ألقى الدكتور أيمن أبو عمر رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة - نائبًا عن وزير الأوقاف الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف كلمة في المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، الذي تنظمه جمعية الإعجاز العلمي المتجدد.
وذلك بحضور الأستاذ الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، والأستاذ الدكتور محمود صديق نائب رئيس جامعة الأزهر الشريف نائبا عن الأستاذ الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر الشريف، والأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد العزيز المصلح الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة والرئيس الشرفي للمؤتمر، والدكتور علي فؤاد مخيمر رئيس جمعية الإعجاز العلمي ورئيس المؤتمر، والأستاذة الدكتورة نهلة الصعيدي مستشار فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والأستاذة الدكتورة إلهام شاهين نائبًا عن أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والأستاذ الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، والدكتور محمود الفخراني مساعد الوزير لشئون الامتحانات والتدريب.

وفي بداية كلمته نقل للحضور تحيات وتقدير الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، وتمنياتِه لهذا المؤتمر المبارك بالنجاح وللقائمين عليه بالتوفيق، ‏وخالصِ دعواته الصادقة بأن تكون مخرجات هذا المؤتمر مرجعًا استرشاديًّا في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة النبوية المشرفة.

وجاء في كلمته أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أيد الله ـ عز وجل ـ بها نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولقد تعددت صور الإعجاز في هذا الكتاب العزيز، ما بين إعجاز بياني، وإعجاز غيبي، وإعجاز تشريعي، وإعجاز علمي، وغير ذلك من صور الإعجاز التي لا تنتهي ولن تنتهي، وفي ذلك يقول الإمام السيوطي رحمه الله: اختلف أهل العلم في وجه إعجاز القرآن الكريم وذكروا في ذلك وجوهًا كثيرة كلها حكمةٌ وصوابٌ، ولكنهم على الرغم من ذلك ما بلغوا في بيان وجوه إعجازه جزءًا واحدًا من عشر معشاره، ولا عجب في ذلك؛ فهو كلام الله ـ عز وجل ـ الذي لا تنقضي عجائبه ولا يَخْلَقُ على كثرةِ الردِّ.

مضيفًا، أن الإعجاز البياني في القرآن الكريم هو أول صورة من صور الإعجاز التي أدركتها عقول البشر، فمنذ أولِّ يوم تلقت فيه أسماعُ النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنوارَ الوحي الإلهي الشريف، ثم ساقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الناس بلسان عربي مبين أدهشت آياتُه عقولَهم ، وأخذت معانيه بقلوبهم، وانحنت له رؤوسُهم وهاماتُهم، وقد تحداهم الله ـ عز وجل ـ وهم أهل البلاغة والفصاحة، وتحدى معهم الإنس والجن جميعا على أن يأتوا بحديثٍ مثله فعجزوا، وعجز الناس على مر الأزمنة من بعدهم عن القيام بحق هذا التحدي، يقول ـ جل شأنه ـ: "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا"، ‏وقد كان لهذه الصورة من الإعجاز أثرها البالغ في قلوب السامعين، سواء المقرُّ منهم والجاحد، من آمن منهم ومن لم يؤمن، وهكذا القرآن الكريم إذا خالطت ألفاظه الأسماعَ استبشرت به النفوس وانشرحت له الصدور، ووجد القلب من آثاره لذة وحلاوة وروعة وجلالًا ومهابة ليست لغيره من الكلام مهما بلغت فصاحته.

‏وأوضح أنه ليس أدل على ذلك التأثير من كلام نردده جميعا حينما نتحدث عن وصف القرآن وبلاغته، مع أن هذا الكلام شهادةُ رجل لم يؤمن ولم يسلم، بل كان من أعداء دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهو الوليد بن المغيرة حينما عُرض عليه أن يطعن في القرآن، فقال: وماذا أقول بعد ما سمعت! إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه. والحق ما شهدت به الأعداء!.

ومما لا شك فيه أن الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وجه خاص من وجوه الإعجاز، الذي لا يقل أهمية وتأثيرا عن الإعجاز البياني، خاصة في عصرنا الذي وُسِم بأنه عصر العلم، والذي أصبح فيه الإقناعُ العلمي المؤيد بالحجة والبرهان والدليل صمامَ أمان لبعض العقول من الزيغ والضلال، وطريقًا رشيدا للقلوب الحائرة التي ضلت عن الهداية والأمان، وذلك من خلال استنباطِ الحقائق العلمية المقررة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وإلقاءِ الضوء عليها، وبيانِ الإعجاز في عنصر الزمان الذي تحدث فيه النبي الأكرم ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن هذه الظواهر قبل الكشف عنها بمئات السنين، وفي وقت لم يمتلك أهله تلك الأدوات المعرفية التي تؤهلهم للوصول إلى هذه الاكتشافات مما يمتلكه الناس في عصرنا؛ ليتحقق في هذا قول الله ـ عز وجل ـ: "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ".

ولقد فطن لذلك علماء أجلاء قبل مئات السنين، يقول الإمام الفخر الرازي، المتوفى سنة ٦٠٦ هجرية: إن المتقدمين إذا ذكروا وجها في تفسير الآية فذلك لا يمنع المتأخرين من استنباط وجه آخر في تفسيرها. 
وتأكيدًا على هذا المعنى الذي ذكره هذا الإمام العَلَم، تعالوا بنا لقول الله ـ عز وجل ـ: ﴿ فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)، فكيف تلقى الناس في عصر النبوة هذه الآية، وكيف فهموا قول الله ـ عز وجل ـ: (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) لعل قلوبَهم تلقتها وعقولَهم تلقفتها من جانب الإعجاز البياني والوقوف عند التفسير الضيِّق الذي تتحدث عنه الآية على أنه ضيق نفسي، وهذا فهم مقبول.

وأوضح أنه عندما يثبت العلم الحديث أن الأكسجين يتناقص في طبقات الجو كلما صعدنا لأعلى، وعند ذلك يشعر الإنسان بضيق في الصدر وصعوبة في التنفس الطبيعي درجة بعد درجة، حتى يصل الضيق إلى أشد مراحله وهي مرحلة الحرج التي لا يستطيع الأكسجين بعدها أن ينفُذ إلى الدم، لابد لنا أن نقر بهذه الحقيقة العلمية في هذه الآية، وأن نظهر الإعجاز العلمي فيها إلى الناس جنبا إلى جنب مع الإعجاز البلاغي في تشبيه هذه الحالة المعنوية بحالة حسية لم تكن معلومة للبشر وقت نزول القرآن، ولم تتضح حقيقتُها إلا في عصرنا هذا.

وأكد أن ما يقال عن الإعجاز في القرآن الكريم يقال عن الإعجاز في السنة النبوية المطهرة، أحد قسمي الوحي الإلهي الذي أنزله الله ـ عز وجل ـ على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، و الله ـ عز وجل ـ يقول عن نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى"، وفي قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي اله عنهما ـ حينما أمسك عن الكتابة وقد نهته قريش عن ذلك، قالوا له: تكتبُ كل شيء تسمعه من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ورسول الله بشر يتكلم في الغضب وفي الرضا، فلما ذكر ذلك للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى فيه، وقال له: "اكتب يا عبد الله فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلا الحق".

وفي ختام كلمته سأل الله ـ عز وجل ـ لهذا المؤتمر وللقائمين عليه التوفيق والسداد، ولجامعةِ الأزهر العريقة دوام الرقي والتقدم بقيادة رئيسها الفاضل الأستاذ الدكتور سلامة داود، وأن يديم علينا نعمة الأزهر الشريف بوسطيته وسماحته، وأن يبارك في عمر شيخنا وإمامنا الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ـ حفظه الله ـ، وأن يحفظ مصر قيادة وشعبا بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يعجّل بالفرج لإخواننا المستضعفين في كل مكان.

‎وفي ختام اللقاء تم إهداء درع المؤتمر للأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، تقديرًا لجهوده العلمية والدعوية، وتسلمه نيابة عن وزير الأوقاف الدكتور أيمن أبو عمر رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدكتور أيمن أبو عمر الدعوة وزير الأوقاف أسامة الأزهري المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي القرآن ـ صلى الله علیه وسلم ـ فی القرآن الکریم العلمی فی القرآن الأستاذ الدکتور الإعجاز العلمی الله ـ عز وجل ـ الأزهر الشریف وزیر الأوقاف الإعجاز فی عن الإعجاز

إقرأ أيضاً:

بدء مؤتمر البحث العلمي في ظل الذكاء الاصطناعي بجامعة الأزهر .. غدا

تنطلق غدًا الأحد أعمال المؤتمر الدولي الثاني عشر لكلية الدراسات الإنسانية بنات القاهرة بعنوان: (الدراسات الإنسانية والبحث العلمي في ظل الذكاء الاصطناعي التحديات والفرص رؤية مستقبلية) برعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والأستاذ الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس الجامعة.

ويهدف المؤتمر إلى:
1-     إبراز أهمية الدراسات الإنسانية في تحقيق رؤية مصر 2030م للتنمية المستدامة في ظل الذكاء الاصطناعي.

2-    تحقيق دور جامعة الأزهر في مسايرة التطورات العالمية والحفاظ على ثوابت الدين الإسلامي.

3-    استعراض استخدمات تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الدراسات الإنسانية ودورها في الحفاظ على التاريخ والثقافة والهوية.

4-    تأصيل مفاهيم الذكاء الاصطناعى والبحث العلمى مما يدعم الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي.

5-    استشراف مستقبل الدراسات الإنسانية في ظل الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.

ويتضمن عدة محاور تتمثل في: 
المحور الأول: أخلاقيات البحث العلمي ودوره في تحقيق التنمية المستدامة في ظل الذكاء الاصطناعي.

المحور الثاني: الذكاء الاصطناعي والحفاظ على التاريخ والثقافة والهوية.

المحور الثالث: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الدراسات الإنسانية.

المحور الرابع: الذكاء الاصطناعي ومستقبل الدراسات الإنسانية.

المحور الخامس: الدراسات اللغوية والأدبية في ظل الذكاء الاصطناعي.

يعقد المؤتمر بإشراف الأستاذ الدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، والأستاذ الدكتور محمد فكري، نائب رئيس الجامعة لفرع البنات، ورئاسة الأستاذة الدكتورة أميمة فهمي، عميدة كلية الدراسات الإنسانية بنات القاهرة، وتستمر جلساته على مدار يومي 16 و17 فبراير بقاعة الأزهر للمؤتمرات، ويتابع أعماله الأستاذة الدكتورة منى صبحي نور الدين، وكيلة الكلية للدراسات العليا والبحوث مقرر المؤتمر، والأستاذة الدكتورة كريمة عبد المجيد عبد الشافي، وكيلة الكلية لشئون التعليم والطلاب نائب رئيس المؤتمر.

مقالات مشابهة

  • جامعة الدلتا تستضيف الملتقى العلمي السنوي لطلاب الصيدلة في دورته الـ24
  • الأمين العام لحزب الله يلقي كلمة غدا في ذكرى الشهداء القادة
  • بدء مؤتمر البحث العلمي في ظل الذكاء الاصطناعي بجامعة الأزهر .. غدا
  • علامات الساعة الصغرى والكبرى كما وردت في القرآن والسنة
  • أمين الأمم المتحدة يلقي كلمة أمام مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي
  • ما رد ترامب على سؤال من يلقي عليه اللوم في بدء الحرب روسيا أم أوكرانيا؟
  • رئيس جامعة الأزهر: القرآن يجسد الإعجاز العلمي والبلاغي بأقل الكلمات
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: جاه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • وزير الأوقاف يشهد احتفال الوزارة بليلة النصف من شعبان
  • إمام مسجد عمرو بن العاص: شعبان شهر ترضية رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا السبب