39 عاما من الذكريات الضائعة.. إيطالي يستيقظ من غيبوبة ليجد نفسه محاصراً في زمن مفقود
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
في حادث مأساوي وقع عام 2019، فقد لوتشيانو دا أدامو، البالغ من العمر 63 عاماً، ذاكرة 39 عاماً من حياته بعد تعرضه لحادث سير على طريق "فيا ديلي فورناسي".
عندما استيقظ من غيبوبة استمرت عدة أيام، وجد أدامو نفسه عالقاً في زمن مختلف؛ فقد كان يعتقد أنه لا يزال شاباً في الرابعة والعشرين من عمره يعيش في ثمانينات القرن الماضي، بينما تغير العالم من حوله بشكل جذري.
عندما استعاد لوتشيانو وعيه في المستشفى، طلب رقم هاتف منزل والدته. وعندما أخبروه بوصول سيدة إلى غرفته، ظن أنها والدته. إلا أن المفاجأة كانت في دخول امرأة غريبة عليه، فنظر إليها بدهشة وقال: "نادَتني باسمي لوتشيانو، فأتساءل كيف تعرفيني".
ومع تفاقم الارتباك، ظهر رجل آخر يدّعي أنه ابنه، مما زاد من حيرته: "كيف يمكن أن يكون ابنًا لي بينما وُلد قبل وقت طويل من ولادتي؟ وماذا عن زوجتي؟ لم أكن متزوجًا، بل كنت مخطوبًا، وكنت على وشك الالتقاء بفتاة في التاسعة عشر من عمرها".
وعندما نهض من السرير ونظر في المرآة، صرخ لوتشيانو من صدمته لرؤية رجل بشعر أشيب. "لقد تحول الصبي البالغ من العمر 24 عامًا إلى رجل يبلغ من العمر 63 عامًا، وبدأت أفهم أن كل هذا صحيح".
ذكرت صحيفة "إل ميساجيرو" الإيطالية، أن الأطباء أبلغوا أدامو بأن الحادث لم يقع في منطقة مونتي ماريو كما كان يعتقد، بل حدث في فيا ديلي فورناسي، وأنه لم يكن في عام 1980، بل في عام 2019.
وأوضح الأطباء أن الإصابة التي تعرض لها في رأسه هي السبب وراء فقدانه لذاكرة 39 عاماً، مما أدى إلى عدم تذكره أحداثاً مهمة في حياته.
في لحظة صادمة، عبّر لوتشيانو عن مشاعره قائلاً: "عندما نظرت إلى نفسي في المرآة، لم أستطع تحمل ذلك. سألت نفسي: من هذا؟".
هذه الفجوة الزمنية جعلته غير مدرك لوجود زوجته وأطفاله، وحتى أحفاده، مما ترك جزءاً كبيراً من حياته محذوفاً بالكامل.
بعد عامين من العلاج المكثف، لا يزال أدامو يواجه تحديات كبيرة في استعادة ذكرياته التي فقدها نتيجة حادث سيارة في عام 2019. الحادث أدى إلى إصابة في رأسه، مما جعل منه شخصًا محاصرًا في زمن مختلف، غير قادر على تذكر الأحداث المهمة التي شكلت حياته.
عندما يستخدم لوتشيانو الإنترنت، يكتشف معلومات وأحداثًا لم يكن على علم بها مثل زلزال إيربينيا أو انتصارات المنتخب الوطني الإيطالي في كأس العالم. يقول لوتشيانو: "لم أكن أعرف ما إذا كانت روما قد فازت بلقبين"، معبرًا عن دهشته وحيرته من الفجوة الزمنية التي يعيشها.
كما أنه لا يزال يتأقلم مع التكنولوجيا الحديثة، حيث يعبّر عن استغرابه من الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر بطريقة غريبة. يروي إحدى لحظاته قائلاً: "عندما رأيت الصور، قلت له: ماما ميا، كل هذه الصور، أين السلك؟".
اليوم، يعيش لوتشيانو في روما ويعمل في مدرسة، آملاً في استعادة قطع مفقودة من حياته. ورغم التحديات المستمرة وصعوبة التكيف مع ما فقده، يظل لوتشيانو مصممًا على مواجهة الواقع الجديد بإرادة قوية وعزيمة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إيطاليا تلتف على حكم قضائي وتصدر مرسوما يقلص عدد البلدان "الآمنة" للمهاجرين إيطاليا: مقتل شخص جراء الفيضانات المدمرة التي ضربت البلاد إضراب تاريخي لعمال السيارات في إيطاليا للمطالبة بحماية الوظائف حياة برية حادث الواقع الافتراضي علاج روماالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 إسرائيل حزب الله غزة قتل ضحايا الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 إسرائيل حزب الله غزة قتل ضحايا حياة برية حادث الواقع الافتراضي علاج روما الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 إسرائيل حزب الله غزة قتل أسلحة ضحايا قصف الحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لبنان السياسة الأوروبية البالغ من العمر یعرض الآن Next حادث سیارة
إقرأ أيضاً:
هات “الجِفت” يا خليل
هات “الجِفت” يا خليل
د. #حفظي_اشتية
العنوان لقاسم حداد شاعر البحرين الأشهر. أما #الجفت فهو #بندقية_صيد ذات فوّهتين. وأما خليل فهو خليل حاوي الشاعر اللبناني الذي انتحر عشية الاجتياح الإسرائيلي لبيروت سنة 1982م.
في هذه الظروف المريرة التي نعيش، نظن أنّ ” #خليل_حاوي ” يسكن في حنايا كثيرين منا، إذ تمثّل حياته ــ بصدق ــ عذاباتنا وخيبات آمالنا ونهاياتنا الفاجعة.
مقالات ذات صلةوالده من بلدة “الشويّر” الوادعة الواقعة في متن جبل لبنان، المطلّة على جبل “صنّين”. كان يعمل بَنّاءً، ويتنقل بأسرته بين لبنان والجولان وجبل العرب “الدروز” حيثما يُطلب للعمل.
ولد خليل في قرية “الهُوَيّة” في جبل العرب، وفي سن الثالثة عشرة أعاق المرضُ والده عن العمل، فاضطرــ لإعالة أسرته ــ أن يترك الدراسة، ويمارس مهنة والده في رصف الطرق وتبليط البيوت. لكنّ طموحه للتعليم لم ينقطع، فتقدّم لامتحان البكالوريا، ونجح بتفوق، والتحق بالجامعة الأمريكية في بيروت ليحصل على الشهادة الجامعية الأولى، ثم أكمل الماجستير، وحصل على الدكتوراة من جامعة “كامبردج” في أطروحة عن جبران خليل جبران، وعاد ليعمل أستاذا جامعيا في دائرة اللغة العربية في الجامعة الأمريكية، وبدأت تصدر دواوينه الشعرية تباعا، وكانت تعبّر عن قضية حياته المركزية وهي الدعوة إلى الانبعاث العربي، وإيقاظ الأمة العربية لتجاوز نكباتها المتتالية منذ بدء الاستعمار الغربي والتغلغل الصهيوني، ونكبة فلسطين 1948م، وما تلاها من نكسات وهزائم تترى حفرت في نفسه الأبية العروبية الحساسة أخاديد الأسى، وثوّرت أعاصير الألم وتباريح الهمّ والجوى، فتساقطت نفسه المعذَّبة أنفسا عديدة، وذبلت صرخاته، وأنّت روحه من ثقل صمته: “طال صمتي… مَن تُرى يسمع صوتا صارخا في صمته؟! يسمع صوتي؟!…. لِأَمُتْ غير شهيد… مفصحا عن غصّة الإفصاح في قطع الوريد…”
ولعل كلامه هذا كان إخطارا خطيرا وإشهارا مريرا بنيّته المبيّتة قبل موته بسنوات.
ثم جاء الهول عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان سنة 1982م، وتقدمت جحافلها نحو بيروت رغم البطولات الخارقة الهائلة للمدافعين الشرفاء، لكنه ميزان القوى الظالم الذي ينحاز دوما للأعداء!!!
غاص الألم عميقا في قلب خليل، وشاهت الدنيا في وجهه، وغار الأمل بعيدا في الدرك الأسفل، وطغى اليأس وادلهمّ.
وفي ليلة 6/6/1982 ذكرى النكسة القديمة الجديدة، عمّ الاضطراب بيروت، ولعلع الرصاص في كل مكان، فأدركَ خليل يقينا أن الحلم الكبير قد ضاع، فصرخ دون أن يكون لصرخته أيّ صدى: “يا لثقل العار!! هل حملته وحدي؟!”
وأسرّ إلى صديقه قائلا: “لم يبقَ أمامي غير الانتحار، فلا معنى لوجودي”.
صعد إلى شقته، وخرج إلى الشرفة قبل منتصف الليل معلنا ولادة قصيدته الخالدة التي كتبها بدمه القاني. صوّب بندقيته صَوْب رأسه، وضغط الزناد، لمعت شعلة البارود في عتمة الليل البهيم، فطار مِحجر العين وجزء من الرأس، وتهاوى الجسم الجريح على البندقية و”درابزين” الشرفة، وبقي كذلك إلى أن أطلّ الصباح البائس، وذاع الخبر الفاجع.
ومنذ ذلك الحين، وعلى مدي أكثر من أربعين عاما، ما زال كثير من الأدباء يستعيدون مرارة الذكرى، يُبدئون ويعيدون في أسباب الانتحار، ويفترقون وفق ذلك في مسالك شتى بين أسباب اجتماعية أو عاطفية أو نفسية أو وطنية….. بعضهم يرى الانتحار مخالفة شرعية عظمى، وبعضهم يراه انهزاما لأن الشاعر رائد أمته وحامل مشعل هدايتها، وعليه الثبات مقاوما في طليعتها.
وآخرون يؤكدون أن الفقيد كان صادقا أمينا مع نفسه، جبليّا صعب المراس، عروبيا منتميا مخلصا لأمته، مواجها شجاعا جبّارا، لا جبانا متهالكا خوّارا، مرهف الإحساس أنوفا، يؤمن بأن الشاعر ضمير الأمة ووعيها المتوهّج، عاش عمره وفيّا لأمله، وصيّا على حلمه. وعندما سُقط في يده فجّر الباقي من هذا العمر في رصاصة لعل ضياها يهدي الحائرين، ولعل صوتها يوقظ الغافلين ليدركوا الأهوال الحتمية القادمة.
وقد أثمر ذلك حركة أدبية نقدية عظيمة ما زالت تتجدّد وتتمدّد…. وكلما استجدّت مناسبة لانكسار عربي، حامت روح خليل في الأفق، وسطعت جذوة رصاصته وردّد المدى صداها، فبعد عقود كتب “قاسم حداد” :
“هات الجفت يا خليل” (إلى الشاعر خليل حاوي بمناسبة الذل العام) فخاطبه بكلمات تقطر أسى وحسرة على واقعنا العربي. منها قوله : “رأيتَ الصرح الشامخة الذي بنيتَه بالمخيّلة لنهضة العرب على شفير الهاوية، وسمعتَ هدير جنازير الدبابات الإسرائيلية قريبا من شارع بَالاس، دون أن تكون لدى العرب قدرة المجابهة والدفاع…. لذلك كله تناولتَ الجفت، وخرجتَ إلى شرفة البيت، وضعتَ الفوّهة في الرأس، وأطلقتَ مثل شخص يصطاد نفسه…. معك حق يا خليل، فمن يحلم بحضارة تنبعث في شرق جديد، ثم يرى حلمه يتعرّض للدمار والانهيار قبل أن يكتمل، فمن حقه علينا أن نصدّق معاناته، ونصقل له الطريق كي ينتحر، ونذهب نحن إلى النوم جريحي القلب، كسيري الروح، مشوَّشي الضمير، وعلى درجة عالية من تورّم الوهم بأنه ثمّة أمل في الأمل….”
ثم مرت سنوات عجاف وسنوات بعد حسرات قاسم حداد، توالت فيها أحداث عصفت ببقايا آمالنا، وزرعت في عالمنا أهوالا ومفاجآت.
تُرى ماذا كان سيفعل خليل حاوي لو شهد نكبة غزة الحرة المقاومة الصامدة العصية؟؟! أو مأساة لبنان الأرز الجميل وشعبه الصابر الوفي النبيل؟؟!
أم تُرى ماذا كان سيفعل لو أطلّ علينا من عُلاه ليرى الأعداء قد توسّدوا سنام جبل الشيخ، وتربّعوا على قمته، وأجالوا النظر إلى منتهاه في أقاصي مشرقنا العربي وأدناه، بينما دباباتهم تجوس القنيطرة وريف دمشق ودرعا…. وتسيطر على ثرواتها ومياهها وحورانها، وتخطب بعاطفة مصطنعة لزجة ماكرة ممقوتة وُدَّ الأحفاد الأحرار لسلطان باشا الأطرش الثائر الأكبر على الاستعمار الفرنسي!!!
صدق من قال :
رُبَّ يومٍ بكيتُ منه فلمّا صرتُ في غيره بكيتُ عليه
ألمْ يحن الأوان لهذه الأمة أن تستشعر الخطر المحدق، فتستنهض طاقاتها الوفيرة، وإمكاناتها العظيمة، وتدرك يقينا أن عدوها الحقيقي الآن واحد لا ثاني له ولا شريك، إنه النظام الرسمي الغربي وذراعه الصهيوني العدواني؟؟؟ وما سوى ذلك، فما هو إلا عداوات مفتعلة جرّاء خلافات حدودية مذهبية حزبية طائفية عبثية غبية.