"ليلة عمانية" تأسر القلوب في دار الأوبرا المصرية ضمن فعاليات "مهرجان الموسيقى العربية"
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
القاهرة- الرؤية
احتضنت دار الأوبرا المصرية في القاهرة أمسية "الليلة العمانية"، وذلك ضمن فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الثاني والثلاثين، حيث قدمت الليلة المميزة باقة من الأغاني من ألحان السيد خالد بن حمد البوسعيدي، والتي جسدت تراث وثقافة سلطنة عمان، بمشاركة مجموعة من أبرز الفنانين العمانيين والعرب.
وافتتح الحفل بأداء نشيد "بيرق الأمجاد" الذي قدمه كورال الأوركسترا بتوزيع سيمفوني أضفى عليه طابعًا احتفاليًا، لتتوالى بعدها الفقرات بأداء أغنية "تزهو بك الأعوام" التي ألهبت الحماس وذكّرت الجمهور بروح الأصالة والحداثة، وهي من كلمات الشاعر حمود العيسري.
وقدم 8 من الفنانين العمانيين "ميدلي" لمجموعة من الأغاني العمانية الوطنية، حيث قدم فهد البلوشي أغنية "شمس الضحى"، وأدت الفنانة عائشة الزدجالي "ناصية العُلا"، في حين قدّم خليل المخيني رائعة أبوبكر سالم "مشتاق للمغنى"، وأدى هيثم رافي أغنية "الناس انتي"، بينما قدّم عبدالحميد الكيومي أغنية "تحية حب"، كما أدى هيثم المعشني أغنية "يشهد الله"، وشارك أيمن الناصر بأغنية "حيوها"، بينما تألقت الفنانة أشواق بأداء "الحُب لك انتي".
وقدم الفنانون وصلات منفردة من الأغاني شملت "أنت المحبة" و"الرجال التي لا تموت" و"انتي كل النور"، ثم قدم الكورال أنشودة "عمان نبض واحد" مع تجديد في بعض كلماتها وتوزيعها والاحتفاظ بروحها المميزة، وبعد ذلك نقلت فرقة الأجيال من محافظة جنوب الشرقية وفرقة المزيونة من محافظة ظفار الجمهور إلى أجواء التراث الشعبي العماني بلوحات راقصة على أغاني مثل نهضة وتتجدد وصلالة ومسقط الفكر.
وبعد استراحة قصيرة، انطلقت فعاليات الفصل الثاني، حيث أطلّت الفنانة المغربية جنات وقدمت أغنية "الطبع غلّاب"، وهي في الأصل للفنانة الراحلة رجاء بلمليح، تلاها الفنان عمر الحسني الذي أدى أغنية "إيش السالفة"، والفنان أيمن الناصر الذي أبدع في تقديم أغنية "سلام الله"، وأدت الفنانة أشواق أغنية "المضانين"، بينما قدم الفنان عبدالحميد الكيومي أغنية "مسافر" بأسلوب عاطفي يلامس القلوب.
وشملت الأمسية مشاركة مميزة من ضيوف الشرف، حيث أدت الفنانة القديرة ريهام عبد الحكيم أغنية "الحب الذي كان" التي صاغ كلماتها الشاعر الكبير ذياب بن صخر العامري، وتألق الفنان صلاح الزدجالي بأغنية الراحل سالم علي سعيد "لك يوم" وأغنيته "الشومة"، فيما قدّمت الفنانة التونسية لطيفة أغنيتي "أشوفك" و"الدفا".
وشهد الحفل أيضًا تقديم ميدلي من الأغاني العاطفية، أداها كل من الفنانة عائشة الزدجالي التي غنت "أشواق"، ومحمد المنجي الذي قدّم "هوبيللو يوعين"، وهيثم رافي الذي أبدع في أغنية "راضيني"، ومُنذر الحيود الذي قدّم "تعاتبني"، وعبدالحميد الكيومي الذي أبدع في "كل ما في الأمر ليلة"، بينما قدمت أشواق "من عيني"، كما غنى فهد البلوشي أغنية "شرع الهوى".
واختتمت الليلة بأنشودة "الثبات خطاي" بتوزيع جماعي من أداء الكورال، وقد لاقى أداء مجموعة الكورال العمانيين بقيادة علي الشيباني وخولة السيابية العمانية وكذلك فرقة الإيقاعات العمانية بقيادة سالم الراس، استحسانا لافتا وإعجاباً من الجمهور ومن الموسيقيين العرب الحاضرين للأمسية.
وقُدمت الأعمال الغنائية والموسيقية في إطارٍ أوركسترالي سيمفوني بمشاركة ١٣٠ عازفاً موسيقياً وإيقاعياً ومُنشداً من عُمان ومصر، وبوجود ١٥ فناناً وفنانة من عُمان والمغرب ومصر وتونس قدموا ١٨ أغنية وأنشودة كاملة، إضافة إلى مقاطع من ٢٦ أغنية أخرى قدمت كمُقتطفات ضمن ميدليات منوعة، إذ وصل إجمالي الألحان المُقدمة ٤٤ لحناً بمُصاحبة ١٦ راقصاً وراقصة يؤدون فنوناً شعبية متنوعة من سلطنة عُمان.
وقد تمت إعادة التوزيع الموسيقي لجميع هذه الألحان ليتماشى مع حجم ونوعية فرقة الأوركسترا السيمفونية المُشاركة من جمهورية مصر العربية بقيادة المايسترو الكبير أمير عبدالمجيد الذي قام كذلك بإعادة التوزيع الموسيقي للألحان.
وجاءت "الليلة العمانية" من ألحان السيد خالد بن حمد ضمن جهود تضافر جهود القطاع الحكومي والقطاع الخاص في سلطنة عمان للترويج للموسيقى والفنون العمانية، إذ رعت وزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة التراث والسياحة وشركة OQ والشركة العمانية للاتصالات والطيران العماني إنتاج هذه الليلة التي أتاحت لعدد كبير من الفنانين والموسيقيين العمانيين تقديم إسهاماتهم في دار الأوبرا المصرية العريقة ولتعزيز التبادل الثقافي العربي، وتسليط الضوء على الموسيقى العمانية الأصيلة التي تعكس الهوية العربية.
ووجه السيد خالد بن حمد البوسعيدي الشكر إلى كل الجهات الراعية والمساهمة وإلى الجمهور العماني والمصري الذي حضر واحتفى بالأمسية، مؤكدا بأن الحفل أتى مجسدا لوجه عمان الحضاري المشرق وأن الأغاني التي قدمت تعكس تواصل ابداع أجيال من الشعراء والفنانين العمانيين في ظل النهضة المتجددة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: من الأغانی
إقرأ أيضاً:
تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة
غزة- «عُمان»- بهاء طباسي: في ساعات الليل الأولى من الإثنين، الثاني والعشرين من أبريل 2025، اشتعلت السماء فوق غزة بموجات متلاحقة من القصف، كان الصوت هذه المرة مختلفًا، وكذلك الهدف. لم يكن منزلًا ولا مسجدًا أو حتى مدرسة؛ بل كانت الجرافات والكباشات والآليات الثقيلة هدفًا مباشرًا لصواريخ الاحتلال الإسرائيلي.
غارات تحرق المعدات الثقيلة
«كأنهم يقتلون أذرعنا وأقدامنا»، هكذا وصف محمد الفرا، موظف في بلدية خانيونس، مشهد احتراق كراجه البلدي الذي يحتضن آخر ما تبقى من جرافات. ويضيف لـ«عُمان»، بينما يلف ذراعه المصابة بشاش طبي: «نستخدم هذه الآليات لفتح الطرق، لانتشال الشهداء، لتوصيل المياه، لإزالة الركام.. هم لا يقصفون الآلة، بل يقصفون قدرتنا على التنفس».
في منطقة القرارة شرق خانيونس، استُهدفت جرافات تعود لشركة جورج، كانت تعمل ضمن مشاريع إعادة الترميم في ظل هدنة سابقة سمحت بدخولها. وقد دُمرت بالكامل.
أمّا في جباليا شمال قطاع غزة، فامتدت النيران إلى كراج بلدي آخر، تحوّل إلى رماد بعد أن طالته قذائف الطائرات الإسرائيلية. كان الكراج يضم معدات مصرية أدخلت خلال اتفاقات إنسانية سابقة، لكنها الآن باتت أجزاء محترقة متناثرة.
الدفاع المدني بلا أدوات
«نطفئ النار بصدورنا، ونحفر بأيدينا»، يصرخ أحد أفراد طواقم الدفاع المدني بينما يحاول بصعوبة السيطرة على حريق اشتعل في إحدى الجرافات قرب مجمع السرايا وسط غزة.
يقول الرائد محمد المغير، المسؤول فيرالدفاع المدني في قطاع غزة: «كل المعدات التي نملكها إما أُتلفت أو باتت غير صالحة للاستخدام، نقوم بانتشال الضحايا من تحت أنقاض منازل قُصفت منذ أيام، باستخدام أدوات يدوية».
ويوضح المغير لـ«عُمان»: «الاحتلال يعلم أننا بحاجة لهذه الجرافات لفتح الطرق المغلقة بالركام والنفايات، وللبحث تحت الأنقاض عن أحياء ربما ما زالوا يصارعون الموت. لهذا يستهدفها عمدًا».
ركام فوق الركام
تُظهر الصور الجوية -التي التُقطت فجر اليوم، من طائرات استطلاع غير مأهولة- مساحات واسعة من خانيونس وقد تحولت إلى ساحة فوضى: حفارات محطمة، شاحنات محروقة، وشوارع مملوءة بالركام من جديد بعد أن جُهزت لمرور فرق الإنقاذ.
في شارع الثلاثيني بمدينة غزة، شوهدت نيران مشتعلة تلتهم أرضًا زراعية كانت تأوي ثلاث جرافات، كانت تعمل على توسعة ممر طارئ لوصول المساعدات. الآن، تحولت الأرض إلى مقبرة للأمل.
تقول منى سكيك، وهي مهندسة بقسم الطوارئ في بلدية غزة خلال حديثها لـ«عُمان»: «في كل مرة نعيد ترتيب ركامنا، يأتي الاحتلال ليبعثره من جديد»،
وتشير إلى صور كانت قد التقطتها لجرافة بلون أصفر فاقع قبل أن تُقصف بساعات: «كان زميلنا هاني يقول إن هذه الجرافة ستُسهم في إنقاذ حياة مئات الأشخاص. لم يعلم أنها ستُدمر بهذه الطريقة، كي لا ننقذ أحدًا».
سياسة الأرض الميتة
ما يحدث لا يبدو عشوائيًا، بل هو تنفيذ دقيق لسياسة إسرائيلية قديمة متجددة، تهدف إلى تدمير أي مقومات لحياة مدنية. يقول الدكتور نائل شعث، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة: «الاحتلال لا يكتفي بقتل الناس، بل يقتل القدرة على الترميم والبقاء».
ويضيف لـ«عُمان»: «استهداف الجرافات جزء من سياسة الأرض المحروقة، التي تهدف إلى إفراغ المناطق من السكان، ومنع العودة إليها، عبر نسف كل أدوات الحياة فيها. إذا استمرت هذه الحملة أسبوعًا آخر، سنشهد تكرارًا لنموذج شمال القطاع: تدمير كامل وتفريغ سكاني».
هذا الرأي يوافقه المحلل العسكري الفلسطيني عبد الحكيم عبد العال، الذي قال في اتصال هاتفي لـ«عُمان»: «استهداف الجرافات يهدف للسعي لإفقاد قطاع غزة القدرة على فتح الشوارع المغلقة بالركام والنفايات، والبحث تحت الأنقاض وما إلى ذلك، وبالتالي رفع حاجة القطاع لتفاهمات تسمح بإدخال معدات جديدة».
غزة تقاوم بيديها
في ميدان فلسطين وسط مدينة غزة، اجتمع عشرات الشبان بعد الفجر، بعضهم يحمل معاول، وآخرون يحملون أكياس رمل. لا جرافات ولا شاحنات. فقط سواعد نحيلة تقاوم جبلًا من الحطام.
يقول وسام الشريف لـ«عُمان»، وهو متطوع في إحدى مجموعات الطوارئ: «كلما أُبيدت آلية، يظهر عشرة شبان يعوضونها بأجسادهم. الاحتلال يحاول تحطيمنا نفسيًا، لكنه لا يعرف أننا نحن من نصنع الجرافة».
في شارع عمر المختار، سار طابور من الأطفال وهم يحملون أوعية مياه صغيرة يملؤون بها حفرًا غمرها الغبار، في محاولة بائسة لجعل الطريق سالكًا.
وفي مستشفى الشفاء، روت الطبيبة أميرة أبو جامع كيف اضطروا لنقل جرحى في عربات يدوية بعد أن استُهدفت شاحنة الإسعاف الخاصة بهم. تقول لـ«عُمان»: «حتى الحركة لإنقاذ الناس أصبحت عذابًا، وكل ما نملكه هو الصبر».
كراجات الموت المؤجل
تشير الإحصائيات الأولية الصادرة عن وزارة الأشغال العامة بغزة إلى أن أكثر من 40 آلية ثقيلة تم تدميرها خلال ليلة واحدة فقط. وشملت الغارات كراجات البلديات في جباليا، وخانيونس، ومدينة غزة، إضافة إلى معدات شركات خاصة مصرية كانت تعمل على إعادة فتح الشوارع بعد الهدنة.
وقد أكد الرائد محمود بصل، مدير الدفاع المدني في غزة، في تصريح لـ«عُمان»: «إننا أمام نكسة كبيرة في قدراتنا التشغيلية، ونحتاج بشكل عاجل إلى دخول معدات بديلة. الاحتلال يدرك أن هذه المعدات لا تُستخدم في الحرب، بل في ترميم آثارها، ومع ذلك يستهدفها بمنهجية».
في جباليا، قال سامر النجار، عامل سابق في كراج البلدية: «كنت أنام في الكراج بجوار الجرافة التي أعمل عليها، واليوم أراها مدمرة، وكأنني فقدت جزءًا من جسدي».
تصعيد غير مسبوق
جنوبًا، وتحديدًا في مناطق قيزان رشوان وقيزان النجار بخان يونس، سُجّلت انفجارات متتالية بفارق زمني لا يتجاوز أربع ثوانٍ، هزّت الأرض وأطلقت سحبًا كثيفة من الدخان.
«هذه الانفجارات لم أشهدها منذ بداية الحرب» يقول أيمن النجار من سكان المنطقة لـ«عُمان»: «كانت الأرض ترتجف كأن زلزالًا يضربنا. ثم رأينا النيران تبتلع كل شيء».
وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن سقوط 17 شهيدًا بينهم خمسة أطفال، جراء هذه الغارات المكثفة التي لم تبقِ مكانًا آمنًا جنوب القطاع.
رسالة الاحتلال: لا ترميم
يرى مراقبون أن الرسالة واضحة: لا ترميم، لا إعادة إعمار، لا حياة. فالاحتلال لا يكتفي بالقتل، بل يستهدف أدوات النجاة.
وقال الناشط الحقوقي علاء الديري: «استهداف الجرافات انتهاك مزدوج، لأنه يحرم الجرحى من الوصول للمستشفيات، ويمنع إخراج جثامين الشهداء من تحت الأنقاض، وهو أمر تجرّمه اتفاقيات جنيف».
وأضاف لـ«عُمان»: «نحن أمام جريمة مركبة، لا تستهدف المدنيين فقط، بل تستهدف قدرتهم على التعامل مع المأساة».