البحرين – جمال الياقوت
‏‎أكد نبيل بن يعقوب الحمر مستشار جلالة ملك مملكة البحرين لشؤون الإعلام أن العدالة والحرية والديمقراطية حق للأفراد، ولهم الحق في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم بحرية وبسواسية بين البشر جميعًا من دون تفريق بين شعب وآخر، وبين جنس وآخر، وبين عرق وآخر.
وقال الحمر في كلمته التي ألقاها في مهرجان أصيلة الثقافي بالمملكة المغربية الشقيقة، الذي يقام هذا العام تحت عنوان «قيم العدالة والنظم الديمقراطية»، إن القيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، بالرغم من رقيها ومثالياتها، هي مجرد شعارات حق يطوعها الكبار حسبما يريدون من أجل مصالحهم، وللهيمنة على شعوب العالم.


وتساءل: هل توجد في عالمنا عدالة مطلقة؟ وهل النظم التي تقدم نفسها على أنها ديمقراطية تطبق بالشكل الصحيح المبادئ التي تضمنتها دساتيرها ونظمها التي تعلنها وتؤكد عليها وتحاسب الآخرين عليها؟ أم إنها كلها نظم ومبادئ فصلت على مقاييس هي بمنزلة أداة ابتزاز، تستغلها بعض الدول لتشكل بها ضغوطًا هدفها الهيمنة السياسية على الدول والشعوب الأخرى؟
وأشار الحمر إلى أن هناك أنظمة ونظريات تبحث عن العدالة والإنسانية، ولكنها فشلت وانهارت وسقطت، وأنظمة ادعت الديمقراطية، وتنهب بالقوة ثروات الآخرين، وقادة يشعلون الثورات هنا وهناك تحت شعار العدالة والإنسانية، ولكنهم سرعان ما تحولوا إلى طغاة.
وأضاف بأنه لا شك في أن قيم العدالة ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان كلها عناوين جذابة، وتغري مختلف الشعوب في كل العالم، لكن -حتى لا نكون متجاوزين الواقع الذي تعيشه ويعيشه العالم- علينا أن نفرق بين ما نريده نحن وما يريده الآخرون من هذه النظم والمبادئ والقيم.
وأكد أننا لا نختلف على كون العدالة والديمقراطية تعتبر من القيم الأساسية التي تشكل أساس المجتمعات الحديثة، وأن هذه القيم تسهم في تحقيق التوازن الاجتماعي وتعزيز حقوق الأفراد والمشاركة المجتمعية.
وأشار الحمر إلى أن العدالة مفهوم واسع، يشمل العدالة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية؛ لذا فإنه بطبيعة الحال يفترض في المجتمعات العادلة أن تحترم حقوق الإنسان، ويتمتع الأفراد بحقوقهم الأساسية دون تمييز، وأيضًا المساواة أمام القانون، فيعامل الجميع بشكل متساو دون تحيز أو تمييز.
وأشار المستشار الحمر إلى مقولة معروفة، كانت متداولة في الستينيات، وفيها شيء من السخرية، تقول: “إذا لم تكن شيوعيًا في العشرين من العمر فأنت بلا قلب، وإذا كنت ما تزال شيوعيًا في الأربعين فأنت بلا عقل”.
وقال إن هذا كان حال الشباب في ذلك الوقت وهم في مقتبل العمر، يقرؤون الكثير من الكتب التي تحتوي على مثاليات القيم والحريات والديمقراطيات في العالم، ويبحثون عن العدالة والمساواة في كل النظريات والأنظمة.
وأضاف الحمر: كنا منهم نتحمس للشعارات المرفوعة، ونتعلق بمقولات ما زلنا نرددها في أذهاننا، وهي على سبيل المثال «إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية»، مشيرًا إلى أنها مسألة تبسيط للقيم والمبادئ قبلناها بعفوية بسيطة وساذجة ورددناها، إلى أن كبرنا ورأينا أن العدالة والديمقراطية والإنسانية ليست بمفهوم واحد لدى الجميع، وليست من حق الجميع.
وأكد مستشار جلالة ملك مملكة البحرين أنه لا يريد أن يكون قاسيًا على قيم إنسانية راقية، حلم بها الإنسان في هذه المعمورة، ولكن يستنهض بالقول روح المثابر وصدق العمل؛ ليستحصل الإنسان في كل مكان حقه الطبيعي في الحياة، والتمتع بهذه المزايا والقيم النبيلة، وأن يعيش حياة كريمة.
وقال إننا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا نواجه معضلة نعيشها في التعامل مع الأنظمة ذات النفوذ السياسي والعسكري، إنها الازدواجية في تطبيق قيم العدالة ومبادئ الديمقراطية، موضحًا أن الازدواجية التي تنتهجها النظم الديمقراطية الغربية تكشف عن التناقض بين المبادئ النظرية للعدالة والممارسات العملية التي قد تفتقر إلى هذه المبادئ في تطبيقاتها.
وأشار الحمر في هذا المجال إلى أن النظم الديمقراطية الغربية تقوم على مبادئ حقوق الإنسان والعدالة والمساواة؛ إذ يفترض أن تكون القوانين عادلة وغير تمييزية للجميع، ولكن من حيث الممارسات العملية في بعض الأحيان قد يتم تطبيق قوانين وإجراءات معينة بشكل غير منصف، مما يؤدي إلى تمييز فئات معينة من المجتمعات، مثل الأقليات العرقية.
وقال: كذلك في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية قد تؤدي هذه الأزمات إلى اتخاذ تدابير استثنائية، قد تتعارض مع قيم العدالة، مثل تقييد الحريات، أو فرض قيود على الحقوق المدنية، وتصل إلى التمييز بين العرقيات أيضًا. كما أن التأثيرات السياسية تلعب دورها في شأن الازدواجية في المعايير؛ إذ إن الضغوط السياسية قد تؤثر على استقلالية القضاء، مما يعيق العدالة، ويعزز من الازدواجية في تطبيق القوانين.
وأكد أن الازدواجية في تطبيق قيم العدالة الغربية تجاه القضايا العربية هي ظاهرة تتجلى في كيفية تعامل الأنظمة الغربية مع الأزمات والصراعات في العالم العربي، إذ تتبنى الأنظمة الغربية معايير مختلفة عندما يتعلق الأمر بقضايا الشعوب، وبالأخص القضايا العربية مقارنة بالقضايا الأخرى، فغالبًا ما يتم تجاهل مبادئ حقوق الإنسان في بعض المناطق في الوقت الذي يتم فيه توجيه الانتقادات الحادة إلى الدول العربية.
وشدد على أن هذه القيم والمبادئ المثالية العليا تستخدمها الأنظمة الغربية بناء على مصالحها الاستراتيجية عند التعامل مع قضايا الشعوب، ففي الوقت الذي يتم فيه دعم أنظمة تخدم المصالح الغربية يتم الضغط على دول أخرى لتغير سياستها واحتوائها، والتدخل في شؤونها الداخلية تحت يافطة هذه المبادئ.
وتحدث الحمر عن دور الإعلام والتغطية الإعلامية والصحفية، وأكد أن وسائل الإعلام الغربية تلعب دورًا في تشكيل الرأي العام حول القضايا العربية وقضايا الشعوب الأخرى، فيتم تسليط الضوء على بعض الصراعات بينما تهمل أخرى، مما يؤثر على كيفية فهم الرأي العام الغربي لتلك القضايا.
وأشار إلى أن هناك أمثلة ملموسة في التعامل الإعلامي في الصراع العربي الإسرائيلي، وأيضًا في الصراعات الأخرى في العالم، كالصراع بين روسيا وأوكرانيا، والصراعات الأخرى في الشرق الأقصي.. فالرقابة والحجب مسألة ظاهرة في تعامل الغرب حتى مع وسائل الإعلام الغربية نفسها حين يتعلق الأمر بمصالح الغرب في ذلك، ولا مكان هنا ولا اعتبار لقيم العدالة والحرية والديمقراطية.
كما تحدث الحمر عن ازدواجية المعايير في سياسة التدخلات العسكرية، موضحًا أنه في بعض الحالات تتدخل الأنظمة الغربية عسكريًا في الدول بدعوى حماية حقوق الإنسان أو نشر الديمقراطية، بينما تعتبر تدخلات أخرى في مكان آخر مسألة غير مقبولة، وتساءل: «إذًا، أين هي معايير العدالة ومبادئ الديمقراطية هنا»؟!!
وأكد المستشار الحمر في ختام كلمته على أن الازدواجية في تطبيق العدالة تمثل تحديًا كبيرًا للقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية، فبينما تسعى الأنظمة الغربية إلى تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية –وهو مطلب إنساني- فإنه يجب عليها أن تلتزم بمبادئ العدالة والمساواة في جميع حالاتها بين شعوبها والشعوب الأخرى وإلا فقدت هذه القيم معانيها ورسالتها.
وشدد على أن معالجة هذه التناقضات تتطلب شجاعة سياسية وإرادة حقيقية لإعادة النظر في السياسات والممارسات، التي قد تؤدي إلى تفشي الظلم والإحساس بالغبن، الذي قد يؤدي بدوره إلى العنف. مؤكدًا أنه فقط، ومن خلال تعزيز الشفافية والعدالة، يمكن للعالم أن يتجه نحو مستقبل أكثر إنصافًا للجميع.
وقال: “إننا لا نعيش بمعزل عن الآخرين، فإنجازات العدالة والحرية وحقوق الإنسان في دولنا في الشرق الأوسط كبيرة وكثيرة، وبطبيعة الحال فإن هذه الإنجازات تستحق الإشادة، فعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها العديد من الدول في المنطقة فإن هناك خطوات إيجابية تم اتخاذها نحو تعزيز حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية”.
وأضاف الحمر بأن العمل نحو تعزيز العدالة والحرية وحقوق الإنسان هو رحلة مستمرة، تتطلب التعاون بين الأفراد والمجتمعات والدول، ومن المهم دعم تلك الجهود، وعدم التقليل من شأن الإنجازات التي تحققت.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الأنظمة الغربیة حقوق الإنسان قیم العدالة الإنسان فی على أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

فشل حملة الاحتلال ضد المقررة الأممية ألبانيز.. ستبقي بموقعها حتى 2028

صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إبقاء فرانشيسكا ألبانيز في منصبها كمقررة الأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية حتى عام 2028.

وأكدت جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة، أن فرانشيسكا ألبانيز، المحققة الأممية تستطيع البقاء في منصبها حتى عام 2028 على الرغم من جهود المشرعين الأمريكيين والأوروبيين والجماعات الداعمة لدولة الاحتلال لإزاحتها.
BREAKING!

Congratulations to the amazing@FranceskAlbs who has done a remarkable job.

Despite disingenuous efforts to have her fired, the UN human rights council voted to keep hey in the position as UN rapporteur for the Palestinian territories till 2028! pic.twitter.com/rX9efUpsUQ — Trita Parsi (@tparsi) April 5, 2025
وشنت منظمات موالية للاحتلال، ضغوطات كبيرة، لمنع تجديد ولاية، فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قبيل التصويت في مجلس حقوق الإنسان الأممي.

وسعت هذه المنظمات إلى عرقلة التجديد لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات، في التصويت الذي أجري الجمعة، في ختام الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان.

وتدعي منظمة "يو ان واتش" (UN Watch)، إحدى أبرز الجهات المؤيدة للاحتلال، أن بعض تصريحات ألبانيز "تنتهك مدونة السلوك المرتبطة بالمنصب"، وتسعى لعرقلة إعادة تعيينها استنادا إلى ذلك.

ومن بين 47 دولة عضوا في المجلس، كانت هولندا الدولة الوحيدة التي أعلنت رسميا معارضتها لتجديد ولاية المقررة الأممية، في حين ألغت ألمانيا في شباط/ فبراير الماضي سلسلة من محاضرات ألبانيز في جامعات ألمانية.


وقدم ليكس تاكنبرغ، المسؤول الأممي السابق الذي عمل مع ألبانيز، تقييما للأسباب والدوافع الكامنة وراء الحملة التي تستهدفها.

ليكس تاكنبرغ، الذي شارك ألبانيز في تأليف كتاب "اللاجئون الفلسطينيون في القانون الدولي"، وعمل في وكالة "الأونروا" 31 عاما، منها 10 سنوات في غزة، قال إن التزام ألبانيز بولايتها أقلق الاحتلال وداعميه.

وأضاف: "طوال السنوات الثلاث الماضية حاولوا عرقلة عملها بوسائل مختلفة، والآن يحاولون منع تجديد ولايتها".

وأوضح تاكنبرغ أن المقررين الأمميين ينتخبون لفترة مدتها ست سنوات، وعادة ما يعد تجديد الولاية بعد الثلاث سنوات الأولى إجراء شكليا، لكن في حالة ألبانيز، سعت المنظمات الموالية للاحتلال إلى إحباطه.

وأشار إلى أن غالبية الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان دعمت استمرار ولايتها، وأن الدول المعارضة اقتصرت على عدد قليل من الدول الغربية.

وأكد أن الرئيس الحالي للمجلس السفير يورغ لاوبر "لم ير سببا لتحقيق أعمق في الاتهامات الموجهة للمقررة الأممية، ما لم تظهر أدلة جديدة ضدها".

وفق تاكنبرغ، فإن كل انتقاد لسياسات دولة الاحتلال يقابل بمحاولات قمع من جانبها وحلفائها.

وقال: "غالبا ما ينشرون رسائلهم من خلال سياسيين يمينيين شعبويين أو أعضاء في الكونغرس الأمريكي، ويستخدمونهم لإثارة الضغوط. هذه المساعي لا تستهدف ألبانيز فقط، بل تمتد أيضا إلى السياسيين والحكومات التي تجرؤ على انتقاد إسرائيل".


وأشار إلى أن المقررين الخاصين ليسوا موظفين لدى الأمم المتحدة، وبالتالي لا يخضعون لتسلسلها الهرمي أو لتأثيراتها السياسية.

وأردف: "لهذا السبب، لديهم حرية قول الحقيقة. ألبانيز تفعل ذلك بثبات، وهي جزء محوري في آلية حقوق الإنسان، لذلك من الضروري للغاية تجديد ولاياتها".

ووصف تاكنبرغ ما يجري في غزة بأنه "عملية إبادة جماعية تجري على البث المباشر"، مؤكدا وجود أدلة كثيرة على أفعال إسرائيل وخطابات قادتها العسكريين والسياسيين، والتي تعكس نية الإبادة الجماعية بشكل غير مسبوق.

تجدر الإشارة إلى أن الخبيرة القانونية الأممية ألبانيز لطالما انتقدت انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين ووصفت في أكثر من مناسبة الهجمات والممارسات في الأراضي الفلسطينية بأنها "إبادة جماعية".

مقالات مشابهة

  • غدًا.. قومي حقوق الإنسان يناقش النهج الحقوقي في التشريعات الوطنية
  • غداً.. حلقة نقاشية للقومي لحقوق الإنسان والبرلمانيين حول النهج الحقوقي بالتشريعات الوطنية
  • التوعية بحقوق الأطفال وقيم المواطنة بالوسطى
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: غزة وحقوق الإنسان
  • ضغوط أميركية على مجلس حقوق الإنسان دفاعاً عن إسرائيل
  • قصف إسرائيلي مكثّف في غزة.. حقوق الإنسان: جريمة إعدام عمّال الإغاثة مدبّرة
  • مديرية الإعلام في حلب لـ سانا: لا صحة للأنباء التي تتحدث عن توقف عملية تبادل الموقوفين بين مديرية الأمن بحلب وقوات سوريا الديمقراطية.
  • عضو حقوق الإنسان: الاحتلال ارتكب مجموعة كبيرة من الجرائم والانتهاكات
  • فشل حملة الاحتلال ضد المقررة الأممية ألبانيز.. ستبقى في موقعها حتى 2028
  • فشل حملة الاحتلال ضد المقررة الأممية ألبانيز.. ستبقي بموقعها حتى 2028