مستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام: ازدواجية النظم الديمقراطية الغربية تكشف تناقضًا واضحًا في التطبيق
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
البحرين – جمال الياقوت
أكد نبيل بن يعقوب الحمر مستشار جلالة ملك مملكة البحرين لشؤون الإعلام أن العدالة والحرية والديمقراطية حق للأفراد، ولهم الحق في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم بحرية وبسواسية بين البشر جميعًا من دون تفريق بين شعب وآخر، وبين جنس وآخر، وبين عرق وآخر.
وقال الحمر في كلمته التي ألقاها في مهرجان أصيلة الثقافي بالمملكة المغربية الشقيقة، الذي يقام هذا العام تحت عنوان «قيم العدالة والنظم الديمقراطية»، إن القيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، بالرغم من رقيها ومثالياتها، هي مجرد شعارات حق يطوعها الكبار حسبما يريدون من أجل مصالحهم، وللهيمنة على شعوب العالم.
وتساءل: هل توجد في عالمنا عدالة مطلقة؟ وهل النظم التي تقدم نفسها على أنها ديمقراطية تطبق بالشكل الصحيح المبادئ التي تضمنتها دساتيرها ونظمها التي تعلنها وتؤكد عليها وتحاسب الآخرين عليها؟ أم إنها كلها نظم ومبادئ فصلت على مقاييس هي بمنزلة أداة ابتزاز، تستغلها بعض الدول لتشكل بها ضغوطًا هدفها الهيمنة السياسية على الدول والشعوب الأخرى؟
وأشار الحمر إلى أن هناك أنظمة ونظريات تبحث عن العدالة والإنسانية، ولكنها فشلت وانهارت وسقطت، وأنظمة ادعت الديمقراطية، وتنهب بالقوة ثروات الآخرين، وقادة يشعلون الثورات هنا وهناك تحت شعار العدالة والإنسانية، ولكنهم سرعان ما تحولوا إلى طغاة.
وأضاف بأنه لا شك في أن قيم العدالة ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان كلها عناوين جذابة، وتغري مختلف الشعوب في كل العالم، لكن -حتى لا نكون متجاوزين الواقع الذي تعيشه ويعيشه العالم- علينا أن نفرق بين ما نريده نحن وما يريده الآخرون من هذه النظم والمبادئ والقيم.
وأكد أننا لا نختلف على كون العدالة والديمقراطية تعتبر من القيم الأساسية التي تشكل أساس المجتمعات الحديثة، وأن هذه القيم تسهم في تحقيق التوازن الاجتماعي وتعزيز حقوق الأفراد والمشاركة المجتمعية.
وأشار الحمر إلى أن العدالة مفهوم واسع، يشمل العدالة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية؛ لذا فإنه بطبيعة الحال يفترض في المجتمعات العادلة أن تحترم حقوق الإنسان، ويتمتع الأفراد بحقوقهم الأساسية دون تمييز، وأيضًا المساواة أمام القانون، فيعامل الجميع بشكل متساو دون تحيز أو تمييز.
وأشار المستشار الحمر إلى مقولة معروفة، كانت متداولة في الستينيات، وفيها شيء من السخرية، تقول: “إذا لم تكن شيوعيًا في العشرين من العمر فأنت بلا قلب، وإذا كنت ما تزال شيوعيًا في الأربعين فأنت بلا عقل”.
وقال إن هذا كان حال الشباب في ذلك الوقت وهم في مقتبل العمر، يقرؤون الكثير من الكتب التي تحتوي على مثاليات القيم والحريات والديمقراطيات في العالم، ويبحثون عن العدالة والمساواة في كل النظريات والأنظمة.
وأضاف الحمر: كنا منهم نتحمس للشعارات المرفوعة، ونتعلق بمقولات ما زلنا نرددها في أذهاننا، وهي على سبيل المثال «إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية»، مشيرًا إلى أنها مسألة تبسيط للقيم والمبادئ قبلناها بعفوية بسيطة وساذجة ورددناها، إلى أن كبرنا ورأينا أن العدالة والديمقراطية والإنسانية ليست بمفهوم واحد لدى الجميع، وليست من حق الجميع.
وأكد مستشار جلالة ملك مملكة البحرين أنه لا يريد أن يكون قاسيًا على قيم إنسانية راقية، حلم بها الإنسان في هذه المعمورة، ولكن يستنهض بالقول روح المثابر وصدق العمل؛ ليستحصل الإنسان في كل مكان حقه الطبيعي في الحياة، والتمتع بهذه المزايا والقيم النبيلة، وأن يعيش حياة كريمة.
وقال إننا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا نواجه معضلة نعيشها في التعامل مع الأنظمة ذات النفوذ السياسي والعسكري، إنها الازدواجية في تطبيق قيم العدالة ومبادئ الديمقراطية، موضحًا أن الازدواجية التي تنتهجها النظم الديمقراطية الغربية تكشف عن التناقض بين المبادئ النظرية للعدالة والممارسات العملية التي قد تفتقر إلى هذه المبادئ في تطبيقاتها.
وأشار الحمر في هذا المجال إلى أن النظم الديمقراطية الغربية تقوم على مبادئ حقوق الإنسان والعدالة والمساواة؛ إذ يفترض أن تكون القوانين عادلة وغير تمييزية للجميع، ولكن من حيث الممارسات العملية في بعض الأحيان قد يتم تطبيق قوانين وإجراءات معينة بشكل غير منصف، مما يؤدي إلى تمييز فئات معينة من المجتمعات، مثل الأقليات العرقية.
وقال: كذلك في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية قد تؤدي هذه الأزمات إلى اتخاذ تدابير استثنائية، قد تتعارض مع قيم العدالة، مثل تقييد الحريات، أو فرض قيود على الحقوق المدنية، وتصل إلى التمييز بين العرقيات أيضًا. كما أن التأثيرات السياسية تلعب دورها في شأن الازدواجية في المعايير؛ إذ إن الضغوط السياسية قد تؤثر على استقلالية القضاء، مما يعيق العدالة، ويعزز من الازدواجية في تطبيق القوانين.
وأكد أن الازدواجية في تطبيق قيم العدالة الغربية تجاه القضايا العربية هي ظاهرة تتجلى في كيفية تعامل الأنظمة الغربية مع الأزمات والصراعات في العالم العربي، إذ تتبنى الأنظمة الغربية معايير مختلفة عندما يتعلق الأمر بقضايا الشعوب، وبالأخص القضايا العربية مقارنة بالقضايا الأخرى، فغالبًا ما يتم تجاهل مبادئ حقوق الإنسان في بعض المناطق في الوقت الذي يتم فيه توجيه الانتقادات الحادة إلى الدول العربية.
وشدد على أن هذه القيم والمبادئ المثالية العليا تستخدمها الأنظمة الغربية بناء على مصالحها الاستراتيجية عند التعامل مع قضايا الشعوب، ففي الوقت الذي يتم فيه دعم أنظمة تخدم المصالح الغربية يتم الضغط على دول أخرى لتغير سياستها واحتوائها، والتدخل في شؤونها الداخلية تحت يافطة هذه المبادئ.
وتحدث الحمر عن دور الإعلام والتغطية الإعلامية والصحفية، وأكد أن وسائل الإعلام الغربية تلعب دورًا في تشكيل الرأي العام حول القضايا العربية وقضايا الشعوب الأخرى، فيتم تسليط الضوء على بعض الصراعات بينما تهمل أخرى، مما يؤثر على كيفية فهم الرأي العام الغربي لتلك القضايا.
وأشار إلى أن هناك أمثلة ملموسة في التعامل الإعلامي في الصراع العربي الإسرائيلي، وأيضًا في الصراعات الأخرى في العالم، كالصراع بين روسيا وأوكرانيا، والصراعات الأخرى في الشرق الأقصي.. فالرقابة والحجب مسألة ظاهرة في تعامل الغرب حتى مع وسائل الإعلام الغربية نفسها حين يتعلق الأمر بمصالح الغرب في ذلك، ولا مكان هنا ولا اعتبار لقيم العدالة والحرية والديمقراطية.
كما تحدث الحمر عن ازدواجية المعايير في سياسة التدخلات العسكرية، موضحًا أنه في بعض الحالات تتدخل الأنظمة الغربية عسكريًا في الدول بدعوى حماية حقوق الإنسان أو نشر الديمقراطية، بينما تعتبر تدخلات أخرى في مكان آخر مسألة غير مقبولة، وتساءل: «إذًا، أين هي معايير العدالة ومبادئ الديمقراطية هنا»؟!!
وأكد المستشار الحمر في ختام كلمته على أن الازدواجية في تطبيق العدالة تمثل تحديًا كبيرًا للقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية، فبينما تسعى الأنظمة الغربية إلى تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية –وهو مطلب إنساني- فإنه يجب عليها أن تلتزم بمبادئ العدالة والمساواة في جميع حالاتها بين شعوبها والشعوب الأخرى وإلا فقدت هذه القيم معانيها ورسالتها.
وشدد على أن معالجة هذه التناقضات تتطلب شجاعة سياسية وإرادة حقيقية لإعادة النظر في السياسات والممارسات، التي قد تؤدي إلى تفشي الظلم والإحساس بالغبن، الذي قد يؤدي بدوره إلى العنف. مؤكدًا أنه فقط، ومن خلال تعزيز الشفافية والعدالة، يمكن للعالم أن يتجه نحو مستقبل أكثر إنصافًا للجميع.
وقال: “إننا لا نعيش بمعزل عن الآخرين، فإنجازات العدالة والحرية وحقوق الإنسان في دولنا في الشرق الأوسط كبيرة وكثيرة، وبطبيعة الحال فإن هذه الإنجازات تستحق الإشادة، فعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها العديد من الدول في المنطقة فإن هناك خطوات إيجابية تم اتخاذها نحو تعزيز حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية”.
وأضاف الحمر بأن العمل نحو تعزيز العدالة والحرية وحقوق الإنسان هو رحلة مستمرة، تتطلب التعاون بين الأفراد والمجتمعات والدول، ومن المهم دعم تلك الجهود، وعدم التقليل من شأن الإنجازات التي تحققت.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الأنظمة الغربیة حقوق الإنسان قیم العدالة الإنسان فی على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
«الخارجية السودانية» ترحب بقرار مجلس حقوق الإنسان وترفض الآليات الخلافية
قالت الوزارة في بيان صحفي إن هذه الانتهاكات شملت القتل على أساس العرق، والتعذيب، والإعدامات خارج نطاق القانون، والاحتجاز التعسفي للمدنيين، والتجنيد القسري، إضافة إلى استخدام الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي كسلاح في الحرب
التغيير: الخرطوم
رحّبت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بصدور قرار مجلس حقوق الإنسان الذي أدان ما وصفته الوزارة بالفظائع والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها “الميليشيا المتمردة والمجموعات المتحالفة معها” داخل مدينة الفاشر وفي محيطها.
واعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الجمعة، قراراً بالإجماع يطالب بإجراء تحقيق عاجل ومستقل في الفظائع والانتهاكات المزعومة للقانون الدولي التي ارتكبت في مدينة الفاشر وحولها في السودان.
وقالت الوزارة في بيان صحفي إن هذه الانتهاكات شملت القتل على أساس العرق، والتعذيب، والإعدامات خارج نطاق القانون، والاحتجاز التعسفي للمدنيين، والتجنيد القسري، إضافة إلى استخدام الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي كسلاح في الحرب.
كما ثمّنت ما ورد في القرار من تأكيد على احترام سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والتضامن مع شعبه.
وأوضحت الوزارة أن القرار دعا الأطراف والدول كافة إلى احترام وحدة السودان وسلامة أراضيه، ورفض أي محاولات لإنشاء سلطة موازية في المناطق التي تسيطر عليها “الميليشيا المتمردة”.
وفي السياق ذاته، جدّدت وزارة الخارجية موقف حكومة السودان الرافض لإدراج ما قالت إنه “آليات محل خلاف” ضمن القرار، مشيرة إلى أنها تستند إلى قرارات سابقة “لم تحظَ بموافقة الدولة”.
آليات حقوقية سودانية
وأكدت التزام الحكومة بالتعاون مع آليات حقوق الإنسان العاملة في البلاد، بما في ذلك المكتب القطري للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والخبير المعين المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، بهدف تمكينهم من أداء مهامهم وتعزيز حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا ومنع الإفلات من العقاب.
وشدّدت الوزارة على أن المكتب القطري لحقوق الإنسان يُعد الآلية الموجودة على الأرض والقادرة على رصد ورفع التقارير حول ما وصفته بـ”الفظائع التي ارتكبتها الميليشيا في الفاشر” والانتهاكات الواسعة التي طالت مدناً وولايات أخرى، وذلك بالتنسيق مع الآليات الوطنية ذات الصلة.
ويشهد السودان منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023 وضعًا إنسانيًا بالغ الخطورة، تخللته موجات نزوح واسعة، وانهيار للخدمات الأساسية، وتدهور في الوضع الصحي والغذائي، إلى جانب اتساع رقعة الانتهاكات ضد المدنيين.
الوسومالفاشر جرائم الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع مجلس حقوق الإنسان