حرب الظلال بين إيران وإسرائيل: التصعيد المحسوب واستراتيجية تجنب الصراع المفتوح
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي استهدف 20 موقعاً عسكرياً في إيران، وفقاً للمصادر الإسرائيلية، يسلط الضوء على تعقيدات المشهد الاستراتيجي الذي تتحكم به توازنات دقيقة. من الناحية الإسرائيلية، يبدو أن نتنياهو يواجه قيوداً جيوسياسية جعلت من الضروري اتباع نهج محسوب ومضبوط، بحيث يبقى نطاق الهجوم محدوداً ضمن قواعد اللعبة التي صاغتها واشنطن، والتي تتسم بالحذر لتجنب انجرار المنطقة إلى تصعيد شامل.
في المقابل، وفي قراءة للضربة الإسرائيلية على ايران، يبدو أن نتنياهو يعمد إلى تركيز جهوده على جبهات قريبة، لا سيما في لبنان وغزة، حيث يواجه تهديدات مباشرة من قبل وكلاء إيران، وذلك لضمان الحفاظ على القدرة الإسرائيلية في المناورة دون التورط في مواجهة غير متكافئة مع إيران نفسها.
الهجوم الإسرائيلي يمكن اعتباره محاولة لإعادة ضبط ميزان القوى في المنطقة دون خرق الاتفاقات غير المعلنة، بحيث يبقى هذا « التصعيد المدروس » بعيداً عن نقطة اللاعودة. ومما لا شك فيه، أن الولايات المتحدة تلعب دوراً حيوياً في ضبط وتيرة هذا النزاع، حيث تعمل على توجيه ردود الطرفين ضمن حدود وسقوف محسوبة لتجنب أي تصعيد قد يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة.
من الواضح أن الطرفين يدركان أن أي خلل في هذا التوازن قد يؤدي إلى تصعيد غير قابل للاحتواء، مما يدفعهما إلى توظيف تكتيكات محسوبة ومتناوبة. هذه المقاربة الاستراتيجية المتبادلة تجعل من الصراع بين إسرائيل وإيران أكثر تعقيداً وأقل وضوحاً، حيث إن كلاً منهما يسعى للظهور بمظهر القوة دون تجاوز الحدود المرسومة من قبل القوى الكبرى، مما يجعل المشهد خاضعاً لاستراتيجية « التصعيد المضبوط » التي تضمن لكل طرف الحفاظ على موقعه الاستراتيجي دون خسائر فادحة.
ولكن حتى وإن تم احتواء هذا التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، فإننا بلا شك قد دخلنا في مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين البلدين، وهي مرحلة سيكون لها تأثير عميق ودائم على مستقبل هذه العلاقات وعلى استقرار المنطقة بأكملها. لقد كُسر « حاجز الخوف » الذي كان يمنع إسرائيل من شن هجمات داخل العمق الإيراني، وهذا التغير يفتح بابًا أمام تحولات استراتيجية معقدة. إن رد إيران القادم هو ما سيحدد ما إذا كانت طهران ستكسر بدورها حاجز الخوف من الانخراط في حرب شاملة مع إسرائيل، أم أنها ستلجأ إلى رد مدروس يحافظ على التزامها بالرد دون تفجير صراع أوسع قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة. وفي هذا السياق، ستسعى إدارة بايدن، ومن خلال جهود دبلوماسية مكثفة، إلى ممارسة ضغوط قوية على إيران للامتناع عن الرد، مستندةً إلى وصف الهجوم الإسرائيلي بأنه ذو « طبيعة دفاعية ». ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف لن يكون أمرًا يسيرًا نظرًا لتعقيدات الوضع وحساسية التوازنات الإقليمية. إن التطورات القادمة ستكون حاسمة ومثيرة، وستحدد بشكل كبير مسار الأحداث في منطقة تشهد توترات متصاعدة منذ عقود.
المصدر: اليوم 24
إقرأ أيضاً:
«المعرض السياحي بمدريد».. ظهور لافت لمصر ونشاط وزاري مكثف واستراتيجية طموحة للترويج
شاركت مصر بشكل متميز في فعاليات الدورة الخامسة والأربعين للمعرض السياحي الدولي (FITUR 2025)، الذي يُعد أحد أكبر الفعاليات السياحية العالمية، وهي الدورة التي استضافتها العاصمة الإسبانية مدريد، واستمرت حتى 26 يناير، واستقطبت أكثر من 100 ألف زائر من جميع أنحاء العالم.
جاءت المشاركة المصرية في إطار استراتيجية وزارة السياحة لتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية رائدة ومتنوعة، وتضمن الجناح المصري تصميمًا مستوحى من عمارة المعابد المصرية القديمة، ليعكس الطابع الثقافي الفريد للمقصد المصري، بمساحة بلغت 430 مترًا مربعًا، بالإضافة إلى 80 مترًا مربعًا كطابق علوي.
جهود وزارية لتعزيز السياحة المصريةوخلال مشاركته، أجرى وزير السياحة شريف فتحي، جولة في الجناح المصري بحضور عدد من المسؤولين، بينهم الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي عمرو القاضي، ومعاون الوزير للطيران والمتابعة أحمد نبيل.
وأكد الوزير، خلال الجولة، أهمية هذا المعرض باعتباره المنصة الأهم لتعزيز السياحة من السوق الإسباني والدول الناطقة بالإسبانية.
وأشار الوزير إلى الإقبال الكبير الذي شهده الجناح المصري هذا العام، والذي تميز بعرض شاشات تُبرز أفلامًا ترويجية تسلط الضوء على التنوع السياحي المصري، من السياحة الثقافية والشاطئية إلى المغامرات والصحراء البيضاء.
مؤتمر صحفي عالميوفي إطار المشاركة المصرية، عقد الوزير مؤتمرًا صحفيًا عالميًا حضره ممثلون عن وسائل إعلام دولية، حيث استعرض التنوع السياحي في مصر وأبرز المشاريع الجارية، مثل التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير ومشروع تطوير خدمات منطقة أهرامات الجيزة، كما تحدث عن الأرقام القياسية التي حققتها السياحة المصرية في 2024، حيث استقبلت البلاد 15.75 مليون سائح بنسبة نمو 6% مقارنة بالعام السابق.
وأكد الوزير، أن مصر باتت مقصدًا سياحيًا متكاملًا وآمنًا على مدار العام، مشيرًا إلى أن السياحة الثقافية والدينية والاستشفائية باتت تلعب دورًا كبيرًا في جذب السياح من الأسواق العالمية، خاصة من إسبانيا وأمريكا اللاتينية.
لقاءات مهنية وشراكات جديدةوالتقى الوزير بمجموعة من كبرى شركات السياحة ووكلاء السفر وشركات الطيران لتعزيز التعاون واستقطاب المزيد من السياح، حيث ناقش مع رئيس مجموعة (TUI) العالمية خطط التوسع في الترويج للسياحة المصرية بالأسواق البعيدة، مع التركيز على إدراج وجهات جديدة مثل واحة سيوة ضمن البرامج السياحية.
وأعلنت شركة (Explora Traveller & Air Cairo) خططًا لزيادة أعداد السياح الوافدين إلى مصر بنسبة تصل إلى 50 ألف سائح خلال العام الجاري، مع اقتراح تنظيم حملات دعائية مشتركة ورحلات تعريفية للإعلاميين والمؤثرين.
كذلك بحث الوزير مع مسئولي وكالة (Civitatis) الإلكترونية- التي تضم 25 مليون متابع- تنظيم حملات ترويجية للسوق الإسباني، بالإضافة إلى التعاون مع طيران إيبيريا إكسبريس، لتسيير رحلات موسمية إلى الأقصر وأسوان.
وعلى هامش المعرض، التقى الوزير نظيره الإسباني شوردي هيرو، لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي، وناقش الطرفان توقيع مذكرة تفاهم لتبادل الخبرات في مجال السياحة، إلى جانب استمرار العمل المشترك في مجال الآثار، حيث تعمل 12 بعثة أثرية إسبانية في مصر.
الاستدامة محور الجهود السياحيةوأكد الوزير، خلال لقاءاته، أن 41% من المنشآت الفندقية و30% من مراكز الغوص في مصر تطبق ممارسات مستدامة، مشددًا على أهمية التوسع في هذه الجهود لتحقيق السياحة الخضراء.. كما أشار إلى برامج تحفيزية للطيران لدعم حركة السياحة إلى الوجهات الثقافية مثل الأقصر وأسوان خلال الموسم الصيفي.
في السياق.. نظمت وزارة السياحة مسابقة سياحية بالتعاون مع شركات الطيران والفنادق المصرية، تضمنت سحبًا على 20 رحلة مجانية إلى مصر، لتعريف الفائزين بمقوماتها السياحية الفريدة.
وعلى هامشها.. أكد الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي عمرو القاضي، أن مصر تسعى للحفاظ على معدلات النمو المحققة، مع استهداف شراكات مبتكرة وبرامج جديدة لتعزيز مكانتها عالميًا.
ختام واعداختتم وزير السياحة والآثار زيارته بمعرض (FITUR 2025) بالتأكيد أن مصر ستبقى واحدة من أبرز الوجهات السياحية العالمية، بفضل ما تتمتع به من تنوع ثقافي وجغرافي يجعلها مقصدًا فريدًا يناسب مختلف الأذواق والاهتمامات. وأشار إلى أن هذا التنوع يمتد ليشمل مجموعة من الأنماط السياحية التي تجعل مصر وجهة متكاملة على مدار العام، سواء من خلال المواقع الأثرية الفريدة التي تحكي تاريخ حضاراتها القديمة، أو الشواطئ الساحرة والأنشطة البحرية، أو حتى السياحة البيئية التي تلقى إقبالًا متزايدًا من عشاق الطبيعة.
كما أشاد الوزير بأهمية الأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما البلاد، واللذين يشكلان عاملين رئيسيين في جذب السياح وتعزيز ثقتهم في المقصد المصري. وأعرب عن تفاؤله بمستقبل القطاع السياحي في مصر، مشيرًا إلى أن الوزارة تسعى لتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين من شركات سياحية ومنظمات دولية لتطوير القطاع وتحقيق أهداف النمو المستدام، بما يضمن استمرار مصر في مكانتها الرائدة عالميًا في السنوات القادمة.
وتجدر الإشارة، إلى أن معرض (FITUR) يُعد ثالث أكبر تجمع سياحي عالمي، بعد بورصتي برلين ولندن، ويشكل منصة استراتيجية لمصر لتعزيز حضورها السياحي على المستوى الدولي.
اقرأ أيضاًأمام مجلس الشيوخ.. وزير السياحة يكشف تفاصيل أزمة أسود قصر النيل
شيخ الأزهر يستقبل الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار السابق
رئيس مجلس النواب يحيل بيان وزير السياحة إلى لجنتي الآثار والثقافة