
إذا كانت تدخلات بايدن قد أثمرت، فقد يكون هذا أوضح مؤشر منذ أكثر من عام على الحرب بأن البيت الأبيض ما زال يتمتع ببعض التأثير على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ومن المعروف أن نتنياهو يفضل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، المعروف بموقفه الصارم تجاه إيران، على نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات القادمة.
قد يكون ما شهدناه الليلة الماضية ضربة تكتيكية من نتنياهو لتثبيت الأوضاع. لكن الكرة الآن، بكل وضوح، في ملعب إيران.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
خيارات نتنياهو لو فشلت مفاوضات نووي إيران
في حين تتواصل جولات المحادثات بين إيران والولايات المتحدة -أعلن عن تأجيل الجولة الرابعة- بخصوص الملف النووي، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تهديداته بتدمير كل القدرات النووية لإيران، معتبرا أنها تشكل أكبر تهديد لإسرائيل.
وفي خطاباته على مدار الفترة الماضية كرر نتنياهو مخاوفه بشأن المحادثات النووية، وشدد على أن المشكلة الرئيسية هي برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وتخصيب اليورانيوم، وهي الخطوط الحمراء القديمة الجديدة التي تضعها تل أبيب لطهران.
وتناول نتنياهو في خطابه أمام مؤتمر السياسة الدولية -الذي عقد الأحد الماضي في القدس- المحادثات النووية الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، وقال "أعدنا الإيرانيين 10 سنوات إلى الوراء بعد ما ظنوا أنهم اقتربوا من حيازة سلاح نووي".
وأضاف "سندمر المفاعلات النووية الإيرانية ومنشآت التخصيب لنتأكد من أنهم لن يتمكنوا من التخصيب لأي غرض، ولن نقبل إلا بتدمير كل قدرات إيران النووية لنتأكد من عدم محاولتهم إحياء برنامجهم مع إدارة أميركية أخرى".
استدعاء على عجلرغم أن هذه المواقف ليست جديدة على نتنياهو، فإنه لا يمكن فصلها عن لقاء السابع من أبريل/نيسان حين استدعي على عجل إلى واشنطن لمقابلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي "فاجأه بإطلاق المفاوضات مع طهران في عُمان، بل إنه غادر اللقاء مرتبكًا"، وفقًا لوصف القناة 12 الإسرائيلية.
إعلانولم يستطع نتنياهو أن يصرح بشروطه أمام الإعلان المفاجئ لترامب عن المفاوضات، لكنه شدد بعد أيام على ضرورة تطبيق النموذج الليبي لتفكيك البرنامج النووي الإيراني.
ويعلق المحلل العسكري عاموس هرائيل في صحيفة هآرتس أن "الأمر الذي يخشاه نتنياهو على الأرجح، ولكنه بالتأكيد لا يريد التعبير عنه بصوت عالٍ، هو أن يوقع ترامب على اتفاق متوسط أو حتى سيئ، لا يزيل التهديد الإيراني عن الطاولة، لكن إسرائيل ستضطر إلى قبوله بصمت خوفًا من رد فعل أميركي قاس".
ومن جهته، قال نداف إيال في مقال نشرته يديعوت أحرونوت إن مخاوف المؤسسة الأمنية هي التوصل لاتفاق، حتى لو كان أضعف من الاتفاق النووي السابق الذي جاء به باراك أوباما.
ونقل عن مسؤول أمني كبير قوله "إن الاتفاق الجديد لا ينبغي أن يكون مجرد خدعة، وينبغي أن يكون أقل خطورة من الاتفاق النووي السابق، وإلا فإن الحرب القادمة مع إيران ستكون أكثر صعوبة".
ويرى رئيس تحرير صحيفة الوفاق الإيرانية مختار حداد في حديث للجزيرة نت "أن نتنياهو يخشى بشدة التوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران، في ظل الإشارات الإيجابية التي تصدر من الطرفين، وهو يسعى لتخريب أي اتفاق كما فعل في اتفاق 2015 من خلال الضغوط التي مارسها على ترامب في ولايته الأولى.
العصا والجزرةسبق أن نشرت صحيفة نيويورك تايمز في منتصف الشهر الماضي أن الرئيس ترامب منع هجوما إسرائيليا كان مخططا له على إيران، ورد ترامب بقوله "لم أمنع هجوما على إيران، ولا أقول إنني استبعدت ذلك، ولست مستعجلًا على القيام بذلك، لأنني أعتقد أن إيران لديها فرصة لأن تكون دولة عظيمة وأن تعيش بسعادة، وأود أن أرى ذلك يتحقق، هذا هو خياري الأول".
ورغم العصا الأميركية التي يلوح بها ترامب كل فترة بخصوص إيران إذا لم يتم التوصل لاتفاق فإن تصريحاته بعد الجولة الثالثة من المفاوضات تعكس أجواء متفائلة.
إعلانففي تصريح لافت يوم الجمعة الماضية قال ترامب لمجلة تايم بمناسبة مرور 100 يوم على توليه منصبه "لن يجرني نتنياهو إلى الحرب، وأعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق مع إيران".
وقد سبق ذلك الدفع بقوات أميركية كبيرة إلى المنطقة، ونقلت الولايات المتحدة بطارية من نظام ثاد للدفاع الصاروخي إلى إسرائيل، بالإضافة إلى بطاريتين من نظام باتريوت، كما نشرت أسراب مقاتلات، وقاذفات شبح وأسلحة إستراتيجية.
وتظهر بيانات الطيران أن ما لا يقل عن 140 طائرة نقل ثقيلة أميركية هبطت في عدة قواعد رئيسية في المنطقة، وذلك في إطار تعزيز القوات الأميركية بالقرب من اليمن وإيران، كما نشرت قاذفات شبح من طراز "بي-2" في قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي.
تضليل نتنياهويرى الخبير في شؤون الولايات المتحدة والباحث الكبير في مركز بيغين السادات للدراسات الإستراتيجية في جامعة بار إيلان البروفيسور إيتان جلبوع أن تهديدات ترامب باستخدام القوة إذا رفضت إيران التفاوض أدت إلى تضليل نتنياهو ودفعه إلى تقييم أن واشنطن تنوي بجدية تنفيذ تهديداته ومهاجمة إيران، خصوصا مع تركيز قوات عسكرية بشكل غير مسبوق في المنطقة.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف الثلاثاء بأن ترامب يهاجم قواعد الحوثيين في اليمن يوميًا ليثبت لإيران أيضًا أنه لا يخاف من استخدام القوة العسكرية، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها رئيس أميركي خيارًا عسكريًا موثوقًا أمام إيران، لكن ترامب أطلق التهديدات وحشد القوى لدعم الخيار العسكري، وليس لاستخدامه.
من جهته، يرى المختص في الشؤون الإسرائيلية مأمون أبو عامر أن تهديدات نتنياهو ووزراء حكومته تأتي في سياق التلويح بورقة ضرب المشروع الإيراني، وقد استخدمها نتنياهو طوال عقدين من حكمه وهي ورقة مهمة جدًا في سياسته الخارجية.
ويتابع أنه عندما اتضح لنتنياهو أن ترامب عازم على إجراء محادثات مع إيران والتوصل إلى اتفاق معها، أرسل الوزير رون ديرمر ورئيس الموساد ديدي برنياع إلى باريس للقاء ستيفن ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي والتأثير عليه لقبول موقف نتنياهو، بتفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل.
إعلانوحسب البروفيسور جلبوع فقد وقع نتنياهو في الفخ فهو يخشى من الاتفاق الذي أصبح في طور التشكيل، لكن خلافًا للماضي، فهو صامت ويمتنع عن انتقاد ترامب أو ويتكوف، وهو يتوقع مفاوضات لا يستطيع التأثير عليها، وقد تنتهي باتفاق قد يُنظر إليه على أنه خطير على إسرائيل.
يرى مراقبون أن تهديدات نتنياهو -رغم أنها مكررة- فإنها تحمل بين طياتها تلويحًا بعصا الهجوم العسكري لإيران من جهة، وفي المقابل لإدارة ترامب بأن إسرائيل قد تندفع لتخريب الاتفاق إذا لم يكن مناسبًا لطموحاتها الأمنية، والإستراتيجية.
كذلك فإنها تأتي في ظل حالة نشوة واندفاع وبدعم من اليمين المتطرف، ضمن تصريحاته المتواصلة بتغيير وجه الشرق الأوسط.
ويعتقد مستشار الأمن القومي مايكل والتز أن التوصل إلى اتفاق فعال، يتضمن أيضًا الإشارة إلى برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وربما علاقاتها الإقليمية بحلفائها من حركات المقاومة والحوثيين أمر ضروري.
وحسب نداف إيال في يديعوت أحرونوت فإن الإصرار على هذه النقاط سيؤدي -حسب تقييم مصادر استخباراتية إسرائيلية- إلى انهيار المحادثات مع إيران.
ولا يستبعد أن تقوم إسرائيل بتخريب الاتفاق عبر ضربة منفردة لإيران ومهاجمة جزء من منشآتها النووية رغم ضعف تأثيرها، إذ من الممكن أن يسعى نتنياهو لتوريط إدارة ترامب عسكريا لإجبارها على الاصطفاف بجانبه أمام أي هجوم انتقامي إيراني، وفقًا للمختص في الشؤون الإسرائيلية أبو عامر.
وعندما سُئل ترامب الجمعة عمّا إذا كانت بلاده ستبقى خارج المعركة إذا ما بدأت إسرائيل حربًا مع إيران؟ فأجاب: "لا، لم أقل ذلك. قلتُ إننا لن ننجرّ، لكنني قد أدخل الحرب برغبة كبيرة إذا لم ننجح في التوصل إلى اتفاق، إذا لم يُتوصل إلى اتفاق مع إيران، فسأقود المعركة".
إعلان السيناريوهات المتوقعةونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مسؤول إسرائيلي بأن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن المفاوضات بين واشنطن وطهران يرجح أن تنتهي باتفاق، مضيفًا: لا نعلم هل سيضمن الاتفاق تفكيك منشآت التخصيب كليًا أم سيشبه الاتفاق السابق".
ولكن رغم الأجواء الإيجابية التي تعكسها جولات المفاوضات الثلاث بين إيران وإدارة ترامب فإن السيناريوهات المطروحة متباينة جدًا.
ولم يستبعد أبو عامر أن يتم التوصل لاتفاق يشمل برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، كما أن إدارة ترامب يمكن أن تصل لاتفاق مع إيران عبر اتفاق اقتصادي يستفيد منه كلا الطرفين يشمل الاستفادة من المخزونات من المعادن النادرة التي يحتويها باطن الأرض في إيران، مما يساعد ترامب على التخلص من السيطرة الصينية على توريد المعادن النادرة المهمة جدًا للصناعات العسكرية والتكنولوجية.
ورغم إمكانية الوصول لاتفاق أشار أبو عامر إلى 3 سيناريوهات متوقعة:
الأول: تعثر المفاوضات، وعليه، ستذهب أميركا لضربة محدودة ضد إيران، لإثبات جديتها بخصوص الخيار العسكري، وإخضاعها للموافقة على الشروط الأميركية، وقد يكون دور لإسرائيل في هذا السيناريو هو رأس الحربة للهجوم، وتبادل للأدوار مع الأميركان الذين سيشاركون بالدعم اللوجستي والدفاعي. الثاني: تعثر المفاوضات وتدهور الأوضاع لمنحدر مواجهة عسكرية خطيرة، وهذا قد يكون من ضمن رؤية ترامب "السلام بالقوة"، عبر إخضاع المنطقة بالقوة، وما يحدث في غزة، وسوريا ولبنان، واليمن، قد ينتهي في إيران، من أجل إخضاع المنطقة وابتزازها ونهب الأموال وهذه الطريقة التي يفكر فيها ترامب. الثالث: ولم يستبعد أن يكون الحديث عن تقدم المفاوضات والحديث عن أجواء إيجابية مخادعًا لإلقاء اللوم على إيران بفشل المفاوضات، كمبرر للعدوان، وهذا السيناريو، يوجد له مؤشرات واضحة في ظل الحشود العسكرية الضخمة الأميركية، في منطقة الخليج العربي والمحيط الهندي. إعلان تفاؤل بشأن المفاوضاتلكن، في المقابل، فإن التصريحات تشير إلى ارتياح الأطراف من سير المحادثات، كما كان من المقرر أن تجري طهران محادثات في العاصمة الإيطالية روما -اليوم الجمعة- مع دول الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) بهدف تحسين العلاقات قبل جولة المفاوضات الرابعة مع الولايات المتحدة مطلع الأسبوع المقبل، لكن أعلن عن تأجيل الجولتين.
وعقب الجولة الثالثة من المفاوضات التي احتضنتها العاصمة العُمانية مسقط، أكد مسؤولون أميركيون أن المحادثات تسير كما هو متوقع، كما صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي بأن المحادثات مع طهران "تسير بشكل جيد للغاية".
كما سبق أن أعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن ارتياحه للمحادثات، وقال "أنا راضٍ عن سير المفاوضات مع الولايات المتحدة ووتيرة سيرها، وهناك جدية وإصرار من الجانبين على التوصل إلى اتفاق".
واتهم عراقجي رئيس نتنياهو بـ"إملاء" إرادته على السياسة الأميركية في المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني.