بمجرد أن تضع الخطوة الأولى في طريقك المؤدي إلى المستشفى، ينقبض صدرك ويرتفع لديك هرمون الكورتيزول، فأنت لست خارجًا في نزهة، والمكان الذي تقصده ليس صالة سينما أو ملعب كرة قدم أو سبلة أفراح.
تنفتح البوابة الإلكترونية الكبيرة أمامك، وفي الممر الطويل المؤدي إلى الأجنحة تُبصر من بعيد الزوار القادمين من ولايات وقد تجمعوا بالقرب من نوافير المياه بانتظار حلول الساعة الرابعة عصرًا، موعد بدء الزيارة.
ما إن تدلف إلى الجناح الذي يرقد فيه مريضك حتى تنفذ إلى أنفك رائحة المكان المكتظ بالزوار والمُركَبات الكيميائية للأدوية، وهنُ الأجساد التي تستلقي على الأسِرة التي يحجب بعضها عن بعض قماش الستائر القصير.
لن تحتاج إلى جهد كبير حتى تعثر على سرير المريض الذي جئت إليه، لأن وقع ضحكات زواره المتعالية الذين اصطفوا على طول الممر تصل إليك من بعيد.. تُسلِّم على المتحلقين به شخصًا شخصًا وكأنك في «سبلة عزاء».
تُضطر إلى أخذ «العلوم والأخبار» من فم الشخص الذي اتفقوا عليه بعد اختلاف ممل ورتيب، ثم تبحث لك عن مساحة تتمكن من الوقوف فيها لتتكلم مع المريض دون إرغامه طبعًا على إعادة أسطوانة قصة مرضه وأسبابه والعلاجات التي تعِب من روايتها كلما زاره شخص جديد.
ولأنك تعي أن هدف زيارتك هو تزويد الشخص الذي يعز عليك بجرعات الأمل مداواةً لنفسيته المُرهقة، تمتنع قاصدًا عن سرد أو اجترار أي حديث حول الأسقام والأمراض أو تجارب مررت بها أو نقلها لك آخرون، مدركًا أن ذلك مدعاة لتثبيط معنوياته وإحباطه.
تفعل ذلك لليقين الذي لديك بأن كثيرين ممن يزورون مرضاهم تعوزهم ثقافة بث روح التفاؤل التي هم بحاجة إليها، وإيمانًا منك بدور هذا الجانب المهم في تسريع التعافي وقدرة الطاقة الإيجابية على التخفيف من الآلام والمعاناة والشعور باليأس.
ولأنك على يقين بأن الكلمة كالرصاصة لا يمكن التحكم بمقدار الضرر الذي قد تُحدثه عندما تخرج من فوهة البندقية، تتوخى الحذر من نطق أي كلمة مدمرة قد تفلت من لسانك دون أن تتمكن من قياس وقعها وتأثيرها على الشخص الذي أمامك.. تحرص على فحص عباراتك ووزنها قبل إصدارها؛ فالكلمة الطيبة صدقة، وما يخرج عن الألسنة دون تقدير مدعاة لإلحاق الأذى.
النقطة الأخيرة:
يقول لقمان الحكيم: «إن من الكلام ما هو أشد من الحجر، وأنفذ من وخز الإبر، وأمر من الصبر، وأحر من الجمر، وإن من القلوب مزارع، فازرع فيها الكلمة الطيبة، فإن لم تنبت كلها ينبت بعضها».
عُمر العبري كاتب عُماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بدعم من رؤى جلالة الملك.. حرير تمكّن أطفال غزة والأردن من المشي مجددًا
صراحة نيوز- استجابةً للنداء الإنساني، وسيرًا على نهج جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الوقوف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين، وخاصة من قطاع غزة، وامتدادًا لدور الدولة الأردنية في إغاثة المنكوبين ومساندة المرضى والمحتاجين، قامت مؤسسة حرير للتنمية المجتمعية بالمساهمة بتركيب ثلاثة أطراف صناعية لأشخاص بأمسّ الحاجة إليها، في خطوة تعكس روح التضامن والمسؤولية المجتمعية وتُجسد العمل الإنساني الحقيقي.
وشملت هذه المبادرة أطفالًا ومرضى تم إجلاؤهم من قطاع غزة إلى الأردن لغايات العلاج،ك، حيث تهدف المؤسسة من خلالها إلى إعادة الأمل لهؤلاء الأفراد، وتعزيز قدرتهم على العيش باستقلالية ومشاركة مجتمعية فعّالة.
وقد حظي هذا العمل الإنساني بتغطية إعلامية واسعة من قنوات وصحف أردنية رائدة، ساهمت في إيصال رسائل الأمل والتعافي إلى المجتمع، وتسليط الضوء على القصص الإنسانية التي تُلهم وتُحفّز على مزيد من التكافل. وقد عبّرت مؤسسة حرير عن تقديرها العميق لكافة الجهات الإعلامية التي شاركت في توثيق هذا الحدث، تأكيدًا على دور الإعلام الوطني في دعم المبادرات النبيلة.
وأكدت المؤسسة أن هذا الإنجاز لم يكن ليتم لولا تضافر جهود الشركاء والداعمين الذين آمنوا برسالة حرير، وكانوا شركاء حقيقيين في صناعة الفرح وتخفيف المعاناة عن الفئات الأقل حظًا.
وتُجدّد حرير التزامها الثابت بمواصلة هذا النهج، من خلال مبادرات إنسانية وتنموية تحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الأفراد، وتُعزز من قيم التضامن والرحمة التي تقوم عليها الدولة الأردنية، تحت قيادة هاشمية حكيمة.
معًا نصنع الأمل… ومعًا نعيد الحياة.