#في_الصميم
د. #هاشم_غرايبه
يعود “بوب وودورد” الصحافي الأمريكي الذي اشتهر بكتابه عن فضيحة ووتر غيت التي أطاحت بالرئيس “نيكسون”، يعود الى الأضواء مرة أخرى بكتابه الجديد “الحرب”، الذي وان لم يصل الى المكتبات بعد، إلا أنه نشر على الإنترنت، بل وترجم الى العربية، وهو متوفر على عنوان مكتبة نور، وهو يعرض بتفصيلات دقيقة للأحداث الساخنة الجارية حاليا في العالم.
ما يهمنا منه هو أحداث منطقتنا، وهو مذكور في الصفحات من 242 وصاعدا، وأهمها المجريات الحقيقية للمحادثات بين “بلينكن” وقادة الأنظمة العربية، والتي هي عادة ما تكون مختلفة عما ينشر في إعلامنا الرسمي.
ففي كل لقاءات بلينكن كان يسمع من القادة العرب الذين التقاهم عبارة واحدة: “يجب هزيمة حماس، لن نقول ذلك علنا لكننا ندعم هزيمتها، ويجب على (اسرائـ-ـيل) أن تهزمها”.
ويوضحون سبب ذلك بأن الاخـ-ـوان المسـ-ـلمين هي أقدم منظمة سياسية في العالم العربي، وهي الأب لأكثر المنظمات الإرهابية تطرفا اليوم.
قد يكون في هذه العبارات تفسيرا لكثير من الغموض الذي يكتنف الأحداث الجارية في منطقتنا العربية خلال القرن المنصرم، وفيها الاجابة على التساؤل: لماذا لا تثمر الجهود الديبلوماسية بحل المشكلة التي علق فيها الكيان اللقيط، بل كلما لاحت فرصة لوقف اطلاق النار وانهاء العدوان، نجده قد استعر وتوسعت جبهاته أكثر.
واضح مما تسمعه الإدارة الأمـريكـ-ـية (التي تملك الحل والعقد) من الأنظمة العربية، من مطالبة ملحة بأن لا يتوقف الكيان اللقيط عن عدوانه حتى يقضي على هذه العصبة المجـ-ـاهدة كليا، لأنهم يخشون أنها ان خرجت منتصرة من هذه المعركة، أو على الأقل بقيت على قيد الحياة، سوف تقوى ويشتد عودها من جديد، وربما ستشكل خطرا على بقاء تلك الأنظمة، والتي حافظت طوال القرن المنصرم على ألا تعود الأمة من جديد الى المحظور الذي يخشاه الغرب وهو الدولة الإسـ-ـلامية القوية الموحدة.
من هنا نجد توافق المصالح بين الأطراف الثلاث: الأنظمة العربية تستأثر بالسلطة فقط في ظل تغييب الخيار الديموقراطي لشعوبها، وهي تعلم يقينا أن الخيار الحقيقي والكاسح للشعوب العربية سيكون للإسـ-ـلاميين وليس لمناوئيهم العلمانيين، وهذه الحقيقة معلومة للغرب أيضا، ويعلم أن الأنظمة هم الأكثر انصياعا لتوجيهاته والمحافظة على مصالحه، لذلك يتغاضى عن استبدادهم وفسادهم ليتمكنوا من قمع أي توجه إسـ-ـلامي.
والطرف الثاني هو الكيان اللقيط الذي لن يجد أفضل من هذ الأنظمة تعاونا معه وتنسيقا أمنيا وحماية مجانية لحدوده.
والطرف الثالث الغرب، الذي لن يجد أفضل من الوضع العربي الراهن استكانة وخنوعا.
هكذا نفهم لماذا توافقت الأنظمة العربية الرجعية العميلة، مع تلك التي تسمي نفسها بالتقدمية والممانعة، على ملف واحد فقط، وهو محاربة الاسـ-ـلاميين وقمعهم، فيما ظلت متشاكسة متباغضة في باقي الملفات.
هنا ينشأ السؤال: هل الإخوان المسـ-ـلمون بهذه القوة والخطورة حقا، حتى تصطف كل القوى الكبرى والهزيلة ضدهم!؟.
نحن نعرف هذا التنظيم السياسي، ونجده لا يختلف عن باقي التنظيمات الحزبية، وأفكاره وبرامجه معلنة واضحة وليست سرية، ولما كان هدفها جميعا تولي الحكم، فجهدها ينصب على اقناع الناخبين بالتصويت لمرشحيها.
سر رعب الأنظمة وحلفائها من هذا التنظيم أنه يتبنى تطبيق منهج الله، فيما باقي الأحزاب علمانية، وبما ان 90% من شعوب الأمة عقيدتها إسـ-ـلامية، وبالتجريب عرفت أنها لم تنل العزة يوما إلا باتباعها، ولم تذق الهوان والذل إلا طوال القرن المنصرم الذي اتبعت خلاله العلمانية، لذلك لن تختار إلا من يتبنى منهجا اســلاميا.
إذا فليس الأمر أن الإخوان واسعو الانتشار، أو يمتلكون قدرات تنظيمية هائلة، بل لأن منافسيهم هزيلو التأثير، وليست لديهم أية قاعدة شعبية، فالناخب قد لا يعرف المرشحين، بل ينتخب بناء على العقيدة.
ولو أتيح للناخب في أي قطر عربي الاختيار الحر لن ينتخب الا الإسلاميين، بغض النظر عن انتمائهم للإخوان أو لا، لذا فلا وسيلة متاحة لاستبعاد الإسـ-ـلاميين غير تزوير الانتخابات.
في معركة الطوفان، الخطر تضاعف، إذ أن الاســـلاميين لم يكتفوا بالعمل السياسي، بل تجاوزوه تطبيقا الى العمل الجـ-ـهادي العسكري، وأثبتوا من خلال صمودهم في وجه أعتى قوة في العالم، أن العزة تكمن في اتباع العقيدة عمليا.
هكذا نفهم جزع الأنظمة العربية، لدرجة الاستنجاد بالعدو لقطع دابر الإســـلاميين. مقالات ذات صلة الديموغرافيا الدينية في القدس 2024/10/26
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: في الصميم هاشم غرايبه الأنظمة العربیة
إقرأ أيضاً:
مشهد العودة
بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، بدأ مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين بالعودة إلى ديارهم فى شمال قطاع غزة. وفقًا للمكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، عاد حوالى 300 ألف نازح إلى محافظتى غزة والشمال عبر شارعى الرشيد وصلاح الدين.
تدفق العائدون سيرًا على الأقدام وعلى متن المركبات، حاملين أمتعتهم وأطفالهم، وسط مشاعر مختلطة من الفرح بالعودة والخوف مما سيجدونه من دمار فى منازلهم. العديد من العائدين وجدوا منازلهم مدمرة بالكامل، ما يضطرهم إلى الإقامة فى خيام أو ملاجئ مؤقتة. يُقدَّر أن العائدين بحاجة إلى ما لا يقل عن 135 ألف خيمة ومأوى لإعادة بناء حياتهم.
يأتى هذا التطور بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذى تضمن تبادل الأسرى بين الجانبين. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه العائدين، بما فى ذلك نقص الخدمات الأساسية والدمار الواسع للبنية التحتية. تعمل المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدات اللازمة، لكن حجم الدمار يجعل عملية إعادة الإعمار مهمة شاقة وطويلة الأمد.
فى الوقت نفسه، تستمر الجهود الدبلوماسية لضمان استقرار وقف إطلاق النار ومتابعة المفاوضات لتحقيق سلام دائم فى المنطقة. يأمل الفلسطينيون العائدون فى أن تكون هذه الخطوة بداية لإنهاء معاناتهم والعيش بسلام فى ديارهم.
القصص الإنسانية التى ظهرت مع عودة سكان غزة إلى ديارهم تعكس حالة الصمود بين الألم والأمل، مع بدء عودة سكان غزة إلى منازلهم بعد وقف إطلاق النار، برزت العديد من القصص الإنسانية التى تعكس معاناة الشعب الفلسطينى وقدرته على الصمود، رغم الدمار الذى خلفته الحرب.
أم لأربعة أطفال، عادت إلى حى الشجاعية الذى تعرض لدمار واسع، بعد أيام من النزوح، كانت تحمل حقيبة صغيرة بيد، وتجر طفلتها بيد أخرى. وجدت منزلها مدمرًا بالكامل، لكنها تفاجأت بوجود صور عائلية ملقاة بين الأنقاض. تقول تلك الأم:
«رأيت صورة زفافى بين الحطام، وكأنها تذكرنى بأننا سنعيد بناء كل شيء، كما بدأنا حياتنا من الصفر قبل عشرين عامًا».
محمود، طفل فى العاشرة من عمره، عاد مع عائلته إلى بيت لاهيا، وجد منزله مدمّرًا جزئيًا، لكنه بدأ يبحث بين الأنقاض حتى وجد دميته القديمة، كان يحملها بفخر، قائلًا:
«قد تكون لعبتى الصغيرة، لكنها تمثل لى أمل العودة والبدء من جديد».
رغم المآسى، تعكس هذه القصص الروح الإنسانية التى لا تنكسر، وحب الفلسطينيين لأرضهم وبيوتهم. العودة ليست فقط جسدية، بل هى شهادة على إصرار شعب غزة على الحياة والبناء من جديد، رغم كل الصعاب..
صمود أهالى غزة وإصرارهم على العودة إلى ديارهم ينسف الفكرة الشيطانية التى طرحها ترامب بنقلهم إلى مصر والأردن فى محاولة لإحياء ما يسمى بصفقة القرن التى حاول تطبيقها فى فترة ولايته الأولى وفشل
تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حول نقل سكان غزة إلى مصر والأردن أثارت الكثير من الجدل والتحليلات، خاصة فى سياق الحديث عن إعادة إحياء خطة «صفقة القرن» التى طرحها جاريد كوشنر خلال ولاية ترامب الأولى. لنفهم أبعاد هذا الحديث وتأثيره، يمكن تحليل الأمر من عدة جوانب:
ترامب، المعروف بتصريحاته المثيرة، قد يكون أشار إلى فكرة نقل سكان غزة كجزء من خطابه السياسى أو لرسم رؤية استراتيجيات قديمة تُطرح فى دوائر معينة. هذه التصريحات تمثل
رؤية اليمين الإسرائيلى المتطرف الذى يروج لفكرة «الترانسفير» كحل لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين.
محاولة لفتح ملف غزة كجزء من حل إقليمى أكبر، ما يعيد طرح أفكار صفقة القرن التى تسعى لإعادة رسم خارطة الصراع الفلسطيني
صفقة القرن التى طرحها كوشنر تضمنت:
تعزيز السيادة الإسرائيلية على أراضٍ واسعة فى الضفة الغربية.
مقترحات اقتصادية ضخمة تهدف إلى «إغراء» الفلسطينيين بالموافقة على التسويات.
محاولة تحويل الصراع من كفاح سياسى إلى مسألة اقتصادية وإنسانية.
حديث ترامب عن نقل السكان قد يكون جزءًا من هذه الأفكار، حيث تم تداول فى بعض التسريبات السابقة أن الخطة تضمنت مقترحات لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين فى دول أخرى مقابل تعويضات مالية.
مصر: ترفض بشدة أى فكرة تتعلق بتوطين الفلسطينيين فى أراضيها، إذ ترى ذلك تهديدًا لسيادتها الوطنية وأمنها القومى.
الأردن: تعارض مثل هذه الأفكار أيضًا، خاصة فى ظل وجود عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها، إضافة إلى القلق من زعزعة استقرارها الداخلى.
صفقة القرن لم تختفِ كفكرة من ذهن ترامب، لكنها فقدت الزخم خاصة مع التحولات السياسية والاقتصادية فى ولاية ترامب الجديدة.
تصريحات ترامب قد تكون محاولة لإعادة طرح أفكار صفقة القرن بصورة معدلة، لكنها تواجه تحديات كبيرة بسبب:
المعارضة الفلسطينية والإقليمية بقيادة مصر، مع تغير أولويات المنطقة، حيث تركز دول الإقليم على قضايا التنمية والأمن الداخلى أكثر من مخططات إعادة التوطين.
يبقى الأمر فى إطار التصريحات السياسية، دون وجود خطة عملية واضحة أو قابلية حقيقية للتنفيذ.
وفى النهاية سوف تبقى الفكرة الحالية بلا تنفيذ كما كانت صفقة القرن نفسها لأنه ببساطة مصر لن تقبل بها ولا حتى الفلسطينيون.
[email protected]